يُعتبر النوم من أهم عناصر الحياة، الذي بدونه لا يمكننا العيش والبقاء.
خلق الله الإنسان لكي يعمل ويجتهد في حياته اليومية، لكنه ايضًا بحاجة يومية للراحة والنوم.
طبعًا الاتزان في النوم وأمور حياتنا الأخرى هو أمر مطلوب وهام جدًا، لأن الإفراط في النوم ايضًا هو امر غير صحي وغير محبذ، والأخطر من النوم الجسدي لهو النوم الروحي !
نقرأ في كتاب يونان النبي كيف أمره الله لكي يدعوا أهل نينوى للتوبة من أعمالهم الشريرة والرجوع الى الله.
لكن يونان في البداية لم يُطِع الله وحاول الهرب من دعوته له بالتوجه الى ترشيش على ظهر سفينة.
لكن الله ارسل ريحًا شديدةً الى البحر وكان الموقف صعب جدًا لدرجة ان حياة الركاب كانت بخطر، لكن يونان في هذا الوضع المُحرج نزل الى جوف السفينة واضطجع ونام نومًا ثقيلًا، مع انه كان يعلم ان هذه العاصفة كانت بسبب عصيانه لله !
كان على يونان أن يُطيع الله من البداية، لكي لا يدخل بتجارب وصعوبات كثيرة.
ونحن ايضًا، ربما نتسائل أحيانًا عن سبب "العواصف" التي تهُب في حياتنا، من الممكن ان يكون السبب هو اننا لم نرجع الى الله بتوبة حقيقية من كل القلب، بترك الشر واتباع الخير، او ربما لأننا عصينا مشورة وأوامر الله لحياتنا الشخصية والروحية !
لكن تبقى دعوة الله :
" أستيقظ أيها النائم وقُم من الأموات فيُضيء لك المسيح " (أفسس 14:5).
ما احوجنا جميعًا ان نقوم من كل نوم روحي وكل استهتار بدعوة الرب لنا بحياتنا الروحية، لان النوم والكسل الروحي لا بُد ان يُؤدي الى الموت الروحي والدينونة الأبدية في النهاية، لكن اليوم ما زلنا في زمن نعمة الله ومراحمه علينا جميعًا، لكي نختبر خلاص ومجد الرب يسوع بحياتنا، ويضيء لنا المسيح الذي هو نور العالم.
على عكس النوم السلبي بحياة يونان، نقرأ في كتاب أعمال الرسل عن بطرس الرسول، الذي خدم الرب بكل أمانة وأجتهاد، وعندما كان ينتظر حكم الأعدام والموت، نراه نائمًا بين حراس السجن !
يا له من موقف عجيب وفريد، عندما كان بطرس في موقف يهدد حياته، لكنه كان نائمًا بل مُطمئنًا في "حضن الآب"، لأنه كان في مركز مشيئته وبضمير صالح يخدم الرب بدون خوف او كلل، لذلك انقذه الرب من هذا الموقف المُحرج، مع ان التاريخ يُخبرنا ان بطرس مات مصلوبًا لكن ليس مثل سيده، بل رجلاه الى اعلى ورأسه الى الأسفل !
نقرأ في الأناجيل عن الرب يسوع عندما كان نائمًا فوق القارب، عندما كان مع تلاميذه وسط العاصفة، الذين أضطربوا وخافوا بشدة من العاصفة، لكن يسوع كان نائمًا !
مكتوب في سفر المزامير انه لا ينعس ولا ينام حافظ أسرائيل، ومع ان الرب يسوع هو الله الذي ظهر بالجسد، لكنه كان ايضًا انسانًا كاملًا يعطش ويجوع ويتعب وينام...
نام يسوع وسط العاصفة، لان يسوع أتكل على معونة وأرشاد الله الآب له كل أيام حياته على الأرض، الذي أذ شُتِمَ لم يكن يشتم عوضًا، وأذ تألم لم يكن يُهدِّد بل كان يُسلِّم لمن يقضي بعدلٍ. (بطرس الاولى 23:2).
يا لروعة بطرس الذي استطاع ان ينام وسط الحراس قبل يوم اعدامه، ويا روعة وكمال رب بطرس بل ربنا جميعًا الذي كان دائمًا في حضن الآب وبشركة كاملة معه، الذي اتكل على ارشاد الله له كل أيام حياته.
صلاتي ان نتمثل ببطرس وبرب المجد يسوع، وبأن لا نتمثل بنوم يونان الخطير في سفينة حياتنا على الأرض، بل أن نسهر ونصلي كل يوم لأن مجيء مخلصنا ربنا وألهنا يسوع المسيح قريب جدًا على الأبواب...
عندها سوف نُردد ونرنم مع داود :
" بسلامةٍ أضطجع بل ايضًا أنام، لأنك انت يا ربُّ مُنفردًا في طُمأنينةٍ تُسكنني ".