"ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي، وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ" (مزمور 50: 23)
ينصح الكاتب " طل ابن شاحر" بأهميّة إدارة يوميات شكر، وتخصيص بضع دقائق في كل مساء لتسجيل خمسة أمور (وعلى الأقل ثلاثة) تقدم من أجلها الشكر، وقد تكون هذه الأمور مما قد يعتبره أغلبيتنا اعتياديًا في حياتنا اليوميّة أو أنه مفهوم ضمنا، ويدعم نصيحته وتوجهه من خلال عرض ملخص لسلسلة أبحاث قام بها الباحثان إمونوس ومايكل مكالو، حيث طلبا من مجموعة البحث أن يسجلوا يوميًا خمسة أمور على الأقل يشكرون عليها وقد تكون أمورًا بسيطة وليست بالضرورة أمورًا عظيمة، قد تكون شكرًا للرّب على الاستيقاظ لصباح جديد. فتبين أن تخصيص دقيقة واحدة في اليوم للتعبير عن الشكر والتقدير، لها تداعيات وأبعاد بعيدة المدى. فمجموعة البحث "الشاكرة" بالمقارنة مع مجموعة المراقبة، تعلّمت ليس فقط أن تقدّر أكثر، بل تميّزت بمستوى عال من الراحة النفسيّة والتّفاؤل، والقدرة على اتخاذ القرارات. كما أنهم كانوا أكثر كرمًا ومبادرة لمساعدة غيرهم، واستمتعوا بنوم هنيء، وقاموا بأنشطة بدنيّة وعانوا أقل من غيرهم من ظواهر أمراض جسديّة.
الاعتراف بالفضل والشكر يقوم بعملية ايجابية لنمو الإنسان وتطوره وراحته النفسيّة، فعندما نفكّر بكل الأمور التي نستطيع أن نشكر عليها، ونرى كل ما لدينا، يتحسن شعورنا، ونصبح منفتحين لاستقبال تجارب وخبرات جديدة.
نشرت صحيفة هآرتس عن رويترز خبرًا بتاريخ (12.01.2014) بخصوص دراسة قامت به باحثتان مختصتان بعلم النفس من استراليا وتبيّن منه أن الناس المعتبرين حكماء يشعرون بفضل الآخرين ومدى شكرهم لهم في أحيان متقاربة ويشعرون بالراحة في التعبير عن مشاعر الشكر، وتوصلت الباحثتان إلى النتيجة التالية: "الحكمة مرتبطة ارتباطًا وثيقا بالاعتراف بالفضل والشكر عليه، أي أنّ الحكمة والعرفان بالجميل يسيران جنبًا إلى جنب وبشكل خاص لدى النساء".
وفي بحث قامت به شيرلي تسيمرمان (سنة 2011) في جامعة بار ايلان تقصت من خلاله وضع أمهات متدينات وغير متدينات لديهم أولاد عاديين وأولاد مع إعاقة عقلية، تبين أنّ الراحة النفسية والنمو الشخصي والاعتراف بالفضل لدى المتدينات كان أكبر.
في مقال نشر في موقع mako (بتاريخ 30.12.09) يقول كافلان أنّ الإعتراف بالجميل والشكر على الدوام يدعم الإحساس بالرضا من الحياة وتطوّر العلاقات الإجتماعية، فالأبحاث تشير أنّ الإعتراف بالجميل هو أحد المشاعر الذي يعود بالفائدة على صاحبه، فالشكر ليس شيئا مؤدبًا فقط وليس مجرد "إتكيت"، بل يزيد ويدعم الإحساس بالفرح والسعادة والانتماء. وتبين من الأبحاث أيضًا أن الأطفال في جيل 10 سنوات يشعرون بالعرفان أكثر بـ 80% من الذين في جيل 6 سنوات الذين لم يطوروا بعد هذا الشعور، كما أنّ النساء تميل إلى الشكر أكثر من الرجال، والبنات تقدّر الجميل وتشكر أكثر على أمور تتعلق بالعلاقات البين شخصية في حين أنّ الأولاد يشكرون أكثر في كل ما يتعلق بالجوانب المادية. كما ويؤكد الكاتب ما ذكره طل ابن شاحر، أنّ الأبحاث تشير أنّ الأشخاص الذين كتبوا "يوميات شكر" أربع مرات في الأسبوع، وخصصوا لذلك بضع دقائق، إرتفعت نسبة السعادة لديهم بـ 25% خلال ثلاثة أسابيع فقط.
من خلال مراجعة عبد الدائم الكحيل لعدة أبحاث يلخّص، أن الإمتنان والشكر للآخرين هو أسهل الطرق للنجاح وهو يساعد على المزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة وتقليل الإكتئاب وزيادة المناعة ضد الأمراض وله قوة كبيرة في علاج المشاكل. ويذكر بحث دكتور روبرت في جامعة كاليفورنيا الذي يعدد الفوائد الصحية للشكر، أنّ الشكر يؤدي إلى السعادة واستقرار الحالة العاطفية والصحة النفسية والجسدية، فالطلاب الذين يمارسون الشكر أكثر كانوا أكثر تفاؤلا وأكثر تمتعًا بالحياة ومناعتهم أفضل ضد الأمراض وحتى أنّ مستوى النوم لديهم كان أحسن.