يصعب عليّ كثيرًا هذه الفترة تجاهل بعض المواضيع التي تشغل فكري، فبالرّغم من كثرة مشاغلنا بالحياة، نحن بشر وعلينا البقاء وحدة واحدة. علينا مدّ يد العون لكلّ محتاج. كم أتمنّى لو استطعت كتابة كلمات أخرى أو لو كان واقعنا مختلف، ولكن للأسف نحن نتّجه من سيّء إلى أسوأ. أجل، على الصّعيد الشّخصي جميعنا نعاني من مشاكل وهموم، إن كانت صحّية، مادّية، أو غيرها. لكنّي اومن أنّ هذا لا يعني أنّه علينا الالتفات الى معالجة هذه المشاكل وإهمال المشاكل العامّة الأكبر.
ضميرنا وانسانيّتنا باتوا أمورًا صعبة التّطبيق واللمس في حياتنا، وكذلك أولويّاتنا. في الوقت الذي به 33000 طالب لم يعد الى المقاعد الدّراسيّة والنّاس لا تبدِ الاهتمام اللازم، والوقت الذي به الوضع الأمني في سوريا، العراق، لبنان، اليمن وغيرها من الدّول العربيّة يتدهور يوميّا، والوقت الذي به فلسطين لا زالت محتلّة، بعضنا مشغول بانتقاد البعض الاخر والغضب على السّلطات. أجل، من حقّنا أن نغضب، لكن غضبنا وحده لا يأت بأيّ فائدة، بل ممكن أن يوصلنا الى حالات حقد وعدوانيّة. التّعاطف مع هذه الشّعوب أمر رائع، ويدلّ على أننا نملك قلبًا حسّاسًا وضميرًا حيًّا، ولكن هل هذا كاف؟ هل تعاطفنا هو ما يحتاجوه؟ ألا نملك قوّة للتغيير؟ هل خلقنا الله لنستسلم للوضع الرّاهن ولنترك السّاحة لأعداء السّلام؟
إن كنّا نحن لا ندرك أهميّتنا في وسط هذه المحن ولا نبرز مسيحنا من خلال تصرّفاتنا، فما هي رسالتنا؟ بماذا نختلف عن غيرنا؟ يؤلمني في كلّ مرة رؤية تجاهل المؤمنين لبعض الأمور الجادّة والمهمّة، في الوقت الذي نرى به انسانيّة وسعي غير المؤمنين للمساعدة ولتغيير واقعنا المرير كبيرة. عفوًا، أنا لا أدرك ولست بمستحقّة لأن أنعت أي أحد بمؤمن أو بغير مؤمن، فالله وحده فاحص القلوب والكلى والذي يعرف نفوسنا، ولكن على الأقل إن كنت تعتبر نفسك مسيحيًا وتجاهر بذلك بأعلى صوتك في المجامع والكنائس، فلتثبت أعمالك ذلك، ليس لسانك، بل أعمالك وتصرّفاتك. إن كانت صلاتك كلّ ما باستطاعتك تقديمه، فلتصلّ إذًا.
لا يوجد قانون لكيفية المساعدة ولا لنوع العون، ولكنّ علينا الايمان بأنّنا نستطيع تغيير وضعنا. بالصّلاة، الايمان والوحدة حتمًا يمكننا جعل هذا العالم أجمل، حتّى لو بقليل. لربّما لن نغيّر العالم ب- 180 درجة، ولكن يكفي أن نساهم بقليل من المحبّة والمساعدة لأي محتاج من أجل تحقيق هدفنا. فلنتظاهر بشكل منظّم وقانوني من أجل الطلّاب في المدارس الأهلية مثلًا، أو لنرسل رسائل باعتراضنا لوزير التربية التعليم أو لنجد طريقة أخرى، ألن يكترثوا لو رؤوا تضامننا؟ بالطبع سيكترثون.
فلنصلّ ونبحث عن طرق لدعم اللاجئين العرب في الدول المختلفة.
لنحتل مراكز هامّة سياسيّة أو غيرها لتغيير ولو قليلًا من سوء وضعنا.
هناك الكثير من الناس الذين فقدوا ايمانهم بانسانيّة البشر، لنثبت لهم نحن أنّنا موجودون وان الضمير البشريّ لم يمت. صلاتي أن نكون نور على منارة، كما يريدنا المسيح أن نكون.