أُسجُوعةُ الحَيَوان

ليست الأسجوعة التالية الأولى من نوعها بقلمي، إذ سبق لي أنْ كتبت أساجيع عِدّة مِثلها قبل بضع سنوات: كيف وَصَلَتْكَ حِكايةُ النَّمْلة... شَتّانَ ما بينها وبين القَمْلة...
08 يونيو 2015 - 23:26 بتوقيت القدس

ليست الأسجوعة التالية الأولى من نوعها بقلمي، إذ سبق لي أنْ كتبت أساجيع عِدّة مِثلها قبل بضع سنوات. فنُشِرتْ على صفحات أحد المواقع العلمانية. وكان الهدف منها هو أنْ أثبت لنفسي أنّ السَّجْع أسهل تأليفًا من القصيدة. وقد أشاد بمحاولاتي، التي من هذا النوع، عدد من الأصدقاء عبر تعليقات لافتة ولطيفة، إلى درجة التشجيع على الاستمرار بالكتابة على هذا الخطّ. لكنّي رأيت القصيدة أرقى بموسيقاها من السَّجع بكثير. فالشِّعر أطربني منذ نعومة أظفاري، أمّا السجع فعلى خلاف الشعر، لم يحرِّك عاطفة الصِّبا. واليوم الموافق 4 يونيو- حزيران 2015 قد أتاني إلهام بهذه الأسجوعة، لا أدري كيف ولا أعرف المناسبة. مرّت في ذهني مرور الكرام. فحاولت تدوين ما عَلِق منها في ذاكرتي المتواضعة.

هلْ سَمِعتَ بقِصَّة البَقَرَة

مذكورةٌ في التّوراة ذبيحةً مؤثِّرة 1

لا تَذبَحُوهَا وابْنَهَا في يَوْمٍ وَاحِدٍ: فريضةٌ معتبَرة 2

واجبٌ حَرقُها أمام الكاهن وجَمعُ رَمادِها بأيادٍ مطَهَّرة 3

مَن خالفَ رَبَّك دانَهُ رَبُّك في الآخِرة 4

قالَ: مِن أثمار الجنّة تأكُلانِ لا تمَسَّا ثَمَرَ تلكَ الشَّجَرة 5

تَكُونا خالِدَين رَجُلًا صالحًا واٌمرأةً جوهرة

لولا أنْ دَخَلَ إبليسُ بينهما مَعثَرَة

ما أدهى إبليسَ وما أنكرَه

سُبحان مَن جَبَل آدَمَ مِن ترابٍ وصَوَّرَه 6

وجَعَلَ حَوّاءَ مِثلَ آدَمَ بقِياس المِسْطَرة

لو حَوَّرَها اللهُ لَكانَ حَوَّرَه

ولو غَيَّر فيها شيئًا ما لَكان غَيَّره

طوبى لمَن صَفّى ذِهْنَهُ وطوَّرَه

ما أقسى روايةَ الفِيل

ضَيفٌ على البقرة ثقيل

كُلٌّ إلى جِنسِهِ يَمِيل

هَلْ سَواءٌ الهَجِينُ مِنهُ والأصيل

إنّا أوحَينا إليكَ بكتاب ذي تشكيل

لا يُشْبِهُ التوراةَ ولا الإنجيل

متأرجِح بين تقصير وتطويل

مِن حقِّك أن يُوحى إليكَ ما أدراك ما التنزيل

كما أوحَينا إلى مَن سَبَقوكَ مِن جيلٍ إلى جيل

منهُمُ الَّذين كَلَّمْنا كمُوسَى وصَمُوئِيل

ومنهُمُ الَّذين أوحَيْنا إليهِمْ كدَانِيآلَ ويُوئِيل

إنّا فصَّلنا الوَحيَ من بلاد النَّهرَين إلى النِّيل

فأقَمْنا عَهْدَنا مَعَ إِسْحَاقَ لمْ نُقِمْهُ مع إِسْمَاعِيل 7

وباركْنا يعقوبَ اٌبنَهُ وسَمَّيناهُ إسرائِيل 8

ففتِّشْ عن أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَي عَشَرَ بالفُضُول

إنّا خَصَصْنا واحدًا منها بتفضيل

إنّما مِنْكَ السّعيُ وأمّا الّذي مِنّا فالتَّسهيل

حَمِّلْ مِن هذا وذاك مقتبسًا أيَّ تحميل

سَطِّرْ بِدُوْنِ إشارةٍ ودَوِّنْ بدُونِ دليل

وإنِ اقتبستَ باطلَ الأباطيل

فاٌحرِصْ على اختلافٍ يَحَارُ فيه أهلُ التَّأويل

واٌسْتُرْ غامِضًا ما بين حِيلة وتضليل

فإنّ إلاهَكَ لَإلاهٌ مجهول

وإنّ أتباعَكَ لنْ يقصِّروا في تجميل

ولن يَخْطُرَ في ذِهن أحَدٍ أنّ كتابَكَ منحول

لا تتأخّر عَنْ تغيير فيه وعن تعديل

إيّاكَ والدِّقّةَ وإيّاكَ والتَّفصيل

حتّى ينشغلَ النّاسُ عن الحقّ بالقال وبالقِيل

إنّ ربَّكَ عن كُلّ حرف لَمَسؤول

هو المُعِينُ في الضِّيقات وفي المستحيل

هُوَ الإلهُ وأمّا أنتَ فالرَّسُول

هو الكفيلُ وأمّا أنتَ فالمَكفول

كلُّ ما يصدُرُ عنكَ إنْ هُوَ إلّا حَسَنٌ ومقبول

سَواءٌ عند ربّكَ المعقولُ وغيرُ المعقول

هلْ يحتاجُ العقلُ إلى تشغيل

لَعَلَّكَ تُبصِرُ بهِ سَوَاءَ السَّبيل

كيف وَصَلَتْكَ حِكايةُ النَّمْلة

شَتّانَ ما بينها وبين القَمْلة

قالتْ للفيل كيف تتزوّجُني وأنا طِفلة

سُبحانَ مَن ألقى على الخَلِيقةِ ظِلَّه

وسُبحان مَن بَيَّن للضّالّ طريقًا ونَوَّرَ عَقلَه

قالَ إنّي لنْ أعرِفَكِ إلّا على ضفّة مِن ضِفاف دجلة 9

إنّ الله قادرٌ على أنْ يُسْرِيَ بنا إلى نينوى المحتلّة

أنْ يُرِيَنا جَبَلَ الكرمل مِن هُناكَ وبُصْرَى وزحلة

فاٌختاري أيًّا ما شِئتِ مِن قِبْلة

أيّتُها الأحلى مِن حُروف العِلّة

جَمَالُ لُغتِكِ مجبولٌ بها يا لها مِن جَبْلة

ليتَ الله يَهَبُ لساني جَمالًا مِثلَه

قالتْ بِئسَ مَن جَهِلَ مِن الإعراب مَحَلَّه

لمْ يميِّز ما بين دُودةٍ وبَغلة

بِئسَ مَن طَمِعَ في حياةٍ سَهْلة

بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزَكَ والبَقْلَة 10

فاٌجتهد اجتهادَ النَّملةِ مِثلي والنَّحلة

فتَرفَع رأسَكَ عاليًا كالنَّخلة

إنّ الله قد حَفِظَ كَرامةَ أصحاب كُلّ مِلّة

ما عَظَّمَ شأن كَثرةٍ ولا حَقَّرَ شأنَ قِلّة

مَن رَضِيَ بالعيش عالةً على غيرِهِ ما أذَلَّه

لعلّ النَّبِيهَ يُحدِّثُ نفسَهُ وأهْلَه


1 و3 أنظر-ي التوراة، سِفر العدد\ الأصحاح 19
2 في التوراة- سِفر اللاويّين 28:22
4 مستوحاة من الإنجيل بتدوين مرقس 16:16
5 و10 عن التوراة- سِفر التكوين\ الأصحاح 3
6 التكوين\ الأصحاح الثاني: الآية 7 والأصحاح الأوّل: 26 و27 
7 التكوين 21:17
8 التكوين 32: 28 و29
9 لنْ أعْرِفَكِ؛ كُتِبَتْ تأدُّبًا عِوَضَ "لنْ أدخُلَ بكِ" كما في الكتاب المقدَّس؛ سواء في العهد القديم: {وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قايِينَ……. وَعَرَفَ آدَمُ امْرَأَتَهُ أَيْضًا، فوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شِيثًا}+ التكوين 4: 1 و25 وفي العهد الجديد: {ولَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ}+ متّى 25:1

ومعلوم أخيرًا أنّ العرب يقفون في نهاية كل جملة على حرف ساكن؛ هكذا تُقرأ الجملة الأولى من كلّ قطعة: هلْ سَمِعتَ بقِصَّة البَقَرَهْ؟ أي تُلفَظُ التاء المربوطة في "البقرة" هاءً ساكنة. ما أقسى رواية الفيلْ؟ عوض الفيلِ، بكسر اللام، أي خفضها، على أنّ الفيل مضاف إليه. كيف وَصَلتك حكايةُ النَّمْلَهْ؟ فاللفظ في كلٍّ من القوافي المدوَّنة في النّصّ مختلف عمّا في الكتابة.
ويسرّني بالمناسبة أن أشير إلى أخطاء إملائية وقع فيها كثير من العامّة، إذ خلطوا بين التاء المربوطة وبين الهاء الأصليّة. فكتبوا مثالًا "اللة" وقد قصدوا الله. وكتبوا "حقّك علية" والمقصود: حقّك عليه، لأن هاء "عليه" ضمير متصل مبنيّ على الكسر، في محلّ جرّ بحرف الجرّ "على" والعكس صحيح أيضًا؛ أي كتبوا "اللغه العربيّه" والصواب: اللغة العربيّة. وكتبوا "الحياه" والمقصودة: الحياة.
أمّا التاء الطويلة فيؤسفني أنْ أقرأ "أنتي صديقتي" والصَّواب: أنتِ صديقتي. وأن أقرأ "كيف عرفتي هذا؟" والصَّواب: كيف عرفتِ هذا؟ والأخطاء الإملائيّة متنوّعة حتّى بات كثيرٌ منها شائعًا.

¤ ¤ ¤

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
مقالات تابعة للسلسلة نفسها: