نقرأ في الكتاب المقدس عن أحداث شفاء كثيرة، إن كانت على يد خدام الرب في العهد القديم، أو رسل الرب يسوع المسيح في العهد الجديد، أو يسوع نفسه.
نقرأ في الإنجيل عن حادثة شفاء نازفة الدم، التي عانت من مرضها 12 سنة، كذلك عن إقامة ابنة يايرس من الموت والتي كان عمرها 12 سنة.
يُظهر لنا هذا أن كل أمور حياتنا مكشوفة ومعلومة عند الرب، وأنه لا يجب علينا أن نقلق من جهة أمور حياتنا الشخصية.
كان يايرس أحد رؤساء المجمع، الذي جاء وسجد ليسوع طالبًا منه شفاء ابنته التي كانت على آخر نسمة.
ما أروع هذا المشهد، إذ نرى رئيس المجمع يأتي ويسجد ليسوع لكي يشفي ابنته، لم تنفع رئيس المجمع ديانته اليهودية أو مركزه الديني، بل تواضع أمام رب السماء والأرض من أجل شفاء ابنته.
يكرم الرب تواضع القلب، وهو يتعامل معنا للشفاء والخلاص والبركة إذا تواضعنا أمامه كما تواضع يايرس.
معنى اسم يايرس - יאיר - يهوه يُنير، ونحن نعلم أن النور الحقيقي الذي جاء لكي يُنير كل إنسان جاء إلى العالم هو يسوع المسيح ابن الله، الذي جاء لكي يكون لنا حياة، وحياة أفضل.
فهل نأتي إليه جميعنا بتواضع القلب لكي ننال لمسة شفاء، بل وبأن نقوم من موتنا الروحي وابتعادنا عن الله الحي؟!
أم لا نبالي بحالتنا الروحية، من كل خطية وقيد روحي سلبي في حياتنا؟
في نفس الوقت الذي توجه به يسوع مع يايرس لشفاء ابنته، نقرأ عن نازفة الدم التي لمست يسوع من الخلف، لأنها شعرت أنها غير مستحقة أو ربما نجسة بسبب سيل الدم؟!
شعر يسوع بالقوة التي خرجت منه لشفاء المرأة، التي تألمت كثيرًا من الأطباء وأنفقت كل ما عندها، وأصبحت في حالة أردأ!
نحن نشكر الله على الطب والأطباء، على المستشفيات والعيادات الطبية، لكن توجه القلب يجب أن يكون نحو يسوع لأنه هو الطبيب الأعظم، وهو قادر أن يعطي نعمة للطبيب للشفاء، لكن يجب أن يعود كل المجد ليسوع المسيح على كل شفاء وتحرير، وقبل كل شيء خلاص النفوس.
وهذا ما قاله يسوع للمرأة: اذهبي بسلام، إيمانك قد خلصك (مع أن الترجمة للغة العربية مكتوب: إيمانك قد شفاك، لكن أصل الكلمة هو: خلصك)، لأن اهتمام يسوع الأول هو خلاص النفس للحياة الأبدية، بعدها شفاء الجسد.
نرى في هذا المشهد أنه ليس عند يسوع محاباة للشفاء والخلاص، لا فرق بين الرجل والمرأة، لليهودي والأممي، للغني والفقير، لأن يد الرب لم تقصر عن أن تُخلِّص...
إن قوة يسوع للشفاء تشمل شفاء الجسد من كل مرض، حتى إقامة الموتى كما حدث مع ابنة يايرس، ابن أرملة نايين ولعازر، كذلك شفاء النفس من كل حزن ومخاوف وقلق، وشفاء الروح من كل خطية ونجاسة!
نقرأ كيف أن الجموع حاولت إحباط يايرس بأن لا يُتعب السيد لأن ابنته قد ماتت، لكن يسوع شجعه قائلًا:
"لا تخف، آمن فقط".
يجب علينا أن لا نسمع للضجيج الذي حولنا، الذي يريد أن يضعف إيماننا بالرب يسوع، بسماع آراء ومعتقدات كثيرة، لكن يجب علينا أن نثق بيسوع المسيح الأمين والصادق وحده، لكل من يتواضع أمامه، كما تواضع يايرس ونازفة الدم.
سمح يسوع لبطرس ويعقوب ويوحنا بالدخول إلى بيت يايرس لشفاء ابنته وأخرج الجميع خارجًا، ونحن علينا أن نُخرج من حياتنا وقلوبنا كل عدم إيمان وثقة بالله، بأن نتكل عليه بالإيمان أنه القادر على كل شيء، ولا يعسر عليه أمر!
نرى في هذا المشهد تلاميذ الرب يسوع الثلاثة، ابنة يايرس التي ماتت، الأب والأم.
نرى هنا 6 أشخاص مجتمعين، ورقم ستة هو رقم الإنسان كما يعلمنا كتاب رؤيا يوحنا، لكن بدون يسوع في الوسط نحن لا نختبر مجد الله، لأنه هو سوف يكون السابع وسطنا، ورقم سبعة هو رمز لكمال الله وعظمته، كما نقرأ أيضًا في رؤيا يوحنا عن سبعة أرواح الله، ليس أن لله سبعة أرواح لكن هذا يدل على كمال قدرة الله وجبروته...
جاء يسوع السابع في هذا المشهد العظيم والمبارك بإقامة ابنة يايرس من الموت، وكم نحن بحاجة أن يأتي بل أن يمكث رب المجد يسوع في قلوبنا وأفكارنا وبيوتنا واجتماعاتنا، لكي نختبر قوة شفاء يسوع للروح والنفس وأيضًا الجسد، وبعد أن ننال الشفاء أن نرجع عند أقدامه شاكرين ومعظمين اسم الرب، كما رجع الأبرص غريب الجنس الذي نال الشفاء، ليس كباقي البرص التسعة الذين لم يرجعوا ليعطوا مجدًا لله!
بعد إقامة ابنة يايرس نقرأ أن الصبية قامت ومشت، ونحن أيضًا بحاجة مطلقة بأن نسير كل يوم مع الله بالروح، متشبهين بإيمان أخنوخ ونوح وإبراهيم، الذين ساروا مع الله.
كذلك نقرأ أن يسوع أمر أن تُعطى البنت لكي تأكل بعد أن أقامها من الموت، وما زال يسوع يأمر خدام الإنجيل أن يقدموا لشعبه وكنيسته الطعام الروحي الممسوح بقوة الروح القدس، كلمة الله أي الإنجيل، وليس تعاليم بشر غريبة عن كتابه المقدس، بمعرفة بشرية روتينية فارغة من كل قوة وعمل الروح القدس!
صلاتي أن نختبر جميعًا قوة شفاء الرب يسوع لحياتنا وعائلاتنا، من كل مرض جسدي ونفسي وروحي، وبأن نأتي بكل تواضع عند أقدام رب السماء والأرض يسوع المسيح، لكي نُحدِّث الجميع كم صنع الرب معنا، ولكي نعطيه وحده المجد والكرامة إلى الأبد، آمين.
