الزواج في خمس حقائق (ج 4 والاخير): الزواج المقدس تأسس على الصخر

يمثل البيت الحياة الروحية، فإن كانت حياتي الروحية مبنية على أساس الايمان الحق بالمسيح وفقًا لكلمة الحياة، عندها تصمد هذه الحياة في وجه كل الصعوبات والضيقات والتجارب مهما كانت قاسية ومفاجئة...
31 يوليو 2016 - 01:53 بتوقيت القدس

5. الزواج المقدس تأسس على الصخر.

ختم الرّب يسوع عظته السامية على الجبل بمثل أو تشبيه ملخّص لتعاليمه السماوية ومعايير الايمان الرفيعة والسلوك المسيحي وفقًا للترتيب الإلهي، بتصريح مصيريّ وخطير بقوله "فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا!». (متى 7: 24 – 27). 

الزواج المبني على الصخر

يمثل البيت الحياة الروحية، فإن كانت حياتي الروحية مبنية على أساس الايمان الحق بالمسيح وفقًا لكلمة الحياة، كلمة الله الموحى بها في الكتاب المقدس، أي بتوبة صادقة وإيمان بعمل المسيح الخلاصي لأجلي وقبول المسيح ربًا وسيدًا لحياتي، والثقة التامة بنعمة الله المخلصة من خلال شخص المسيح، عندها تصمد هذه الحياة في وجه كل الصعوبات والضيقات والتجارب مهما كانت قاسية ومفاجئة، لأن الذي معنا أقوى من الذي علينا "إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟" (رو 8: 31) بل "فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنا" (رو 8: 37).

وعلى هذا المستوى أيضًا، نحسب مقدار ثبات الحياة الزوجية المسيحية والبيت المسيحي، فأن كانت حياتنا الزوجية والعائلية مبنية على أساس التعليم الصحيح، وفقًا لإعلان السماء لبطرس الرسول باعترافه «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!» (مت 16: 16)، وبالتالي نسمع وندرك تعاليمه ونعمل بها، عندها لا تستطيع أية قوة مهما كانت أن تزعزع هذا البيت فـ "إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ، فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ، لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا" (جا 5: 8)، فالأعلى هو شخص الهنا المبارك الذي يلاحظ كل ما يدور حولنا في العيان والخفاء، ويحرسنا كحدقة العين كما أعلن عنايته ورعايته وحفظه للشعب في الماضي "أَحَاطَ بِهِ وَلاَحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ" (تث 32: 10)، فمن يحاول أذيتنا يؤذي نفسه "لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ" (زك 2: 8). وبالتالي "فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رومية 8: 38 و39)، فمحبة الله في المسيح يسوع تحيط بكل واحد منا وتحفظ حياتنا الزوجية والعائلية بكل تفاصيلها في نور حقّه ورعايته، وذلك إن وضعناها بين يديه، ليكون هو الرّب والسيّد.

لذا تجدر الإشارة إلى نقطتين هامتين هما في صُلب الأساس المتين للحياة الزوجية، الأولى مبدأ تعليمي هام جدًا يساهم في أساس مشترك ومتين لبداية واستمرار حياة زوجية منتصرة، والثانية توجه سلوكي يحفظ هذه الحياة ويُغذيها. 

أ‌. الزواج المقدس شركة مقدسة في الرّب بين مؤمن ومؤمنة.

من المهم أن تبنى الحياة الزوجية على شركة وعلاقة متكافئة، وخاصة في مجال الايمان، فالكتاب واضح في هذا الأمر، أن على المؤمن أن يتزوج مؤمنة، والمسؤولية تشمل كلا الطرفين، فكلما كان النير متكافئا، والعلاقة والشركة واضحة وباتفاق، ومشورة الرّب جامعة، كلما كانت الحياة الزوجية راسخة وثابتة غير متزعزعة، فتغمر بركات الرّب هذا البيت، ويتمتع أفراده بالامتيازات والبركات السماوية للحياة الزوجية المسيحية ولعائلتهم.

"لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا" (1 كورنثوس 6: 14 -16).

الوحي الإلهي يعبّر عن مبدأ كتابي هام جدًا لنقاوة الحياة المسيحية وديمومة إشعاعها السليم للأخرين. في (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس) يوضح أن الرسول بولس يَحُث المؤمنين على عدم تكوين صلات وثيقة مع غير المؤمنين، لأن هذا يُضعف من التزامهم وأمانتهم أو معاييرهم المسيحية، ويؤكد أن هذا ليس معناه عزل أنفسنا تمامًا عن غير المؤمنين (1 كورنثوس 5: 9 و10)، بل قد أوصى المؤمنين أن يظل كل واحد مع شريك حياته غير المؤمن (1 كورنثوس 7: 12 و13) فقد أراد الرسول بولس بوحي إلهي أن يكون المؤمنون مؤثرين في شهادتهم لغير المؤمنين عن المسيح. 

ويشير خادم الرّب ومعلّم الكلمة (وليم ماكدونلد) إلى هذا المقطع من رسالة كورنثوس الثانية، على أنه واحد من المقاطع الرئيسة في كلمة الله، والتي تتناول موضوع الإنفصال، فهو يعلم بوضوح ضرورة أن ينفصل المؤمن عن غير المؤمن، وعن الاثم والظلمة وبليعال والأوثان. ويضيف وليم ماكدونلد أن هذا المقطع يشير بالتأكيد إلى العلاقة الزوجية، فالمؤمن يجب ألا يتزوج شخصًا غير مخلّص، لكن في الحالات التي يكون فيها المؤمن متزوجًا فعلا شخصًا غير مؤمن، فإن هذا المقطع لا يبرر الإنفصال أو الطلاق. إن مشيئة الله في هذه الحالة هي استمرار العلاقة الزوجيّة، لرجاء ايمان وخلاص الطرف غير المخلص (1 كورنثوس 7: 12 – 16). 

ب. الزواج المقدس محبة مقدسة بلا شروط.

المحبّة هي عامود أساس وهام في العلاقة بين كل شاب وفتاة يطلبان الارتباط والالتزام بعلاقة زوجية، كما أنّها تزداد عمقًا وتتأصل نوعًا كلما تأصلت الشركة الزوجية. يُعلِّمنا الكتاب المقدّس بِالوحي الإلهي في أُنشودة المحبّة (1 كورنثوس 13) على فم الرسول بولس مضامين المحبّة الحقّة وصفاتها وميزاتها وسموها عن كل ما غيرها، وأنه بدونها لا ينفع شيئًا، ومعها بل وبها تُعطى للأشياء والأمور قيمتها الحقيقية. فليتأمل كل واحد منا، وكل زوجين في طول وعرض وعمق وارتفاع هذه المحبة السامية، التي هي رباط الكمال، لتكمل حياتنا في السعادة والرضا الإلهي. 

(فيما يلي نص انشودة المحبة 1 كورنثوس 13 وقد حاولت كتابتها بأسلوب التشريح):

"إنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ 
وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، 
فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ.
وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، 
وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، 
وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، 
وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، 
فَلَسْتُ شَيْئًا.
وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، 
وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، 
وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، 
فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا.
المحبّة تتأنّى 
وتَرفُق 
المحبَّة لا تَحسِد 
المحبَّة لا تتفاخَر 
ولا تَنتَفِخ
ولا تُقبِّح
ولا تطلُب ما لِنفسها
ولا تَحتدّ
ولا تظُنُّ السوء
ولا تفرَحُ بالإثم
بل تفرَحُ بالحقّ
وتحتملُ كلَّ شيء
وتُصدِّقُ كلَّ شيء
وترجو كلَّ شيء
وتصبِرُ على كلِّ شيء
المحبّةُ لا تَسقُطُ أبدًا
أمّا الآنَ فيَثبُتُ الإيمانُ 
والرجاءُ
والمحبَّة 
هذهِ الثلاثةُ ولكنَّ أعظمَهُنَّ المحبَّة."

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. باسم أدرنلي 02 أغسطس 2016 - 21:29 بتوقيت القدس
أشكرك أخي المحبوب عزيز دعيم أشكرك أخي المحبوب عزيز دعيم
أنت تتكلم في صميم احتياج العائلات المسيحية، فعلا أشكرك من كل القلب على هذه المقالات القيمة، وأتمنى أن لا تبخل علينا بالمزيد!!
1.1. عزيز دعيم 02 أغسطس 2016 - 21:47 بتوقيت القدس
للرب المجد
اشكرك اخي القس باسم على كلماتك الطيبة وليوفقنا الرب في خدمة الأحباء لنعمل مرضاته