نوافذ وإطلالات على فجر الميلاد

هل رؤيتنا نحن واضحة نحو شخص الرب يسوع؟ هل ندرك حقا أنه رب الأرباب وملك الملوك؟ هل ندرك حقا أنه خالق السموات والأرض.. وأنه سرّ حياتنا؟ ماذا تصنع بمعرفتك؟ هل تستخدمها لمجد الرب أم لمجدك الشخصي؟ هل تقربك إلى الرب أم تستخدمها للتقرب من الزعامات البشرية ولتحصيل المصالح الأنانية؟
30 ديسمبر 2010 - 20:55 بتوقيت القدس

تأمل في شخصيات ومواقف في قصة الميلاد – متى 2

الرؤيا - رؤيا المجوس:

"أين هو المولود ملك اليهود. فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له" متى2: 3
أتينا من بلاد بعيدة لنسجد للمولود الذي نؤمن أنه حقا ملك اليهود.
لم نأت لزيارة ابن الملك... بل أتينا لزيارة الطفل الملك.
من الظاهر يبدو انه لا صلة لنا وللملك المولود، حتى نأتي ونقدم له السجود. لا نعلم ما الذي جذبنا من بعيد؟ وكيف توجهت أنظارنا نحو هذه الرؤيا الجليلة؟ ولكننا نثق ونؤمن أننا أتينا لشخص فريد، ونثق أنه وإن كان ملك اليهود، لكنه صاحب قدرة وتأثير على حياتنا ومصير مجتمعاتنا... لذلك تحملنا مشاق السفر والطريق، وخرجنا ونحن غير عالمين "أين هو...؟" و "كيف يبدو...؟" ولكننا صوبنا أنظارنا إليه، وكان جلّ رؤيتنا أننا سنسجد له... لأنه مستحق.. لأنه صاحب السلطان الحقيقي... ومن بيده أمرنا ومصيرنا.. فأتينا لنسجد له...

هل رؤيتنا نحن واضحة نحو شخص الرب يسوع؟ هل ندرك حقا أنه رب الأرباب وملك الملوك؟ هل ندرك حقا أنه خالق السموات والأرض.. وأنه  سرّ حياتنا؟

السلطان - سلطان هيرودس:

إضطرب هيرودس، إذ أحسّ وأدرك قوة ووضوح رؤيا المجوس وتهديد عرشه من قبل طفل مولود مجهول.
فاستخدم سلطانه وأمر بحضور واجتماع كل رؤساء الكهنة والكتبة ليجيبوه على سؤاله  "أين يولد المسيح؟" وهو ترجمة لسؤال المجوس "أين هو المولود ملك اليهود؟"، إذ أنه أدرك أن المولود ملك اليهود هو المسيح المنتظر.
بذات السلطان أيضا دعا المجوس وتحقق منهم زمن النجم.
وبسلطانه أرسل جنوده القساة لقتل أطفال أبرياء في بيت لحم وتخومها.
ومع ذلك لم يكن سلطانه بلا حدود، فسلطان صانع السموات والأرض أعلى وكل سلطان نابع منه وبإذنه، وهكذا بالرغم من سلطته وسلطانه لكنه لم يستطع أن يمس المولود بسوء، وأفشل الله مخطط خداعه للمجوس، فوق العالي عاليا والأعلى فوقهما يراقب.

كيف نستخدم نحن سلطتنا... في العائلة... مع أولادنا.. مع شريك الحياة.. مع زملائنا في العمل.. مع إخوتنا في الكنيسة.. مع إخواننا في البشرية...؟
لقد أعطى الرب لكل مؤمن حقيقي به سلطانا مميزا "أما كلّ الذين آمنوا فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه" يوحنا 1: 12
علينا أن نستخدم سلطاننا كأولاد الله، لخير عائلة الله ولانتشار ملكوته، فنكون كسفراء عن المسيح.. "نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله. لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا. لنصير نحن برّ الله فيه" 2 كورنثوس5: 20 -21

المعرفة – معرفة الكتبة:

"فقالوا له في بيت لحم اليهودية. لأنه هكذا مكتوب بالنبي. وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأنه منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل" متى2: 5 و6
على ما يبدو توقع هيرودس أنّ سؤاله "أين يولد المسيح؟"، صعبا جدا ويحتاج إلى مؤتمر دراسي للبحث والتنقيب في الكتب، فجمع كل رؤساء الكهنة والكتبة لكي يتأكد من حصوله على جواب دقيق وفي أسرع وقت. ولكن جواب المجمع كان واضحا، دقيقا وسريعا ومعلوما مسبقا "في بيت لحم اليهودية. لأنه هكذا مكتوب بالنبي وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل" متى2: 5 و 6.
ظهرت معرفة المتدينين واضحة، عظيمة، شاملة وواسعة لنصوص ونبوات الكتاب، لكنها بلا أشواق ولا محبة، ولا رغبة في التعرف على المسيح الذي طالما انتظروه. لقد أحبوا غالبا فكرة النبوات عن المسيح المنتظر، فكرة الانتظار والرجاء، ولكن عندما بشروا بأنه قد أتى، تناسوه ولم يسألوا عنه، كأن الرجاء ذاب بل اختفى، مع انه في الحقيقة ها هو يتجسد جليا. معرفة بدون تطبيق، معرفة بلا روح، معرفة وعلم بلا محبة، كما قال كاتب أنشودة المحبة "وإن كان لي كل نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا". معرفة بلا محبة تحول أصحابها إلى نحاس يطن وصنج يرن.

ماذا تصنع بمعرفتك؟ هل تستخدمها لمجد الرب أم لمجدك الشخصي؟ هل تقربك إلى الرب أم تستخدمها للتقرب من الزعامات البشرية ولتحصيل المصالح الأنانية؟

التسليم – تسليم مريم:

"أتوا إلى البيت ورأوا الصبي مع مريم أمه" متى2: 11
كما سلمت مريم لمشيئة الرب في بشارة الملاك جبرائيل لها بقولها "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كفولك" لوقا1: 38 ، هكذا نراها بجوار يسوع متأملة، منتبهة للطفل المبارك، وعينيها تبصر كنوز المجوس، الذهب واللبان والمر، وقلبها يتفحص كنوز قلوبهم، السجود والتأمل والمحبة، ولكنها بكليّتها مركزة أبدا ودوما في التأمل بالكنز الحقيقي "المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة..."
سلمت أمر شكوك وموقف يوسف للرب العارف قلوب البشر، وسلِمت.
سلمت ليوسف زمام القيادة، فانصاعت لمشورته وسافرت معه لبلاد لم تعرفها مسبقا، إلى المجهول عالمة أنها تعمل مشيئة العلي.

"سلمنا فصرنا نحمل" هكذا أعلن الرسول بولس عندما فقد البحارة كل سيطرة على السفينة واختفت كل حكمتهم. علينا نحن أن نسلم أمرنا لذاك الذي بيده حياتنا، ليس فقط في وقت الضيق بل في كل وقت وشدة...
سلّم للرب طريقك وهو يجري... هل تسلم للرب أمرك؟ هل تثق برعايته وحمايته، حكمته ومشورته؟

المهمة – مهمة يوسف:

استلم يوسف مهمته من الرب الذي أعلن له في حلم قائلا "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم... فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته..." متى1: 20 – 21 ، 24 – 25
استلم مهمة رعاية مريم وهي حامل، وساندها وكان بجنبها في ولادتها، واستلم مهمة رعاية الأم والطفل المولود، فاهتم بالبحث له عن مكان، وبتسميته حسب قول الملاك، وبإدخاله إلى الهيكل، ومن ثمّ  "قام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر..." وبعد موت هيرودس تابع مهمته "قام وأخذ الصبي وأمه وجاء أيضا إلى إسرائيل".
قام بتنفيذ كل المهام الموكلة اليه من الرب، كمربي صالح، بار وأمين. قام بتتميم وكالته على أفضل وجه... بلا تذمر، بلا كلام... بصمت وتصميم لعمل ما يطلبه الرب... فكأني به يقول بروح قول العذراء "هوذا أنا خادم الرب.. وجهني لأعمل مشيئتك".

ما هي المهمة التي أوكلها الرب لك؟ هل تقوم بها بهمة ونشاط؟
علمني يا رب وساعدني لأعمل مرضاتك ومشورتك... لتكن لا إرادتي بل إرادتك أنت..

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا