محبة الوطن! أي وطن؟

أين دور الوطنية وما حاجتي لها ان كنت سأدافع عن كل مظلوم في العالم وليس عن أبناء شعبي فقط؟ اننا نخلص لا على أساس أعمالنا في الوطن الارضي بل على أساس النعمة، أي أننا ندخل بلا استحقاق بذواتنا وانّما بـ..
06 يونيو 2017 - 21:08 بتوقيت القدس

عزيزي الدكتور شارلي ابو سعدى، لقد قرأت مقالتك "محبة الوطن" بتمعن وقد أحزنني ما جاء فيها من نقد لشخصي لا لمقالي. حتى طريقة طرحك لأسئلتك حول دوافع قلبي تحمل بها الاجابة السلبية متناسيا كلام السيد اذ قال: "لا تدينوا لكي لا تدانوا" (متى 7: 1) فعلى سبيل المثال لا الحصر" فأنت لست مسيحيا، بل تصنع من المسيحية شعارا فقط"، " وأن تحب من تظن أنه لا يفسر الكتاب مثل تفسيرك ". عزيزي فمن هو أنا ومن هو غيري أليس جميعنا بخار يظهر قليلاً ويضمحل (يعقوب 4: 14)، فكان الأولى بك ان تركّز بموضوع المقال لا بشخصي.

عند قراءتي لتوضيحك كما تسميه يظهر جليًا عدم تمعّنك بما كتبت اذ ان "التوضيح" يلصق بمقالي أفكارًا لم أذكرها، وأنت قمت بانتقادها كما لو كانت في مقالي. حتى أنك لم تدرج في مقالك أي اقتباسات تؤكد كلامك فاسمح لي ان أسير بحسب النقاط التي طرحتها وأرد عليها راجياً من الله أن يعطي نورًا لإيضاح أي سوء فهم لما جاء في مقالي.

1. "ويتهم كل خادم لوطنه بصاحب "شعارات"
الشعارات ليست اتهامًا ولا مذمة، فجميعنا نحمل شعارات لمبادئنا ويحق للآخر فحصها وانتقادها وتقييمها ولا أرى سوءًا بذلك، بل على العكس فعندها وعندها فقط نتقدّم كمجتمع في نقاش دائم من اجل تطوير فكرنا كما نحن نفعل هنا أيضًا.

2. "وصية المسيحي الوحيدة هي المحبة للصديق والعدو. وهي التي تميّز بين المسيحي الحقيقي والمسيحي الذي يريد أن يزرع الشك في نفوس الناس."
أرجو منك الدقّة اذ ستقدّم حسابًا عن نفسك (رومية 14: 12)، المحبة ليست الوصية الوحيدة، فهنالك وصية المعمودية وكسر الخبز وأمور أخرى. نعم تتلخص دعوة الله لنا بان نحب الله من كل القلب ومحبة الآخر كما نفسي (مرقس 12) ولكن هذا لا يجعلها الوصية الوحيدة. ومجددًا لما جاء في مستهل مقالي عن النقد لشخصي واتهامي بأنني أزرع الشك في نفوس الناس. 

3. " الوطن هو مجموعة من الناس"
هذه احدى الامثلة التي تأكد بان "التوضيح" أضاع الطريق مبتعدًا عما جاء في المقال، أليس من حق القارئ ان يأتي بمراجع موثوق بها لتعريفك خصوصا انني قدمت تعريفًا موثوقًا في مراجع علم الاجتماع ومعترف بها اكاديميًا. لا تملك الحق في تعريف مصطلحات لها تعريفها الواضح والمحدّد على هواك. ان كان تعريفك للوطن هو مجموعة من الناس فماذا سيكون تعريفك للشعب؟ عزيزي، انّ رفضي للوطنية على اساس تعريفها كما جاء في مقالي وباختصار الوطنية هي التفضيل لوطن واحد على الاخر. 

4. " خلقهم الله وأحبهم..... من المسيحية شعارا فقط"
​كنت أرجو منك ان تأتي باقتباس واحد من كلامي أعطاك هذا الانطباع، فان "التوضيح" كتب بسرعة دون مسؤولية مسلحًا باتهامات بعيدة عما سرد في مقالي، بل على العكس، اذ كنتُ أظهر بان دوافع محبتي للشعب ليس على اساس انتمائنا العرقي بل على اساس تعاليم الكتاب المقدس. ها لك اقتباس من مقالي يذكرك بما جاء "هذا ما يرفضه بولس ... الذي يؤكد على محبته واخلاصه لشعبه اليهود ولكن مع كامل محبته لم يحصر خدمته في اليهود بل خرج الى غير المعروف".

5. "إن كنت مسيحيا فأنت تحب أخاك المظلوم، ليس فقط لأنه من وطنك، بل لأنه إنسان خلقه الله والله نفسه يحبه. ولهذا تحبّ كل مظلوم في العالم وتدافع عنه."
هذا هو ما كنت أتكلم عنه، فأين دور الوطنية وما حاجتي لها ان كنت سأدافع عن كل مظلوم في العالم وليس عن أبناء شعبي فقط؟ ألم اذكر هذا في المقال أيضًا، "هذه الدوافع نفسها التي تغذّي  رفضي لقتل او ظلم أي انسان حتى لو كان هذا الشخص عدوّي"؟!

6."إن أحببت مواطنيك هذا لا يعني أن تبغض عدوك... والمسيحي الذي يعيش وصية المحبة يهتم بهذا المظلوم ليخلصه من الظلم المفروض عليه، ويحب الظالم فيحرره من الظلم الذي يفرضه على أخيه."

ما هي العلاقة بمقالي، تدرج هذا البند في توضيحك كأني عارضته في مقالي. كان من الناجع لو التزم "التوضيح" بمقالي دون أن تتطرّق الى مواضيع لم أذكرها، بل وتظهر في بنودك كما لو ان المقال المستهدف يشجعّ على الظلم.

7. "أما عن الوطن السماوي والوطن الأرضي... لنحب كل الناس فيها"
الا تدين للقراء بمراجع كتابية تثبت بها كلامك، أين يذكر الكتاب المقدس بان الله أرسلنا لنحيا في وطن ارضي؟ الم يرسلنا الله الى شعوب يسيطر عليها الشيطان محرضًا ايانا ان نكرز ونتلمذ جميع الأمم ( بشر وشعوب مختلفة) وليس أوطانًا ارضية كما تفضّلت في توضيحك.

8. "حتى نستحق أن ندخل الوطن السماوي."
وهنا تضل! استحقاقنا الوحيد للدخول للوطن السماوي هو الدم الكريم أي العمل الكفاري الذي صنعه الرب يسوع على عود الصليب اذ يقول الكتاب المقدس بوضوح أنه ليس بأحد غيره الخلاص (اع 4: 12) واننا نخلص لا على أساس أعمالنا في الوطن الارضي كما تفضّلت بل على أساس النعمة، أي أننا ندخل بلا استحقاق بذواتنا وانّما بكل الاستحقاق بعمل الله. "لأنكم بالنعمة مخلّصون، بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله" (افسس 2: 8). لاحظ "وذلك ليس منكم هو عطية". 

أرجوك ان لا تروّج لأفكار تناقض فكر الله المعلن في الكتاب المقدس.

9. "أما أننا لسنا من هذا العالم.... أنفسهم لنفسهم أو لغيرهم."
نعود الى النقطة نفسها، يأتي "التوضيح" بانتقاد لأفكار لم اوردها في مقالي، من اين جئت بالفكرة التي تقول باننا لسنا من العالم أي ننسلخ عن الشعب، وان لم يكن لي انتماء لوطن أرضي هل سأفقد محبتي للبشر؟ بل كما اسلفت قبلا فان محبتي للشعب مستمدة من الله نفسه لذلك هي تمتد لجميع الشعوب دون الانحصار بوطن واحد.

الخلاصة: لم أجد في توضيحك اجابة على مقالي بل كما جاء في ردّي، توضيحك جاء بأفكار غريبة عن مقالي وبالتالي لم يعطِ أي توضيح كما كان الهدف منه اذ انه أضاع الطريق بالرد على ادعاءات مختلفة.

لهذا يحسن بك، يا أخي، أن تفهم ما جاء في مقالي قبل ان تنتقده وتلتزم بما جاء فيه دون مهاجمة افكارٍ لم تظهر في مقالي. وأهم ما في الامر ان تلتزم بالموضوعية بنقد مقالي بالابتعاد عن شخصي وترتكز بالفكر الذي اطرحه.

مع محبتي

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
مقالات تابعة للسلسلة نفسها:
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. حسن الجمال 08 يونيو 2017 - 23:10 بتوقيت القدس
أحب وطني فلسطين، ووطني السماوي عند ربي يسوع أحب وطني فلسطين، ووطني السماوي عند ربي يسوع
ما جاء في كلامك سيد جميل هو خليط عجيب من الحق والباطل. واظن انك لم تكن منصفا أبدا فيما كتبته في ردّك على الدكتور شارلي. والمؤسف والمخجل أن بيننا نحن المسيحيين في فلسطين من يبرر ظالم شعبه باسم الله، متناسيا بأن الله عادل ومحب، وبأننا نعيش في عصر نعمة ربنا يسوع الذي محبته تشمل الجميع، ولا تعطي اي امتياز لمن كانوا شعبا لله قبل الصليب.
1.1. عبد المسيح 09 يونيو 2017 - 07:47 بتوقيت القدس
محب وعادل بالنسبة لخلاصك واجرة الخطية فلا تخبص ارجوك
عزيزي حسن الجمال نحن نعيش في عصر نعمة الرب يسوع لكن الله ما زال يحكم هذا العالم وبيده ان يرفع شعوب وان يذل شعوب وبيده ان يسلط شعب على شعب فمن كلامك المبطن ان تدعي على الله الظلم. الرب يهديك ويحررك بالتمام.
1.2. جميل داود 09 يونيو 2017 - 07:49 بتوقيت القدس
حسن جمال
عزيزي حسن يا ريت تخبرني 1- اين هو التبرير للظالم في مقالي؟ 2- واين اعطيت امتياز لشعب دون الاخر في مقال؟ 3- اين هو عدم الانصاف؟ الم اتي باقتباسات محددة من توضيحه هذا اذ اعتبر "توضيح" عزيزي فانت تسير على خطى الدكتور تشارلي، اذ انك تقذفني بادعاءات دون ربط لمقالي ودون دليل واحد. واخيرا عزيزي حسن انني ادعوك لان تتأمل بالتصريح "انني امتلك وطنيتان، وحد سماوي والاخر ارضي" هل هذا منطقي؟ هل هناك شراكة بين النور والظلمة؟ حتى ان الطبيعة تعلمك، لا يوجد سفير واحد في العالم يملك جنسيتان ومن كان له وتعين سفير عليه التخلي عن الاخرى. هل كنت ستقبل بالسيد محمود عباس رئيسا لوطنك كما تقول وهو يحمل الجنسية الاسرائيلية مثلا؟؟ الشعارات جميلة ولكن وجب قبلها ان تدعم بمنطق وبالاهم بآيات كتابية اذ نحن نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله 2 كو 5: 20 لا تصالحوا مع الوطن مع محبتي
1.3. حسن الجمال 09 يونيو 2017 - 11:38 بتوقيت القدس
المحبة والعدل تشمل كل شيء
عدل الله يشمل عقاب الأفراد والجماعات والامم، ولا ينحصر فقط في خلاص الانسان من الخطية. ومحبة الله تتجلى في كل شيء في الوجود، فهو يحب الجميع عندما يعطي المطر للجميع، والصحة والعمل والاسرة. لذلك أرجوك يا سيد عبد المسيح ان لا تحصر محبة الله فقط في الخلاص، ولا تستخدم كلمات غير لائقة مثل كلمة "تخبص" في حوار لاهوتي.
1.4. حسن الجمال 09 يونيو 2017 - 11:49 بتوقيت القدس
سفراء ومصالحة وخلط أوراق
كوّن المؤمن الحقيقي سفير لرب المجد يسوع لا يتعارض مع محبة الوطن، بل ان محبة الله تدفعني الى محبة وطني، وإلى مقاومة الشر وغلبته بعمل الخير. ودعوتك لي باستخدام الآيات من الكتاب للبرهنة على ما أقول هي دعوه تحتاج الى حذّر شديد، فأنت تعلم أن الشيطان نفسه استخدم آيات من المزامير في تجربته للرب يسوع. القضية ليست اقتباس آيات من دون اعتبار للقرينة وللمضمون ولكنها قضية حق وعدل وعدم سوء استخدام وحي الله لتبرير شر ما يحصل في بلادنا باسم تحقيق النبوات. ودمت سالما
1.5. جميل داود 09 يونيو 2017 - 14:09 بتوقيت القدس
رد 2 للاخ حسن
حتى لو الدعوة تحتاج لحذر شديد لا سبب من عدم ردك من الكتاب لان الرب يسوع نفسه اجاب من المكتوب ايضا. عزيزي كلامك ما زال عائم بدون اساس كتابي. ان كنت ترى بان كلامي يخرج الآيات من النص ويعطيها تفسير غير الذي اتيت به في المقال ارجوك ان تأتي بالتفسير الذي تدعيه كما وجب عليك ان تثبت بان تفسيري يخرج الآيات من نصها. في مقالي وضعت تعريف واضح للوطنية واظهرت تعارض الوطنية مع الايمان المسيحي. اخي حسن اعود واطرح عليك الأسئلة وارجو ان تكون اجوبتك من الكتاب المقدس. 1- كلامي عن الوطنية، فما هو تعريفك لها؟ وعلى ماذا تستند بتعريفك؟ 2- ماذا تزيد لك الوطنية في خدمة الشعب؟ هل احتاج الرب يسوع ان يكون وطني ليخدم العالم؟ هل بولس الرسل اتبع وطينته في خدمته؟ ماهيه القيمة المضافة للخدمة بالوطنية؟ بكلمات اخرى، ان كان الله دعاني لأخدم بين الافريقيين كما كان الحال مع رجلا الله رينهارد بونكي وديرك برينس، هل احتاج ان اكون وطني افريقي لخدمتهم؟ 3- ما قد فهمته من الكتاب المقدس هو دعوة الله لنا بان نخدم شعوب وليس اوطان فان كنت فهمت شيء اخر ارجوك ان تظهر مراجعك الكتابية. 4- اذكرك بانك لم تجيب عن اسئلتي في تعليقي الاول الرب يباركك