صناعة السلام (2) - طرفان: من تغذي؟

في أحد الأيام جلس الحكيم يحكيَ لحفيده عن الصراع الموجود داخل كل إنسان. فحدثه قائلا: "يا بني، يحدث صراع دائم ومستمر بين "ذئبين" في داخل كل إنسان منا.
15 ابريل 2015 - 20:44 بتوقيت القدس

طرفان: من تغذي؟

في أحد الأيام جلس الحكيم يحكيَ لحفيده عن الصراع الموجود داخل كل إنسان. فحدثه قائلا: "يا بني، يحدث صراع دائم ومستمر بين "ذئبين" في داخل كل إنسان منا.

ذئبين

الذئب الأول في الصراع هو طرف الشر والفساد، وهو مصدر كل شرّ وخطية، تنبع منه أمثال هذه: العنف والحروبات، التخريب والتدمير، الحِقد والكراهية، الغضب والغَيْرة المرّة، الكذب والسرقة، التكبّر والانتفاخ، والطمع والخبث، وغيرها... الذئب الثاني في الصراع هو طرف الخير والصلاح. وهو مصدر كل صلاح وسلام، تنبع منه أمثال هذه: المحبة والسلام، البناء والإصلاح، الفرح والسرور، الأمل والرجاء، الصدق والعطاء، التواضع والصفاء، الرأفة والاحترام، وغيرها...".

فكر الحفيد للحظة، ثم سأل جده: أي ذئب من الذئبين يغلب؟"

علت ابتسامة على وجه الجد الحكيم وأجاب بكل بساطه قائلا: الذي تغذيه وتنمّيه.

وأنت من تغذي؟ هل تغذي منطق الله أم منطق العالم؟

يعلن الرّب يسوع ويوضح بأن قلبنا، عواطفنا ومشاعرنا وكذلك إرادتنا تكون حيث يكون مركز اهتماماتنا "لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا. " (مت6: 21) لذلك علينا أن نمد جانب الخير والبر فينا بعوامل الحياة والنمو بشكل مستمر من خلال قراءة كلمة الرب والصلاة والشركة والسلوك وفقا لمشيئته، بالضبط كما نشحن ونعبئ بطارية الهاتف الجوال لنتمكن من استخدامه في كل مكان ولتبق "روح حياة فيه".

من المهم أن ننمي جانب الخير في كل منا، فنذكر بعضنا بعضًا بالخير والمحبة، ولنأخذ عبرة لحياتنا ولتصرفاتنا من قصة مصافي/فلاتر سقراط الثلاث: تقول القصة باختصار (وتصرف) أن أحدهم أتى إلى سقراط متحمسا ليخبره أمرًا عن أحد تلاميذه، فبادره سقراط بقوله: قبل أن تخبرني عليك أن تجتاز في اختبار المصافي الثلاث. وطرحها عليه سقراط واحدة تلو الأخرى والرجل يجيب بالنفي.

المصفاة الأولى، مصفاة الصدق/الحق: هل ما ستخبرني به عن تلميذي أنت متأكد منه وهو حقيقة؟

المصفاة الثانية، مصفاة الطيبة/الخير: هل ما ستخبرني به هو أمر طيب وخيّر عن تلميذي؟

المصفاة الثالثة، مصفاة الفائدة/المصلحة: هل ما ستخبرني به هو لفائدة تلميذي ومصلحته؟

عندها أجابه سقراط: إن كنت ستخبرني أمرا ما عن تلميذي وأنت غير متأكد من صحته، وهو ليس بأمر جيد وليس لفائدته ومصلحته، فلماذا تخبرني به؟!

هذه القصة ببساطتها تبين لكل منا أي طرف يُنَمي في حياته، فهل هدف حديثي عن الآخرين هو الإساءة إليهم أم لفائدتهم وبنائهم. لنتذكر وصية الكتاب "لا تخرج كلمة رديّة من أفواهكم بل كل ما كان صالحا للبنيان حسب الحاجة كي يعطي نعمة للسامعين." (اف 4: 29).

من أغذي في حياتي: جانب الخير أم جانب الشر؟ أي طرف أغذي في أولادي/في مجتمعي؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا