سمفونيّة الأمّ العـذراء

01 مارس 2011 - 13:46 بتوقيت القدس

هَبيني القصيدة يا مريمُ – مضىٰ زمنٌ وأنا أحلُمُ

بأنشودةٍ لكِ مِن قلمِي – بعَونِكِ يَنجَحُ ما أنظِمُ

وقد قلتِ يَوْمَ حُضور المَلاكِ – نعَمْ، نِعْمَ ذلِكُمُ النـَّعَـمُ

فتحْتِ طريق الخلاص بهِ – وإلّا لقِيلَ متىٰ يَقدَمُ

إذاً سوف أكتبُ عمّا فتحْتِ ما يُلهِمُ السّيّدُ المُلهِمُ

كتبْتُ ورنّمتُ مشدودة ً – إليكِ الترانيمُ والقلمُ

شهيدُ النبوّةِ أفصَحَ مِن – قرونٍ، شهادتُهُ مَعْلـَمُ

ثمانية ٌ هِيَ في عُرْفِهِ – تمُرّ سريعاً وتنصَرِمُ

 وأيّامُ آحازَ شاهِدة ٌ – على سِفرهِ، نِعْمَ ذاكَ الفمُ

وإعلانُهُ آية ً حَقّة ً – بها يُبتدىٰ وبها يُختمُ

وكمْ منْ نبيٍّ شهيدٍ قضىٰ – بسِفر النبوّةِ يَعْتصِمُ

أشِعياءُ ماتَ على أملٍ – إليهِ رنا الإنسُ بل رنّمُوا

سيحيا وفي ملكوتِ السَّمَا – خلاصُ كثِيرين، لن يُظلـَمُوا

تنبّأ لكِنّهُ مُؤمِنٌ – فلا شيءَ نادىٰ بهِ مُبْهَمُ

بعذراءَ تحبَلُ بالمُـرتجىٰ – وعِمّانُئِيْلُ اٌسْمُ ذلِكُمُ

فبشّرَها بالسّلامِ المَلَاكُ – مُبارَكة ٌ أنتِ يا مريمُ

ومِنْ قبْلِ ذا اٌمتلأتْ نِعْمَة ً – وفي بَطنِها سَكن المُنعِمُ

هِيَ المُصطفاة بلا دَنَسٍ – فما وَرِثتْ ما جَنىٰ آدَمُ

فحاشا يسوع ومريمَ مِن – خطيئةِ آدَمَ ما تلزمُ

كما الإبْن طاهِرة ٌ أمُّهُ – علىٰ قُدسِهِ قُدسُها يُرسَمُ

لأنّ القداسة واحِدة ٌ – كثالوثِها ليس ينقسِمُ

تجسّدَ مِنْ صُلبها خارِجاً – نقِيّاً، هَـنِيئاً لِمَن يَفهَمُ

ليشغـَلَ كُرسِيّ داوُدَ في – يَهُوْذا وأورَشَلِيمُ دَمُ

بأطفالِها أمسِ واليومَ لا – يُكَفّ النزيفُ وكمْ يُؤلِمُ

علىٰ بَيتِ لحْمَ سَمَتْ نجمة ٌ – ووافىٰ إليها الألىٰ نجّمُوا

وقاسىٰ المَجُوسُ خـُطىً نحْوَها – مِن الشرق جاؤوا ولمْ يَوهَمُوا

فخرّوا لطِفلِ المَغارةِ مَلْكاً – وقد علِموا أنّهُ الأعظمُ

  وجادوا لهُ بالهدايا الثلاثِ – حَرِيّاً بتلكَ التي قدّمُوا

وعادوا بوحْي وما خبَّروا – هِرودُسَ عنهُ ولا أعلموا

وحاماهُ يوسُفُ مِن خطَرَيـنِ بارّاً وما عاقهُ الهَرَمُ

مضىٰ وخطيبتُهُ واٌبْنُها – إلى مِصْرَ حتّىٰ اٌنقضتْ إزَمُ

وكان أباً بشريعةِ مُوسىٰ – ليَسبتعِدَ الشّكّ مَن يَرجُمُ

رسالتُهُ البـِرّ لكِنّهُ – مِثالُ الأبوّة والمِيسَمُ

إلى أن دنت ساعة الإنتقال – ينوءُ بأعبائِها المأتمُ

ولا عِبْءَ أثقلُ ممّا اٌستطاع أن يَحْمِلَ الرّاحِمُ الأرحَمُ

فتىً جاء يحمِلُ وِزرَ الورىٰ – ليصطلِحَ اللهُ والنّسَمُ

ثلاثين عاماً وساعتُهُ – لبَدءِ الرّسالة تنتظِمُ

فعَلّمَ ما دَرّ مِن خيرِهِ – ووَجْهُ العَجائِب مُبتسِمُ

فتاريخ مِيلادِهِ فيصَلٌ – عليهِ التواريخُ تنسجمُ

***

سلاماً من القلب يا مريمُ – عليكِ وقلبيَ يضطرمُ

بنار المَحَبّة مِن أصْلِها – فإنّ المَحَبّة لا تُكتـَمُ

وقد فاقتِ الوصفَ بالكلماتِ – وقصّرُ في حقّها المُعْجَمُ

بكِ المُعجـِزاتُ اٌبتدتْ أوّلَاً – بـِقانا الجليل سَرىٰ البَلسَمُ

ليَصْحُوَ مَن غـَطّ في سَكرَةٍ – ويَبْرَأ مَن شـَحْمُهُ وَرَمُ

ويُلقِيَ عُكّازهُ مُقعَدٌ – وينطق بالنـّعْمةِ الأبكمُ

ويُبصِرَ أعمىٰ البصيرة في – زمانٍ مضىٰ والفـضا مُعْـتـِمُ

أما أنتنتْ جُثّة ٌ في الثرىٰ – لـَعَازَرُ قامَ كما النـّوّمُ

فأيّ اٌفتخارٍ لمُفتخـِرٍ – بغـَير الصّليب ومَا المَغنمُ

وأيّ فداءٍ بدون دمٍ – وأيّ خلاصٍ لمَنْ يندَمُ

لقد جادَ ربّ العبادِ بهِ – بشخصٍ هو الأطهَرُ الأكرمُ

لأنّ الأنامَ بأقداسِهمْ – خطاة ٌ جميعاً بما قدّموا

فلا يُفتدىٰ أحدٌ بسوىٰ – مثيلٍ لهُ إنـّما التوأمُ

بذاتٍ وعقلٍ ورُوحٍ كما – علامة بَصْمٍ لِمَن يَبْصُمُ

علىٰ نفسِها اٌنقسمَتْ أمّة ٌ – وقد شهِدَ النّاسُ مَنْ يَقسِمُ

فعَـزّ أمانٌ على آمِنٍ – وظنّ الذي حازهُ يَسْلـَمُ

وما طالَ حُكمٌ لقاضٍ ولا – تفرّدَ بالحُكْم مُحترَمُ

فـبان الطريقُ وحان الهُدىٰ – وجاء المَسِيحُ الذي يَخدِمُ

ومنْ شاءَ أنْ يُصطفىٰ سيّداً – يكـُنْ خادماً حولهُ خـَدَمُ

*****

مُبارَكـَة ٌ أنتِ يا مريمُ – مُطوّبَة ُ الجـِيلِ والنّغـَمُ

شفيعتُهُ البـِكْرُ مهما تحاشىٰ الشّفاعة نُقّادُها اللوّمُ

أجَبْتِ الحَوائجَ مِن سائلٍ – كفاهُ من الغيظ ما يَكظِمُ

فكمْ صُنتِهِ مِن شرور العِدىٰ – وساحِ الوغىٰ والرّدىٰ مُفحِمُ

أشادَ بفضلِكِ فوق السّطوح – ومن تحتِها الناسُ تختصِمُ

وقد صاغ في الشـِّعْـر مِيمِيّة ً – مُقدّمَة ً لكِ يا مريمُ

تغارُ الحبيبة من كلّ أنثىً – سِواكِ إذا راحَ يستلهِمُ

بصورتِكِ اٌمتلأ البيتُ مِن – ضياءٍ فمِن دُونِها يُظلِمُ

وفي يدِكِ الطفلُ مَن ذا يرىٰ – ولا يتبارَكُ بلْ يَنعَمُ

بما بَذلَ الإبنُ من أجْلِهِ – فطُرّاً تـُسَبـِّحُهُ الأمَمُ

وجاهَدتِ حتى رأيتِ الصّليبَ – وقد لاعَكِ الحُزن لا السّأ َمُ

قدِ اٌخترتِ همّاً وأنتِ التي – تُقِرّ القرارَ ومَن تحْسِمُ

ومِنْ جنسِكِ اليومَ مَن يُعتدىٰ – عليها ومِن حقّها تـُحْرَمُ

وهذي التي لا نصِيرَ لها – وتلكَ تُعَذّبُ أو تُعْدَمُ

على عَجَلٍ أو ببطءٍ وما – سِواكِ الحنون التي تدعَـمُ

فمِنكِ الشفاعة مضمونة ٌ – هنيئاً لِحَيٍّ بها يَعْلمُ

هنيئاً لقانا الجليل بها – هُناكَ شفاعتُكِ الأقدمُ

أغـِيثي التي ترتجي مَخرجاً – مِن البؤس فالمرءُ لا يَرحَمُ

وبين الرّجال اٌنزوتْ طِيْبة ٌ – ومِنهُمُ عاتٍ عَمٍ مُجرمُ

يـُجافي المساواة قاموسُهُ – على أنّهُ الخصْمُ والحَكَمُ

وأنّ على الزّوج حَمْـلَ الْأذىٰ – إلى أبَدِ الدّهر تستسلِمُ

سيؤتىٰ بوقتٍ لسَحْقِ الطغاة – بعونِكِ مريمُ يُستقدَمُ

يُحَرَّق تِبْنهُمُ والزّؤان – وينتعِش القمحُ والمَوسِمُ

وتغدو الأنوثة قوّامة ً – وزيفُ الرجولة لا يُوهِمُ

فعَقلٌ يُزيّنُ مُجتمَعاً – يَكِيلُ بعَدلٍ كما يزعمُ

هو المرءُ حُرّ بفضل المَسِيح – تحرّرَ مَن قيّدَ الصّنمُ

ليَرجـِعَ حَقّ إلى أهلِهِ – ويَنكسِرَ القيْدُ لا المِعصَمُ

--------------------------------

*** شكراً لأخي الغالي الكاتب اليسوعي زهير دعيم الذي شجّعني على كتابة القصائد الروحيّة؛ ذلك ردّاً على تعليق لي في هامش رائعته {العذراء مريم... المرأة الأطهر}.
فحاولت كتابة قصيدة عن سيّدتنا العـذراء بتاريخ 12.10.2009 وقمت اليوم بإعادة صياغتها.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. زهير دعيم 01 مارس 2011 - 17:05 بتوقيت القدس
لا فُضَّ فوكَ لا فُضَّ فوكَ
رائع ...اصفّق لك من كلّ قلبي ، وأشكر الهي عليك وعلى تلك الساعة التي بها شجعت شاعرا رائعا مبدعا ان يبدأ ويتغزّل بيسوع ونعمه وخلاصه وخصاله وحنانه وتحنانه وسيرته العطرة.. ملحمتك المرمية- الميميّة جميلة وأكثر.. اخي رياض السماء فرحة بك. وثق انك انت الربحان فكلّ جاه العالم لا يساوي ان نكون بحضرة الاله المحبّ ثانية واحدة.. مجدًا وعزّا لالهك يا حبيّب وسلامي وسلام زوجتي الحار لك ولزوجتك الغالية على قلوبنا.
2. رشدي معلوف 01 مارس 2011 - 19:10 بتوقيت القدس
مبارك إسم الرب .. مبارك إسم الرب ..
قصيدة رائعة يا أخ رياض . عشت ودمت بركة . وبكل تأكيد , إنّ السيّدة العذراء لها مكانة بقلوبنا ويجب أن نعطيها حقّها . تحيّاتي ومحبّتي لك .
3. مرثا 01 مارس 2011 - 21:07 بتوقيت القدس
جميل جدا ماكتبت استا رياض جميل جدا ماكتبت استا رياض
استاذنا المبدع: اشكر الله من اجلك، القديسة مريم أصدق مثل عن الاتضاع والخضوع لمشيئة الله الصالحة،سجلت بقلمك المبدع اجمل مايمكن ان يقال او يكتب في سيرتها، يباركك الهنا الصالح لتسجل حياة العظماء القديسين بقلمك الموهوب محبتي وتقديري
4. زهير دعيم 01 مارس 2011 - 21:41 بتوقيت القدس
وقع خطأ غير مقصود ... وقع خطأ غير مقصود ...
فقد جاء في التعقيب الاول : ملحمتك المرمية- الميميّة جميلة وأكثر.. والصحيح هو : ملحمتك المريمية- الميميّة جميلة وأكثر.. فعذرا
5. James Peter 02 مارس 2011 - 05:49 بتوقيت القدس
عدرا يا أم الكل عدرا يا أم الكل
كل الاشعار يا رياض الحبيب لن نفي المسيح او العذراء مريم حقهم....لكن شعرك هذا لخص حياتها وسيرتها قبل ولادتها ..ليتنا نقدر وداعتها و طهارتها التي لا مثيل لها..انها النثال الاعظم للتواضع والطاعة بحـكمة و عقل و ايمان ..عبرت عنه بما تعجز الاقلام عنه .انها انشودة الدهر ترنيمة الاكوان....فعلا تنفع ترنيمة بالكنائس لتكريم اسمها...دام قلمك ..لا استطيع ان اعبر اكثر مما كتبه شاعرنا الجليلي زهير يسوع فقد عبر عننا جميعا..باركتك أم يسوع
6. رياض الحبيّب 03 مارس 2011 - 14:37 بتوقيت القدس
الكاتب المتألق زهير دعيم: شكراً، أحسنت الكاتب المتألق زهير دعيم: شكراً، أحسنت
ثق أخي الغالي أن قلبي يتهلل حين أقرأ لك مقالة أو قصيدة أو مداخلة شكراً جزيلاً لك على تعب محبتك المتواصل الرب يسوع يباركك وعائلتك المباركة وجليل الربّ- آمين دمت لأحبّائك متألّقاً مع أطيب التمنيات
7. رياض الحبيّب 03 مارس 2011 - 14:39 بتوقيت القدس
الأخ الغالي رشيد معلوف: شكراً، أحسنت الأخ الغالي رشيد معلوف: شكراً، أحسنت
سلاماً ونعمة مبارك إسم الرب شكراً جزيلاً لكم على المداخلة الطيبة لقد سرّني اهتمامك الكريم شكراً جزيلاً لك على تعب محبتك الرب يسوع يباركك وعائلتك المباركة ويبارك الناصرة {إنَّهُ سَيُدْعَى ناصِرِيّاً} - متى 23:2 نبادلكم أسمى آيات المحبة وأطيب التحيات والتمنيات
8. رياض الحبيّب 03 مارس 2011 - 14:42 بتوقيت القدس
الكاتبة الموهوبة مرثا: شكراً، أحسنتِ الكاتبة الموهوبة مرثا: شكراً، أحسنتِ
يسرّني اهتمامك المتواصل بما أكتب شكراً جزيلاً لك على تعب محبتك الرب يسوع يباركك حياتك وعائلتك المباركة ومصر الحبيبة دام قلمك المعطاء صوتاً من أصوات المحبة الصادقة مع محبتنا وأطيب التمنيات
9. رياض الحبيّب 03 مارس 2011 - 14:44 بتوقيت القدس
العمّ الغالي جيمس بيتر: شكراً، أحسنت العمّ الغالي جيمس بيتر: شكراً، أحسنت
يسرّني اهتمامك المتواصل بما أكتب شكراً جزيلاً لك على تعب محبتك الرب يسوع يباركك وعائلتك المباركة أينما أقمتم دمت لأحبّائك أباً حنوناً وأخاً كريماً مع محبتي وأطيب التمنيات