يقف المواطن أمام الاحزاب المرشحة في الانتخابات القريبة فيصاب بالارتباك. وقبل ان استعرض الامكانيات الموضوعة أمام المواطن في اسرائيل والمثيرة للحيرة انوّه انني لست بصدد دعاية لقائمة او لأخرى.
احزاب اليمين غير واردة في الحسبان اصلاَ لأنها ترفض اي حل سلمي وتنادي بدرجات متفاوتة لتكريس التمييز ضد العرب وتهادن الاصوات العنصرية البغيضة ضد الفلسطينيين.
باقي الاحزاب الموجودة "في المركز واليسار" هي احزاب صهيونية مما يشكل تحدي للعربي. والقصد هو ان جوهر هذه الاحزاب هو الدعوة لعودة الشعب اليهودي لبلادنا وبناءه لموطنه على انقاض اصحاب الارض الاصليين (شعبنا).
حتى لو تغلبنا على هذا التحدي بحجة البرغماتية السياسية غير اننا نواجه صعوبات على الارض:
حزب العمل يحمل تاريخ طويل من التمييز ضد العرب وبناء المستوطنات ورئيسته تعمدّت تجاهل موضوع العملية السلمية في حملتها الدعائية.
حزب "يش عتيد" (برئاسة يئير لبيد) لم يكلّف نفسه عناء ضم عربي واحد لحزبه بالإضافة لأمور اخرى.
حزب تسيبي ليفني ("ألحركة") تجاهل العرب هو الآخر. وكانت ليفني قد اطلقت في سنين ماضية تصريحات حول اقتراحات بعقد تبادل سكاني بين عرب من المثلث والمستوطنين في الضفة.
لحزب ميرتس مواقف ممتازة في مجال حقوق الانسان وفي دعم العملية السلمية لكن مواقفه وممارساته المتطرفة والمشجعة للمثليين جنسياً تثير عدم الراحة.
أما الاحزاب العربية فهي في الهامش السياسي ولم يتم ادراجها في اي من حكومات اسرائيل. والبعض لا يرى اي فائدة من دعمها لترفع احتجاجاتها في الكنيست فقط دون اي قوة لتغيير جدي لفائدة عرب هذه الديار. كما ان احد المآخذ عليها هو عدم تجديدها للقيادة بشخصيات نشيطة جديدة. فبركة وصرصور وزحالقة جالسون على المقعد حتى اشعار آخر.
في مثل هذه الحالة يخلص المواطن الى النتيجة انه من الأفضل له الامتناع عن التصويت اذ ليست هناك قائمة تتطابق سياستها مع مبادئه او ان التصويت غير مُجدٍ والأصوات تذهب هدراً، وهذا خطأ فادح.
تقف اسرائيل امام قرارات مصيرية في اكثر من ناحية. فبناء المستوطنات اليهودية منذ حرب الايام الستة جعل اقامة دولة فلسطينية بجانب اسرائيل اكثر صعوبة. فالمستوطنات التي تحوي ال- 340 ألف مستوطن يهودي في الاراضي التي تم احتلالها عام 1967 تمنع ارتباط المناطق العربية ببعض.
كما أن اسرائيل تعتبر من الدول التي تزداد فيها الفروق الطبقية بين الاغنياء وبين المستورين وتنكمش فيها الطبقة الوسطى. وما الاحتجاجات التي اندلعت العام الماضي الا دليل على استفحال الحالة الاقتصادية المذكورة.
الاجواء العنصرية ضد العرب وضد العمال الاجانب في تفاقم وأمست الاصوات المتنورة الداعية للتسامح وحقوق الانسان في تراجع مُقلِق.
كما يمكن اضافة موضوع التهديد النوويّ الايراني والعلاقة مع غزة ومهاجمة الكنائس والاديرة المسيحية وغيرها من مواضيع مصيرية ستضطر حكومة اسرائيل الجديدة التعامل معها.
صحيح ان القوائم المرشحة غير مثالية ولكن الواجب يتطلب ان نقف بجانب من ينادي بأقرب ما يكون لمبادئ انجيل ربنا يسوع المسيح. ان من ينادي بالمحبة والقبول ونصر المظلوم أفضل بكثير ممن يتجاهل ذلك. ان من ينادي بحقوق الانسان ككل -وبضمنها الحق في العبادة- افضل ممن يعمل على كبتها. ان من ينادي بالانفتاح وإعطاء المجال للأقليات غير اليهودية في البلاد افضل ممن ينادي بالانعزالية وحصر الامتيازات في مجموعة دينية او اثنية واحدة.
منحنا الرب حق التصويت وهي نعمة منع منها عشرات الملايين في العالم وبهذا سنحت لنا الفرصة للتأثير ولو قليلاً في اتجاه سيادة مبادئ ملكوت الرب في هذا العالم الخاطئ.
فهلمّ لصناديق الاقتراع!