(سفر القضاة7:5)
يوم المرأة، مناسبة يُحتفل بها في جميع أرجاء العالم، وذلك بسبب ما حققته من إنجازات، ووصلت إليه من حرية، لكن الحرية التي نتكلم عنها هنا، هي الحرية بنظر العالم والمجتمع، أي أن لا تبقى المرأة داخل أسوار البيت، وإنما من حقها أن تخرج وتعمل، تتعلم، تحقق ذاتها وطموحاتها. وفي بعض البلدان تخطت هذه الحرية حدودها الطبيعية.
ولكن ما أعظم الرب يسوع الذي اسّس حرية المرأة على الأساس الصحيح، ومنحها قيمة عظيمة، وأطلقها للاستخدام الإلهي.
وفي هذه الذكرى، لا يسعني إلا أن أتكلم عن شخصية عظيمة في الكتاب المقدس، وهي دبورة. والتي كانت متعددة الأدوار: فقد كانت الزوجة، الأم، والقاضية استخدمها الله لتحقق نصرة عظيمة.
وقصة دبورة تُبيّن لنا أنّ الله الذي يعطي كرامة أعظم، فقد كانت إناءً ضعيفاً، لكنها حملَت إيماناً عظيماً، فهي التي حركت الأمور وشجعت باراق للنزول للحرب.
تزينت حياة دبورة بخصال وصفات مميزة، ففترة خدمتها كانت في زمن صعب، لكنها حافظت على كرامتها ومبادئها. إنحدرت من جيل لا يعرف الرب، وهذا ما نقرأه في سفر القضاة، الذي يتكلم عن جيل فاسد، كل واحد يصنع ما يحسن في عينيه، ولم يكن أحد يضبط الأمن، ورغم كل هذه التحديات، نرى كيف استخدم الله هذه المرأة لتقف بالثغر من أجل خلاص شعبها، وقد أعلنت: "أنا دبورة قمتُ أُمّاً في اسرائيل".
دَبورة لم تكن فقط قائدة، وإنما أيضاً حملت قلب الأم، فرغم مسؤولياتها ومنصبها، إلا أنها حملت ألم شعبها في قلبها، وتغلغلت فيها أحشاء الأم. وهذه هي أعظم قيادة، أن نخدم من قلب أم أو أب. وليس المعنى هنا ألام البيلوجية، بل الأم الروحية للشعب، والتي تتمخض وتتألم لتلد أولاداً روحيين، وتقودهم وتعينهم في ما يواجهونه، تؤثر فيهم ، توجههم ليسيروا بمشيئة الرب.
أكثر قيادة مؤثرة في الوجودهي قيادة الأم، فعندما نتكلم عن الأم نتكلم عن محبة غير مشروطة، الأمومة تنشىء جيل يشعر بالأمان، الأم ترى بوضوح مستقبل أولادها، وقلبها المفعم بالحب والحنان يزود الأولاد بالرعاية والحماية.
كم نحتاج أن نكون أمهات روحيات، نمتلك الأيمان ونقف من أجل شعبنا كما وقفت دبورة، نصلي ونوجه، ندعم ونشجع.
إيمان دبورة أدخل باراق للخدمة، وإيماننا نحن سيُدخل هذا الجيل للخدمة. هذه المرأة كانت القائدة المحاربة، ولكن كانت تمتاز بالأيمان، وبأيمانها أراحت الأرض وحملت نصرة للشعب. قيادتها كانت نبوية إذ تدربت على سماع صوت الله وتمييزه، وأيضاً كانت تدرك فكر الله، وتُعَلّم بكلمته. وكان الشعب يصعد إليها للقضاء مع أنها لم تُعَيَّن قاضية من قِبَل أحد، لكن الله اسّس في داخلها أمراً جعل الناس تثق فيها، هذا لأنها كانت تخاف الله، وحياتها وخدمتها منحتها مصداقية لتخدم.
كانت تمتاز بالنضوج الروحي وحملت الثقة على مستوى عالي جدا، مستوى الدولة. دبورة كانت عابدة للرب، فقد قالت:" أنا أنا للرب"، وما أجمل أن تُصبح هذه الكلمات شعاراً واضحاً لنا، وندع الرب يستخدمنا ليتمجد فينا، ونختبر النصرة، وليتم ذلك يجب أن نتضع مثل دبورة، ونعلن بوضوح ومن كل القلب: "أنا أنا للرب، وانا لا شيء بدون الرب"، عندها سيبدأ هو بتحويلنا وتغييرنا لنصبح أمهات قائدات، نؤثر في الأجيال القادمة تأثيراً عظيماً.