دراما عودة الأسير الإسرائيلي غلعاد شاليط لبلاده وعائلته في عملية تبادل الأسرى مع حركة حماس حملت معها معاني إنسانية عاطفية لها دلالات حول طبيعة البشر . وهذه الطبيعة مرتبطة بطبيعة الله إذ خُلقنا على صورته.
فيما يلي ثلاثة خواطر عن رموز تعاملات إلهية حضرتني وأنا أراقب تلك العودة الدراماتيكية :
الأب المحب: فقدت العائلة ابنها فخرج الأب نوعم في حملة لا تعرف الكلل والملل في أعقاب ابنه. سافر الأب للولايات المتحدة ليلتقي مع قادة قد يساهمون في عودة الابن. سافر لهيئة لأمم المتحدة والتقى الكثيرين هناك، وصل لفرنسا وغيرها من البلدان. جنّد الأب مئات المتطوعين لتنظيم احتجاج في أنحاء البلاد. قاد الأب الآلاف في مسيرة صعدت من السهل الساحلي الى القدس. وبعدها ترك بيت العائلة وانتقل مع زوجته وابنه الآخر للسكن في خيمة احتجاج في القدس. تحمل برد القدس القارس وحر الصيف في الخيمة.
لم يوفر الأب جهداً في سبيل ابنه المفقود القابع في غياهب مخبأ حماس.
ان كان أب أرضي يقوم بكل ذلك، فما بالك الأب السماوي؟ إن الأب السماوي كالراعي الذي يبحث عن خروفه الضال من بين المائة خروف وكالمرأة التي أضاعت درهم واحد وكالأب المنتظر عودة ابنه الضال (لوقا 15). الأب السماوي يبحث عن الضال بصبر وتأنٍ، لا يمل وهو ينتظر العودة المرتقبة وخلاص الضال من أسره وقيوده.
ثمن غالي: صارعت حكومة إسرائيل بخصوص الثمن الذي طلب منها دفعه مقابل الجندي المخطوف. هل تحرر مئات الأسرى الذين اشتركوا في عمليات معادية لإسرائيل مقابل تحرير الجندي خاصة نظراً للقلق أن يعود هؤلاء لنشاطاتهم التي أوصلتهم للسجون الإسرائيلية. في النهاية- تنازل الإسرائيليون ودفعوا ثمناً باهظا للغاية من جهتهم. نستغرب من الثمن الغالي ولكن من الحري بنا ان نتذكر ما قد دفعه ألآب السماوي لأجلنا من دم ثمين يفوق ثمنه اي شئ في الوجود: انه الدم الزكي الطاهر لملك الملوك ورب الأرباب. لقد دفع الرب عنك ثمناً كلفه حياته إذ تنازل من عرشه السماوي ودفع الثمن الباهظ لأجلي ولأجلك ( 1 بط 1 : 18).
مبادئ متخالفة:مبادئ العنف ، القتل والانتقام حكمت وما زالت تحكم الشعوب المتنافرة والمتصارعة في بلادنا.
على هذا النسق اشترك الجندي شاليط في اجتياح غزة فتم اختطافه. أما الأسرى الفلسطينيين فاشتركوا في عمليات عنف معادية لإسرائيل اشتملت قتل مئات الإسرائيليين وكل ذلك ضمن العنف الجاري في بلادنا.
يحدث قتل من هنا فتطول يد الطرف الآخر شخص من هناك. العين بالعين والسن بالسن. اسرى من هنا ومخطوفين من هناك. إنها دائرة دموية قاتلة ومفرغة. لا بداية لها ولا نهاية. انها تدور وتدور فتوقعنا في براثنها، شئنا ذلك أم أبينا. هذا طرف لا يعترف بالثاني وذاك لا يحسب حساباً للأول. هي نتاج خطية البشر من كبرياء، أنانية وكراهية.
حقًا انها صفقة معقدة وصعبة من تبادل للأسرى ولكن لقبول شروطها والتوقيع عليها اضطر كل طرف أن يتنازل ويقبل الآخر وشروطه. إنها خطوة صغيرة للغاية من الواحد تجاه الآخر. ان فيها لمحة مما أراد الرب أن يراه في البشر من قبول الآخر والتفاهم . انه يريد إطلاق الأسرى للحرية –ليس فقط الحرية على الأرض بل إلى حرية المسيح الفادي.