الوصية السادسة (ج2): دوافع ارتكاب جريمة القتل

عندما ندرس كلمة الله بروح البحث عن الحق، نجد أن كلمة الله غنية في عمقها، وبأنها تكشف وتشرح لنا حقيقة النفس البشرية، مما يساعدنا على معرفة وفهم النوازع البشرية المختلفة، وما يحدث في عقل وقلب الإنسان.
08 يوليو 2016 - 13:04 بتوقيت القدس

تأمرنا الوصية السادسة أن لا نرتكب جريمة قتل أي إنسان في الوجود. ولكن الكتاب المقدس لا يكتفي بإعلان إرادة الله في الوصية فقط، لأننا عندما ندرس كلمة الله بروح البحث عن الحق، نجد أن كلمة الله غنية في عمقها، وبأنها تكشف وتشرح لنا حقيقة النفس البشرية، مما يساعدنا على معرفة وفهم النوازع البشرية المختلفة، وما يحدث في عقل وقلب الإنسان.

دوافع ارتكاب جريمة القتل

بعد سقوط آدم وحواء في الخطية، ثم طردهم من جنة عدن، لم يعتبر الإنسان ولم يتعلم من هذا العقاب، بل استمرت الخطية واتسعت وتعددت طرق ارتكابها. ويسجل لنا الوحي المقدس أن أول الخطايا التي ارتكبت بعد الخروج من الجنة، كانت ثلاث جرائم قتل بشعة. الجريمة الأولى ارتكبها قايين عندما قتل أخاه هابيل (راجع تكوين 8:4)، ثم جريمتي قتل ارتكبها أحد أحفاد قايين واسمه لامك الذي قتل رجلاً وفتى. (راجع تكوين 23:4).

في قصص القتل الأولى المذكورة في الكتاب المقدس، وكذلك في القصص التي تليها، مثل قصة قتل رجال شكيم على أيدي شمعون ولاوي ابني يعقوب (اقرأ القصة في تكوين 1:34-29). نجد أنه كان للقتلة دوافعهم وأسبابهم لإرتكاب جرائم القتل. أي أن الإنسان بطبيعته لا يقدم على ارتكاب جريمة قتل بشكل تلقائي أو عشوائي أو مزاجي، بل دائماً يجد لنفسه المبررات والدّوافع لإرتكاب هذه الخطية البشعة في حق أخيه الإنسان.

أهم أسباب عدم طاعة الإنسان لوصيّة الله السّادسة وارتكابه لجريمة القتل: 

يقتل النّاس بعضهم البعض لأسباب كثيرة، كما ويقتلون أنفسهم، أي ينتحرون، لأسباب متنوّعة منها:
•    القتل بسبب الحقد والغل.
•    القتل بسبب طغيان عاطفي، أو شغف، أو شهوة حب، أو رغبة حبيسة، خصوصاً رغبة في الجنس أو التّملك.
•    القتل بسبب اليأس أو الفشل في الحياة. بحيث يقتل شخص شخصاً آخر ثم ينتحر، أو ينتحر دون التعرّض لغيره.
•    القتل بسبب العار، كأن يكتشف الناس أن شخصاً ما زانٍ أو كذاب أو منافق، فيقتل الشخص نفسه بسبب الإحساس الفظيع بالعار، وهرباً من ملاحقة الناس له.
•    قتل بسبب عمل مؤذي، مثل شرب الخمرة والسُّكر، وتناول المخدرات، والتدخين، قتل بطيء للنفس.

وفي العودة إلى وحي الله في الكتاب المقدّس، فإننا نجد جملة من الأسباب الّتي تدفع النّاس إلى ارتكاب جريمة القتل، ومنها:

1. القتل بسبب الشّهوة الرّديّة: الشهوة قوية، وما أكثر من سقط في الخطيّة بسبب شهوة جنسيّة جامحة جعلته يتصرف بالجسد والمشاعر الملتهبة بدون التفكير بالعواقب الوخيمة لعمله. وللأسف الشّديد، فحتّى  الأقوياء في إيمانهم، أو من لهم منصباً عالياً في المجتمع قد يسقطون ويرتكبون جريمة قتل بسبب شهواتهم الرّدية. نقرأ في سفر صموئيل الثاني 9:12-10 "لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. 10وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إلى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً". (إقرأ القصّة بالتّفصيل في صموئيل الثاني 1:11-17) 

2. القتل وذبح النّاس في وقت الثورات والتمرد: نقرأ في الكتاب المقدّس جملة من القصص عن أشخاص تمرّدوا على مجتمعهم وقادتهم، وارتكبوا جرائم قتل بدلاً من اللجوء إلى العقل والحوار والأسلوب السِّلمي في معالجة القضايا الخلافيّة. نقرأ في سفر ملوك الثاني 20:12 "20وَقَامَ عَبِيدُهُ وَفَتَنُوا فِتْنَةً وَقَتَلُوا يُوآشَ فِي بَيْتِ الْقَلْعَةِ حَيْثُ يَنْزِلُ إلى سَلَّى". وفي سفر القضاة 21:3 "فَمَدَّ إِهُودُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَأَخَذَ السَّيْفَ عَنْ فَخْذِهِ الْيُمْنَى وَضَرَبَهُ (أي ضرب عجلون ملك مؤاب) فِي بَطْنِهِ". كذلك نقرأ في سفر الملوك الثاني 14:9، 24 "14وَعَصَى يَاهُو بْنُ يَهُوشَافَاطَ بْنِ نِمْشِي عَلَى يُورَامَ. وَكَانَ يُورَامُ يُحَافِظُ عَلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ".24فَقَبَضَ يَاهُو بِيَدِهِ عَلَى الْقَوْسِ وَضَرَبَ يَهُورَامَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ، فَخَرَجَ السَّهْمُ مِنْ قَلْبِهِ فَسَقَطَ فِي مَرْكَبَتِهِ. (أنظر أيضاً ملوك الثاني 36:19-27).

3. القتل من أجل التّخلص من المنافسين والأعداء: ويعتبر هذا السّبب من أكبر دوافع القتل خلال مسيرة التّاريخ البشري. لقد دفع طموح النّاس إلى السيطرة والقوّة والعظمة إلى قيام حروب دمويّة ومجازر لا تحصى. وسجل التّاريخ حافل بأسماء مجرمين وسفّاحين ممن استباحوا حياة غيرهم من النّاس حتّى يسيطروا على أراض وثروات غيرهم، ولكي يصبحوا سادة العالم. ونقرأ في الكتاب المقدّس عن عدد من مثل هؤلاء القادة والملوك الذّين أجرموا وقتلوا غيرهم. كذلك نقرأ في الكتاب المقدّس عن رجال قتلوا أعدائهم، ولكنهم تابوا عن خطاياهم، وأصبحوا خدّاما للرب بعد أن كانوا قتلة ومجرمين. ومن الأمثلة على هذا النوع من القتل نقرا ما جاء في سفر ملوك الأول 25:2 "25فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِيَدِ بَنَايَاهُو بْنِ يَهُويَادَاعَ، فَبَطَشَ بِهِ فَمَاتَ". وفي سفر القضاة 1:9-6 "1وَذَهَبَ أَبِيمَالِكُ بْنُ يَرُبَّعْلَ إلى شَكِيمَ إلى إِخْوَةِ أُمِّهِ، وَكَلَّمَهُمْ وَجَمِيعِ عَشِيرَةِ بَيْتِ أَبِي أُمِّهِ قَائِلاً: 2«تَكَلَّمُوا الآنَ فِي آذَانِ جَمِيعِ أَهْلِ شَكِيمَ. أَيُّمَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ: أَأَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ سَبْعُونَ رَجُلاً، جَمِيعُ بَنِي يَرُبَّعْلَ، أَمْ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ؟ وَاذْكُرُوا أَنِّي أَنَا عَظْمُكُمْ وَلَحْمُكُمْ». 3فَتَكَلَّمَ إِخْوَةُ أُمِّهِ عَنْهُ فِي آذَانِ كُلِّ أَهْلِ شَكِيمَ بِجَمِيعِ هذَا الْكَلاَمِ. فَمَالَ قَلْبُهُمْ وَرَاءَ أَبِيمَالِكَ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «أَخُونَا هُوَ». 4وَأَعْطَوْهُ سَبْعِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ مِنْ بَيْتِ بَعْلِ بَرِيثَ، فَاسْتَأْجَرَ بِهَا أَبِيمَالِكُ رِجَالاً بَطَّالِينَ طَائِشِينَ، فَسَعَوْا وَرَاءَهُ. 5ثُمَّ جَاءَ إلى بَيْتِ أَبِيهِ فِي عَفْرَةَ وَقَتَلَ إِخْوَتَهُ بَنِي يَرُبَّعْلَ، سَبْعِينَ رَجُلاً، عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ. وَبَقِيَ يُوثَامُ بْنُ يَرُبَّعْلَ الأَصْغَرُ لأَنَّهُ اخْتَبَأَ. 6فَاجْتَمَعَ جَمِيعُ أَهْلِ شَكِيمَ وَكُلُّ سُكَّانِ الْقَلْعَةِ وَذَهَبُوا وَجَعَلُوا أَبِيمَالِكَ مَلِكًا عِنْدَ بَلُّوطَةِ النَّصَبِ الَّذِي فِي شَكِيمَ". وأيضاً في سفر صموئيل الثاني 9:20-10 "9فَقَالَ يُوآبُ لِعَمَاسَا: «أَسَالِمٌ أَنْتَ يَا أَخِي؟» وَأَمْسَكَتْ يَدُ يُوآبَ الْيُمْنَى بِلِحْيَةِ عَمَاسَا لِيُقَبِّلَهُ. 10وَأَمَّا عَمَاسَا فَلَمْ يَحْتَرِزْ مِنَ السَّيْفِ الَّذِي بِيَدِ يُوآبَ، فَضَرَبَهُ بِهِ فِي بَطْنِهِ فَدَلَقَ أَمْعَاءَهُ إلى الأَرْضِ وَلَمْ يُثَنِّ عَلَيْهِ، فَمَاتَ. وَأَمَّا يُوآبُ وَأَبِيشَايُ أَخُوهُ فَتَبِعَا شَبَعَ بْنَ بِكْرِي". وكذلك في سفر أخبار الأيام الثاني 4:21 "4فَقَامَ يَهُورَامُ عَلَى مَمْلَكَةِ أَبِيهِ وَتَشَدَّدَ وَقَتَلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بِالسَّيْفِ، وَأَيْضًا بَعْضًا مِنْ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ".

4. قتل النّاس بدافع الإنتقام: يطلب الله منّا كبشر أن لا ننتقم لأنفسنا، ويدعونا إلى الثّقة به وبنقمته ودينونته العادلة للمجرمين في حالة عدم توبتهم. فنقرأ مثلاً في سفر التّثنية 35:23 كلمة الله القائلة: "لِيَ النَّقْمَةُ وَالْجَزَاءُ" وفي نفس الأصحاح، نقرأ في الآية رقم 43 "تَهَلَّلُوا أَيُّهَا الأُمَمُ، شَعْبُهُ، لأَنَّهُ يَنْتَقِمُ بِدَمِ عَبِيدِهِ، وَيَرُدُّ نَقْمَةً عَلَى أَضْدَادِهِ". كذلك نقرأ في سفر المزامير 1:94-3 صلاة إلى الله الذي ينتقم من الأشرار غير التّائبين: "يَا إِلهَ النَّقَمَاتِ يَا رَبُّ، يَا إِلهَ النَّقَمَاتِ، أَشْرِقِ. 2ارْتَفِعْ يَا دَيَّانَ الأَرْضِ. جَازِ صَنِيعَ الْمُسْتَكْبِرِينَ. 3حَتَّى مَتَى الْخُطَاةُ يَا رَبُّ، حَتَّى مَتَى الْخُطَاةُ يَشْمَتُونَ؟". وقد تكررّت الدعوة لعدم الإنتقام أيضاً في العهد الجديد في رسالة رومية 19:12 حيث نقرأ: "لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ".

وبالرّغم من دعوة الله للنّاس بعدم الإنتقام، وإلى الثقة بأنه سيجازي الأشرار، إلا أن النّاس عصاة ولا يطيعون الله، ويلجأون إلى الإنتقام لأنفسهم وأخذ القانون بأيديهم. من الأمثلة على ذلك ما جاء في سفر صموئيل الثاني 28:13-29 "28فَأَوْصَى أَبْشَالُومُ غِلْمَانَهُ قَائِلاً: انْظُرُوا. مَتَى طَابَ قَلْبُ أَمْنُونَ بِالْخَمْرِ وَقُلْتُ لَكُمُ اضْرِبُوا أَمْنُونَ فَاقْتُلُوهُ. لاَ تَخَافُوا. أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا أَمَرْتُكُمْ؟ فَتَشَدَّدُوا وَكُونُوا ذَوِي بَأْسٍ. 29فَفَعَلَ غِلْمَانُ أَبْشَالُومَ بِأَمْنُونَ كَمَا أَمَرَ أَبْشَالُومُ. فَقَامَ جَمِيعُ بَنِي الْمَلِكِ وَرَكِبُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَغْلِهِ وَهَرَبُوا". حتّى رجل الله موسى أقدم على قتل رجل مصري انتقاماً لشعبه، وكان ذلك قبل دعوة الله له ليكون نبيّاً وقائداً للشّعب القديم. فنقرأ في سفر الخروج 11:2-12 "11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إلى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ، فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِ، 12فَالْتَفَتَ إلى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ". ونقرأ في سفر صموئيل الثاني 27:3 قصّة انتقام أخرى تقول: "27وَلَمَّا رَجَعَ أَبْنَيْرُ إلى حَبْرُونَ، مَالَ بِهِ يُوآبُ إلى وَسَطِ الْبَابِ لِيُكَلِّمَهُ سِرًّا، وَضَرَبَهُ هُنَاكَ فِي بَطْنِهِ فَمَاتَ بِدَمِ عَسَائِيلَ أَخِيهِ". (أنظر أيضاً صموئيل الثاني 1:4-8).

5. قتل النّاس بدافع السرقة والسطو والنهب: نجد هنا انّ الخطيّة تدفع إلى ارتكاب سلسلة من الخطايا. فالّذي يريد أن يسرق، يقتل النّاس لكي يسرق أموالهم، وإن تم القبض عليه، قد يكذب للنجاة من العقاب. فما أبشع الخطيّة، وما أردأ أساليبها. نقرأ في سفر الأمثال 11:1-13 "11إِنْ قَالُوا: «هَلُمَّ مَعَنَا لِنَكْمُنْ لِلدَّمِ. لِنَخْتَفِ لِلْبَرِيءِ بَاطِلاً. 12لِنَبْتَلِعْهُمْ أَحْيَاءً كَالْهَاوِيَةِ، وَصِحَاحًا كَالْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ، 13فَنَجِدَ كُلَّ قِنْيَةٍ فَاخِرَةٍ، نَمْلأَ بُيُوتَنَا غَنِيمَةً". ونقرأ في لوقا 30:10 "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ إلى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ".

6. قتل النّاس ظلماً وإضطهاداً بسبب الكراهيّة والبغض والتّعصب: نشهد في هذه الأيام ازدياد ملحوظ في جرائم قتل النّاس وظلمهم بشكل بشع، وبدون أي سبب سوى الكراهية والحقد الأسود. نقرأ في إنجيل المسيح كلمات وتعاليم كثيرة لرب المجد يسوع عن هذا النوع من القتل، وكيف أنه سيزداد في الأيام الأخيرة. فيقول في متى 9:24 "حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إلى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي". ويقول في لوقا 12:21-17 "12وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إلى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. 13فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. 14فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا، 15لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. 16وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. 17وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي".
بالإضافة إلى ما قاله الرّب يسوع، نقرأ في الكتاب المقدّس جملة من الآيات والقصص عن قتل بسبب الحقد والكراهية، أي أنها آيات وقصص عن ظلم النّاس بدون جرم أو ذنب. ومن جملة هذه القصص والآيات نقرأ:
•    أخبار الثاني 13:21 "بَلْ سَلَكْتَ فِي طُرُقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، وَجَعَلْتَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ كَزِنَا بَيْتِ أَخْآبَ، وَقَتَلْتَ أَيْضًا إِخْوَتَكَ مِنْ بَيْتِ أَبِيكَ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ مِنْكَ".
•    أيوب 14:24 "مَعَ النُّورِ يَقُومُ الْقَاتِلُ، يَقْتُلُ الْمِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ، وَفِي اللَّيْلِ يَكُونُ كَاللِّصِّ".
•    أمثال 10:29 "أَهْلُ الدِّمَاءِ يُبْغِضُونَ الْكَامِلَ، أَمَّا الْمُسْتَقِيمُونَ فَيَسْأَلُونَ عَنْ نَفْسِهِ".
•    متى 6:14-11 "ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسْطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ:أَعْطِني ههُنَا عَلَى طَبَق رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ. 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَق وَدُفِعَ إلى الصَّبِيَّةِ، فَجَاءَتْ بِهِ إلى أُمِّهَا".
•    متى 30:23-37 "وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إلى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إلى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!37يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!".
•    مرقس 6:3 "فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ".
•    أعمال الرسل 23:2 "هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ".
•    أعمال الرسل 54:7-60 "فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. 55وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إلى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. 56فَقَالَ:هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. 57فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، 58وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ. 59فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ:«أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي. 60ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«يَارَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ. وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ".

القتل غير المقصود أو غير المُتَعَمَّد: في الأسباب المذكورة أعلاه، نجد أن جرائم القتل تتم عن قصد وعمدٍ وبتخطيط مسبق. ولكن الله يعلمنا في الكتاب المقدّس بأنه قد تقع حوادث قتل لا تسمّى جرائم، وذلك لأنها تتم عفواً وبغير قصدٍ أبداً. فقد يقتل شخص غيره من النّاس مع أنه لم يفكر بقتلهم أبداً، ولم يكن يتوقع أصلاً أن يتم أي قتل. فقد يدفع شخصٌ بشكل غير مقصود وبلا عداوة شخصاً آخر ويتسبب في قتله. أو أن يقوم شخص بإلقاء أداة بلا تعمُّد، أو إلقاء حجر بلا رؤية، وينتج عنه قتل شخص بريء. نقرأ في سفر العدد 22:35-28 " وَلكِنْ إِنْ دَفَعَهُ بَغْتَةً بِلاَ عَدَاوَةٍ، أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ أَدَاةً مَا بِلاَ تَعَمُّدٍ، 23أَوْ حَجَرًا مَا مِمَّا يُقْتَلُ بِهِ بِلاَ رُؤْيَةٍ. أَسْقَطَهُ عَلَيْهِ فَمَاتَ، وَهُوَ لَيْسَ عَدُوًّا لَهُ وَلاَ طَالِبًا أَذِيَّتَهُ، 24تَقْضِي الْجَمَاعَةُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الدَّمِ، حَسَبَ هذِهِ الأَحْكَامِ. 25وَتُنْقِذُ الْجَمَاعَةُ الْقَاتِلَ مِنْ يَدِ وَلِيِّ الدَّمِ، وَتَرُدُّهُ الْجَمَاعَةُ إلى مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا، فَيُقِيمُ هُنَاكَ إلى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي مُسِحَ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ. 26وَلكِنْ إِنْ خَرَجَ الْقَاتِلُ مِنْ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا، 27وَوَجَدَهُ وَلِيُّ الدَّمِ خَارِجَ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ، وَقَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَاتِلَ، فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ، 28لأَنَّهُ فِي مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ يُقِيمُ إلى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ. وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ فَيَرْجعُ الْقَاتِلُ إلى أَرْضِ مُلْكِهِ". وبنفس المعنى، نقرا في سفر التّثنية 4:19-6 "مَنْ ضَرَبَ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. 5وَمَنْ ذَهَبَ مَعَ صَاحِبِهِ فِي الْوَعْرِ لِيَحْتَطِبَ حَطَبًا، فَانْدَفَعَتْ يَدُهُ بِالْفَأْسِ لِيَقْطَعَ الْحَطَبَ، وَأَفْلَتَ الْحَدِيدُ مِنَ الْخَشَبِ وَأَصَابَ صَاحِبَهُ فَمَاتَ، فَهُوَ يَهْرُبُ إلى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدُنِ فَيَحْيَا. 6لِئَلاَّ يَسْعَى وَلِيُّ الدَّمِ وَرَاءَ الْقَاتِلِ حِينَ يَحْمَى قَلْبُهُ، وَيُدْرِكَهُ إِذَا طَالَ الطَّرِيقُ وَيَقْتُلَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَوْتِ، لأَنَّهُ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ".

حماية القاتل سهواً، أي الذي لم يقصد القتل: أمر الله في شريعته المقدّسة أن تتم حماية الذي يقتل غيره من النّاس بدون قصد. وهذه الحماية كانت ضرورية للحفاظ على حياته من إمكانية قتله على أيدي أهل القتيل بدافع الإنتقام. فعندما يموت إنسان قتلاً ولكن بدون قصد وبلا تَعَمَّد من القاتل، فإن الله أوصى بضرورة فرز عدد من المدن أطلق عليها اسم مدن الملجأ، حيث يهرب القاتل بسهوٍ وبغير قصدٍ إلى واحدة من هذه المدن طلباً للحماية. نقرأ في سفر العدد 11:35 "11فَتُعَيِّنُونَ لأَنْفُسِكُمْ مُدُنًا تَكُونُ مُدُنَ مَلْجَأٍ لَكُمْ، لِيَهْرُبَ إِلَيْهَا الْقَاتِلُ الَّذِي قَتَلَ نَفْسًا سَهْوًا". وكذلك في سفر العدد 22:35-26 "22وَلكِنْ إِنْ دَفَعَهُ بَغْتَةً بِلاَ عَدَاوَةٍ، أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ أَدَاةً مَا بِلاَ تَعَمُّدٍ، 23أَوْ حَجَرًا مَا مِمَّا يُقْتَلُ بِهِ بِلاَ رُؤْيَةٍ. أَسْقَطَهُ عَلَيْهِ فَمَاتَ، وَهُوَ لَيْسَ عَدُوًّا لَهُ وَلاَ طَالِبًا أَذِيَّتَهُ، 24تَقْضِي الْجَمَاعَةُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الدَّمِ، حَسَبَ هذِهِ الأَحْكَامِ. 25وَتُنْقِذُ الْجَمَاعَةُ الْقَاتِلَ مِنْ يَدِ وَلِيِّ الدَّمِ، وَتَرُدُّهُ الْجَمَاعَةُ إلى مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا، فَيُقِيمُ هُنَاكَ إلى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي مُسِحَ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ. 26وَلكِنْ إِنْ خَرَجَ الْقَاتِلُ مِنْ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا، 27وَوَجَدَهُ وَلِيُّ الدَّمِ خَارِجَ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ، وَقَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَاتِلَ، فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ، 28لأَنَّهُ فِي مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ يُقِيمُ إلى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ. وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ فَيَرْجعُ الْقَاتِلُ إلى أَرْضِ مُلْكِهِ.29«فَتَكُونُ هذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةَ حُكْمٍ إلى أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ". (أنظر أيضاً يشوع 13:21-28؛ وعدد 6:35، 9-15؛ وتثنية 41:4-43؛ وتثنية 1:19-14؛ ويشوع 1:20-9).

علينا احترام حياتنا وحياة غيرنا من الناس. فالحياة لها قدسيتها، وهكذا فإن وصية الله بعدم القتل هي دعوة سماويّة للحفاظ على قدسية حياة كل إنسان في الوجود. فمن حق كل إنسان في الوجود أن يتمتع ويفرح في حياته. ولا يحق لأي إنسان في الوجود أن يقتل غيره من الناس ويضع حداً لحياتهم. فنحن نعرف أن الله هو مصدر ومعطي الحياة، وبالتالي فله وحده كل الحق أن يأخذ الحياة لأنه هو الذي أعطاها في الأساس. وعليه فإن وضع نهاية لحياة الناس هو تطاول على الله ذاته، أي أنه جريمة بحق الله شخصياً. فالقاتل يضع نفسه في كرسي الله، ويأخذ دور القاضي والجلاد في نفس الوقت، فهو الّذي يصدر الحكم بقتل غيره، وينفذ هذا الحكم، وهذا قمة الإجرام. دعونا أن نتذكر دائماً بأن كل إنسان منا مخلوق على صورة الله (تكوين 27:1)، وبأننا محبوبين من الله (يوحنّا 16:3)، وبأن الله يريد الخير والسلام والصحة لكل واحد منا (رومية 9:12-21).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا