هكذا تجسَّد الله ـــ ج3 من 3

ها نحن، الذين واللواتي نعيش في القرن الحادي والعشرين، قد شهدنا ذبح فتاة عذراء في إحدى قبائل جنوبيّ شرقيّ آسيا إرضاء لصنم. ووصلتنا في الوقت عينه أخبار عن إرضاع الكبير وعن مفاخذة الطفلة وعن ...
28 يناير 2017 - 00:45 بتوقيت القدس

ذكرت في ج2 من المقالة [أنّ الله لم يعصم نبيًّا من الخطيئة] لكنّ مؤلِّف القرآن أساء الظّنّ بالله، كما يبدو لي، حينما ظنّ أنّ الله يعصمه من الذنوب (إنّا فتحنا لك فتحًا مُبينًا لِيَغفِرَ لكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبكَ وما تَأَخَّر ويَنصُرَكَ اللَّهُ نصرًا عَزِيزا)- الفتح:1-3 وهذا كلام خطير إذ جعل الإله، الذي اخترعه بخواطر عقله الباطن، متستّرًا على ذنوبه، سواء الكبائر منها والصَّغائر، فأجاز لنفسه غزو القبائل والقوافل والقتل والسرقة والسبي وسائر ما هو ضدّ حقّ الإنسان في عيش كريم، بخواطر ظنّ أنّها من الله أو نسبها زورًا إلى الله! فإن قال مغيَّب العقل إنّ ربّ القرآن نصر مؤلِّفه في غزواته، فلا يعني انتصار الغازي أنّ الله أيّده أو دعمه، وإلّا لأصبح الغزاة المنتصرون من الأنبياء! على مغيَّب العقل المذكور التفريق ما بين دعم الله وبين دعم إبليس؛ هل كان الله وراء انتصارات الاسكندر المقدوني ذي القرنين (356 – 323 ق.م) وجنكيزخان (1165 – 1227 م) وهولاكو (1217 – 1265 م) أيًّا كانت ذرائع الاعتداء والغزو، وهل كان الله وراء اكتساح هتلر كلًّا من فيينا وبولندة والتشيك...؟ علمًا أنّ لهتلر كتابًا نازيًّا شهيرًا- كفاحي- فهل كتبه بوحي من الله؟ كلّا- حاشا الله- عِلمًا أنّ مبيعات هذا الكتاب قد زادت نسبتها في ألمانيا مؤخَّرًا، بشكل صادم، حسب مقال صحيفة أكسبرس الصادر في الثالث من يناير الحالي (1) وتأتي هذه الزيادة، في رأيي، في أعقاب الأعمال الإرهابية التي ابتُلِيت بها ألمانيا بعد استقبال اللاجئين إليها. وقد بات معلومًا أنّ ألمانيا وسائر الغرب دول علمانية، مع الحفاظ على جذور ثقافتها المسيحية ومع احترامها، لكنّي سألت الله أن ينجّي الأبرياء من غضب النازيّين الجدد.

ضوء على العنف في العهد القديم 

فإذ قيل (الحديث ذو شجون) فإنّ مؤلِّف القرآن حاول الاقتداء بقادة شعب الله في العهد القديم، منهم موسى ويشوع بن نون (خليفة موسى) وداود، متجاهلًا محبّة ربّ العهد الجديد- يسوع المسيح- غير المحدودة ولا المشروطة، ومتجاهلًا نعمة المسيح ووداعته وغفرانه وتسامحه. بل عاد المؤلِّف المذكور بالتاريخ إلى الوراء، متخلِّفًا عن قطارات التطوّر وبناء الحضارة والرّقيّ بالإنسان إلى أعلى مستوى من الممكن الوصول إليه. فشرّع عددًا من أفعال صعاليك زمانه الذين باتوا من جنوده فيما بعد، كالقتل والسرقة والسبي، جاعلًا من أمّته في ذيل قائمة الأمم أدبيًّا وعلميًّا وسياسيًّا واقتصاديّا، وإلّا لباتت مكة والمدينة منارتين للآداب والعلوم والفنون. فإذ اعترض النقاد الإسلاميّون على وداعة الحياة المسيحية وعلى رصانتها، محتجّين بالعنف في العهد القديم، فالجواب أوّلًا أنهم اقتطعوا نصوصًا من العهد القديم لتبرير سلوك مؤلِّف القرآن العدواني، متجاهلين أسباب ذلك العنف! وهذا التجاهل كارثي؛ لأنّ على الباحث أن يكون مُلِمًّا بمادّة بحثه ومتقصّيًا حقيقة كلّ كبيرة فيه وصغيرة، كي لا يتعرّض بحثه لنظرة دونيّة أو سخرية. وتاليًا تجاهلوا خصائص السيد المسيح وتعاليمه، كما تجاهلها رسول الإسلام وتناساها، بل تجاهلوا تطوّر الإنسانية عبر التاريخ، منذ ظهور النبيّ الأوّل حتّى حلول عهد النعمة بتجسّد الله في المسيح.

أمّا بعد فإني أقول لهم: أشكر الله على ذلك "العنف" وعلى تلك "القسوة" لولاهما لما وصلت البشرية إلى هذا المستوى من الرّقيّ ولرُبّما شُوِّهت صورة الخليقة لولاهما. لو تعلمون أن ذلك العنف (حوالي 1500 سنة ق.م) قد صدر ضدّ سبعة شعوب، مذكورة بالإسم في العهد القديم، مع تاريخ كلّ منها ومدينته، مع ذِكر أسباب العنف؛ إذ أمهلها الله ما بين 400- 600 سنة على أمل في أن تكفّ عن ممارسة أرجاسها؛ منها عبادة آلهة وثنية إلى درجة تقديم الإنسان ذبيحة أو محرقة.
وأقول لتقريب الصورة؛ ها نحن، الذين واللواتي نعيش في القرن الحادي والعشرين، قد شهدنا ذبح فتاة عذراء في إحدى قبائل جنوبيّ شرقيّ آسيا إرضاء لصنم. ووصلتنا في الوقت عينه أخبار عن إرضاع الكبير وعن مفاخذة الطفلة وعن إتيان الرجل الميت-ة بعد موته-ا! انظر-ي "وطء الميتة" في مراجع إسلامية كثيرة؛ منها "نهاية المحتاج الى شرح المنهاج" وفيه (لا حدّ عليه ولا مهر) أي لا عقوبة على الفاعل ولا دفع ثمن، على أنّ (حياة المرأة شرط لتحقق حكم الزنى) ومنها "الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل- باب ما يوجب غسله" وهذا الغسل واجب على الفاعل سواء أكان الميتُ امرأة أم رجلًا أم بهيمة، كذا في "صحيح مسلم" بشرح النووي. وانظر-ي على غوغل "حُكم مَن نكح بهيمة" أو تصفّح-ي "نكاح البهائم كالتَّيس والجمل والحمار" عِلمًا أن أحد شيوخ المغرب قد أفتى مؤخَّرًا بـ "نكاح الوداع" على أنّ (موت المرأة لا يقطع علاقة الزوجية بزوجها) مستندًا على القرآن وتحديدا: (ادخلوا الجنّة أنتم وأزواجُكُمْ تُحبَرُون)- الزخرف:70 ومعنى تُحْبَرُون في "لسان العرب": [تُكرَمون إِكرامًا يبالَغ فيه- قول الزّجّاج] فكيف تتخيّلون الرِّجس في ذلك العهد البائد أي ما قبل حوالي 3500 سنة؟
إنّي شخصيًّا افترضت حصول رجس أوسخ ممّا تقدَّم بيانه، حتّى تخيّلت ولادة إنسان بعضه حيوان، من جرّاء وطء البهيمة، وتخيّلت العكس أيضا. أفلا تشكرون الله على ذلك العنف؟ ألم يصبح معلومًا لكم أنّ الله محبّة (يوحنّا 4: 8 و16) وأنّ الله قال {إنّي لا أُسَرُّ بمَوتِ الشِّرِّير، بَلْ بأنْ يَرجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ ويَحيَا...}+ حزقيال 33: 11 وأنّ الله ما قصد العنف رغبة فيه ولا حبّا- حاشا الله- لكن اتّخذه وسيلة لكي يتذكر ذلك الإنسان (القديم- المتخلِّف في نظرنا) عبر التاريخ فداحة فعل الشّرّ في نظر الله من خلال تلك العقوبة القاسية، فترسخ الصورة في ذهنه عبر الأجيال اللاحقة. نعم أنها قاسية جدًّا في نظر إنسان اليوم الوديع والمتواضع، وقاسية أيضًا بالنسبة لوثيقة حقوق الإنسان التي أقرّت الأمم المتّحدة غالبيّتها بناءً على تعاليم السيد المسيح! فالتطوّر الإنساني الذي نشهد اليوم، مرورًا بمجيء المسيح إلى الأرض، لم يأتِ من فراغ ولا بقدرة ساحر، إنّما أثمار عهود إلهية طويلة زمنيّا، تخلّلها إرسال أنبياء إلى الناس لكي يتوبوا فيرجعوا إلى الله، إلى تنفيذ وصاياه العشر التي اختصرها السيد المسيح باثنتين هما الأساس: محبّة الله ومحبّة الإنسان أخاه الإنسان (انظر-ي متّى\22) فمتى دخلت المحبة إلى القلب زالت أسباب الحسد والكراهية والعداوة وسائر ركائز إبليس.

ـــ ـــ

وقفة ما بين الاستعمار الغربي وبين الاحتلال الإسلامي

أمّا احتجاج الإسلاميّين بالحملات الصليبية تارة وبالاستعمار الغربي تارة وبالحربين العالميّتين وبمعلومات مزوّرة عن الكنيسة، تمّ دحضها فيما بعد- مثالًا "إعدام" العالم الإيطالي الشهير غاليليو غاليلي- فأوّلًا أنّ الاحتلال الإسلامي قد سبق أولى الحملات الصليبية بحوالي خمسة قرون وسبق الاستعمار الغربي بحوالي خمسة عشر قرنا! عِلمًا أنّي كتبت عن الهذيان بالحملات الصليبية وبالاستعمار الغربي في أزيد من مناسبة، وفي الإنجيل: {فكما تَدينونَ تُدانون، وبما تَكيلونَ يُكالُ لكُمْ}+ متّى 7: 2 ومرقس 4: 24 ولوقا 6: 38 وفيه تاليا: {لماذا تَنظُرُ إلى القَشَّةِ في عَينِ أخيكَ، ولا تُبالي بالخَشَبَةِ في عَينِك؟} وعِلمًا أنّ فرسان أوروبا لم يكونوا قسّيسين ولا رهبان! وأقول: ربّما تعلَّموا الحملات المذكورة من غزوات المسلمين. وتاليًا لن يجد الإسلاميّون في الإنجيل آية واحدة لدعم قائد عسكري محسوب على المسيحيّين! في وقت وجد المنصِفون والمنصِفات أنّ الخواطر القرآنية العدائية هي التي دعمت اكتساح المسلمين بلدانًا شرقية وغربية، فاستمرّ الاحتلال الاسلامي فيها إلى اليوم (مثالًا: خواطر الأنفال والتوبة وغيرها) وهي التي دعمت قتال غير المسلمين إلى اليوم (التوبة:111 وغيرها) وهي التي دعمت اضطهاد المرأة إلى اليوم (النساء:3 و24 و34 وغيرها) وهي التي دعمت ما يعفّ قلمي عن ذكره. فإنّ الله- جلّ قدره- قد خلق، أمّا مؤلِّف القرآن فقد جاء بالذبح (انظر-ي الحديث الصحيح: لقد جئتكم بالذبح) وهذا يتعارض تمامًا مع مشروع الله لخلاص الإنسان؛ إذْ أراد الله مصالحة العالم معه؛ بالرجوع إليه، كما أراد للعالم حياة أفضل! قال السيد المسيح: {السّارق لا يأتي إلّا ليسرق ويذبح ويُهلك، وأمّا أنا فقد أتيت لتكون لهُمْ حياة وليكون لهم أفضل}+ يوحنّا 10: 10

لكنّ الاستعمار الغربيّ، من جهة أخرى، قد بنى مستعمراته وعبّد الطرق وأرسل إليها سيارات وشيّد الجسور فوق الأنهار ومدّ السكك الحديدية لتسيير قطارات وعلّم الناس وثقّفهم وطوّرهم، حتّى أن بعض المثقَّفين في الدول المعرَّبة والمؤسلَمة يتمنّون عودة الاستعمار الغربي، حسبما قرأت لهم وعنهم، ما لم يهاجروا إلى الدول الاستعمارية، فلم يفعل الاستعمار الغربي الرذائل التي فعلها الاحتلال الإسلامي؛ منها استعباد الناس وحرق المكتبات وهدم الآثار، وقد جسّدت داعش الصور الحقيقية للإسلام كما كانت منذ فجر الإسلام! فمن قال (إنّ داعش لا تمثّل الإسلام) لا يعرف ما عرفت داعش عن الإسلام. فالإسلام، في رأيي، شرّ مطلق بما في هذا التعبير من معنى!

لذا سألتُ الله القدير أن ينجّي العالم أجمع من شرور هذا الدين، فليس من قاسم مشترك بين إرهابيّين إسلاميّين من دول مختلفة إلّا الإسلام! لا يقولنّ لي أحد أنّ قادة الإرهاب الإسلامي، الآسيوي منهم والأفريقي والأوربي والأميركي والأسترالي، لم يفهموا الإسلام على حقيقته. إليك حقيقة الإسلام التي نصّ عليها القرآن والصحيحان وغيرهما فيما يأتي، فاقرأ الكتب الإسلامية لكي تتأكّد بنفسك، لأنّ غالبيّة المسلمين لا يقرأون ولا يعرفون مِن الإسلام سوى الـصلاة وسائر الفرائض وما يروِّج له شيوخ الدجل والتزوير عبر الانترنت وعبر الفضائيّات المرئيّة منها والمسموعة. إنّما غاية الإسلام: قتال العالم من غير المسلمين والمسلمات، ما لم يدخل في الإسلام، أو يدفع الجزية عن يد وهو صاغر (ذليل) إذا كان من أهل الكتاب، واحتلال الأرض ونهب الأموال والممتلكات وسبي النساء واستعباد الأطفال وبيعهم، عِلمًا أنّ العبودية في الإسلام ما تزال قائمة في عدد من دول الخليج وفي موريتانيا ولا فتوى لنفيها ولا تحريمها، على رغم توقيع الدول الإسلامية على وثيقة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة. وكلّ ما تقدّم بذريعة الدعوة إلى عبادة الإله الواحد! وكم مِن غاضِب قال ما معناه (بس حلّوا عنّا أنتم وإلهكم المزعوم) ومنهم كاتب هذه السطور! فهل اقتضت الدعوة إلى عبادة الله ارتكاب هذه الجرائم، كما فعلت داعش بالضبط؟ حاشا الله ممّا نُسِبَ إليه في القرآن خصوصًا وفي التراث الإسلامي عموما!

عِلمًا أنّ الدعوة إلى عبادة الإله الواحد في الحقيقة هي أولى وصايا الله في الكتاب المقدَّس وتحديدًا التوراة: {أنا الرَّبّ إلهك... لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخرَى أمَامِي)+ الخروج 20: 2-3
{اِسمَعْ يَا إسرَائِيل: الرَّبُّ إِلهُنا رَبٌّ وَاحِد}+ التثنية 6: 4
 وقد صادق عليها السيد المسيح، بالإضافة إلى المصادقة عليها في سائر أسفار الأنبياء، حتّى زادت آيات التوحيد في الكتاب المقدَّس على ثلاثمئة آية، فما أتى مؤلِّف القرآن بجديد، ولا كان العنف في العهد القديم عامًّا شعوب العالم ولا طويل الحدوث! وإلّا لسمح الله باتّساع نطاق ذلك العنف إلى الهند والصين واليابان... إلخ وإلى أجل غير مسمّى.

وأقول: لعلّ الإسلاميّين يتأمّلون قليلًا في تبشير رُسُل المسيح جميعَ أنحاء المعمورة بالخلاص، بمَحَبّة ووَداعة، قطعًا بدون حمل سيف! إنّما قُتِلوا جميعًا شهادة للمسيح الحيّ القائم من الموت، باستثناء يوحنّا الإنجيلي.

ولعلّهم يتأمَّلون في الحديث المحمّدي الذي رواه مسلم في صحيحه: (بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بَدأ غَرِيبا، فطُوبَى لِلغُرباء) ونقل النّوويّ في شرح صحيح مسلم عن القاضي عياض أنه قال في معنى الحديث: [إنّ الإسلام بَدَأ في آحاد من النّاس وقِلَّة، ثُمَّ انتشر وظَهَر، ثُمَّ سَيَلحَقُهُ النّقص والإخلال، حتّى لا يَبقى إلّا في آحَاد وقِلَّة أيضًا كما بَدَأ] انتهى.
فالإسلام إلى زوال، قريبًا بعون الله؛ ها أنّ إخوة لنا مسلمين قد تركوا الإسلام أفواجًا (انظر-ي ما على غوغل من ارتداد وإلحاد) ومنهم الذين عبروا إلى نور السيد المسيح أفواجا.

فخلاصة ما تقدَّم هو أنّ هدف الله من ذلك العنف، وفق دراستي الكتاب المقدَّس، كان بشكل خاصّ: لحماية شعبه الموحِّد (اليهودي) والمزمع أن يأتي السيد المسيح من نسله لكي يخلِّص العالم. وبشكل عامّ: للمحافظة على الجنس البشري ورعايته وحمايته ممّا قد يَشُوبه مِن أفكار شرّيرة مِن الداخل وممّا قد يُعيبه مِن الخارج.

وأقول للإسلاميّين؛ ألا تكفّون عن نقد الكتاب المقدَّس، إذْ هرفتم بما جهلتم؟ في وقت لزمتكم قراءته للاهتداء بنور السيد المسيح والاقتداء بتعاليمه الرّاقية، وهذه هي الصالحة كلّ زمان وفي كلّ مكان، لا غيرها! لأنّ السيد المسيح صورة الله على الأرض! 

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا