هَبيني القصيدة يا مريمُ – مضىٰ زمنٌ وأنا أحلُمُ
بأنشودةٍ لكِ مِن قلمِي – بعَونِكِ يَنجَحُ ما أنظِمُ
وقد قلتِ يَوْمَ حُضور المَلاكِ – نعَمْ، نِعْمَ ذلِكُمُ النـَّعَـمُ
فتحْتِ طريق الخلاص بهِ – وإلّا لقِيلَ متىٰ يَقدَمُ
إذاً سوف أكتبُ عمّا فتحْتِ ما يُلهِمُ السّيّدُ المُلهِمُ
كتبْتُ ورنّمتُ مشدودة ً – إليكِ الترانيمُ والقلمُ
شهيدُ النبوّةِ أفصَحَ مِن – قرونٍ، شهادتُهُ مَعْلـَمُ
ثمانية ٌ هِيَ في عُرْفِهِ – تمُرّ سريعاً وتنصَرِمُ
وأيّامُ آحازَ شاهِدة ٌ – على سِفرهِ، نِعْمَ ذاكَ الفمُ
وإعلانُهُ آية ً حَقّة ً – بها يُبتدىٰ وبها يُختمُ
وكمْ منْ نبيٍّ شهيدٍ قضىٰ – بسِفر النبوّةِ يَعْتصِمُ
أشِعياءُ ماتَ على أملٍ – إليهِ رنا الإنسُ بل رنّمُوا
سيحيا وفي ملكوتِ السَّمَا – خلاصُ كثِيرين، لن يُظلـَمُوا
تنبّأ لكِنّهُ مُؤمِنٌ – فلا شيءَ نادىٰ بهِ مُبْهَمُ
بعذراءَ تحبَلُ بالمُـرتجىٰ – وعِمّانُئِيْلُ اٌسْمُ ذلِكُمُ
فبشّرَها بالسّلامِ المَلَاكُ – مُبارَكة ٌ أنتِ يا مريمُ
ومِنْ قبْلِ ذا اٌمتلأتْ نِعْمَة ً – وفي بَطنِها سَكن المُنعِمُ
هِيَ المُصطفاة بلا دَنَسٍ – فما وَرِثتْ ما جَنىٰ آدَمُ
فحاشا يسوع ومريمَ مِن – خطيئةِ آدَمَ ما تلزمُ
كما الإبْن طاهِرة ٌ أمُّهُ – علىٰ قُدسِهِ قُدسُها يُرسَمُ
لأنّ القداسة واحِدة ٌ – كثالوثِها ليس ينقسِمُ
تجسّدَ مِنْ صُلبها خارِجاً – نقِيّاً، هَـنِيئاً لِمَن يَفهَمُ
ليشغـَلَ كُرسِيّ داوُدَ في – يَهُوْذا وأورَشَلِيمُ دَمُ
بأطفالِها أمسِ واليومَ لا – يُكَفّ النزيفُ وكمْ يُؤلِمُ
علىٰ بَيتِ لحْمَ سَمَتْ نجمة ٌ – ووافىٰ إليها الألىٰ نجّمُوا
وقاسىٰ المَجُوسُ خـُطىً نحْوَها – مِن الشرق جاؤوا ولمْ يَوهَمُوا
فخرّوا لطِفلِ المَغارةِ مَلْكاً – وقد علِموا أنّهُ الأعظمُ
وجادوا لهُ بالهدايا الثلاثِ – حَرِيّاً بتلكَ التي قدّمُوا
وعادوا بوحْي وما خبَّروا – هِرودُسَ عنهُ ولا أعلموا
وحاماهُ يوسُفُ مِن خطَرَيـنِ بارّاً وما عاقهُ الهَرَمُ
مضىٰ وخطيبتُهُ واٌبْنُها – إلى مِصْرَ حتّىٰ اٌنقضتْ إزَمُ
وكان أباً بشريعةِ مُوسىٰ – ليَسبتعِدَ الشّكّ مَن يَرجُمُ
رسالتُهُ البـِرّ لكِنّهُ – مِثالُ الأبوّة والمِيسَمُ
إلى أن دنت ساعة الإنتقال – ينوءُ بأعبائِها المأتمُ
ولا عِبْءَ أثقلُ ممّا اٌستطاع أن يَحْمِلَ الرّاحِمُ الأرحَمُ
فتىً جاء يحمِلُ وِزرَ الورىٰ – ليصطلِحَ اللهُ والنّسَمُ
ثلاثين عاماً وساعتُهُ – لبَدءِ الرّسالة تنتظِمُ
فعَلّمَ ما دَرّ مِن خيرِهِ – ووَجْهُ العَجائِب مُبتسِمُ
فتاريخ مِيلادِهِ فيصَلٌ – عليهِ التواريخُ تنسجمُ
***
سلاماً من القلب يا مريمُ – عليكِ وقلبيَ يضطرمُ
بنار المَحَبّة مِن أصْلِها – فإنّ المَحَبّة لا تُكتـَمُ
وقد فاقتِ الوصفَ بالكلماتِ – وقصّرُ في حقّها المُعْجَمُ
بكِ المُعجـِزاتُ اٌبتدتْ أوّلَاً – بـِقانا الجليل سَرىٰ البَلسَمُ
ليَصْحُوَ مَن غـَطّ في سَكرَةٍ – ويَبْرَأ مَن شـَحْمُهُ وَرَمُ
ويُلقِيَ عُكّازهُ مُقعَدٌ – وينطق بالنـّعْمةِ الأبكمُ
ويُبصِرَ أعمىٰ البصيرة في – زمانٍ مضىٰ والفـضا مُعْـتـِمُ
أما أنتنتْ جُثّة ٌ في الثرىٰ – لـَعَازَرُ قامَ كما النـّوّمُ
فأيّ اٌفتخارٍ لمُفتخـِرٍ – بغـَير الصّليب ومَا المَغنمُ
وأيّ فداءٍ بدون دمٍ – وأيّ خلاصٍ لمَنْ يندَمُ
لقد جادَ ربّ العبادِ بهِ – بشخصٍ هو الأطهَرُ الأكرمُ
لأنّ الأنامَ بأقداسِهمْ – خطاة ٌ جميعاً بما قدّموا
فلا يُفتدىٰ أحدٌ بسوىٰ – مثيلٍ لهُ إنـّما التوأمُ
بذاتٍ وعقلٍ ورُوحٍ كما – علامة بَصْمٍ لِمَن يَبْصُمُ
علىٰ نفسِها اٌنقسمَتْ أمّة ٌ – وقد شهِدَ النّاسُ مَنْ يَقسِمُ
فعَـزّ أمانٌ على آمِنٍ – وظنّ الذي حازهُ يَسْلـَمُ
وما طالَ حُكمٌ لقاضٍ ولا – تفرّدَ بالحُكْم مُحترَمُ
فـبان الطريقُ وحان الهُدىٰ – وجاء المَسِيحُ الذي يَخدِمُ
ومنْ شاءَ أنْ يُصطفىٰ سيّداً – يكـُنْ خادماً حولهُ خـَدَمُ
*****
مُبارَكـَة ٌ أنتِ يا مريمُ – مُطوّبَة ُ الجـِيلِ والنّغـَمُ
شفيعتُهُ البـِكْرُ مهما تحاشىٰ الشّفاعة نُقّادُها اللوّمُ
أجَبْتِ الحَوائجَ مِن سائلٍ – كفاهُ من الغيظ ما يَكظِمُ
فكمْ صُنتِهِ مِن شرور العِدىٰ – وساحِ الوغىٰ والرّدىٰ مُفحِمُ
أشادَ بفضلِكِ فوق السّطوح – ومن تحتِها الناسُ تختصِمُ
وقد صاغ في الشـِّعْـر مِيمِيّة ً – مُقدّمَة ً لكِ يا مريمُ
تغارُ الحبيبة من كلّ أنثىً – سِواكِ إذا راحَ يستلهِمُ
بصورتِكِ اٌمتلأ البيتُ مِن – ضياءٍ فمِن دُونِها يُظلِمُ
وفي يدِكِ الطفلُ مَن ذا يرىٰ – ولا يتبارَكُ بلْ يَنعَمُ
بما بَذلَ الإبنُ من أجْلِهِ – فطُرّاً تـُسَبـِّحُهُ الأمَمُ
وجاهَدتِ حتى رأيتِ الصّليبَ – وقد لاعَكِ الحُزن لا السّأ َمُ
قدِ اٌخترتِ همّاً وأنتِ التي – تُقِرّ القرارَ ومَن تحْسِمُ
ومِنْ جنسِكِ اليومَ مَن يُعتدىٰ – عليها ومِن حقّها تـُحْرَمُ
وهذي التي لا نصِيرَ لها – وتلكَ تُعَذّبُ أو تُعْدَمُ
على عَجَلٍ أو ببطءٍ وما – سِواكِ الحنون التي تدعَـمُ
فمِنكِ الشفاعة مضمونة ٌ – هنيئاً لِحَيٍّ بها يَعْلمُ
هنيئاً لقانا الجليل بها – هُناكَ شفاعتُكِ الأقدمُ
أغـِيثي التي ترتجي مَخرجاً – مِن البؤس فالمرءُ لا يَرحَمُ
وبين الرّجال اٌنزوتْ طِيْبة ٌ – ومِنهُمُ عاتٍ عَمٍ مُجرمُ
يـُجافي المساواة قاموسُهُ – على أنّهُ الخصْمُ والحَكَمُ
وأنّ على الزّوج حَمْـلَ الْأذىٰ – إلى أبَدِ الدّهر تستسلِمُ
سيؤتىٰ بوقتٍ لسَحْقِ الطغاة – بعونِكِ مريمُ يُستقدَمُ
يُحَرَّق تِبْنهُمُ والزّؤان – وينتعِش القمحُ والمَوسِمُ
وتغدو الأنوثة قوّامة ً – وزيفُ الرجولة لا يُوهِمُ
فعَقلٌ يُزيّنُ مُجتمَعاً – يَكِيلُ بعَدلٍ كما يزعمُ
هو المرءُ حُرّ بفضل المَسِيح – تحرّرَ مَن قيّدَ الصّنمُ
ليَرجـِعَ حَقّ إلى أهلِهِ – ويَنكسِرَ القيْدُ لا المِعصَمُ
--------------------------------
*** شكراً لأخي الغالي الكاتب اليسوعي زهير دعيم الذي شجّعني على كتابة القصائد الروحيّة؛ ذلك ردّاً على تعليق لي في هامش رائعته {العذراء مريم... المرأة الأطهر}.
فحاولت كتابة قصيدة عن سيّدتنا العـذراء بتاريخ 12.10.2009 وقمت اليوم بإعادة صياغتها.