يوم كألف سنة!

ما أروع الرب! ما أروع إلهنا! كثيراً ما يفاجئنا بتعديل ما في برنامج يومنا المرسوم, مستخدما بيده المثقوبة والممسكة بصولجان الأمر والنهي في الكون بأسره, مكالمة هاتفية هو وراءها, أو دعوة إلى القيام بزيارة معيّنة, أو اتجاها قلبيا ملزما وواضحا لا نقدر إلاّ أن ن
18 سبتمبر 2009 - 21:18 بتوقيت القدس

" ...أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة, وألف سنة كيوم واحد"(2 بط 3:8).

ما أروع الرب! ما أروع إلهنا! كثيراً ما يفاجئنا بتعديل ما في برنامج يومنا المرسوم, مستخدما بيده المثقوبة والممسكة بصولجان الأمر والنهي في الكون بأسره, مكالمة هاتفية هو وراءها, أو دعوة إلى القيام بزيارة معيّنة, أو اتجاها قلبيا ملزما وواضحا لا نقدر إلاّ أن نتجاوب معه... وإذ نتبع إرشاد قيادته الذي لا يخطئ أبدا, يذهلنا بلمسة تعديليّة أخرى على المسار المرتقب! كما ويضع في طريقنا أشخاصا وأمورا ومواقف لم تكن لتخطر على بالنا, مهما حاولنا توقع ظهورها في أفق ذلك اليوم! فوجه الرب سائر أمامنا؛ والعربات السماوية محمّلة بالمقتدرين قوةً, الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه لإعانتنا؛ والأبواب الموصدة تفتح بسهولة قدامنا؛ والنفوس تتجاوب بشكل جديد, وكل شيء يسير بانسياب ملحوظ بمقتضى ترتيب إلهيٍّ دقيق ومؤثِّر وشفّاف! وفيما نحن نقود السيارة عائدين إلى المنزل إذ خيّم الظلام, ظانِّين أن مشهد روائع استخدامه لنا لذاك اليوم قد اكتمل, يضع في طريقنا شخصا آخر بشكل مفاجئ ومُحكم لنقدم له عونا مع رائحة الإنجيل الذكيّة! ولمّا نجلس في محضره قبل الخلود إلى النوم, مستعرضين أحداث النهاروتفاصيل ظروف العناية خلاله, ندرك ان آثار تدبيره لحياتنا تقطر في الحقيقة دسما من مجد إلى مجد. وإذ ذاك لا بد أن نعي مغزى جديداً لمضمون الآية القائلة," إن يوما واحدا عند الرب كألف سنة..."(2بط3:8).

فإن الله هو خارج مجالات الزمن, كما ويراه بمنظار إيّاه ليس عندنا, ونحن لا ندركه. فقُرون من الحقب والأزمنة في اعتباره هي ضئيلة جداً, حتى إن مدّة ألف من السنين لدينا يحسبها كيوم واحد فقط, وذلك ربما عند مقارنته إيّاها بأبدية ذاته, بالإضافة إلى كونه يرى الماضي والحاضر والمستقبل بمثابة "الآن", لأنها بالحقيقة ماثلة أمامه دائما! كما انه قد يثمِّن قيمة يوم واحد بألف عام! فإنجازات ألف إنسان ليسوا من أهل الإيمان على مدى ألف سنة, لا يمكن  أن تقاس بشيء إزاء إنجازات الله في يوم واحد من خلال أحد أتقيائه أو مع إحدى بناته! ولا عجب, أولم يتم عمل الفداء العجيب في يوم واحد فقط بموت ربنا الحبيب على عود الصّليب! على أن النتائج المذهلة لعمل هذا اليوم الواحد سترافقنا في أبعادها المتنوعة والفائقة ليس طوال ألف سنة فحسب, بل مدى الأبدية أيضا. فذاك الأزلي قد دخل بالتجسّد نطاق الوقت ودائرة الزمن ليهبنا الأبدية الرائعة بفدائه البديع! حقاًّ إن مسيرة يوم واحد مع الرب هي مثل ألف سنة في الأثر والمعنى والحصاد الوفير! ولهذا فليس مسبعدا هنا أن تراود أحدنا الفكرة بخصوص وعد الله وقدرته على تعويضنا عن السنين التي أكلها جراد العصيان والتّراخي وخيبات الأمل(يوئيل2:25)؛ ما علينا سوى أن نخرج من كهف ذواتنا البارد ونكف عن حياة الأنانية والإنشغال المفرط بتوسيع تخومنا الدنيويّة, مفتدين الوقت لمجد السيد في عمل خدمتة بخدمة الآخرين مؤمنين كانوا أو غير مؤمنين. إلى ذلك, يمكننا القول أيضا: لا بل حتى أيامنا الإعتيادية الروتينية ودورتها المملّة, سنجد فيها فيضا من المجد والإبداع ومن آيات خيره, متى دققنا في مراجعة جزيئياتها في نور محضره الذي به نرى نوراً.

والجدير ذكره انه ينبغي علينا ألاّ نستهجن لتغيّر الحال إذ قد يلي يوم المجد هذا يوم صعاب وأشواك, فنتدحرج من أعالي قمة النصر المجيد إلى أسافل ودْيان الضيق والإحباط والتعب؛ وفي ذلك كله تكون يد الله متداخلة في الأمور وممسكة بمهارة بكل خيوط الأحداث, لتنسج في خليقتنا الجديدة صفات أدبية متمايزة ورفيعة, كما ليحفظ نفوسنا في اتزان وتواضع مضبوطين, لئلاّ يتولد عندنا شيء من الشموخ الروحي الدّخيل. وهذا أيضا يساعدنا أن ننسى ما هو وراء-حتى المكاسب والنّجاحات السالفة - حيث أمامنا ما هو أعظم ممّا سبق فأصبناه بذراع قوته وبقوس وسهام كلمته, لأنه ينبغي لنا أن نمتد إلى ما هو قدّام بحرية تامة من دون التثقِّل بالإنشغال بغابر الإنجازات والأيام المجيدة. وهكذا فإن يوم الضيق بإشراف إلهي يحمل معه  ثقْل مجدٍ  أكثر من يوم المجد ذاته! فالفيروسات التي تمّ تفريغها من موادها الوراثية المدمِّرة, مستبدلين بها مضادات حيوية شافية ,(antibiotics)تشق طريقها بدقة إلى الخلايا المستهدَفة بالتحديد, فإذا بها الآن تحمل إليها الدواء والبُرْء عِوَضَ المرض والهلاك!

 لذا كم هو رائع أن نهتف مع أليهو قائلين:
       " الله يرعد بصوته عجبًا. يصنع عجائب لا ندركها"(أي37:5)؛ ومع يوحنا عند بحر الجليل: "هو الرب"(يو21:7)؛ كذلك يهتف الرب نفسه في إشعياء مصرِّحاً:"لأن أفكاري ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقي يقول الرب. لأنه كما علت السموات عن الأرض هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم"(55:8,9). ومن هنا يسمو جدًّا حسابُه للزمن على حساباتنا المألوفة له.

بين الحياةِ والأجلْ..
نورُ الرّجاءِ والأملْ!
أحداث عمري خطّةٌ
مرسومة منذ الأزلْ
أرى يدَ اللهِ ارتأتْ
من رُِمّةِ الجافي عسلْ!
وليس صِدفةٌ, بلا
قصدٍ, أتتْ على عجلْ.
سلطانُه بدقّةٍ
إحْصاءَ شعري شملْ
وفي الجوَى معدودةٌ
تلكَ الدّموعُ في المُقَلْ.
أحصىالمجرّاتِ, وما
من الغُبيراتِ اختَزلْ!
باري التّنانينَ.. لقد
أبدعَ موسيقى الرّمَلْ!
يُذهلُني إتقانُهُ!
مُرورُ من ثَقبٍ جملْ!
للموتِ عندهُ بدتْ
مخارجٌ, فلا وجلْ.
والنّاسُ عن إبداعِهِ
في غفْلةٍ..فمن يسَلْ؟!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. لميس حزان 19 سبتمبر 2009 - 09:45 بتوقيت القدس
يوم الضيق باشراف الهي يحمل معه ثقل مجد اكثر من يوم يوم الضيق باشراف الهي يحمل معه ثقل مجد اكثر من يوم
الرب يباركك يا اخ عماد . كلمات جدا مؤثرة ومعزية لقد عرفت انك الكاتب منذ البداية . ما اروع الهنا حقا طرقه ليست طرقنا فهو دائما يفاجئنا بتدخلاته الرائعة. يا رب ساعدنا حتى ننسى ما وراء ونمتد الى قدام.
2. عماد 20 سبتمبر 2009 - 14:30 بتوقيت القدس
الرب يُثريك الرب يُثريك
الرب يُثريك أكثر أخت لميس من غنى بركاته, مع سائر القديسين عندكم.الرب صالح وطرقه رائعة!
3. محمد خليل جفال 25 أكتوبر 2009 - 14:08 بتوقيت القدس
كلمات جميلة ولكن ممكن تفهموني؟؟؟؟؟ كلمات جميلة ولكن ممكن تفهموني؟؟؟؟؟
السلام عليكم تحية عطرة للاخ عماد والاخت لميس قرات كتابتك الطيبة لكن ماجلبني لكلماتك هو فارق ديني بين معتقداتي الاسلامية و المسيحية بالنسبة لنا فالنبي عيسى نبي الله ولد بدون اب كما هو معلوم فهل هناك تفسير غير دلك الاخ عماد حسب كتابتك افهم انه اله صخ ام لا انتظر جوابك تحياتي للادارة