الزواج في خمس حقائق (3): الزواج المقدس كَشَفَ السرّ المقدس

في الزواج المسيحي يعلن العريس بأنه يريد أن يتَّخذ عروسته زوجة له ليعيشا على حسب شريعة الله في حال الزواج الطاهر، وأن يُحبّها، ويهتمّ بها ويُكرِمها في العسرِ واليُسر، في المَرض والصحّة، ما داما حَيّين.
16 يوليو 2016 - 19:14 بتوقيت القدس

4. الزواج المقدس كَشَفَ السرّ المقدس.

الزواج المقدس هو شهادة حيّة مرئية عن علاقة المسيح بالكنيسة، فالعلاقة بين الزوجين المسيحيين، أي بين اثنين يعلنان علنًا أمام الناس والله أنهما يتبعان شخص الرّب يسوع في حياتهما وزواجهما، من المفروض أن تكون علاقة سليمة، بناءة ورائعة مع بعضهما، محبة بلا حدود، وخضوع بلا شروط، كنموذج واضح وشهادة حقّة لعلاقة المسيح بكنيسته أي بجماعة المؤمنين، فعلاقتهما من المفروض أن تكون تجسيدًا حيًّا ومرئيًا للجميع، تشهد علنًا من خلال الحياة اليومية المُعاشة عن عمق وأبعاد ارتباط المسيح بعروسته الكنيسة.

في الزواج المسيحي يعلن العريس بأنه يريد أن يتَّخِذ عروسته زوجة له ليعيشا على حسب شريعة الله في حال الزواج الطاهر، وأن يُحبّها، ويهتمّ بِها ويُكرِمها في العسرِ واليُسر، في المَرَض والصحّة، ما داما حَيَّين. كذلك الأمر بخصوص العروسة إذ تعلن بدورها أن تتخذ عريسها زَوجًا لها ليعيشا على حسب شريعة الله في حال الزواج الطاهر، وأن تُحبّه، وتُكرمه وتَحفظه في العُسرِ واليُسر، في المَرَض والصحّة، ما داما حَيَّين. كما يتعهد كل منهما (العريس لعروسته، والعروسة لعريسها) أن يحفظ الآخر من الآن فصاعدًا مَهما كانت الأحوال، صالحة أو سيّئة مِن غِنًى أو فَقر، مِن مَرض أو صحَّة، وأن يحبه ويعتَني به على مَوجب شريعة الله، حتّى يُفرِّق بينهما الأجل، ولهذا يقطَعُ كل منهما عَهده للآخر.

حالة الزواج الطاهر والعيشة الزوجية المسيحية النقية تجسدها الترنيمة المطوّبَة للبيت المسيحي (ما أسعد البيت الذي):

ما أسعدَ البيتَ الّذي --- قَد حلَّ فيهِ ابنُ العَليّ
حيثُ المسيحُ المُفتدي --- أضحَى رئيسَ المنزِلِ
في ذلكَ البيتِ السّعيد --- يَسودُ بِرٌّ ووِئام
إذ روحُ فادينا المَجيد ---     قَد حَلَّ فيهِ والسّلام

كلمات القائد الهندي غاندي تبكّت المسيحيين أصدق تبكيت وتوبيخ في قوله المشهور "أريد مسيحكم لا مسيحيتكم" أو "أحب مسيحكم لا مسيحيتكم"، فتعاليم المسيح أسمى ما سمعته البشرية، وحياته ومعجزاته أورع ما سجله تاريخ البشرية، وأجمل سيرة حياة رأتها المسكونة، ليقتفي أثرها كل من يحب شخصه "لأنكم لهذا دعيتم. فإن المسيح أيضًا تألم لأجلنا، تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته" (1 بطرس 2: 21)، فقد عرف غاندي المسيح الذي كان يتحنن ويرفق على الشعب، عرفه القائد الخادم، ولكن ما رآه غاندي من المسيحيين هو الاستعمار الجشع والاستغلال المميت، الذي يأخذ ويستهلك ما للمسكين والفقير، بدل أن يعطي ويترأف، وبالتالي بدل أن يكون المسيحيون سبب بركة أصبحوا سبب عثرة، فلنتنبه. بل لنجتهد أن تكون حياتنا الزوجية شهادة طيبة وصادقة عن علاقة المسيح بجسده أي كنيسته، وعلاقة الكنيسة برأسها أي المسيح. فلا مجال للطلاق إلا وفق التعليم الكتابي وليس وفق التشريع البشري المتهاون أو المستهتر، الرّب الهنا يكره الطلاق، وكل خلاف يمكن معالجته بنية طيبة من خلال حوار وتفاهم مبني على المحبة والتواضع والخضوع. فالمسيح أحب الكنيسة محبة لا يمكن سبر أعماقها ولا يمكن فهم أبعادها، أحبها لذاتها، فبذل ذاته لأجلها، هكذا على الرجل أن يحب إمرأته كجسده، ويهتم بها وباحتياجاتها المتنوعة كما يهتم بنفسه، وكما يحب نفسه، ففي هذه العلاقة المُشعّة يشهد الرجل عن محبة المسيح لخاصته. وكما تخضع الكنيسة للمسيح خضوع الجسد للرأس، هكذا على الزوجة أن تخضع لرجلها بلا شرط أو قيد، واضعة أمام عينيها مخافة الرّب ومهابته، لتكون شاهدة أمينة عن علاقة ربها بكنيسته "أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ... وَلكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ. هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. وَأَمَّا أَنْتُمُ الأَفْرَادُ، فَلْيُحِبَّ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَتَهُ هكَذَا كَنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا." (أفسس5: 20 -33) ففي العلاقة الزوجية المسيحية أروع كشف وإعلان لهذا السر العظيم من نحو اتحاد المسيح (العريس) بكنيسته (عروسته).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا