لا تكن بارًا كثيرًا

الله وحده هو البار، ولا أحد على الأرض بار بما فيه الكفاية ليستحق الخلاص. البر الذاتي هو وهم، وهو يؤدي إلى التكبر والازدراء بالآخرين.
08 يناير - 07:39 بتوقيت القدس
لا تكن بارًا كثيرًا

الله وحده هو البار. الرَّبُّ يسوع المسيح وحده المعصوم عن الخطيئة. لا أحد على الأرض بار "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رومية3: 23). بسبب انصياع أبوينا آدم وحواء خلف الأفعى الشيطان، لبست البشرية ثوب، بل جسد الخطيئة وغرقت فيه ولا منقذ أو مخلص سوى من تقدم طوعا وحمل العقوبة بدلا عنا. أنه يسوع المسيح. لكن ألا يسأل الواحد منا: لماذا الاعتماد على البر الذاتي؟ الذي يقود إلى التبجح والتكبر، بل إلى التزمت الذي يقود إلى التطرف ويضع المتزمت في وضعٍ كأنه قاضٍ يقضي بإدانة الآخرين "لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا" (متى7: 1). علما أن الإدانة ليست من حق البشر لأن الديان الوحيد هو الرَّبُّ "لا يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإِخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ."(يعقوب 5: 9). أن الغور في التبرر يعني تجاوز الحدود وإثبات القوة الذاتية ومحاولة أخذ مكان الله.

الله وحده البار وهو يمنح البر لأبنائه وهو الذي وعد المخلصين بدم الحمل بنعمة الشفاعة محررا إياهم بقوة الروح القدس من الناموس والخطية. أن قول الرب "لاَ تَكُنْ بَارًّا كَثِيرًا، وَلاَ تَكُنْ حَكِيمًا بِزِيَادَةٍ." لا يعني البتة بأن تترك البر وتلتزم الشر! بذلك تكون قد سرت خلف الشيطان وتركت الله وفي هذا تعدي فاضح على ناموس الله. أن الهدف من هذه الآية هو عدم التبرر بالاعتماد على الذات. مثلا، لنسمع الفريسي وهو يفتخر ببره الذاتي: "أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ."(لوقا 18: 11). 

لذلك يستوجب الحذر لكيلا يصلي الواحد منا كما صلى الفريسي، حينئذ سيقع في فخ الذات "الأنا" التي من وقع تحت أمرتها سقط في وحل التكبر والبدح بذاته فيرى نفسه ينظر بعين المراقبة إلى الآخرين وكشف أخطاءهم وعيوبهم دون أن ينظر لحظة عيوبه وأخطاءه الكثيرة، ووقوعه في شِرك الذات "أوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ."(لوقا6: 42). إذًا نتائج التمسك بالبر الذاتي وخيمة يجب الحذر منها.

نصل من خلال موضوعنا هذا أن الآية المذكورة هي للتحذير لمن يسعى كي يكون بارا بقوة ذاته، بل هي تحذر الواحد منا لكيلا يتمسك بذاته ويتبجح ويتفاخر بنفسه مما صنعه من برٍّ، لذلك علينا العمل بروح الآية التي هي مع من يطلب البر من الرَّبِّ يسوع المسيح الذي هو وحده البار. إذًا دعونا نضع الرَّبَّ نصب أعيننا لأنه هو وحده البار "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟"(يوحنا8: 46). ونكون معتمدين عليه في النجاة والتحرر من عقوبة الناموس والخطية، فلا يمكن أن نخلص منهما مهما ادعينا التقوى.

ملاحظة: لطفا أخي في الرَّبِّ، اقرأ سفر أيوب ففيه دروس يتعلم الواحد منا الكثير عن مخاطر البر الذاتي.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا