صناعة السلام (5) - أبعاد السلام الأربعة

يمكننا أن نرى في السلام عامة أبعادًا أربعة. البعد الأول هو البعد الروحي، أي سلام مع الله، وسلام الله فينا، "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح..." البعد الثاني هو سلام مع...
29 ابريل 2015 - 17:35 بتوقيت القدس

صناعة السلام - ابعاد السلام الاربعة

يمكننا أن نرى في السلام عامة أبعادًا أربعة، وهي:

1. البعد الروحي

أي سلام مع الله، وسلام الله فينا، "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح..." (رومية 5: 1) "لأنه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحدًا، ونقض حائط السياج المتوسط. أي العداوة.." (أفسس2: 14 و 15) 

يمكننا فهم هذا البعد من خلال وصف الخطوات (المبادئ) الخمس لنيل السلام الحقيقي والدخول لمدرسة صنع السلام:

1. الخطة الأروع: رتّب الله خطة رائعة لحياة كل منا فهو لا يسر بهلاكنا، بل يريد لنا الأفضل دائما، حياة أبدية، حياة فياضة. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16)،  " وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل". (يو10: 10)

2. المعضلة الكبرى: الخطية هي المعضلة الكبرى والتي فصلت الإنسان الخاطئ عن الله القدوس الذي يكره الخطية. "...لأنه لا فرق.  إذ الجميع أخطاوا وأعوزهم مجد الله." (رو3: 23)، "... آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع.  لأن أيديكم قد تنجست بالدم وأصابعكم بالإثم. شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر." (اش59: 2 و 3)

3. التدبير الأسمى: لقد دبر الله الطريقة الوحيدة لخلاص كل إنسان في البشرية جمعاء وهي بالإيمان بعمل المسيح الكفاري عنا على الصليب. "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح."  (رو3: 24)، "ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا." (رومية 5: 8)، "قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي." (يو14: 6)

4. القرار الأعظم: لا يوجد مكان أو موقف حيادي، عليك أن تقرر، عليك أن تختار، والقرار بيدك، بإمكانك أن تختار الحياة الأبدية أو الموت الأبدي، فاختر الحياة، إختر طريق السلام مع الله. * "وإن ساء في أعينكم أن تعبدوا الرب. فاختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون إن كان الآلهة الذين عبدهم أباؤكم الذين في عبر النهر وإن كان آلهة الأموريين الذين أنتم ساكنون في أرضهم. وأما أنا وبيتي فنعبد الرب. فأجاب الشعب وقالوا حاشا لنا أن نترك الرب لنعبد آلهة أخرى..". (يش24: 15 و 16  و21)  "لذلك كما يقول الروح القدس اليوم أن سمعتم صوته.  فلا تقسوا قلوبكم كما في الإسخاط يوم التجربة في القفر. حيث جربني أبائكم. اختبروني وأبصروا أعمالي أربعين سنة..." (عب3: 7 -9، 15 و 4: 7). "لأنه يقول. في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص أعنتك. هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص." (2كو6: 2)  "هانذا واقف على الباب واقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب ادخل إليه وأتعشى معه وهو معي." (رؤ3: 20) "اشهد عليكم اليوم السماء والأرض. قد جعلت قدامك الحياة والموت. البركة واللعنة. فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك.  إذ تحب الرب إلهك وتسمع لصوته وتلتصق به لأنه هو حياتك والذي يطيل أيامك لكي تسكن على الأرض التي حلف الرب لإبائك إبراهيم واسحق ويعقوب أن يعطيهم إياها." (تث30: 10 و 20)

5. المصير الأبدي: بالإيمان بالرّب يسوع المسيح لنا الحياة الأبدية، ولنا سلطان أولاد الله، ولنا سلام مع الله. "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه." (يو1: 12)، "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله." (يو3: 36)، "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. الذي به أيضا قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله." (رو5: 1 و 2).

2. البعد الذاتي

سلام مع نفسي، أي أن أهتم بجودة ونوعية حياتي، بصحتي وسلامتي، فوصية الرب لنا أن نحبه من كل القلب، ومن كل النفس، ومن كل القدرة، ومن كل الفكر (إنتبه: أربع كليات)، وأن نحب قريبنا كأنفسنا (لوقا 10: 27)، ومحبة القريب كالنفس تفترض أن كل إنسان عادي- طبيعي، يحب نفسه أي يهتم بنفسه وجسده، يقوته ويربيه، وعلى هذا الأساس طالب الرّب الرجال بأن يحبوا نساءهم كأجسادهم.. وأضاف الوحي المقدس "... فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرّب للكنيسة..." (أفسس5: 28 و 29 و33).

3. البعد الاجتماعي

سلام مع الآخر، مع الإنسان أيا كان، فقد علمنا الرّب من هو القريب في قصة السامري الصالح (لوقا10: 25 – 37). في هذا البعد نرى عدة طبقات وشرائح منها:    

أ. حقوق الإنسان: علينا أن ندرك أن الله "صنع من دم واحد كل أمة على الأرض..." (أع17: 26)، فجميعنا خليقة الله، خلقنا على صورته وشبهه (تك1: 26 و 27)، "حيث ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري وسكيثي، عبد حر، بل المسيح الكل وفي الكل" (كو3: 11)، " ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع." (غل3: 28). "لأنه لا فرق بين اليهودي واليوناني لأن ربا واحدا للجميع غنيا لجميع الذين يدعون به" (رو10: 12). لذلك علينا أن نحترم حقوق الآخرين كما نطالب بحقوقنا.

ب. المواطنة والديمقراطية: وهي تتجلى واضحة في القاعدة الذهبية التي وضعها الرب يسوع لنعمل ونعيش بموجبها، "فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا هكذا أنتم أيضا بهم. لأن هذا هو الناموس والأنبياء" (متى7: 12)

جـ. حل النزاعات: وقد رسم الرّب لنا مبدأ حلّ النزاعات لكي يكون الربح من نصيب كل من طرفيْ النزاع في حالة قبول هذه الخطة الإلهية، " وان أخطا إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما. إن سمع منك فقد ربحت أخاك. وإن لم يسمع فخذ معك أيضا واحدًا أو اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة.  وان لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار". (متى18: 15 – 17).

د. القيادة الخادمة: وهي تتجلى بعمل الرب يسوع إذ وهو السيد "قام عن العشاء وخلع ثيابه واخذ منشفة واتزر بها.  ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها " يوحنا 13: 4 و 5). وقد علمنا الرّب المغزى الحقيقي من هذا العمل بقوله: "أتفهمون ما قد صنعت بكم.  أنتم تدعونني معلمًا وسيدًا وحسنًا تقولون لأني أنا كذلك.  فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض.  لأني أعطيتكم مثالًا حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضا.  الحق الحق أقول لكم انه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله.   إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه." (يو13: 12 – 17). الرب يسوع يؤكد من خلال حياته، أعماله وتعاليمه أنه أتى ليـَخدِم "لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت ليـُخـَدم بل ليـَخدُم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين." (مر 10: 45، مت 20: 28).

4. البعد البيئي

سلام مع البيئة المحيطة بنا، القريبة والبعيدة.

عاش الرب يسوع وتجول كثيرا في الطبيعة والبيئة القريبة منه والبعيدة واستخدمها في تعليمه، فتحدث عن الزارع وعن اهتمام الله بطيور السماء، وعن زنابق الحقل التي يلبسها الله أجمل من ملابس سليمان "أنظروا إلى طيور السماء. إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن. وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها.  ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة.  ولماذا تهتمون باللباس. تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزل.  ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.  فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا أفليس بالحري جدا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان" (متى6: 26 – 30).

كما يتحدث الرسول بولس قائلا: "لا تضلوا. الله لا يشمخ عليه. فان الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضا." (غلاطية6: 7). وإن كان يتحدث عن توجه ولكنه استند أساسا على مبدأ طبيعي وقانون طبيعي بما يتعلق بالزرع والحصاد  "لان من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادا. ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية.  فلا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكل . فإذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان" (غل6: 8 – 10). كما أن كل زرع في حياتنا الروحية نحصد نتائجه، هكذا كل ما نزرعه في العالم الطبيعي نحصد نتيجته، إن كان للخير أو للشر، إن كنا نهتم بالبيئة فنحصد بيئة بجودة عالية، صحية ومريحة. وإن كنا لا نهتم ولا نكترث لها فلا بدّ من أن نحصد تلوث في الهواء والمياه واليابسة، وبالتالي ننتج عالما ملوثا يصعب العيش فيه ويؤدي إلى تدهور صحتنا. وبولس في رسالته إلى المؤمنين في رومية يبين عمل وتأثير  الخطية وأبعادها على كل الخليقة "فإننا نعلم أنّ كلّ الخليقة تئن وتتمخض معا إلى الآن."  (رو8: 19 – 23)

• على أية مستويات/أبعاد أنا أعمل في صناعة السلام؟ وما هو دوري الفعّال؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. باسم أدرنلي 30 ابريل 2015 - 08:44 بتوقيت القدس
ليبارك الله فكرك وقلبك أكثر وأكثر ليبارك الله فكرك وقلبك أكثر وأكثر
إن كتاباتك بركة كبيرة كانت لي، أرجوك أخي الفاضل عزيز دعيم، استمر في الكتابة، ولا تحرم جسد المسيح من هذه التعاليم. لا سيما التعاليم الروحية السياسية الاجتماعية، فنحتاج إلى تشديد الروابط أكثر بين المنبر والوضع السياسي والاجتماعي، كمؤمنين وخدام. لأن الرسالة الكنيسة في البلاد، كثيرا ما تعيش في حالة بُعد بين المنبر والواقع الذي نعيش فيه
1.1. عزيز دعيم 01 مايو 2015 - 10:12 بتوقيت القدس
صناعة السلام
اشكرك اخي باسم على تعليقك اللطيف ومحبتك لخدمة الرب وكتاباتك العميقة وما نحن الا خدامه لنعمل مرضاته من خلال نعمته التي تغمرنا وسلامه الذي يفوق كل عقل.