يهتم الناس بشكل عام بأمورهم الأرضية مثل تأمين العِلم والعمل، بناء البيت، الزواج وتأسيس أسرة، كذلك بأمور اللباس والطعام والشراب اليومي، المحافظة على الصحة وممارسة الرياضة البدنية، والاهتمام بالتأمين الصحي، وكل هذه أمور مهمة جدًا وبديهية.
لكن السؤال الأكثر أهمية والذي علينا جميعًا على الأقل ان نُفكر به اليوم قبل غدٍ، وعاجلًا أم آجلًا يجب علينا أن نتخذ القرار بمصيرنا الأبدي، لان جسد الإنسان هو من التراب والى التراب يعود، لكن نفس الإنسان خالدة بعد الموت الجسدي، وسوف يكون المصير الأبدي إما بالجحيم مع الشيطان واتباعه، أو في ملكوت السماوات مع الله الآب القدوس وابنه يسوع المسيح وكل المؤمنين...
إذًا لمن هو ملكوت السماوات؟
هل هو لطائفة أو دين مُعين؟ هل هو بممارسة شعائر دينية مثل الأصوام والصلوات والمناولة وغيرها؟
نقرأ في إنجيل متى الاصحاح الخامس عن تعاليم الرب يسوع المسيح بما يُدعى التطويبات، بمعنى يا لسعادة الإنسان الذي يسمع ويعمل بكلمة الرب، وأول ما علّمه يسوع أن ملكوت السماوات هو للمساكين بالروح.
لكن ما هو معنى أن نكون مساكين بالروح؟
هل أن يكون الإنسان بسيطًا فكريًا أو بلا حكمة ومعرفة؟
نعلم جيدًا ان خلاصنا وحياتنا الأبدية هما في يد وسلطان خالق السماء والأرض وما فيها، الآب السماوي الذي أرسل ابنه مخلّصًا للعالم وواهب الحياة الأبدية لكل من يُؤمن به.
كل إنسان أخطأ في حياته، إن كان بالأفكار أو بالأعمال، لذلك نحن جميعًا خطاة وبحاجة إلى نعمة الله لخلاصنا، والإنسان الذي يُدرِك أنه خاطئ وهالِك بدون المسيح، وأنه لا رجاء له في الخلاص بأعماله الحسنة أو بما هو عليه بطبيعته البشرية، فهو إنسان مسكين بالروح، فطوبى لهذا الشخص الذي أدرك بروحه وكيانه الداخلي أنه هالك بدون المسيح، وطوبى له يأتي الى يسوع بتوبة حقيقية معترفًا بخطاياه، وكأنه يقول بتوبته ورجوعه الى الله إنه مسكين بالروح، وأنه بقدرته البشرية لا رجاء له لأبدية سعيدة مع الرب في السماء...
أعلن يسوع بعد ذلك في نفس الإصحاح:
" طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات ".
ونحن نسأل، إذا كان الإنسان الذي أختبر خلاص ونعمة الله، ويعيش بتقوى وبِر الله بحياته، ويبذل قصارى جهده بألا يظلم أحد ولا يعتدي على أحد، بل بالعكس بكونه إنسانًا مسالمًا ومحبًا ومعطاء للجميع، فلماذا شخص مثل هذا والذي من الممكن ان نقول عنه بانه مُؤمن حقيقي، يُضطهد ويكون مطرود من أجل ايمانه بيسوع المسيح وبِر الله في حياته؟
من الممكن ألا يكون هذا الشخص مطرودًا بالمعنى الحرفي، لكن من الممكن أن يكون مرفوضًا، بل ومطرودًا فكريًا من المجتمع أو حتى من العائلة، لأن فكر العالم ومبادئه هي ضد فكر وتعليم الله والكتاب المقدس.
أخوتي، أنتم الذين أدركتم بكيانكم الداخلي انكم مساكين بالروح، وبحاجة الى مخلّص وهو يسوع المسيح لا غير، وتُضطهدون من أجل بِر المسيح وحياة تقوى الله، ومطرودون فكريًا أو ربما جسديًا من أجل أيمانكم المسيحي الحقيقي، الإيمان الذي حسب التقوى، الأيمان العامل بالمحبة، فطوبى لكم...
لأنه عن قريب سوف يأتي مسيحنا ومخلصنا يسوع، لكي يجازي كل واحد على أيمانه وقراراته واعماله.
فمن أي فريق ومن أي مجموعة نحن؟
من الذين أدركوا أنهم مساكين بالروح ونالوا الخلاص والحياة الأبدية بالإيمان بيسوع المسيح، ومطرودون من أجل ايمانه الحقيقي؟
أم من مجموعة المُستهترين والمستهزئين بكلام ودعوة يسوع للتوبة والخلاص، ويُتقنون جيدًا اضطهاد المؤمنين الحقيقيين بالكلام أو ربما بالأعمال السيئة والاضطهاد الجسدي، الذين مصيرهم بحيرة النار والكبريت مع الشيطان وأعوانه لهلاك أبدي؟
لك القرار ولك الاختيار، أخي وأختي!