شعوب ، أمم وأجناس – خليقة الرب الجميلة

كانت ترنيمتي المفضلة في طفولتي "حُمرٌ، سُمرٌ، سودٌ ، بيض-كلهم يحبهم". لربما كان سبب ذلك هو كوني طفل عربي فلسطيني عشت في انجلترا بين الأولاد الانجليز البيض.
27 أغسطس 2011 - 22:32 بتوقيت القدس

العالم أصبح قرية صغيرة. فمشتقات الانترنت مثل الفيسبوك والسكايب والتويتر واللينكد جعلت التواصل سهل وفي متناول الإصبع وفأرة الكمبيوتر. ولا يقتصر التواصل الأسهل على التواصل الالكتروني بل أيضاً التواصل الحقيقي وجهاً لوجه بين الناس من مختلف الأجناس إذ أن التنقل الجوي أصبح رخيصاً ومتوفراً للجميع أيضا. التواصل يقود لتعامل او تجاهل.

بوجودنا في بقعة الأرض التي وطأت رجلا الرب عليها - تتاح لنا الفرصة للتواصل مع الطوائف الموجودة في بلادنا كما مع الضيوف السياح من أنحاء العالم المختلفة الذين يفدون لبلادنا للسير في خطى الرب. هل نتجاهل الشعوب الأخرى أم نتعامل معها وكيف؟

كعرب مسيحيين في البلاد نميل أحياناً كثيرة للاستعلاء على الشعوب التي نعيش بينها او نختلط بها. يطغى علينا انتماؤنا الديني العالمي وليس الروحي فنعتقد أننا أحسن من غيرنا. هذا المنطق يسير كالآتي: ان كانت دول العالم الأول مثل أمريكا او أوروبا "مسيحية" ونحن مسيحيين أيضا- فعندها نحن راقيين ... نعتقد انه بسبب مستوى تعليمنا العالي ورفاهيتنا وترفنا النسبيين أننا ارقي شأناً من غيرنا. نزور دول مجاورة فنتأفف من "كسلهم" ونعاملهم كأننا أمراء في بلاد العبيد. أحيانا كثيرة نردد المقولة: "هذا متخلف"، "هؤلاء متأخرين"، "هذا قروي" (أو بالأحرى "أروي" باللكنة المدنية "المتحضرة") وغيرها.

لا يليق هذا برسالتنا كحاملين اسم الرب. فالرب اشتهر بوضعه أسس للمساواة بين البشر كما لم يفعل احد- لا من قبله ولا بعده. تعامل يسوع مع جميع أفراد المجتمع مهما انحط قدرهم في أعين الناس. تعامل مع السامرية الزانية واليهودي المسكون بالشياطين في جنيسارت ومع زكا العشّار المكروه ومع نيقوديموس اليهودي ألناموسي. كما رفع يسوع قدر المرأة ووضع كل الأمم على قدم المساواة: "ليس يهودي ولا يوناني ، لا ذكر ولا انثى ، لا عبد ولا حر...." (غلاطية 3 : 28 ).

كانت ترنيمتي المفضلة في طفولتي "حُمرٌ، سُمرٌ، سودٌ ، بيض-كلهم يحبهم". لربما كان السبب لذلك هو كوني طفل عربي فلسطيني عشت في انجلترا بين الأولاد الانجليز البيض .وكان بعض الطلاب ينادونني "باكي" (مختصر باكستاني) لاني أسمر البشرة واسود الشعر بخلاف بياضهم الساطع أو ذلك الممتزج بالاحمرار والشعر الأشقر. كانت هذه الترنيمة الجواب الشافي لهذا "الاضطهاد". تشجعت منها لأنها أكدت أن الكل سواسية ويسوع أحب الجميع دون تفرقة.

أبدع الرب في خليقته للإنسان فأوجد الأجناس المختلفة من أعراق البشر، وهكذا يعلّمنا هذا الانفتاح والتواصل قبول خليقة الله ونبذ العنصرية والفئوية والتعصب والانغلاق.

أكثر ما أحب في كاتدرائية البشارة للآتين في الناصرة الصور التي أرسلتها الكنائس الكاثوليكية من الشعوب المختلفة لتُعلق في أرجاء الكنيسة الواسعة. أبدع الفنانون برسومات من حياة الرب والرسل. فهنا العائلة النصراوية المقدسة وأفرادها وقد رسموها كذوي البشرة السوداء. في صورة اخرى رسموا يسوع والتلاميذ كالصينيين. كل شعب رأي يسوع على شاكلته. يعكس ذلك جانباً جميلاً من التجسد.

ضرورة معاملة كل الشعوب بالمساواة والقبول هي وصية هامة ومترتبة على رسالتنا وتمثلنا بربنا، ولكن هناك أيضا فوائد برغماتية لنا كعرب عامة وكمسيحيين في كنيسة الرب خاصة . الفوائد تنعكس في تعلمنا الكثير من الشعوب الاخرى وخاصة من كنيسة الرب فيها. نتعلم من الأمريكان حماسهم وكرمهم، من اليهود استغلالهم للفرص ، من المصريين روح الدعابة ، من الكوريين واليابانيين نشاطهم، من الأفارقة حبهم للعبادة، من الأوروبيين عمقهم وتاريخهم ومن كثير من الآسيوين تضحيتهم للرب تحت وطأة الاضطهاد.

ان كنيسة الرب جامعة واجتهاداتها متنوعة مما يزيدها جمالا . في ذلك اليوم المهيب سنقف أمام عرش الرب وبأيدينا سعف النخيل مع الجمع الكثير الذي لم يستطع احد ان يعده من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة (رؤية 7: 9). ألا يتوجب علينا أن نتعامل معهم بمحبة واحترام منذ الآن تحضيراً لذلك للقاء العظيم؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. باسم أدرنلي 27 أغسطس 2011 - 22:17 بتوقيت القدس
أحسنت يا أخ بطرس أحسنت يا أخ بطرس
شكرًا أخ بطرس على هذا المقال؛ إني أرى في الحقيقة حالة عامة من الاحترام الفوقي في البلاد، وهو أن يحترم شخص شخص آخر، لكنه يشعره بطريقة أو بأخرى بأنه أفضل منه. إن هذا موجود لدى معظم أصحاب الديانات الثلاثة في البلاد. لكن المسيح علمنا بأن نحترم الآخر بشكل يكرمه كأنفسنا أو حتى أفضل من أنفسنا؛ وذلك بتعاليم كثيرة مثل: “تحب قريبك كنفسك" “حابين بعضهم البعض أفضل من أنفسهم" “كل ما تريدو أن يفعل الناس بكم، فاعلوه أنتم أيضًا بهم"، وغيرها من التعاليم السامية؛ التي فيها أضم صلاتي معك يا أخي بطرس لكي يعطينا الرب نعمة لنستطيع أن نعيشها خاصة في هذا الأرض.
2. يوسف خوري 27 أغسطس 2011 - 23:53 بتوقيت القدس
الأخ بطرس منصور الأخ بطرس منصور
لعلي أصبحت مناوباً على قراءة مقالاتك الروحية الملفته والجميلة، نعمة الرب عليك .. مقالك أكثر من رائع
3. القس جوزيف حداد 28 أغسطس 2011 - 08:32 بتوقيت القدس
تصحيح خطأ وارد تصحيح خطأ وارد
ألأخ الحبيب بطرس مفالة ممتازة ولكن لأجل التدقيق, لم يكن المسكون بالشياطين من جنيسارت بل من كورة الجدريين وفد وردت في الترجمة الأنجليزية ال- N.I.V version بأسم Gerasenes كما وردت ايضاً في شاهدَين كتابيَين مرقس 1:5 ولوقا 26:8 ولم يكن يهودياً كما ذكرت بل اممياً لأن كورة الجدريين كانت من المدن العشر ال- Decapolis وهي جميعها مدن اممية شرقي بحيرة جنيسارت كما ورد في متى 25:4 الى ألأمام في مفالتك الشيقة.
4. وردة الرب 28 أغسطس 2011 - 12:37 بتوقيت القدس
نحن واحد في المسيح نحن واحد في المسيح
الرب يباركك ايها الاخ العزيز نحن نحتاج كثير الى مثل هذه المقالات بالفعل الرب يسوع كان مبداه المساواة بين الكل حتى نحن كمسيحين لو تاتي الى الحقيقة مختلفين في الطقوس والعادات لكن يجب ان نتحرم بعضنا ونتذكر اننا لو مهما اختلفنا كلنا نعبد اله واحد
5. اشرف شاهين 28 أغسطس 2011 - 16:18 بتوقيت القدس
الرب يباركك يا أخ بطرس الرب يباركك يا أخ بطرس
ما عسى ان اقول سوى الرب يبارك حياتك فأنت شخص مبارك يا اخ بطرس ،مقالاتك رائعةجدا.
6. بطرس منصور 28 أغسطس 2011 - 22:20 بتوقيت القدس
للقس جوزيف للقس جوزيف
رداً على ملاحظتك::بحسب المفسر كلارك احد المسكونين هو يهودي بينما الآخر اممي.اما بخصوص جنيسارت-الفت نظرك ان بحر الجلبل نفسه سمى بحر جنيسارت. من هنا فان تعبيري جائز مما اقتضى التنويه.
7. القس جوزيف حداد 29 أغسطس 2011 - 08:10 بتوقيت القدس
الى الأخ الحبيب بطرس الى الأخ الحبيب بطرس
من المستحيل ان يسكن اليهود في مكان تُرعى فيه الخنازير اذ ان هذا الحيوان وبحسب الشريعة اليهودية يُعتبر نجساً لاويين 7:11 وقد ذُكر في الأناجيل الثلاثة ان الأرواح النجسة لما خرجت من الأنسان دخلت في الخنازير التي اندفعت الى البحيرة متى32:8, مرقس 13:5, لوقا 32:8 فعلى اي اساسى كتابي بيني المفسر كلارك استنتاجته ان احد الرجلين كان يهودياً؟ كما انه من الشهامة يا اخ بطرس ان نعترف باننا نخطئ احياناً ولا سيما ان كثيرون سوف يقرأون هذا المقال الشيق فينبغي لنا ان نكون دقيقين كتابياً اذ يقول الحكيم في جامعة 20:7 "لأنه لا انسان صديقاً في الأرض يعمل صلاحاً ولا يخطئ" فلا بأس ان كنا نخطئ احياناً ما دام لدينا الأستعداد ان نتعلم من اخطائنا. It is commendable to remain with a teachable spirit as disciples of Christ. I love you in Jesus
8. بطرس منصور 29 أغسطس 2011 - 13:28 بتوقيت القدس
للقس جوزيف للقس جوزيف
الكتاب المقدس لم يوضح جنسية الرجل الذي اخرج منه الرب الشياطين.لربما يمكن الاستدلال عنها من المنطقة الجغرافية او من وجود الخنازير مما يصب في التفسير انه لم يكن يهودياً.لكن هذا غير مؤكد واشجعك لقراءة التفاسير المختلفة عن الموضوع .كلارك وايضاً جل Gill تطرقوا للامكانيتين. بعض المفسرين قالوا ان الرب افنى قطيع الخنازير عن طريق ارسال الشياطين اليها عقاباً لهم لتربيتها ومنهم من قال ان الرب قاصصهم ذلك بسبب بيع هؤلاء الامم للخنازير لليهود وبهذا حرفوهم عن شريعة موسى. من هنا فان امكانية ان يكون اصحاب القطيع يهود والشخص الذي شفاه الرب يهودي واردة. مهما يكن من امر العبارة ليست في صلب موضوع المقال ولم اتوقع ان اناقش معقّب عن جنسية حامل اللجيون. ان اردت ان تعتبره اممياً فهنيئاً لك. انا ارجح التفسير الآخر .المهم ان الرب شفاه ولم يكن ما كتبته في مقالي خطأ كما اعلنت في السابق.
9. القس جوزيف حداد 29 أغسطس 2011 - 16:47 بتوقيت القدس
شكراً لك يا اخ بطرس شكراً لك يا اخ بطرس
شكراً لك يا اخ بطرس لأجل التوضيح. اوافق معك تماماً بالنسبة للأحتمال الثاني ولكن المشكلة انك في المفال جزمت بأن الأنسان كان يهودياً انظر الفقرة الرابعة من النصى. لو انك قدمت الأفتراضين لما كان بيننا اي جدال, ارجو ان تفهم قصدي الرب يباركك, اصلي ان الرب يزيدك مواهب كتابية فأنا شخصياً اقرأ مقالاتك بشغفٍ