مشيئة الرب من تصريح ترامب!

أثارت تصريحات ترامب مشاعر الملايين من مؤيدين ورافضين، من داعمين لاسرائيل ومن مؤيدين للقضية الفلسطينية وعاصمتها القدس.. ولكن، ما هي مشيئة الله من تصريحات ترامب؟
23 ديسمبر 2017 - 23:16 بتوقيت القدس

اورشليم لاسرائيل ام القدس للفلسطينيين

أثار تصريح ترامب مشاعر الملايين من حول العالم، منهم المؤيد من الانجيليين الأمريكيين واليهود وسكان إسرائيل بغالبيتهم ومنهم المعارض من المسلمين والمسيحيين الوطنيين في الدول الاسلامية والدول الأوروبية التي تضم بين سكانها اعدادا غفيرة من المسلمين الغاضبين من هذا القرار. على رأسهم وقفت دول اسلامية "غير عربية" معارضة بشدة لهذا التصريح هي تركيا وإيران.

ولا يمكن اخفاء إيجابيات هذا التصريح بالنسبة للمسلمين، وهو اتحاد الدول العربية والإسلامية تحت راية واحدة، وهو امر لم نعتد ان نراه، وخصوصا في هذا الوقت الذي نرى فيه صراع طائفي بين المسلمين فاق عدد قتلاه قتلى العرب في الحروب مع إسرائيل بأضعاف مضاعفة.

ما بين الملك شاول والعاصمة اورشليم

يذكرنا طلب الإسرائيليين بالقدس عاصمة لهم بطلب الشعب الإسرائيلي في العهد القديم عندما طلبوا لهم ملكا كسائر الأمم، وكانوا بهذا قد رفضوا مُلك الله لهم ولنبيه صموئيل، فأعطاهم الرب شهوة قلبهم رجلا حسن المظهر، الأطول بين الشعب، ليحميهم من باقي الشعوب المحيطة بهم فهتفوا فرحين مهللين. لكن، هل كان طلبهم مقبولا على الله؟ 

يقول لنا الكتاب المقدس ان الله وافق على طلبهم واعطاهم ملكا هو الملك شاول، فكان لهم الملك سبب شقاء عظيم، لأنه حكم عليهم بحسب ما رآه مناسبا في عينيه بعيدا عن مشيئة الله وحكمته. 
واليوم يُطالب اليهود باعتراف دول العالم بالقدس عاصمة لإسرائيل، فهل طلبهم هذا يُشبع قلب الله؟! هل يسكن الله بيوت العبادة ام يريد ان يملك على قلوبهم ويسكنها ملكا على حياتهم؟

ما بين القدس وقداسة الفلسطينيين

وكما ان مشيئة الرب توبة الشعب اليهودي كذلك هو ينتظر توبة الفلسطينيين باختلاف طوائفهم، فهل سيفرح الرب بدفاع المسيحيين الوطنيين عن القدس عاصمة لفلسطين او رفضهم لها كعاصمة لإسرائيل؟ 
اسم المدينة بالعربية "القدس" وهي تُعبّر عن القداسة لله، فهل فعلا يعيش الفلسطينيون القداسة ليطالبوا بالمدينة؟ هل يليق اسم القدس بهذا الشعب المظلوم والمحروم من العدالة الاجتماعية؟ هل سمعنا عن أعمالهم الخيرية والمقدسة أم رأينا عدالتهم مع الأقليات وسطهم؟

مشيئة الله وارادته

قال أيوب: " قد علمت أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليك امر" (أيوب 42: 2) ويعلمنا الكتاب المقدس أيضا ان الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون (تيموثاوس 2: 4). 
وعلى هذا الأساس، هل نستطيع ان نقول ان الله يهتم حقا في اعلان ترامب عن اورشليم عاصمة لإسرائيل؟! أم يهمه ان تكون القدس عاصمة الفلسطينيين! وإذا طالبنا بعدالة الله، فمن ينجو؟! 
هل يسكن القدّوس في دور عبادة من صنع ايدي البشر!؟ قال يسوع للسامرية: "يا امرأة، صدقيني انه تأتي ساعة، لا في هذا الجبل، ولا في اورشليم تسجدون للاب. أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، اما نحن فنسجد لما نعلم. لان الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة، وهي الان، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح والحق، لان الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا" (يوحنا 4: 21 - 24)

القساوسة ورجال الدين المسيحيين وتصريحات ترامب

وبعد الاستماع لمشاركات بعض القساوسة ورجال الدين من مختلف أطيافهم حول تصريحات ترامب التي اججت مشاعرهم، ان كان ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو في وسائل الاعلام المختلفة، هل رأينا وسمعنا من خلالهم صوت المسيح وخلاصه ومحبته للفلسطينيين وغيرهم؟!
هل مشاركاتهم تمثل المسيح كما القابهم "خدام المسيح"؟! ام تبنوا لقبا جديدًا "خدام الوطن"؟! أين رسالة الخلاص للشعب الهالك من هذا الصراع حول المدينة؟ هل العدالة التي تطالبون بها والتي تطلبها الأمم أيضا ستخلص الناس من ابليس وملكوته؟ ام ان خلاص المدينة أولى من خلاص النفوس؟ ماذا سينتفع الفلسطينيون والإسرائيليون إذا ربحوا المدينة وخسروا أنفسهم؟!

قال بولس الرسول " كونوا متمثلين بي معا ايها الاخوة، ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة. لان كثيرين يسيرون ممن كنت اذكرهم لكم مرارا، والان اذكرهم ايضا باكيا، وهم اعداء صليب المسيح، الذين نهايتهم الهلاك، الذين الههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الارضيات. فان سيرتنا نحن هي في السماوات، التي منها ايضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته ان يخضع لنفسه كل شيء " (فيلبي 3: 17 – 21).

---

وفي الختام، من يعرف أكثر من المسيحيين انه لا فرق بين اليهودي واليوناني (او الفلسطيني او أي شعب اخر)، لان ربا واحدا للجميع، غنيا لجميع الذين يدعون به. لان «كل من يدعو باسم الرب يخلص». وان المسيح جاء لجميع الناس (رومية 10: 12) وانه ليس يهودي ولا يوناني، لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ (غلاطية 3: 28).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا