حرية الإرادة (1) حرية الإرادة ما بين ايرازموس ولوثر

هل يمكن للإنسان الطبيعي ان يختار الله؟ وماذا عن الإرادة الحرة؟
18 مايو - 15:23 بتوقيت القدس
حرية الإرادة (1) حرية الإرادة ما بين ايرازموس ولوثر

ايرازموس الروتردامي وهو فيلسوف هولندي، من رواد الحركة الإنسانية في أوروبا كتب كتابه "حرية الارادة" فرد عليه مارتن لوثر بكتابه الشهير "عبودية الإرادة".

في عبودية الإرادة يقول لوثر ان مفهوم حرية الإرادة ينبغي أن يفسر بحذر لعدة اسباب أولها ان الله فقط هو من عنده حرية الإرادة، لأن الله فقط يستطيع ان يفعل كل ما يريده، فنحن جميعنا لدينا اختيارات ونختار بعض الاختيارات، ولكن إرادتنا ليست حرة تماما فأنا لا استطيع ان اختار ان يكون لون بشرتي فاتحا او داكن، او ان اعيش ١٥٠ سنة او ان يكون لي جناحان وأطير فاختياراتي محدودة. 

السبب الثاني في نظر لوثر هو ان الاختيارات التي نصنعها تخرج من قلوبنا والطبيعة التي لنا، بمعنى انه ان لم اكن أحب الله فلا يمكن أن اختاره. ان لم اكن انتمي لله فقلبي لن يميل ناحية الله. وبنفس المنطق قال المسيح: "..هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟" (مت 7: 16). 

فالانسان الساقط والمولود بالخطية لا يختار الله، لا بل ان المسيح قال انه من القلب نختار الشهوة والكذب والخداع. "لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ.." (مر 7: 21).

وفي هذا الصدد يقول اللاهوتي القدير ار سي سبرول والذي رقد منذ فترة: السقوط جعل حرية إرادتنا تصبح لعنة، فإننا تُركنا نستطيع الاختيار طبقًا لرغباتنا اي اننا نختار الخطية ثم يضيف مقتبسا من جوناثان إدوارد “إننا كبشر ساقطين، نحتفظ “بحريتنا الطبيعية” لكننا فقدنا “الحرية الأخلاقية” اي ميلنا للبر والصلاح”.

الفكرة انه إن لم يكن الله أعطاك قلب جديد في المسيح فلا تستطيع اختيار الله، والقديس اغسطينوس قال: الله لا يختارنا لأننا قد نؤمن بل لكي نؤمن. ورسالة رومية تقول في أصحاح 5 و عدد 10: "لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالأولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته!". 

فالموضوع ليس اننا كنا أصدقاء لله نتبعه، لكننا على العكس كنا أعداء مختلفين معه والله جعلنا احباءه، اعطانا قلب جديد يريده. 

الكل بالطبيعة يختارون الموت والخطية، وبدون قلب جديد بحسب لوثر هذا هو كل ما يمكن للناس اختياره.

وفي هذا السياق حالتنا الروحية الميتة ليست مختلفة عن حالة لعازر الذي كان ميتا فعلا. لعازر كان صديقا للمسيح مات ودفنوه، ومرت فترة على موته حتى ان الإنجيل قال عنه انه قد أنتن. لعازر لم ينادي يسوع ساعدني انا ميت! لم يبحث عن المسيح، ولم يخرج يده من القبر طالبا المسيح، لقد كان ميتا كما تقول رسالتي افسس وغلاطية أننا أموات روحيا.

"الله الذي هو غني في الرحمة، من اجل محبته الكثيرة التي احبنا بها، ونحن اموات بالخطايا احيانا مع المسيح.." (اف 2: 4-5).

جاء اليه المسيح كما يأتي لكل واحد فينا ونادى عليه كما ينادي علينا وقال: لعازر هلم خارجا. أعطى المسيح لعازر حياة من بعد الموت بشكل معجزي وكما أقام يسوع لعازر من الموت الجسدي هكذا يقيمنا من موتنا الروحي. المسيح يأتي إلينا ينادينا بالاسم، يصنع معنا معجزة ويغيرنا من الداخل لكيما نتجاوب معه، فالأموات لا يستطيعون اتخاذ اي قرار.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا