إشارات إلى العهد القديم – ج10‏: المسيح يعلِّم بأمثال

يتضمّن الأصحاح الثالث عشر، في الإنجيل بتدوين متّى، ثماني نقاط رئيسية؛ مَثَل الزارع، مَثَل الزؤان، مثل حبّة الخردل، مثل الخميرة، مثل الكنز، مثل الدُّرّة أو ‏اللؤلُؤَة، مثل الشبكة، إهانة النبي في وطنه..
02 ديسمبر 2015 - 00:30 بتوقيت القدس

يتضمّن الأصحاح الثالث عشر، في الإنجيل بتدوين متّى، ثماني نقاط رئيسية؛ 3 مَثَل الزارع ‏‏(فسَّره المسيح شخصيًّا في الآية 19 وما تلاها) 24 مَثَل الزؤان (فسَّره المسيح لتلاميذه في ‏الآية 37 وما تلاها) 31 مثل حبّة الخردل 33 مثل الخميرة 44 مثل الكنز 46 مثل الدُّرّة أو ‏اللؤلُؤَة 47 مثل الشبكة 57 إهانة النبي في وطنه وفي بيته؛ وهذا- عن تفسير القمّص ‏أنطونيوس فكري: (مَثَلٌ كان معروفًا عند اليهود، استخدمه السيد المسيح هنا) وتاليًا؛ توجد في ‏هذا الأصحاح ثلاث إشارات إلى العهد القديم، هي التالي: ‏

الإشارة الأولى

في قول السيد المسيح: {وأنا أُخاطِبُهُم بالأمثالِ لأنَّهُم يَنظُرونَ فلا يُبصِرون، ويُصغونَ فلا ‏يَسمَعونَ ولا يَفهَمون. ففيهِم تَتِمُّ نُبوءةُ إشَعْيا: مَهما سَمِعتُم لا تَفهَمون، ومَهما نَظَرْتُم لا ‏تُبصِرون...}+متّى\ 13 ابتداء بالآية الـ13‏
والإشارة إلى سِفر إشَعياء\6 ابتداءً بالآية التاسعة.‏
قال القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [معنى {يَنظُرونَ فلا يُبصِرون} أي أنهم يَنظُرونَ- مثالًا- كيف ‏يُخرج المسيحُ الشّياطين، لكنهم يقولون فيه شيطان. ويَنظُرونَ القائمين من الأموات، لكنهم لا ‏يسجدون له، بل يفكِّرون في قتله] انتهى

الإشارة الثانية

من لِسان مَتّى: {هذا كلُّهُ قالَه يَسوعُ للجُموعِ بالأمثالِ. وكانَ لا يُخاطِبُهُم إلاَّ بأمثالٍ. فتَمَّ ما قالَ ‏النَّبيُّ: بالأمثالِ أنطِقُ، فأُعلِنُ ما كانَ خفيًّا مُنذُ إنشاءِ العالَم}+متّى 13: 34-35‏
والإشارة إلى سِفر المزامير 77: 2 عِلمًا أن رقم هذا المزمور 78 في الأصل العبراني وفي ‏الأصل السرياني أيضًا، كذا في ترجمات الكتاب المقدَّس إلى العربية- ڤان دايك والمشتركة ‏وغيرها- وعِلمًا أنّ هذا المزمور ليس لداود، إنما لآساف اللاويّ، وهو من معاصري داود ‏النبي والملك، أخبر عنه سفر أخبار الأيام الأول 16: 5 و7 و37‏

أمّا بعد فاقتطفت من تفسير خادم الرب الأخ بنيامين بنكرتن (1) التالي باختصار وتصرّف: ‏‏[قد ذكر الوحي أن الرب كلّم الجموع بأمثال، ابتداء بالآية الثالثة، قصاصًا لهم على غلاظة ‏قلوبهم. وهنا ذكر أيضًا أنه لم يكن يكلِّمهم إلّا بأمثال، ولكن طبقًا لِمَا قال آساف النبي {اصغ يا ‏شعبي، أميلوا آذانكم إلى كلام فمي. أَفتَحُ بِمَثَلٍ فَمِي. أُذِيعُ أَلْغازًا مُنْذُ الْقِدَمِ} منذ أن فداهم من ‏مصر، كاشفًا عمّا انطوت عليه المعاني الروحية والمقاصد الإلهية، ومستخرجًا منها فوائد ‏جزيلة لهم ولأولادهم في الأزمنة العتيدة. وكما كان آساف نبيًا ومعلِّمًا إسرائيل في وقته هكذا ‏المسيح أيضًا في وقته كان نبيًا ومعلِّمًا لهم فكان يكشف لهم مكنونات منذ تأسيس العالم على ‏منوال الأمثال. والمثل نوع من الكلام يعبّر به المُتكلم عن حقائق بسيطة في ذاتها بتشبيهات ‏من شأنها أن تُخفي المعنى عن البعض وتوضحه للبعض الآخر، طبقًا لحالتهم الروحية. وبذلك ‏أظهر يسوع حكمة كاملة؛ إذ اتضح أنه يعرف الحق ويعرف أحوال السامعين أيضًا، ويكلمهم ‏حسبما يناسب كلًّا منهم. والاقتباس نفسه يشهد بهذه الحكمة التي كانت للمسيح.‏

أمّا قول يسوع {فأُعلِنُ ما كانَ خفيًّا مُنذُ إنشاءِ العالَم} عبارة عن مقاصد الله من جهة إقامة ‏ملكوته على الأرض. ثم أعطى إشارات أخرى إلى إقامة ملكوت واسع الحدود ومطلق ‏السلطان. كان آساف النبي مُعاصرًا داود، وقد أدرك بالوحي الحقائق نفسها فنبَّه شعب إسرائيل ‏إلى خيانتهم في الماضي وسقطاتهم العديدة، وذَكَّرَهم بجودة إلههم وأمانته وصدقه، وختم ‏تَعليمه الموجود في المزمور الـ 78 بِذِكْره مقاصد الله بحسب الاختيار؛ إذ اختار الله سبط ‏يهوذا من أجل التسلط، واختار جبل صهيون الذي أحبّ ليكون مركز كرسيّه، واختار داود فتاهُ ‏ليُمارس هذه السلطة ويَرعى شعبه حسب كمال قلبه ويُهديهم بمهارة يديه. وأمّا ما قيل عن ‏داود بخصوص المُلك فلا يتمّ إلّا في المستقبل؛ في ابنه العظيم المجيد يسوع المسيح {الذي ‏صار من نسل داود من جهة الجسد، وتَعَيَّنَ ابْنَ الله بقوّة من جهة روح القداسة، بالقيامة من ‏الأموات}+رومية 1: 3-4 فها هو قد وقف في وسط إسرائيل شعبه راعيًا اكثر عطفًا من ‏داود، ونبيًا ومُعلِّمًا نطق بأقوال أعظم مما نطق به آساف وأحلى بما لا يُقاس...‏

وأمّا مِن جهة الكنيسة فقد صرَّح الوحي بأنها مختارة في المسيح قبل تأسيس العالم (أنظر-ي ‏أفسُس 1: 4 و9) وسرّها مكتوم في الأزل (رومية 16: 25) لأن الملكوت يتعلّق بطرق الله ‏وتعاملاته مع البشر، أمّا هي فتعلّقت بمجد الله الخاصّ في المسيح يسوع. فدعاها بدعوة ‏سماوية وجعلها متحدة مع رأسها وهو مرفوض من الأرض وجالس في السماء {لِكَيْ يُعَرَّفَ ‏الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، بوَاسِطَةِ الكَنِيسَة، بحِكْمَةِ اللهِ المُتَنَوِّعَة... إلى ‏جميع أجيال دهر الدهور (أفسُس 3: 10 و21) فلا حاجة لي إلى القول إن الملكوت والكنيسة ‏من الله وإنهما جميلان جدًا بالمقام والوقت] انتهى.‏

الإشارة الثالثة

في معرض تفسير السيد المسيح مَثَل الزؤان: {حِينئِذٍ يُضِيءُ الأَبرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ ‏أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنانِ لِلسَّمْع، فَلْيَسْمَعْ}+متّى 13: 43‏
والإشارة إلى سِفر دانيال 12: 3‏
عِلمًا أنّ الزُّؤان (2) عشب غالبًا ما ينمو مع القمح. ‏
أمّا بعد فاقتطفت من تفسير القمّص تادرس يعقوب التالي: [يقول القدّيس غريغوريوس أسقف ‏نيصُص: إذ يترك الإنسان (محبّة) هذا العالم المظلم يصبح نقيًا طاهرًا بعمل الروح وبالتصاقه ‏بالنقاء الحقيقي... فتشعّ النفس ضوءً وتصير هي نفسها نورًا كوَعد الرب. ويقول القدّيس ‏أمبروسيوس: [أليس بصالحٍ ذاك الذي رفع الأرض إلى السماء، وعكس مجده في السماء كما ‏على مجموعات بهيّة من الكواكب... فجعل طغمات الرسل والشهداء والكهنة يُضيئون مثل ‏كواكب مجيدة تنير العالم!] انتهى.‏

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. محمد صالح الخالدي 03 ديسمبر 2015 - 18:04 بتوقيت القدس
الوهية السيد المسيح الوهية السيد المسيح
اليهود لم يتقبلوا المسيح وانهم اهانوه وصلبوه في النهاية السؤال هو كما يلي :: اذا كان السيد المسيح الها كما تدعون فكان من المفروض ان لاينزل الى اليهود لانه يعرف مسبقا انه سيفشل في مهمتهل لانه اله وهو خالقهم كما تدعون وكان المفروض ان ينزل الى اقوام اخرى يتقبلونه ،، وبما انه لم يتمكن من اقناع اليهود وقيادتهم الى الطريق الصحيح فهذا يدل دلالة اكيدة انه نبي وليس اله .
1.1. الكاتب 03 ديسمبر 2015 - 21:23 بتوقيت القدس
السيد المسيح ذو طبيعتين: إلهية وإنسانية
في البداية؛ لا يجوز التعميم، لقد قَبِله اليهود ومنهم مَن رفض ولا سيما كهنتهم والأسباب معروفة. تلاميذ السيد المسيح من اليهود، ورسله أيضًا باستثناء لوقا حسب علمي، لأن أسماء الرسل جميعًا غير مذكورة في الإنجيل ولا سيّما الرسل السبعين (لوقا 10: 1) والشعب الذي صنع معه المعجزات غالبيته من اليهود. وتاليًا توجد مغالطة في مداخلتك، غير مقصودة على الأرجح، لكن المسيحي يفطن لها؛ كأنك تقول أن السيد المسيح جاء إلى اليهود فقط، كلّا، بل جاء إلى العالم كلّه: {هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية}+ يوحنا 3: 16 أمّا إذا تسأل: (لماذا جاء السيد المسيح إلى اليهود دون غيرهم من الأقوام؟) فالجواب من الكتاب: {الى خاصّته جاء، وخاصّته لم تقبله. وأمّا كل الذين قَبِلوه فأعطاهُمْ سلطانًا أنْ يصيروا أولادَ الله، أي المؤمنون باٌسمِه}+يوحنا 1: 11-12 فاليهود خاصّة السيد المسيح والعالم كلّه العامّة. أخيرًا فإنّ الذي يؤلّه السيد المسيح هو أوّلًا قوله: {أنا والآب واحد}+يوحنّا 10: 30 وقوله: {الذي رآني فقد رأى الآب}+يوحنا 14: 9 وثانيًا معجزاته التي صنعها أمام شهود عيان كُثر. وثالثًا: إعطاء تلاميذه سلطانًا لصنع معجزات أيضًا. لذا آمن المسيحيون بأن الله تجسّد بشخص السيد المسيح: {والكلمة صار جسدًا وحَلّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الاب، مملوءًا نعمة وحقّا}+ يوحنّا 1: 14
1.2. ابن المسيح 11 ديسمبر 2015 - 12:36 بتوقيت القدس
رد الى الاخ : سؤالي هل قرآت الكتاب المفدس
"آية (1 تي 3: 16): وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ." (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 3: 16) وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.
1.3. الكاتب 11 ديسمبر 2015 - 22:41 بتوقيت القدس
شكرا أخي الغالي ابن المسيح EU
سلام الرب يسوع معك. هذا المعلق قرأ افتراءات الأغبياء والدجاجلة والمفترين على الكتاب المقدَّس. وهو من ألدّ أعداء الكتاب المقدَّس بدون وجه حقّ. سبق لي الحوار معه على فيسبوك لينغا، لا ينفع معه شيء غير الصلاة والصوم. أشكرك على تعب محبتك والرب يبارك حياتك