يتبادل الناس التهاني والأمنيات بالسنة الجديدة. يشترك الجميع بالتضرع لله طالبين بركته علينا في العام الجديد. ولكن هذا الموعد المفصلي الذي تنطوي فيه سنة وتبدأ اخرى يستوجب وقفة صريحة. ومن هنا لن اكلم بالناعمات بل سأشارك ملاحظاتي عن العام المنصرم بصدق وفي ثلاثة دوائر:
الانجيليون في اسرائيل
بحسب اطلاعي ورصدي للتطورات في هذا العام - لم يشهد عمل الكنائس والهيئات الانجيلية في اسرائيل انطلاقة او نجاح يشار له بالبنان. انتظرنا انطلاقة في العمل الروحي والتعاون بين الكنائس ونهضات روحية واعتراف رسمي من الدولة. انتظرنا ومللنا الانتظار لكن سدى.
اعتقد ان سبب هذا الركود يعود لثلاثة اسباب رئيسية:
الاولى هي روح الانفرادية في العمل اذ يقوم كلٌ بحسب ما يحلو له ولا يود التعاون مع اخوته من داخل الكنيسة نفسها ولا ضمن مجمع او رابطة . الشفافية ضعيفة والمرجعية مكروهه.
الثانية هي الشعور بالاكتفاء الذاتي. كثير من الخدام والقائمين على الخدمات والشعب نفسه قد اكتفى بما آلت اليه الامور. الكل راض بالقعود على الجبل. لا يرغبون بالنزول منه الى القرى والبلدان .
الثالثة هي تهميش النساء وهن اكثر من نصف المجتمع الانجيلي. ورثنا من مجتمعنا العربي المتخلف مفاهيم تكرّس كبت النساء ومن هنا يتم في اغلب الاحيان تصديرها بلباس روحي وكتابي لكنائسنا فتجبر النساء الجلوس روحياً في المقاعد الخلفية.
ليت الرب يوقظ مؤمنيه من سباتهم لأجل عمل جدي وفعّال في 2013.
المسيحيون في البلاد
كأبناء للشعب العربي في البلاد عانى المسيحيون في 2012 من ازدياد العنصرية والسياسات المتطرفة الموجهه للعرب ككل. فالقوانين التي سُنّت بإيحاء من اليمين المتطرف تصيب المسيحي والمسلم على السواء.
شهدنا انخفاضاً في التوتر الديني والطائفي داخل المجتمع العربي ما بين مسلمين ومسيحيين وهذا أمر مشجع بعدما عانينا في سنين سابقة من اعتداءات ضد المسيحيين في عدة قرى وبلدات.
شهدنا ظاهرة جديدة من الكتابات المسيئة والتخريب في كنائس وأديرة مختلفة في انحاء البلاد من مجموعات يهودية يمينية مخرّبة. رغم التنديد من القادة السياسيين من رئيس الدولة ورئيس الحكومة (لاهتمامهم الشديد بما سيكون لذلك من اثر سئ على صورة اسرائيل امام مسيحيي العالم) لكن الشرطة لم تعتقل الجناة والظاهرة تكررت في اماكن اخرى.
أؤمن انه نظراً لايمانهم، لدرجة علمهم المرتفعة ولعلاقاتهم بالغرب والشرق بمقدور المسيحيين العرب في البلاد اتخاذ دورهم كملح ونور في بلادنا. لم يلعب المسيحيون هذا الدور بعد. لربما يتسنى ذلك في 2013.
المسيحيون في الشرق الاوسط
عانى المسيحيون العرب من سنة سيئة للغاية في انحاء الشرق الاوسط. فوصول الاخوان المسلمين للحكم في مصر- وهي كبرى الدول العربية واهمها- كانت المؤشر الأول. رغبة مرسي وجماعته رفع شأن الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع والازهر كمرجعية عامة- اثارت حفيظة المسيحيين من المصريين.
كما يعاني المسيحيون في سوريا من الاحتراب الداخلي ولتعاطفهم مع نظام الاسد العلماني ينظرون بترقب وقلق لتسارع الاحوال باتجاه سقوط حكمه. يخشى المسيحيون ان تنتقم فئات المعارضة منهم لموقفهم الداعم للنظام.
يبدو ان الشعوب العربية ستمر بمرحلة انتقالية تتسلط فيها الفئات الاسلامية الاصولية ولن يبزغ الربيع العربي الا بعد برهان فشل هذه الفئات. على المسيحيين الصمود حتى عبور هذه الخريف بسلام.
ما يشجع القلب أن الرب نفسه يجلس على عرشه فاذا نشطنا وركزنا على الهدف فسيعمل الرب في حياة اولاده لمجد اسمه.