النعمة، المحبة والشركة‎‎

يقول الرسول ان الناموس بموسى أُعطي، اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا. نحن كبشر نرغب في حفظ التعاليم والوصايا والاحكام، لكن من منا قادر ان يحفظ الناموس دون...
13 أكتوبر 2022 - 20:40 بتوقيت القدس
النعمة، المحبة والشركة‎‎

يعلمنا الكتاب المقدس ان الايمان بالله هو ليس فقط عقيدة وطقوس دينية واعياد، لكنه ايمان نابض بالحياة والشركة مع الله.

نقرأ كثيرًا وخاصة في رسائل بولس الرسول عن النعمة، التي هي قوة الله العاملة فينا، وعلى حساب نعمة المسيح ننال كل وعود الله، ان كانت الروحية واهمها خلاص نفوسنا، كذلك عطايا الله المادية الارضية.

فهذا ما ختم به الرسول بولس في رسالته الثانية لاهل كورنثوس : " نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم ". انها صلاة قوية وعميقة جدا، علينا ان نتأمل بها كل صباح وكل مساء، لان تعامُل الله معنا هو على حساب النعمة والرحمة والمحبة، لانه ان كان الله ينظر الى خطايانا فمن يقف امامه ؟ او من يرفع عيناه الى السماء باستحقاق ؟

نقرأ في انجيل يوحنا الاصحاح الاول عن افتقاد الله لخليقته على حساب النعمة، عندما تجسد يسوع وتمم عمل الخلاص على الصليب.

فيقول الرسول ان الناموس بموسى أُعطي، اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا.

نحن كبشر نرغب في حفظ التعاليم والوصايا والاحكام، لكن من منا قادر ان يحفظ الناموس دون ان يُخطئ ؟

لذلك علينا ان ندرك غنى وعمق نعمة المسيح، الذي قبلنا ونحن بعد خطاة واعداء لله، وان لا نضع انفسنا تحت ناموس الله، لاننا غير قادرين ان نتممه بشكل مُطلق في حياتنا، كذلك نحن نضع انفسنا تحت اللعنة، لانه مكتوب :

ملعون كل من يضع نفسه تحت الناموس.

يُؤكد الرسول بولس في رسالة افسس الاصحاح الثاني اهمية فهم وادراك نعمة يسوع المقدمة للجميع، لاننا كلنا اخطأنا، ونحن بحاجة لنعمة يسوع، الذي قبلنا كما نحن :

"لاننا بالنعمة مخلصون، ليس بالاعمال كي لا يفتخر احد".

خلاص نفوسنا الابدي كلف المسيح سفك دمه الكريم على الصليب وكلفه حياته، فكيف لا نقبل من كل القلب هذه النعمة الغنية الفائقة المعرفة ؟

علينا ان نسمع نصيحة كاتب رسالة العبرانيين الاصحاح الثالث عشر :

" حسنٌ ان يثبت القلب بالنعمة ".

عندما نُدرك في قلوبنا وارواحنا نعمة المسيح الغنية، لا بد لنا ان نمتلئ بمحبة الله، كما كتب يوحنا في انجيله : "لانه هكذا احب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية".

نحن نحب الله لانه هو احبنا اولًا، نحبه لانه خلصنا خلاص ابدي ووهبنا الحياة الابدية بابنه يسوع المسيح، نحبه لانه ملء حياتنا عطايا روحية ومادية ايضا، فكيف لا نحبه بل ونقول ساعدنا يا رب ان نحبك من كل القلب والنفس والفكر والقوة، لكن ايضًا ان أُحب قريبي كنفسي.

هل من الممكن ان اقول اني أحب الله الذي لا اراه، وابغض أخي الانسان الذي اراه ؟؟!! يقول الكتاب ان من يقول هذا فهو كاذب ! لان من أحب الله الآب خالق السماء والارض، يجب عليه بامر الهي ان يُحب أخوته واقربائه وجيرانه ورفاقه بالعلم والعمل، حتى محبة الاعداء !!!

ان كان الله تعامل معنا بالنعمة والمحبة، لماذا نحن لا نتعامل مع بعضنا على اساس النعمة والمحبة ؟

المحبة التي تغفر وتُطلِق وتسامح...
المحبة التي تقبل الآخر كما هو من دون شروط...
المحبة التي تُعطي للآخر حتى وقت الظُلم...

لماذا ؟ 
لان المحبة لا تسقط ابدًا...
لان الله محبة...

ان كانت حياتنا مُؤسسة على نعمة الله، ومحبة الله انسكبت في قلوبنا بالروح القدس، فلا بُد ان نرى الشركة المقدسة بين الاخوة وجسد المسيح الواحد.

اوصى الرب يسوع ورسله المباركين كثيرًا عن موضوع الشركة، وبان يكون لنا الفكر الواحد والقلب الواحد،

وكما ان الله الآب بشركة مقدسة وكاملة مع ابنه يسوع المسيح، فهذا مثال لنا جميعًا كيف يجب ان تكون الشركة المباركة بين الاخوة، تلك الشركة التي نقرأ عنها كثيرًا في كتاب اعمال الرسل، ان التلاميذ كانوا يواظبون على تعاليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز والصلاوات...

وما احوجنا في هذه الايام الصعبة المعقدة الشريرة، ان نمتلئ بنعمة ومحبة الله، لكي تكون شركة مقدسة بيننا، ليس بالكلام فقط لكن بالاعمال، وبذل احدنا للآخر بالمحبة من قلب طاهر دون رياء، لان المحبة والشركة المقدسة اقوى من كل شر وانانية وطمع وحقد وخصام وظُلم وعدم الحق والعدالة !!!

صلاتنا الى الله القدير كل يوم :

" نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعنا، آمين ".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا