في الأسابيع الأخيرة، شهد المجتمع الفلسطيني المسيحي تحول اثنين من أبنائه الى الإسلام. عندما نتصفح عبر شبكة الإنترنت ومواقع وسائل الإعلام الإجتماعيّة، نرى أن المجتمع الإسلامي في الأراضي المقدّسة قد احتفل بهذا الحدث، وأيضاً أعرب عن شماتة تجاهنا نحن المسيحيّين. من وجهة نظرهم، هذه إهانة لنا وهذه الإهانة طال انتظارها.
ومع ذلك، فأنا كشخص قد عاش في ظروف مماثلة لهذين الشّابين، إلاّ أنني على الجانب الآخر من الطّيف، أودّ أن أعبّر عن بعض الأفكار حول هذه الأوضاع.
لا تخطئ التقييم، فنحن المسيحيون من أبناء الشعب الفلسطيني محطّمو القلوب لرؤية هذين الشّابين وهما يُستخدمان كبيادق الشطرنج في أيدي الزّعماء الرّوحيّين والمتعصبين. إننا نوافق بأنّ هذين الشّابين قد اتخذا قرارهما، ومهما كانت الأسباب، سواء كانت شرعيّة أم غير شرعيّة، فقد تحدّثا علناً عن تحوّلهما الى الإسلام. لذلك، فأنا أؤيّد قرارهما وأعلن أنّ أبواب كنيستنا ستكون الى الأبد مفتوحة لهما عندما يختارا أن يعودا ليسوع المسيح مرّة أخرى. هذا ما سيفعله يسوع لو كان هنا اليوم. فسوف يكون مُراقباً ومُنتظراً لهذين الإبنين الضاليين ليعودا إلى البيت.
وكوني من مدينة القدس ومن خلفيّة إسلاميّة وقد تحوّلت الى المسيحيّة، أرى هذين الشّابين المتحوّلين، ولا بدّ أن أقول إنه بالرّغم من أنني أكره أن أراهما يتحوّلان، ينبغي أن أدعم حرّيتهما في اختيار عقيدتهما ودينهما. ولهذا السّبب، فأنا أطلب من المجتمع الإسلامي علناً، في أرضنا الفلسطينية الجميلة، السّماح لهذه الحرّية نفسها بالنسبة لجميع الأشخاص المُسلمين سابقاً والمتحولين سرّاً إلى المسيحية. لقد تقابلتُ معهم، وأنا أعلم أنهم موجودون، وأنا أعرف أنهم يرغبون في حرّيّة مماثلة.
لذلك، وكبادرة حسن نية ولدعم هذين الشابين اللذين تركا الإيمان المسيحي، إني أدعو رجال الدين المسلمين أن يردّوا بالمثل ويسمحوا بمثل هذه الحرّية لإبنائهم وبناتهم لاختيار عقائدهم الخاصّة بهم.
لقد تحدّثت بصوتٍ عالٍ عن تحوّلي من الإسلام إلى المسيحيّة من أجل هؤلاء الذين يخافون أن يفعلوا ذلك. أريد من أولئك الذين لم يتّخذوا بعد موقفًا من حرّية الأديان، أن يعرفوا أنّ يسوع هو معكم حتى في الوضع الذي أنتم فيه الأن، وأنه في يوم من الأيّام، أنتم الذين تعيشون في المجتمعات الإسلاميّة، سوف تختبرون هذه الحرّية التي تمتّع بها هذان الشابان.
نحن نفتخر بكوننا فلسطينيين، وهذا الفخر والشرف العظيم لن يتغيّر أبداً. ولكنّ الإيمان أمر مختلف تماماً، انه المعتقد الذي يجب أن يقبله الانسان بكامل حريته وارادته ويؤمن به. على عكس تراثنا الفلسطيني، فإنّ معتقداتنا تتشكّل وتتطوّر مع الوقت. إنها طبيعتنا البشريّة وحقّنا الذي وهبنا إيّاه الله للتفكير بحرّية. هذا أمر أساسيّ لخيرنا وسعادتنا.
ونحن الفلسطينيون، المسيحيّون والمسلمون، ينبغي أن يكون لدينا القدرة لنؤمن كما نختار دون أن يكون هناك ما يقف في طريقنا. فقد أعطانا الله الحرّيّة لنؤمن بما نختار أن يكون الأفضل لنا. لذلك، فأنا والمجتمع المسيحي لا نقف في طريق هذين الشابين اللذين اختارا الإسلام. بل إننا نطلب الشيء نفسه من المجتمع الإسلامي، ونتوقع ما هو مماثل وليس أقلّ. فإنّ هذا عدل للجميع.