إنّ سوء فهم مفهوم المحبّة يمنعنا أيضًا من قبول محبّة الله الحقيقيّة بالكامل. يكاد يكون من المستحيل العثور على المحبّة الحقيقيّة في العالم، ولكن للأسف، لقد تعلّمنا ماهيّة المحبّة من هذا العالم. لذلك قد يتشوّه معنى المحبّة في أذهاننا. كي نفهم محبّة الله بالحقّ، إنّنا نحتاج إليه لتصحيح مفهومنا المشوّه.
هناك طرق خاطئة مختلفة فيها نفهم ماهيّة المحبّة وكيف يتمّ التّعبير عنها:
- "المحبّة هي الإعجاب". نعتقد أنّ من يحبّنا يجب أن يُعجَب بنا. الفارق هو أنّ الإعجاب لا يرى العيوب بل الكمال فقط، بينما المحبّة الحقيقيّة موجودة مع ورغم العيوب. لذا فإنّ أيّ الشّخص الّذي لديه معجَبين يصبح شخصًا وحيدًا لا يستطيع السّماح للنّاس بالاقتراب منه (لأنّه بعد ذلك سيتم الكشف عن نقاط ضعفه وسيتوقّفون عن الإعجاب به - وحسب مفهومه، هذا يعني أنّهم سيتوقّفون عن محبّته).
للأسف، حتّى بعض القادة في جسد المسيح يتصرّفون بهذه الطّريقة ويحافظون على "مسافة فاصلة" - "مسافة الأعجاب" - من أولئك النّاس الّذين هم يقودونهم ويخدمونهم. يخشى هؤلاء القادة أنّه إذا اكتُشفت نقاط ضعفهم وعيوبهم، فلن يحترم النّاس قيادتهم. لكنّ المحبّة الحقيقيّة تنطوي على معرفة عميقة بالشّخص الّذي تحبّه، على ما فيه من نقائص ومزايا، ولا تعتمد عليها.
- "المحبّة هي الاهتمام". يبدو لنا أحيانًا أنّ الشّخص الّذي يحبّنا يجب أن يضعنا في مركز حياته، وأن يداعبنا ويحوم من حولنا طوال الوقت. الشّخص الّذي هذه هي وجهة نظره يسعى دائمًا إلى جذب انتباه الأشخاص الّذين من حوله. لهذا السّبب هناك الكثير من النّاس الّذين يريدون أن يصبحوا مشهورين. فإذا كنتَ معروفًا، فإنّك سوف تجذب الانتباه، وهذه علامة على أنّك محبوب. "إذا كنت لا تعِرنا انتباهًا طوال الوقت، فهذه علامة على أنّك لا تحبّني، حيث أنّ العالم بأكمله يدور حولي!"، حسب ظنّنا. لذلك بالنّسبة لأولئك الّذين لم يفهموا بعد، من المهمّ أن نقول: "إنّ العالم لا يدور من حولك... والمحبّة لا تعني الاهتمام المستمرّ".
- "من يحبّني سيعطيني دائمًا ما أريد". في الواقع، في كثير من الأحيان يكون الأمر عكس ذلك تمامًا. الوالد الّذي يعطي طفله كلّ ما يريده، لا يبنيه بل يدمّره. إذا كان أحد الوالدَين يحبّ طفله، فلن يعطيه كميّة غير محدودة من الشّوكولاطة أو أيّ شيء آخر من شأنه أن يضرّ بصحّته، حتّى لو طالَب الطّفل ذلك بإلحاح. في مثل هذه الحالة، يتمّ التّعبير عن المحبّة الحقيقيّة في عدم العطاء. لا يتمثّل دور الوالد في خدمة أولاده، بل في إعدادهم للحياة وتعليمهم القِيَم وإرشادهم إلى الله.
- "المحبّة تقيني وتحميني من حدوث أيّ شيء يؤذيني". لإنّنا نعتقد: "لو أنّ الله يحبّني، لما سمح لي لأحداث قاسيّة وسيّئة أن تحدث لي". إنّ الصّعوبات في حياتنا من شأنها بالحريّ أن تقوّينا، إذا اجتزناها بشكل صحيح. فكما أنّ المقاومة تقوّي العضلة، وتَضعُف العضلة بدون مقاومة، كذلك الأمر عندما تحدث أشياء صعبة لنا، ونتجاوب لها بشكل صحيح (بأن نشكر الله، وأن نواجه الصّعوبات كما يحسن في عينيه) وهي تقوّينا وتبنينا. بينما، إذا تصرّفنا بشكل غير صحيح، فإنّ الأشياء الصّعبة ستؤذينا بل ويمكنها أن تكون مدمّرة.
إنّ دور كلّ أب، وخاصّة الله - الآب الكامل - هو إعطاء أولاده أدوات للتّعامل مع الحياة. الأب الّذي يبالغ في الإعجاب بأولاده ولا يرى عيوبهم يؤذيهم. الأب الّذي يضع أولاده باستمرار في المركز ويعطيهم اهتمامًا مستمرًّا، يؤذيهم لأنّه يعلّمهم أنّ العالم يدور من حولهم. الأب الّذي يعطي أولاده كلّ ما يريدونه يحاول في الواقع شراء محبّتهم، وبذلك فهو يتسبّب في إيذائهم. والأب الّذي يبالغ في حماية أولاده من أيّ شيء صعب ولا يتركهم اجتياز الضّيقات فهو يضرّ بهم. ومن ناحية أخرى، فإنّ الأولاده الّذين يطلبون كلّ هذا يؤذون أنفسهم ويسبّبون العثرة لوالديهم.
حسنًا، ماذا عليك أن تفعل؟
- إغفر لوالدَيك وللأشخاص الّذين أساءوا إليك. عبّر عن مسامحتك بالكلام وتذّكر أن تشكر يسوع، لأنّه هو سامحك وأظهر لك كيفيّة القيام بذلك.
- أطلب من الله المغفرة عن الأعمال والأفكار والرّغبات الّتي تتعارض مع إرادته وكلمته وصحّح طريقك.
- تبّ من الفكر المغرور بأنّ العالم يدور من حولك، ومن وضع شروطًا لله، ومن الفكر أنّه إنّما هو موجود لخدمتك.
- أشكر الله على الطّريقة الّتي خلقك بها، وعلى مظهرك.
- أطلب من الله أن يظهر لك محبّته.