أُطلق باراباس… وصُلب يسوع: فداء غير مستحق لكل واحد منا

في أحد أكثر المشاهد تأثيرًا في الأناجيل، نقف أمام مفارقة عميقة: يُطلَق سراح باراباس، اللصّ القاتل، فيما يُسلَّم يسوع البار للصلب، رغم براءته الكاملة. لم تكن مجرد حادثة تاريخية، بل صورة رمزية عن الإنسان والخلاص، عن الظلم الذي نال القدوس، والنعمة التي مُنحت للمذنب.
قبل 23 ساعة
أُطلق باراباس… وصُلب يسوع: فداء غير مستحق لكل واحد منا

نقرأ في الإنجيل عن عادة إطلاق سجين في فترة الفصح اليهودي، اذ كان أحد هؤلاء الأسرى هو باراباس، الذي كان لصًّا وقاتلًا.
حرَّض رؤساء الكهنة والشيوخ الجموع اليهود بأن يُطلق لهم بيلاطس باراباس القاتل، وبأن يُسلم يسوع البار للموت.

تآمر الكهنة والشيوخ مع الشعب لتسليم يسوع للموت، مع ان يسوع لم يفعل اي خطية او خطأ بشكل مُطلق، وهذا ما أقرَّ به بيلاطس، وعلِم انهم تآمروا على يسوع ظُلمًا وباتهامات باطلة وغير صحيحة، لكن بيلاطس تخاذل مع موقف الرؤساء ولم يسمع لصوت زوجته التي حذرت زوجها بقولها له " اياك وذاك البار"، لأنه أُعلن لها بحلم عن حقيقة يسوع البار، وهكذا أسلم بيلاطس يسوع للموت!

قصة مُحزنة جدًا وربما تُعبر احيانًا عما يدور حولنا وفي مُجتمعاتنا، لكن الأمر هنا يُعبر عن قمة التخاذل بإطلاق اللِّص القاتل باراباس الى المجتمع، بدون اي محاكمة عادلة وصادقة، ومن جهة أخرى تسليم يسوع للعقاب والجلد، بل للصلب والموت بدون محاكمة عادلة مع ان بيلاطس علم جيدًا انهم قاموا بتسليم يسوع حسدًا!

مع ان الحادث صعب جدًا، ولا بد انه يثير في اعماقنا وكياننا الاحساس بالغضب وخيبة الأمل، لكن قصة باراباس تُمثل كل واحد منا، مع ان اغلبيتنا العظمة لم تقتل وربما لم تسرق كما فعل باراباس، لكن كلنا خطاه واعوزنا مجد الله.
ربما لم نقتل ولم نزني ولم نسرق، لكن هل كل افكارنا هي افكار جيدة وصالحة دائمًا وبشكل مُطلق امام الله والناس؟
هل تنتابنا احيانًا افكار الغيرة والحسد وروح النقمة والشهوة الرديئة؟ ام ان افكارنا هي دائمًا افكار سلام ومحبة ونعمة حتى اتجاه الأعداء؟

أُسلم يسوع حسدًا وبدون عدالة لأيدي الخطاه ليُجلد، يُصلب ويموت، وللأسف الشديد ارضى هذا الأمر رؤساء اليهود والكهنة، بل وأغلبية الشعب آنذاك، لكن كل هذا حصل بعِلم الله الآب القدوس، لان يسوع منذ الأزل قدم نفسه بروح أزلي لخلاص العالم، وفي ايام تجسده على الأرض اخذ مكاني ومكانك على الصليب، حمل في جسده خطايانا وامراضنا ولعناتنا، وبسفك دمه وموته وقيامته من الأموات، وهبنا الخلاص والحياة الأبدية، الشفاء الجسدي والروحي، وكل بركة سماوية...

أُسلِم يسوع ظُلمًا وأُطلِق مكانه اللص القاتل باراباس،
واليوم وبعد مرور أكثر من الفي سنة على هذه الحادثة الشنيعة، نحن نشهد عن عمل يسوع الكفاري العظيم عنا جميعًا.
قبل الفي سنة أُطلق باراباس حرًا طليقًا بالجسد في مجتمعه آنذاك، لكن اليوم نحن نشهد عن الحرية بالروح التي وهبنا لنا يسوع، حتى لو كنا احيانًا أسرى الماضي ونعاني من آلام الحاضر ومخاوف المُستقبل، لكن قوة عمل الروح القدس الساكن فينا كفيل ان يهبنا الحرية بالإنسان الباطن، من كل روح غضب وحقد وعدم غفران وكبرياء، من كل روح شهوة واي قيد روحي آخر...

جاء ابن الله من عرش السماء ليُطيع وصية الآب القدوس، لكي يتمم خلاص البشر ويهب الحرية من كل قيد روحي.
قبل الفي سنة أُسلم يسوع وأُطلق سراح باراباس، واليوم نحن نشهد عن ملايين البشر في العالم اجمع، التي قبلت يسوع وأصبحت اولاد الله بالأيمان، لان كل الذين قبلوه اعطاهم سلطانًا ان يصيروا اولاد الله، اي المؤمنون به.

نحن لا نعلم أِن كان قد قبل باراباس عمل يسوع الكفاري على الصليب، وأصبح بالفعل ابن لله وليس فقط بالاسم، لان اسم باراباس بالعبرية يعني أبن الآب (بالعبرية בר אבא).

ماذا عنا نحن اليوم؟
هل قبلنا عمل يسوع الكفاري على الصليب؟
لأنه بموت يسوع البار على الصليب وقيامته من الأموات في اليوم الثالث، اختبرنا بقوة روحه القدوس كيف ان يسوع المسيح أخذ عنا اللعنة والخطية والألم والمرض والظلمة والاكتئاب والموت، ليهب لنا البركة والبِر والشفاء والتعزية والنور والفرح وحياة أفضل على الارض وحياة ابدية في السماء، ونحن اليوم أبناء الآب بالروح، نعطيه المجد والكرامة والسلطان لمن يستحق ذلك الى ابد الآبدين، آمين.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا