الوصيّة السّادسة (ج4): القاتل يقتل، ولكن من له حق التَّنفيذ؟

من له السّلطة والحق في إيقاع عقوبة الموت على الخطاة والأشرار؟ يعلن لنا وحي الله في الكتاب المقدّس أن الله له السلطة المطلقة في عقاب جميع الخطاة والاشرار. فالله الذي يحب الجنس البشري، هو نفسه...
20 يوليو 2016 - 00:33 بتوقيت القدس

القاتل يقتل، ولكن من له حق التَّنفيذ؟

في فلم The Mission(الإرساليّة)، وهو من الأفلام المسيحيّة الرّائعة، والّذي أخرجه Roland Joffe سنة 1986، اختلف كاهنان في الّرأي حول كيفيّة الدّفاع عن مجموعة من السّكان الأصليين من قبائل Guarani في أمريكا الجنوبيّة. أراد الكاهن غبريال (والذي أدّى دوره الممثّل Jeremy Irons) أن يتضامن مع السّكان الأصليين، وأن يدافع بطريقة سلميّة عن حقّهم في البقاء في وطنهم الأصلي، أي بدون اللّجوء الى العنف. ولكنّ الكاهن ردريغو مندوزا (والّذي مثّل دوره الممثّل Robert DeNiro) كان مع فكرة استخدام القوّة والسّلاح في مقاومة جيش الإستعمار البرتغالي الّذي أراد سرقة أراضي السّكان الأصليين. وأثناء الحوار بين الكاهنين، قال الكاهن غبريال للكاهن مندوزا: “If might is right, then love has no place in the world. I don’t have the strength to live in a world like that”. أي أنه "إذا كانت القوّة هي الحق، فلا مكان للمحبّة في العالم، وأنا لا أملك القدرة لأعيش في عالم مثل هذا".

ما قاله الكاهن غبريال جاء من وحي كلمة الله في الكتاب المقدّس. فعندما سُإلَ رب المجد يسوع عن أعظم الوصايا، أجاب قائلاً: "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ". (متّى 37:22-40. أنظر أيضاً مرقس 29:12-31). فكل شريعة الله تتلخّص بوصيّة المحبّة لله وللنّاس، وانعدام محبة اللّه تؤدي إلى عصيان الله، كما قال الرّب يسوع له المجد: "إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ" (يوحنّا 15:14)، ولكنَّ "اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي". (يوحنّا 24:14). فالّذي يحب الله يحفظ وصاياه، ولكنّ الّذي لا يحب اللّه، لا يحفظ كلامه، ومثل هذا الشّخص قد يقدم على عصيان كل أو بعض وصايا الله، وخصوصاً الوصيّة السّادسة: "لاَ تَقْتُلْ". (خروج 13:20). أي أن محبّة الله والناس هي السّلاح الأقوى في القضاء على العنف والكراهية وجرائم القتل في العالم.

عقاب الخطية في الكتاب المقدس: يعلن لنا الله في الكتاب المقدس المبدأ العام أو قانون السماء لعلاج مشكلة الخطية. فنقرأ في رسالة رومية 23:6 "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا". وقد كان هذا هو الحال منذ أن خلق الله الإنسان وأعطاه حرية الإختيار بين الحياة والموت. فبعد أن خلق الله آدم ووضعه في جنة عدن، جعل أمامه طريقين، وأعطاه الحرية المطلقة أن يختار بين الحياة والموت، فإن أطاع الله وأكل من جميع شجر جنة عدن، باستثناء شجرة واحدة، فإنه بذلك يختار طريق الحياة، ولكنه إن أكل من الشّجرة المحرّمة، أي شجرة معرفة الخير والشر، فإنه يختار طريق الموت. نقرأ في تكوين 15:2-17 "وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. 16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ".

دعونا نتذكر أن الخطية شر يرتكبه الإنسان ضد الله مباشرة، وأبسط معني للخطيّة هو التّعدي والعصيان والتمرد، فالذي يخالف أو يتعدى على وصية من وصايا الله، فإنه يتعدى على الله شخصياً، وبالتالي يستحق عقاب الموت. نقرأ في رسالة يوحنا الأولى 4:3 "كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي". ونقرأ في الآية 8 "مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ"، فالخطية من إبليس، وهي تعدٍ على الله، وعقابها الموت. وهكذا فإنه بسبب سقوط آدم في الخطيّة، دخل الفساد في الطّبيعة البشرّة، واجتاز الموت إلى جميع الناس ، تماماً كما نقرأ في رومية 12:5 "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ".

وعند قراءة الكتاب المقدس، نكتشف أن الله قد تعامل مع الجنس البشري بحسب قانون السماء، وأنه عاقب خطاة كثيرين بالموت قتلاً، وترك غيرهم يعيشون سنوات حياة محددة، ولكنهم في النهاية ماتوا. وحتى اليوم، ما يزال الناس يموتون، أو كما تقول كلمة الله في رسالة العبرانيين 27:9 "وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً، ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ".

حتى قبل أن يعطى الله الشريعة أو תּוֹרָה (توراه) لموسى، نجد في سفر التكوين عدداً من القصص والأحداث الكونية التي عاقب فيها الله أفراداً أو مجموعة بشرية كبيرة بالقتل بسبب شرورهم وخطاياهم. جاء في سفر التكوين 5:6-7 "وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. 6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ، لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ"، أي أن الله قرر عقاب كل الجنس البشري بالموت بطوفان الماء بسبب شرورهم، ولكنه استثنى نوحاً الذي "وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ" (تكوين 8:6). وتكلم الله مع نوح وقال له: "نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ الأَرْضِ" (تكوين 13:6). وفعلاً جاء الطوفان وأهلك سكان الكرة الأرضية كلهم باستثناء نوح وأولاده الثلاثة وزوجاتهم.

وعقب الطوفان مباشرةً، أعطى الله لنوح وصية واضحة تقول: "سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ. لأَنَّ اللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ الإِنْسَانَ" (تكوين 6:9). أي أنّ أول عقوبة شرّعها الله على الناس كانت عقوبة إعدام القاتل، فالقاتل يقتل، وذلك لوضع حد للعنف في المجتمع، ولردع الناس عن ارتكاب جرائم قتل، ولتحقيق العدالة. وحدث بعد مرور سنين كثيرة على الطوفان، أن الله أهلك جميع سكان مدينتي سدوم وعمورة بنار كبريت وذلك لأن "خَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدًّا" (تكوين 20:18). وقد تم هلاكهم عندما "أَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ" (تكوين 24:19. أنظر رسالة يهوذا 7).

كذلك أوقع الله عقاب الموت على عير بن يعقوب وذلك لأنه: "وَكَانَ عِيرٌ بِكْرُ يَهُوذَا شِرِّيرًا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَأَمَاتَهُ الرَّبُّ" (تكوين 7:38)، ثم أهلك أخاه أونان لأنه "فَعَلِمَ أُونَانُ أَنَّ النَّسْلَ لاَ يَكُونُ لَهُ، فَكَانَ إِذْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ أَخِيهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَى الأَرْضِ، لِكَيْ لاَ يُعْطِيَ نَسْلاً لأَخِيهِ. 10فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَا فَعَلَهُ، فَأَمَاتَهُ أَيْضًا" (تكوين 9:38-10).

بعد ذلك نقرأ قصة دعوة الله للنّبي موسى ليقود الشعب القديم ويخرجهم من أرض العبودية في مصر. وقام الله بإعطاء شريعته للعالم من خلال النبي موسى، وعند دراسة الشريعة، أو תּוֹרָה "التوراة"، نجد في نصوصها وصايا واضحة من الله بإيقاع عقوبة الموت قتلاً، وبطرق متنوعة، على أشخاص قد يرتكبون أنواعاً من الشرور والخطايا. ومن الخطايا التي أعلن الله أنّه يجب قتل أصحابها، أي إيقاع عقوبة الإعدام على مرتكبيها، نجد ما يلي:

1. خطيّة تدنيس المقدسات وانتهاك الحرمات: نقرأ في خروج 12:19-13 "وَتُقِيمُ لِلشَّعْبِ حُدُودًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، قَائِلاً: احْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ أَوْ تَمَسُّوا طَرَفَهُ. كُلُّ مَنْ يَمَسُّ الْجَبَلَ يُقْتَلُ قَتْلاً. 13لاَ تَمَسُّهُ يَدٌ بَلْ يُرْجَمُ رَجْمًا أَوْ يُرْمَى رَمْيًا. بَهِيمَةً كَانَ أَمْ إِنْسَانًا لاَ يَعِيشُ. أَمَّا عِنْدَ صَوْتِ الْبُوقِ فَهُمْ يَصْعَدُونَ إِلَى الْجَبَلِ".

2. خطيّة شتم أو سب الوالدين ومعاندتهم والتمرد عليهم والإساءة إليهم: نقرأ في سفر الخروج 15:21 "وَمَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلاً". وفي خروج 17:21 "وَمَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلاً". كذلك في تثنية 18:21-21 "إِذَا كَانَ لِرَجُل ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلاَ لِقَوْلِ أُمِّهِ، وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلاَ يَسْمَعُ لَهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلَى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلَى بَابِ مَكَانِهِ، 20وَيَقُولاَنِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا، وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ". (أنظر متى 4:15).

3. خطيّة التجديف على الله: نقرأ في سفر الللاويين 14:24 "أَخْرِجِ الَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ، فَيَضَعَ جَمِيعُ السَّامِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِهِ، وَيَرْجُمَهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ" (أنظر يوحنا 7:19). وأيضاً في لاويين 16:24 "وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْمًا. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ". وقد طبق نبي الله موسى هذه العقوبة فعلاً، حيث نقرأ في لاويين 23:24 "فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُخْرِجُوا الَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَيَرْجُمُوهُ بِالْحِجَارَةِ. فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى".

4. خطيّة الإستهتار بحياة الناس، كأن يترك رجلاً ثوره النطّاح طليقاً مما يتسبب في قتل الناس. نقرأ في خروج 29:21 "إِنْ كَانَ ثَوْرًا نَطَّاحًا مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَضْبِطْهُ، فَقَتَلَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، فَالثَّوْرُ يُرْجَمُ وَصَاحِبُهُ أَيْضًا يُقْتَلُ". والإستهتار بحياة النّاس في أيامنا أخذ صوراً عديدة مثل الغش وعدم توفير سبل السّلامة في أماكن العمل، والكسل، وعدم العناية بالمرضى، والتقصير أو حتى عدم مساعدة المحتاجين.

5. خطيّة العبادة الوثنية بكل أشكالها، وخصوصاً تقديم الأبناء كقرابين للآلهة الوثنيّة: نقرأ في تثنية 6:13-10 "وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرًّا أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ 7مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكَ، الْقَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ الْبَعِيدِينَ عَنْكَ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا، 8فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ، 9بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا. 10تَرْجُمُهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ، لأَنَّهُ الْتَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ"، ولاويين 2:20-5 "وَتَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ النَّازِلِينَ فِي إِسْرَائِيلَ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ شَعْبُ الأَرْضِ بِالْحِجَارَةِ. 3وَأَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذلِكَ الإِنْسَانِ، وَأَقْطَعُهُ مِنْ شَعْبِهِ، لأَنَّهُ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي، وَيُدَنِّسَ اسْمِيَ الْقُدُّوسَ. 4وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ الأَرْضِ أَعْيُنَهُمْ عَنْ ذلِكَ الإِنْسَانِ عِنْدَمَا يُعْطِي مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ، فَلَمْ يَقْتُلُوهُ". (أنظر أيضاً تثنية 2:17-5؛ وتثنية 2:13-5؛ 12-15).

6. خطيّة السحر والشّعوذة واستشارة الجان والتوابع والعرافة: نقرأ في لاويين 27:20 "وَإِذَا كَانَ فِي رَجُل أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ".

7. خطيّة القتل المقصود والمتعمّد: القاتل يقتل. أي إيقاع عقوبة الإعدام على من يرتكب جريمة القتل. نقرأ في لاويين 21:24 "مَنْ قَتَلَ إِنْسَانًا يُقْتَلْ". (أنظر أيضاً تكوين 6:9؛ خروج 12:21؛ خروج 23:21؛ لاويين 17:24).

8. خطيّة كسر قداسة يوم السبت: نقرأ في سفر الخروج 14:31-15 "فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلاً. إِنَّ كُلَّ مَنْ صَنَعَ فِيهِ عَمَلاً تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا. 15سِتَّةَ أَيَّامٍ يُصْنَعُ عَمَلٌ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الْسَّايِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. كُلُّ مَنْ صَنَعَ عَمَلاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ يُقْتَلُ قَتْلاً". (أنظر عدد 32:15-36).

9. خطيّة خطف وسرقة الناس وبيعهم كالعبيد: نقرأ في خروج 16:21 "وَمَنْ سَرَقَ إِنْسَانًا وَبَاعَهُ، أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ، يُقْتَلُ قَتْلاً".

10. خطيّة التّمرد والتّكبر واحتقار الكهنة وقضاة الشّعب: نقرأ في تثنية 12:17 "وَالرَّجُلُ الَّذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ، فَلاَ يَسْمَعُ لِلْكَاهِنِ الْوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَوْ لِلْقَاضِي، يُقْتَلُ ذلِكَ الرَّجُلُ، فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ". (كلمة "طغيان" هي ترجمة للكلمة العبريّة الاصليّة זָדוֹן (زادون) وقد تكرّرت أحدى عشرة مرةً في العهد القديم، وتعني عصيان وتمرّد واحتقار وتكبّر وعجرفة ووقاحة).
11. خطيّة الزنا والدّعارة وكل اشكال النّجاسة والإنحراف الجنسي: يذكر الوحي المقدّس جملة من الخطايا الجنسيّة التي يجب إيقاع عقوبة القتل على مرتكبيها. (أنواع الخطايا الجنسية وعقابها مذكورة في دراسة الوصيّة السّابعة).

من له السّلطة والحق في إيقاع عقوبة الموت على الخطاة والأشرار؟ يعلن لنا وحي الله في الكتاب المقدّس أن الله له السلطة المطلقة في عقاب جميع الخطاة والاشرار. فالله الذي يحب الجنس البشري، هو نفسه الله العادل في حكمه على خطايا الجنس البشري، والنّتائج المؤسفة والسّلبية والمدمّرة لهذه الخطايا. لنتذكّر دائماً بأن الله رئيس الحياة ورب الحياة ومعطي الحياة، وله وحده حق أخذها كما أعطاها في الأصل. وسيبقى الله الرّب والسّيد الى الأبد. وقد عمل الله بسلطانه في الماضي، وهو يعل اليوم لتحقيق عدالة السّماء. فمثلاً نقرأ أن الله عاقب فرعون وشعب مصر في أيام النّبي موسى بسبب كبرياءهم وعنادهم وتعذيبهم واستعبادهم لشعب الله القديم. نقرأ في خروج 29:12 "فَحَدَثَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ بِكْرِ فِرْعَوْنَ الْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّهِ إِلَى بِكْرِ الأَسِيرِ الَّذِي فِي السِّجْنِ، وَكُلَّ بِكْرِ بَهِيمَةٍ".

وكذلك عاقب الله جماعة من شعبه بسبب شرورهم وتمرّدهم عليه شخصيّاً وعلى نبيه موسى وأخيه هارون. فنقرأ في سفر العدد 31:16-35 "فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ التَّكَلُّمِ بِكُلِّ هذَا الْكَلاَمِ، انْشَقَّتِ الأَرْضُ الَّتِي تَحْتَهُمْ، 32وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلَعَتْهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَكُلَّ مَنْ كَانَ لِقُورَحَ مَعَ كُلِّ الأَمْوَالِ، 33فَنَزَلُوا هُمْ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُمْ أَحْيَاءً إِلَى الْهَاوِيَةِ، وَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمِ الأَرْضُ، فَبَادُوا مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ. 34وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ هَرَبُوا مِنْ صَوْتِهِمْ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: لَعَلَّ الأَرْضَ تَبْتَلِعُنَا. 35وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتِ الْمِئَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ رَجُلاً الَّذِينَ قَرَّبُوا الْبَخُورَ". (أنظر أيضاً عدد 46:16-49؛ وصموئيل الأول 19:6؛ صموئيل الأول 28:25؛ صموئيل الثاني 7:6).

وتعتبر قصة عقاب الله للملك الشّرير هيرودس، الّذي قطع رأس الرّسول يعقوب أخا يوحنّا، من أوضح القصص الّتي تجسّد سلطة الله في عقاب القتلة والاشرار، وذلك حينما ضرب الملك هيرودس بالدود وقتله، كما نقرا في سفر أعمال الرسل 23:12 "فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ".

مع التّشديد على حق الله المطلق في عقاب الخطاة والأشرار، فإن الله في العهد القديم فوّض قادةً من الشّعب القديم وقضاةً وملوكاً بإنزال عقوبة الموت على من يستحقّها. ولكنّ الله وضع شرطاً مهمّاً جدّاً قبل تنفيذ عقوبة إعدام القاتل على أيدي الحكّام والقضاة وقادة الشّعب، وشدّد على ضرورة الإلتزام بهذ الشّرط، ألا وهو ضرورة وجود شهود عيان على الجريمة قبل تنفيذ العقاب، ممّا يضمن عدالة القضاء. نقرأ في سفر العدد 30:35 "كُلُّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَعَلَى فَمِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ. وَشَاهِدٌ وَاحِدٌ لاَ يَشْهَدْ عَلَى نَفْسٍ لِلْمَوْتِ". وفي سفر التّثنية 6:17 "عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الَّذِي يُقْتَلُ. لاَ يُقْتَلْ عَلَى فَمِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ". وأيضاً في تثنية 15:19 "لاَ يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَّا أَوْ خَطِيَّةٍ مَّا مِنْ جَمِيعِ الْخَطَايَا الَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ الأَمْرُ". وتكرّر نفس الشّرط في العهد الجديد في الرّسالة الى العبرانيين 28:10 "مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ".

نقرأ في سفر يشوع أن الله أمر يشوع بعقاب عخان بن زارح بالموت رجماً بسبب خيانته وشرّه وتعديه على عهد الرّب (يشوع 15:7)، ونفّذ يشوع امر الله، حيث نقرا في يشوع 25:7 "فَقَالَ يَشُوعُ: كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هذَا الْيَوْمِ!. فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ". كذلك نقرأ في الكتاب المقدّس أن نبي الله صموئيل امر الملك شاول قائلاً له: "فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ". (صموئيل الأول 3:15). بل أن النّبي صموئيل شخصياً نفّذ عقوبة الموت في أجاج ملك عماليق كما نقرا في سفر صموئيل الأول 32:15-33 "وَقَالَ صَمُوئِيلُ: قَدِّمُوا إِلَيَّ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ. فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَجَاجُ فَرِحًا. وَقَالَ أَجَاجُ: حَقًّا قَدْ زَالَتْ مَرَارَةُ الْمَوْتِ. 33فَقَالَ صَمُوئِيلُ: كَمَا أَثْكَلَ سَيْفُكَ النِّسَاءَ، كَذلِكَ تُثْكَلُ أُمُّكَ بَيْنَ النِّسَاءِ. فَقَطَعَ صَمُوئِيلُ أَجَاجَ أَمَامَ الرَّبِّ فِي الْجِلْجَالِ".

ولم تتغيّر شريعة الله في العهد الجديد، فقد قال الرّب يسوع له المجد: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ". (متّى 17:5-18). وقد أكمل الرّب يسوع النّاموس فعلاً كما قال، وبالتّالي بقي لله وحده السّلطة وكل الحق في عقاب الخطاة والأشرار. وقد ظهرت هذه السّلطة بشكل عملي عندما احضر رجال الدّين اليهود امرأةً أمسكت وهي تمارس فعل الزّنا، وخاطبوا الرّب يسوع قائلين: "يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟". أجابهم الرّب يسوع قائلاً: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ". نلاحظ في جواب الرّب يسوع ثلاثة حقائق مهمة:
1. وافق الرّب يسوع على كلام الشّريعة الذي أعطاه الله في العهد القديم بواسطة النّبي موسى.
2. وافق على عقوبة إعدام الزّانية برجمها حتّى الموت.
3. وضع الرّب يسوع شرطاً على من ينفّذ عقوبة إعدام الزّانية، وهو ان يكون هذا الشّخص بلا خطيّة.

بعد أن نطق الرّب يسوع بجوابه الخالد والرّائع والحكيم، نقرأ آية في الإنجيل تكشف حقيقة شمول الخطيّة لجميع الحضور: "فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسْطِ". كل من سمع قول الرّب يسوع وقع تحت تأنيب الضّمير بسبب خطاياه. وبهذه العبارة أعلن الرّب يسوع أنّنا في عهد وعصر جديد، وبأنّه لا يحق لأي إنسان ان يعاقب أيّ إنسانٍ آخر بعقوبة الإعدام بالقتل، والسّبب ببساطة هو أن الجميع خطاة ويستحقون الموت، وبالتّالي لا يحق لإنسان خاطىءٍ أن يعاقب إنساناً خاطئاً مثله.

وفي العهد الجديد أيضاً، أعطى الله سلطة تنفيذ القانون للحكومة أو للدولة، وبالتّالي لا يحق لأي إنسان أن يأخذ القانون بيديه ويقدم على إيذاء النّاس بحجة تطبيق العدالة أو أيّة حجة اخرى. نقرأ في رسالة رومية 1:13-4 "لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. 3فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، 4لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ". وقد طبّق بولس الرّسول وحي الله على نفسه حين قال للوالي الرّوماني فستس: "لأَنِّي إِنْ كُنْتُ آثِمًا، أَوْ صَنَعْتُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ، فَلَسْتُ أَسْتَعْفِي مِنَ الْمَوْتِ. وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا يَشْتَكِي عَلَيَّ بِهِ هؤُلاَءِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسَلِّمَنِي لَهُمْ. إِلَى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَايَ!". (أعمال الرسل 11:25). كذلك على البشرّية أن تعرف وتطيع كلمة الله القائلة: "لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. 20فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ. 21لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ". (رومية 19:12-21).

رفض عقوبة الإعدام: يعتبر وجود حكومات منتخبة بحريّة ونزاهة من قبل شعوب دول العالم ضروريّاً ليعيش النّاس بسلام وأمان واسقرار، ولضمان حرّياتهم الأساسية مثل حرية الكلام والتعبير واختيار العقيدة الّتي يريدونها. كذلك وجود حكومات تمثّل المواطنين على اختلافهم يساعد على سيادة القانون، وبالتّالي يثق النّاس بأن حكومتهم ستمنع الجريمة وتعاقب المجرمين بحسب القانون. وبحسب كلمة الله في الإنجيل المقدّس، وكما نقرأ في رسالة رومية 1:13-4 فإن الدّولة تنفذ القوانين وتسجن المجرمين، ولكن ذلك لا يعطيها الحقّ بتنفيذ عقوبة الإعدام، لأن الحياة بيد الله. وهنا لا بدّ من التّذكير بأن الرّب يسوع غفر لصالبيه وأعطاهم فرصة للتّوبة عن خطاياهم. نقرأ في رسالة تيموثاوس الاولى 1:2-4 "فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، 2لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ، 3لأَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، 4الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ". فالله يريد الخلاص لجميع النّاس، وإعدام الخاطىء يعني عدم توفير الفرصة له ليتوب عن خطاياه. دعونا نتذكّر دائماً بأن الشيطان هو القاتل الحقيقي، وهو يريد أن يقتل كل إنسان، ويريد العذاب الأبدي للإنسان، لذلك فإعدام القاتل لا يعطيه فرصة للتوبة والعودة إلى الله. (راجع يوحنا 44:8). أمّا الله الّذي خلق الإنسان، فإنه يريد للإنسان أن يعيش معه إلى الأبد في السّماء وأن لا يهلك في الجحيم، كما نقرأ أيضاً في رسالة بطرس الثّانية 9:3 "لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ". وتبرهن التّجربة العمليّة صدق هذا الكلام، وما أكثر المجرمين الّذين تابوا في السّجون وأصبحوا من القدّيسين.

العقاب الأبدي: ولكن بالرّغم من محبّة الله للخطاة، وبالرّغم من تمهّله عليهم، فإن كثيرين منهم يصرّون بعناد وغباء الإستمرار في حياة الشّر والخطيّة والجريمة. ومثل هؤلاء من الرّافضين لنعمة الله، يوجد عقاب سيدوم إلى الأبد وهو العذاب الأبدي في جهنّم، أي في بحيرة النّار والكبريت. نقرأ في سفر الرؤيا 15:22 "لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا". وفي رؤيا 8:21 "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي". وفي متّى 41:25 نقرأ حكم الرّب النهائي للخطاة عندما سيقول لهم: "اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ".

خلاصة: يريد الله الحياة والخلاص لكل النّاس لأنه خلق الجميع. وهذه الحقيقة تشكّل دعوة سماويّة لكل إنسان إلى حياة الإيمان والإبتعاد عن حياة الخطيّة والجريمة. لا يريد الله لأي إنسان ان يصبح مجرماً وأن لا يتصرّف كالقاتل كما جاء وصفه في سفر أيوب 14:24 "مَعَ النُّورِ يَقُومُ الْقَاتِلُ، يَقْتُلُ الْمِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ، وَفِي اللَّيْلِ يَكُونُ كَاللِّصِّ". وكذلك في مزمور 6:94 "يَقْتُلُونَ الأَرْمَلَةَ وَالْغَرِيبَ، وَيُمِيتُونَ الْيَتِيمَ". لا يريدنا الله أن نعتدي على أحد أو نحطم حياة أي إنسان. لذلك علينا أن نستمع لتوبيخ الله لنا في مزمور 3:62 "إِلَى مَتَى تَهْجِمُونَ عَلَى الإِنْسَانِ؟ تَهْدِمُونَهُ كُلُّكُمْ كَحَائِطٍ مُنْقَضٍّ، كَجِدَارٍ وَاقِعٍ"!

• يدعونا الله إلى زراعة قيم المحبّة وقبول الآخر، ونشر تعاليم الإنجيل المقدّسة والإنسانيّة.
• يدعو الله كل واحد منا أن يكون مثل السّامري الصّالح، ويداوي جراح الآخرين.
• يدعونا الله أن نتذكّر دائماً بأن الحياة مقدسة، وبأنّ الله هو أساس ومصدر ومعطي الحياة. فلكل إنسان قيمة وحق بالحياة. ومن أنت يا إنسان حتى تسرق الحياة من غيرك؟ ومهما كانت حجَّتُك.
• أعطانا الله الكتاب المقدّس ليدلنا ويرشدنا الى كيفة العيش في هذه الحياة بطريقة صحيحة يتمجّد فيها اسمه القدوس.
• لذلك عندما يبدو أن الشر طاغٍ ويتغلل كل شيء، تذكر أن الله على الصليب أعطانا الحل والجواب. أعطانا المحبّة والخلاص والحياة الأبديّة.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا