خلق الله آدم وحواء على صورته ومثاله، حيث كانت تسود أجواء الشركة مع الله وبينهما، كانا بسطاء الأفكار بدون خطية ولا غِش.
كانت وصية الله لآدم ان لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر، لكن الحية التي هي رمز للشيطان وأكاذيبه، خدعت حواء وأقنعتها ان تأكل من الشجرة، وهكذا دخلت الخطية والموت الجسدي والروح للجنس البشري، وفقد آدم وحواء الشركة المُقدسة مع الله، وسادت أجواء الخوف والقلق من الله ودينونته، كذلك الأتهام من آدم لله بمن كان السبب في السقوط، هل كان الله الذي اعطاه حواء ؟ ام حواء نفسها ام الشيطان ؟
لم يتخذ آدم الموقف الحازم والقرار السليم امام تجارب وكذب الشيطان، كذلك انجرت حواء وراء أغراء الشيطان، ولم يُطيعا وصية الله.
ان طاعة الله ووصاياه لأمر فائق الأهمية، بدونها نفقد الشركة معه وبيننا، وخاصة بين الزوج والزوجة، لذلك علينا ان نصلي ونطلب مشورة الرب في أمورنا الصغيرة قبل الكبيرة، والأمتناع عن أتخاذ القرارات بشكل فردي بين الزوجين، وخاصة الأمرأة التي عليها ان تخضع لرجلها كما للرب، كذلك على الزوج ان يُحب امرأته كنفسه، عندها سوف لا نسمح لأكاذيب وخدع الشيطان ان تهدم حياتنا وزواجنا، ومن المُمكن ان تفقدنا أبديتنا مع الله !
نقرأ في كتاب صموئيل الاول اصحاح 25 عن ابيجيل زوجة نابال، الذي كان شريرًا واعماله ليست صالحة، لكن تميزت ابيجيل بحكمتها وجمالها.
أخطأ نابال مع الملك داود ولم يُقدِّر له معروفه معه، ورد الخير بالشر، لذلك اراد الملك داود بضرب وقتل نابال ورجاله، لكن ابيجيل علمت بذلك وواجهت الملك داود بحكمة فريدة، وتحملت مسؤولية تصرف زوجها الشرير، وهكذا منعت من الملك داود بارتكاب جريمة قتل، وكان في النهاية مصير نابال ان الرب ضربه فمات، وأتخذ الملك داود ابيجيل زوجة له.
نتعلم من هذه القصة أهمية موقف الأم والزوجة في بيتها، امام الله قبل كل أعتبار، امام زوجها واولادها، كذلك امام المُجتمع بشكل عام.
مكتوب في سفر الأمثال ان حكمة المرأة تبني بيتها، وما أحوجنا في هذه الأيام الصعبة الى أمهات يتميزن بحكمة ابيجيل، بالحكمة التي يهبها الروح القدس، التي هي قبل كل شيء طاهرة وتطلب مشيئة الله، كذلك تطلب الخير للجميع.
حكمة المرأة تبني بيتها، لتكون سبب بركة للعائلة وتعزز الشركة مع الله، مع زوجها وأولادها، وعندها سوف تسود أجواء المحبة والسلام في البيوت والعائلات، لكن هذا ليس معناه ان لا نواجه الصعوبات والتحديات في عائلاتنا، وأحيانًا الخلاف وربما السقوط !
لكن مراحم الرب جديدة كل صباح، علينا وعلى عائلاتنا، الذي لم يترك آدم وحواء في الحيرة والخوف، بل البسهما وأخفى عورتهما، لا بد ان يستر خطايانا وضعفاتنا بدم ابنه يسوع المسيح، لان المحبة تستر كثرة من الخطايا.
الرب الذي اعطى حكمة لابيجيل لتمنع شر كبير، ما زال يهب بروحه القدوس الحكمة لنا جميعًا، لكي نحفظ انفسنا وعائلاتنا من شر العالم وأكاذيب الشيطان، وكما قال الحكيم سليمان :
" بدء الحكمة مخافة الرب، ومعرفة القدوس فهم ".
صلاتي ان نطلب الرب وحكمته لنا جميعًا، وارشاده لنا في زواجنا وعائلاتنا، لكي نختبر مجد الرب بحياتنا، ونحفظ انفسنا من سقطات كثيرة كما سقط آدم وحواء، وكما اتخذ داود ابيجيل زوجة له، هكذا سوف يتخذنا عريسنا الحبيب الرب يسوع المسيح عروسة له، الكنيسة المحبوبة التي اشتراها بدمه الكريم، لكي نكون معه الى الأبد، حيث لا يكون فيما بعد لا وجع ولا خوف ولا بكاء ولا موت، بل علاقة محبة وسلام وفرح الى أبد الآبدين، آمين.