قبل عدة أيام ، وفي برنامج فكاهي يدعى "الليلة " مع ليئور شلاين ، والذي يُبث على القناة العاشرة الإسرائيلية ، قال شلاين : " كلما يظهر رجل دين في الفاتيكان ، سواء كان كاهنا أو راهبا أو .....فانه يدلي بتصريح يُنكر فيه المحرقة اليهودية ، لذا ومن هذا المنطلق سأردّ الصّاع صاعين "
وما كان منه الا أن عرض مشاهد فيديو ساخرة ، يسخر فيها من بتولية القدّيسة مريم العذراء ، ويهاجم الربّ يسوع بمشاهد يظهر فيها انه سمين جدا ويُشكّك بقدرته على المشي على الماء، ثم تستمر السخرية لينتقص من العشاء الأخير ويدّعي ان يسوع كان يشرب الكريب فروت بدلا من النبيذ الذي يرمز الى دمه المسفوك على خشبة الصليب كفّارة عن كلّ خطايا البشرية ، وان لا قداسة في يوم الأحد فهو كان يوم ريجيم ليسوع ...
وثارت ثائرة الجميع بعد إن نشرته وسائل الأعلام المكتوبة والالكترونيّة ، مسيحيين وغير مسيحيين ، والكلّ يسبّ ويشتم ويهاجم ، ويطعن في اليهودية ، لدرجة أنّني رأيت الحقد يشتعل في العيون والحقد يرقص في الحنايا والأعصاب ...انهم يريدون لو امسكوا هذا الشلاين أن يمزّقوه إربًا إربًا .انهم يريدون ان يحطذموا ويُهشّموا كلّ شيء...
لا أنكر انّ ما قام به هذا الإنسان هو خطير وخسيس ولا ذوق فيه ، وبعيد كلّ البعد عن الحقيقة والواقع، فالربّ يسوع له المجد ، سيرته ناصعة البياض ، وقدراته الخارقة وإلوهيته وعجائبه حكى عنها الكفّار واليهود قبل المسيحيين ، وشاهده الكلّ بأمّ أعينهم ، فالعجائب التي اجترحها - وهي عديدة ومُتعددة الجوانب – كان يجريها أمام الجميع ، فأقام الموتى ، وشفى المرضى ، وأطعم الآلاف من البشر بخمسة أرغفة وسمكتين ، والأهمّ أنّه علّمنا بموعظته وصَلبه أنّ المحبة هي أساس الكون ، وأنّ الفداء هو هو عنوان الخلاص وجواز السّفَر إلى الملكوت ، وأنّ التسامح والرحمة فوق القانون ، وأنّ الإنسان أخ لأخيه الإنسان من كلّ لون ولسان وقبيلة .
وأيضًا....
أن نغفر ونسامح الظالمين ، المُذنبين إلينا ، بل أن نُصلّي من أجلهم حتى يهديهم الربّ ويُنير طريقهم ويقودهم في موكب نُصرته ، فهؤلاء القوم هم عميان ، وعلينا أن نعمل على فتح عيون بصائرهم بالمحبّة والغفران .
أذكر الربّ يسوع وهو على خشبة الصّليب ، وهو يعاني الآلام واللطم والاهانات ، أذكره يرفع صلاة ولا أحلى : " إغفرْ لهم يا أبتاه لأنهم لا يعرفون ما يفعلون "
واليوم يطالبنا السيّد أن نتشبّه به ، ونسير في طريقه ، حاملين مشعل التسامح والمسامحة ، تاركين النقمة والانتقام ، فالنقمة له ، وهو الذي يُجازي ويكافئ ويدين .
يسوعنا قويّ فعلا وعظيم ، ولا يريدنا أن نُكسّر ونُحطِّم ونسبّ ، ولا يريدنا أن ننتقم ، بل يريدنا أن نتروَّى، وأن نصلّي ونطلب الغفران لهؤلاء وأمثالهم ، وعندئذ ٍ سيشعرون –وهم إخوة لنا في البشرية-أنهم تجنّوا ، وأن المسيح الذي تهكموا عليه مع أتباعه يسامحونهم ويغفرون لهم ، بل ويُصلّون من أجلهم ، عندها سيقفون لحظة مُفكِّرين : من هو هذا الإله الذي يُسامح صالبيه والمُتهكمين عليه ؟
لا بُدّ أنّه عظيم يستحقّ أن يُعبَد ويُعشَق ويُطاع.
من هذا الإله الذي لا يُجازي عن شرٍّ بشرّ ، بل يُحبّ الأعداء ويُبارك اللاعنين ؟!!
حقّا لو سُئل الربّ اليوم عن شلاين لقال : إنّي أسامحه ، فهو ابن ضالّ ، عندما يعود للبيت وسأفتح له ذراعيَّ.
دعونا نغفر ، ودعونا نُسامح ، ودعونا نقتدي بالربّ يسوع ، كما اقتدينا به فعلا بعد ان اقتحم يهوديان كنيسة البشارة في الناصرة فندما،فارتفع المسيح في العيون ، كلّ العيون ، لأنه مرتفع فعلا وعالٍ.