يا له من شريط يزعزع الأبدان ويثير الحزن والاشمئزاز لما يمكن أن يصل إليه الإنسان والحكومة من عمى روحي وفكري واجتماعي. والحقيقة هي أنها جُلدت لأنها غير لابسة حجاب، وليس لأنها لابسة تنورة ضيقة كما ادعى القضاء والعدل السوداني.
فإن تعريف المجتمع ذات الأخلاق الحميدة في مفهوم معظم الأنظمة العربية يعني: المجتمع الذي تسود عليه الشريعة الإسلامية.
وما هو مفهومهم عن مجمل الأخلاقيات الحميدة السائدة من جهة أي مجتمع إسلامي؟
تجد أن 90 % من الإجابة تتمحور حول مجتمع مُحّجب النساء.
يا له من تشويه في تعريف أخلاق أي أمة!!!
ويا له من تفكير ضيق عن المعايير والمفاهيم الخلقية والاجتماعية لأي أمة.
أريد أن أوجه هذه الأسئلة لجميع الذي يعتبرون "مجتمع النساء المحجبات"، هو المجتمع الصالح:
ماذا عن الدكتاتورية والطغيان في الحكومات!!
وماذا عن سوء استخدام السلطة من قبل القادة!!
وماذا عن دولة أغلبية الشعب فيها يكره ويرفض القادة!!
وماذا عن الاختلاس الذي في الحكومة والمؤسسات، والفساد!!
وماذا عن سلب الموارد الطبيعية وامتصاصها من قبل القادة!!
وماذا عن عدم المسائلة وعدم القدرة على محاسبة القادة!!
وماذا عن فقر التعليم و الأمية!!
وماذا عن الارتشاء والمعاملات الملتوية في الدولة!!
وماذا عن عدم النزاهة في الانتخابات!!
وماذا عن الفوضى وعدم الترتيب وعدم حفظ الطابور!!
وماذا عن القرصنة وعدم وجود حقوق طبع!!
وماذا عن العنف، الاغتصاب والتحرش الجنسي في داخل الأسرة!!
وماذا عن الظلم للضعفاء ونصرة الأقوياء!!
وماذا عن اضطهاد المرأة ووأدها المجتمعي في الحياة!!
وماذا عن العنف والقتل لأي سبب كان، مثل الشرف أو الثأر أو غيرها!!
وماذا عن الكذب الذي أصبح الأمر العادي في المجتمع، والصدق الذي انقرض!!
وماذا عن الغش والاستغلال والتلاعب بالأسعار!!
وماذا عن عدم نزاهة التجار في تسجيل مبيعاتهم الحقيقية!!
وماذا عن سلب الإرادة الحرة للفرد وإكراهه على العقيدة، والكثير من القرارات المصيرية في حياته!!
وماذا عن العنصرية ضد الأقليات واضطهادها!!
وماذا عن عدم وجود أدب في تعامل الناس مع بعضهم والبعض!!
وماذا عن القذارة وعدم النظافة ورمي النفايات في كل مكان!!
وماذا عن إتلاف الممتلكات والمرافق العامة كموهبة عند الكثيرين!!
وماذا عن عدم وجود خدمات طبية جيدة للمواطنين!!
وماذا عن عدم وجود ضمانات وتأمين جيد لعلاج المواطنين الكادحين!!
وماذا عن عدم وجود ضمان دخل اجتماعي للاهتمام بالعاطلين!!
وماذا عن استعباد العمال في الكثير من الدول وإعطائهم بقدر عُشر من أي معاش مقبول!!
والقائمة طويلة جدًا جدًا..... يا للأسف.
لكن الأكثر أسفًا في الأمر هو:
أنه في رأي الكثيرين، الافتقار لجميع القائمة أعلاه، لا ينجس المجتمع، أمَّا وجود النساء غير المحجبات هو الذي ينجس المجتمع.
وإذا توفرت كل القائمة أعلاه، وكانت النساء في المجتمع غير محجبات، فيكون المجتمع ساقط في عيونهم، مثل معظم المجتمعات الغربية.
بالرغم من أن الكثير منهم يتمنون الهجرة من مجتمعاتهم، "المحجبة"، "الصالحة"، ليعيشوا في دول الغرب "الساقطة"، أي ذات النساء غير المحجبات. والدليل على هذا، الملايين من الطلبات التي تقدم سنويًا، من سكان دول عربية، للهجرة واللجوء إلى الغرب!!
يا له من انفصام في الشخصية وعمى في البصيرة!!
أستطيع أن أقول لهم فقط ما قاله المسيح، له كل المجد، عن بعض القادة المتدينين آنذاك:
"أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ." متى 23: 24.
أي أنهم يصفون الماء من الباعوضة، لكي يحافطوا على الطهارة "في الأمور التافهة"، لكن في نفس الوقت يبلعون الجمل. والقصد من "بلع الجمل" هو التغاضي عن الكبائر والأمور العظيمة، فالجمل حيوان نجس بحسب الشريعة لأنه يجتر (لاويين 11: 4)، وهو أعظم بكثير من البعوضة، لذلك قال هذا يسوع، ليبرز عماهم التام وريائهم.
كل ما أستطيع أن أقوله، بأسفٍ شديد، هو أن مجتمعاتنا العربية مريضة جدًا وفي حالة عمى واحتضار. ولن ترى الدول العربية الحياة، ألا إذا فتحت أبوابها لنور بشارة إنجيل المسيح. لكي تخرج من حالة الظلمة والموت والعمى، إلى النور والحياة والبصيرة.
قال الله:
" الذي يؤمن بالابن (بالمسيح) له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى الحياة، بل يمكث عليه غضب الله." يوحنا 3: 36.
وقال الله أيضًا:
" 3 ولكن إن كان إنجيلنا مكتومًا فإنما هو مكتومٌ في الهالكين 4 الذين فيهم إله هذا الدهر (أي إبليس) قد أعمى أذهان غيرالمؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله." 2 كورنثوس 4.