من لي في السماء‎‎؟

يعتقد البعض بان النجاح في امور حياتنا المادية، هو المعيار الوحيد او على الاقل المركزي، في تحديد من هو الانسان الناجح او المبارك، او حتى من يرضى عليه الله...
04 ابريل 2022 - 09:22 بتوقيت القدس
من لي في السماء‎‎؟

نقرأ في المزمور 73 اعلان آساف المبارك بان " الله صالح لاسرائيل، لانقياء القلب"، وبعد ذلك يتابع قائلًا بان قدماه كادت تَزِل، ولولا قليل لزلقت خطواته، لماذا؟

يعتقد البعض بان النجاح في امور حياتنا المادية، هو المعيار الوحيد او على الاقل المركزي، في تحديد من هو الانسان الناجح او المبارك، او حتى من يرضى عليه الله.

لكن نعلم جيدًا انه هناك بعض الاشخاص الذين لا يُؤمنون بوجود الله ولا يخضعون لسلطانه بارادتهم الحرة، ومع ذلك نراهم اشخاص اغنياء جدًا واصحاب نفوذ مادي، أجتماعي بل وسياسي ايضًا.

هذا ما ذكره آساف في المزمور لدرجة انه غار من المتكبرين ورآى سلامة الاشرار ! الذين ليست في موتهم شدائد وجسمهم سمين، يستهزئون ويتكلمون بالشر ظُلمًا، ومن العلاء يتكلمون، قائلين :

" كيف يعلم الله؟ وهل عند العَلِيِّ معرفة؟ ".

استمر آساف في لهجة التذمر وخيبة الامل قائلا :

" حقا زكيت قلبي باطلا وغسلت بالنقاوة يدي، وكنت مصابا اليوم كله، وتأدبت كل صباح ".

بما معناه ان آساف الرجل الخادم والمرنم، الذي كان يهاب الله واسمه القدوس ويخدمه بامانة، رآى غنى الاشرار المادي، البعيدين عن الله، وغار منهم وسمانة اجسادهم.

لكن ليس معنى هذا ان كل الاغنياء اشرار، حاشا، وانهم يتبعون طرق ملتوية لجمع اموالهم، لان الكتاب المقدس يعلمنا بان محبة المال اصل لكل الشرور، وليس المال بحد ذاته او الغنى، بل الطريقة التي نحصل بها على الاموال، وارتفاع القلب على من هم حولنا اذا حصلنا هذا الغنى المادي المعهود !!

لكن الغنى الحقيق هو ان نكون اغنياء لله، نعترف ان كل عطية هي منه هو وحده، لان كل ما في السماء وعلى الارض هو ملك لله، وهو من يهبنا القوة والارادة والصحة والعافية، لكي نجتهد وان نعمل ونعيش بكرامة،  لكن قبل كل اعتبار علينا الاعتراف ان كل شي هو منه وله، ان كانت عطايا مادية او مواهب روحية.

نرى التحول الجذري في فكر آساف ورؤيته للامور بوضوح، عندما دخل مقادس الله، وانتبه الى آخرة الاشرار !!

فقال انهم صاروا للخراب بغتةً، وبان البعداء عن الله يبيدون، ويهلك كل من يزني على الله.

ادرك آساف ان الله مصدر كل خير، وحسن لنا ان ندرك ان الذي وهبنا ابنه يسوع، وسمح بان يموت على الصليب ويقوم في اليوم الثالث، كيف لا يهبنا معه كل شيء !! بل كما تسائل آساف :

" من لي في السماء ؟ ومعك لا اريد شيئًا على الارض "،

نلاحظ انه يقول "من" لي في السماء، وليس "ماذا" لي في السماء، فهل ادركنا بارواحنا وقلوبنا واذهاننا ان لنا حياة ابدية بالايمان بيسوع المسيح ربنا، واننا سوف نمكث مع الآب القدوس والابن المبارك يسوع ومع جميع القديسين الى ابد الآبدين، مع انه هناك امور ووعود عظيمة في السماء لكل مؤمن حقيقي خدم الرب بامانة على الارض، لكن ذلك لا يُشبع قلوبنا، بل محبة الآب التي ادركناها هنا الارض وتستمر الى الابد، فماذا نطلب بعد في السماء ؟ او حتى على الارض ؟ هل ما زلنا نطلب الغنى والشهرة والقوة وامور اخرى، ام اكتفى القلب بنعمة الله وعطاياه الحسنة لنا، لنقول مع المرنم :

" صخرة قلبي ونصيبي الله الى الدهر "،

" واما انا فالاقتراب الى الله حسنٌ لي، جعلت بالسيد الرب ملجأي، لأُخبر بكل صنائعك ".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا