إشارات إلى العهد القديم – ج11‏: وصايا الله فوق وصايا الناس

فنقرأ عن أمر هيرودس بقطع رأس يوحنّا ‏المعمدان لخاطر صَبيّة (ابنة هيروديّا امرأة أخيه فِيلُبُّسَ التي حَرّم يوحنّا المعمدان عليه الزواج ‏بها) ونقرأ عن معجزة الأَرغِفَة الْخَمْسَة والسمكتين...
15 ديسمبر 2015 - 23:59 بتوقيت القدس

هذه بداية الأصحاح الرابع عشر في الإنجيل بتدوين متّى: {في ذلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ ‏رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ} ومعنى رَئِيس الرُّبع: [المتولّي على ربع المملكة. وذلك أنّ مملكة ‏اليهودية كانت مقسومة إلى أربعة أقسام، على كلّ منها عامل. ومن جملتهم كان هيرودس على ‏ربع الجليل]- شكرًا للخوري يوسف داود. فنقرأ تاليًا عن أمر هيرودس بقطع رأس يوحنّا ‏المعمدان لخاطر صَبيّة (ابنة هيروديّا امرأة أخيه فِيلُبُّسَ التي حَرّم يوحنّا المعمدان عليه الزواج ‏بها) ونقرأ عن معجزة الأَرغِفَة الْخَمْسَة والسمكتين، مشي يسوع على البحر واعتراف ركّاب ‏السفينة به {ابن الله} بعد إسكانه الريح الشديدة التي عصفت بالسفينة. وأخيرًا شفاء مرضى ‏جَنِّيسَارَتَ- غربيّ بحر الجليل (طبرية) والكورة المحيطة {وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ ‏فَقَطْ. فجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ} آمين.‏

ونقرأ تاليًا، في الأصحاح الخامس عشر، شيئًا عن تقاليد الفريسيّين [الكاذبة التي سمّاها المسيح ‏وصايا الناس (متّى 15: 9) لأنها خالفت وصايا الله أو زادت عليها، كغسل اليدين الذي في ‏متّى 15: 2 وغيره- بقلم يوسف داود] (1) وقصّة المرأة الكنعانية، شفاء مرضى، تكثير ‏الخبز والسمك مرة ثانية.‏
وفي هذا الأصحاح ثلاث إشارات إلى العهد القديم، هي التالي:

الإشارة الأولى والثانية: في قول المسيح: {فإِنَّ اللهَ أَوْصَى قائِلًا: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ ‏أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا}+متّى 15: 4
فالإشارة الأولى إلى سِفر الخروج 20: 12 المؤكَّد عليها في سِفر التثنية 5: 16 أمّا الثانية ‏ابتداء بقوله {ومَنْ يَشْتِمْ} فإلى الخروج 21: 17 واللاويّين 20: 9 والأمثال 20: 20

وفي التفسير المسيحي؛ قال بنيامين بنكرتن- بتصرّف: [لم يَنفِ المسيح أن تلاميذه خالفوا ‏تقليد الشيوخ. ولم يُخطئهم في ذلك. لأنه لا يعتبر إلّا وصية الله. وهمْ تعلموا منه ذلك، ففي ‏قوله {فإن الله أوصى… الخ} قد اختار الرب من وصايا الله أوّل وصية بوعد (أفسس 6 :1-‏‏3) التي صاحَبَ كَسْرَها أقسى العقوبات (خروج 17:21) وتاليًا في قوله {أمّا أنتم فتقولون… ‏الخ} قد اختار الرب هنا مثالاً واحدًا لتعدّيهم على وصايا الله بتقليدهم. وهناك أمثلة أخرى في ‏‏(متّى 23 :13 إلخ) أما الإيمان فلا يُبطل الوصية بل ينفّذها لكن بعامل المحبة بقوة الروح ‏القدس. وفي كلام الرب {فقد أبطلتم وصيّة الله بسبب تقليدكم}+ متّى 15: 6 الذي (2) تلاه ‏‏{فلا تدعونه فيما بعد يفعل شيئًا لأبيه أو أمه}+مرقس 12:7 يتضح التالي:‏
أوّلًا: أنّ وصية الله المذكورة تطلب إلى الأولاد أن يخدموا والديهم مقدِّمين لهم كل نوع من ‏الإكرام؛ أدبيًا في الطاعة والاحترام، وماديًا في الإعالة وقت الحاجة (تيموثاوس الأولى 5: 4 ‏و8)‏
ثانيًا: كان رؤساء اليهود مبتدعين طريقًا يتخلص به الأولاد من القيام بواجباتهم للوالدين. فمن ‏أراد أن يستعفي مما يجب عليه من هذا القبيل قال لأبيه أو أمه: {قربانٌ هو الذي تنتفعُ به مِنِّي} ‏ومعنى هذا القول: أنه قد كرَّس للرب كُلّ ما كان والداه مزمِعَين أن ينتفعا به منه. ثم يعطي ‏مقدارًا من الدراهم لخزانة الرب فيُعفى من القيام بواجباته للوالدين. وبذلك أهان شريعة الله ‏ونَفَّعَ ديانةَ الكهنة والكتبة] انتهى

الإشارة الثالثة: في قول المسيح: {يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قائِلًا: يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا ‏الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ ‏تعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاس}+متّى 15: 7-9‏
والإشارة إلى سِفر إِشَعْيَاء 29: 13‏
وفي التفسير المسيحي؛ كتب القمّص تادرس يعقوب في تفسيره ثلاث فقرات:‏
الأولى: [يدعوهم مرائين لأنهم يَظهرون كمُدافعين عن الحقّ وهُمْ كاسِروه، يحملون صورة ‏الغيرة على مجد الله وهم يهتمّون بما لذواتهم. يتقدّمون كمعلّمين وهم عميان في حاجة إلى مَن ‏يعلّمهم. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: "إن كان يُحسب أمرًا خطيرًا ألّا يكون للأعمى ‏قائد (يرشده) فكم بالأكثر إن أراد الأعمى أن يقود غيره!"].‏

والثانية: [احتلّ الكتبة والفرّيسيّون الصفوف الأولى بين المتعبّدين، أمّا قلوبهم فلم يكن لها ‏موضع قطّ بل هي مبتعدة عن الله بعيدًا، يعبدون الله ليس عن حب، وإنما لتحقيق أهداف ‏بشريّة ذاتيّة، فصارت تعاليمهم "وصايا الناس"].‏

والثالثة: [يُعلّق القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص على كلمات السيّد هذه معلنًا اهتمام الله ‏بالقلب نفسه، أكثر ممّا بكلمات العبادة أو العمل الظاهر: "ماذا يعني هذا؟ إن الاتّجاه السليم ‏للنفس نحو الحق لهو أثمن في عينيّ الله من العبادات، فإن الله يسمع تنهُّدات القلب التي لا ‏يُنطَق بها" أي: يريد الله نقاوة القلب الداخليّة أثناء العبادة لا المظهر الخارجي.‏
ويقول الأب يوحنا من كرونستادت: "يلزم أن تكون صلاتنا عميقة وصادقة وحكيمة ومثمرة، ‏تُغيّر قلبنا وتوجِّه إرادتنا للصلاح وتسحبنا مِن الشرّ"] انتهى.‏

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. الكاتب 16 ديسمبر 2015 - 23:18 بتوقيت القدس
سؤال جريء 373 ما هي النصوص المؤسسة لقطع الرؤوس؟ سؤال جريء 373 ما هي النصوص المؤسسة لقطع الرؤوس؟
معلق على فيسبوك لينغا: (مرحبا انتم من علّم الإرهاب قطع الرؤوس) الكاتب: شكرًا للأخ رشيد لأنه وفّر على الكاتب عناء الرد:- https://www.youtube.com/watch?v=3T_hKqg_1So&spfreload=10
2. الكاتب 16 ديسمبر 2015 - 23:30 بتوقيت القدس
على فيسبوك لينغا: كل ما تقولون صحيح ولكن؟ على فيسبوك لينغا: كل ما تقولون صحيح ولكن؟
معلّق: (كل ما تقولون عن النبي عيسى صحيح بس ﻻتقولون ابن الله قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد) الكاتب:- أوّلًا: اسمه يسوع المسيح وليس عيسى. وبالمناسبة؛ نحن مسيحيون ولسنا من نصارى ذلك الزمان الطائفة ذات البدعة التي انقرضت. ثانيًا:- معنى ابن الله: الذي من الله، الآتي من الله؛ كقولك مثالًا: أنا ابن العراق- حاشا التشبيه- وقول مؤلّف القرآن (ابن السبيل) ولدى العرب بنات الضاد أي اللغة العربية... إلخ. ثالثًا: شكرًا للأخ رشيد على تعب محبته، لأنه وفّر على الكاتب عناء الردّ على ما ورد في سورة الإخلاص:- https://www.youtube.com/watch?v=Ki9E1PaPH4E
3. الكاتب 17 ديسمبر 2015 - 19:39 بتوقيت القدس
على فيسبوك لينغا: الاسلام جاء كرد فعل على فيسبوك لينغا: الاسلام جاء كرد فعل
المعلّق الأوّل يردّ: (الم يكن اجدادك يذبحون أولم يشرع القتل والذبح راجع كتابك والعهد القديم والجديد الم يدعوا بذبح المخالفين لك وذبح الصغار والكبار والنساء والإباده الجماعيه بلسان الرب الذي تدعون وحتى الحيوانات والأشجار أي سياسه الأرض المحروقه لا نكن أعورا واتنظر يعين واحده وكفى ادعاء فالاسلام جاء كرد فعل على مافعله لشعوب الأرض من قتل وتنكيل اتضنوننا لانعرف خفاياكم وكتب وتاريخكم كفى تزييف للحقائق واستغفال الغير مثقفين راجعوا ما فعل اجدادك وما يدعوا له دينكم والاترموا الناس بالحجارة وبيتوتكم من زجاج) انتهى الكاتب: هل درست التاريخ أم أنك لست بقارئ ولا دارس؟ إنّ العنف في العهد القديم واضح وله ظروف دفاعية عن شعب الله، من موضوع سبق للكاتب تناوله في اثنتين من مقالاته. وقد عاقب الله شعبه مرّات عدّة. إلى أن جاء السيد المسيح بعهد النعمة والمحبة والسلام. وقد تعرض شعب الله الجديد لأبشع أنواع الاضطهاد إلى يومنا. وبعد ستة قرون؛ ظهر الإسلام فاستغل مؤسسه ما قال الله وما أمر به دفاعًا عن شعبه، أبشع استغلال إلى يومنا، فلم يأتِ الإسلام بجديد مفيد. نعم كانت أوامر الله عنيفة لكن كانت لها ظروف خاصّة فانتهت. أمّا مؤسس الإسلام فلم تناسب شريعة السيد المسيح الجديدة غزواته ولا نزواته، فعاد بالسّذّج والمساكين إلى العهود البالية والأحكام البائدة وما استُحدِث في التاريخ من إرهاب واضطهاد، كما فعل الرومان الوثنيون، والتي عفا عليها الزمن جميعًا وما عاد يهودي يعمل بها ولا مسيحي، لأنهما أدركا أنّ تلك الظروف لم تتعلّق بما آلت إليه الحياة الجديدة. واستمرّ الاثنان في تجنب الاضطهاد ومقاومته ما أمكن. أما التهجم على الكاتب بكلمات استهتار، فاعلم أن عنده ما قد يقضّ مضجعك، لكنّه يترفّع عن الرد. ولك أن تترقّب وقفة ما بين الكتاب المقدَّس وبين غيره للمقارنة ما بين سيف الإسلام وبين سيف الانقسام الذي في الانجيل بتدوين لوقا البشير، مع بداية العام الميلادي الجديد.