الإيمان والمحبة

بعد ان تأملنا أخوتي بسلسلة من المقالات عن موضوع الايمان، سوف نتأمل في هذا المقال بالايمان والمحبة، والذي سوف يكون آخر مقال.
02 سبتمبر 2021 - 09:02 بتوقيت القدس
الإيمان والمحبة

يُعلن لنا الكتاب المقدس صفات كثيرة لله، انه القدوس البار والمبارك، القدير والعارف كل شيء، الموجود في كل مكان، لكن يوحنا الرسول يُعلن ان الله محبة، لانه يحب الجميع، وهو يريد ان يبارك الجميع.

وهذا ما نقرأه في انجيل يوحنا 16:3، انه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية.

الله اعطى افضل ما عنده، الابن المبارك القدوس يسوع المسيح، لكي يهبنا الخلاص والحياة الابدية، وهو لم يهب ابنه لقديسين مُستحقين بل لخطاة ساقطين، قَبِلتهم نعمة الله بيسوع المسيح المخلص.

اسمع حديث بعض الناس، انهم يخافون من الله، وعندهم افكار عنه كانه اله بعيد في السماء، متكبر، ولا يهتم بخليقته!

لكن الكتاب المقدس لا يُعلن لنا هذا الاله، بل اله المحبة والسلام، كما اعلن يسوع:

"ان الآب نفسه يحبكم، لانكم قد احببتموني، وآمنتم أني من عند الآب خرجت". (يوحنا 27:16).

كان بولس الرسول، شاول الطرسوسي سابقا، رجل متعصب جدا ومضطهد للكنيسة.

لكن بعد اختباره مع الرب يسوع تغيرت حياته بالكامل، واختبر محبة الله ونعمته الفائقة التي تخلص اشر الخطاة.

لذلك بعد هذا الاختبار المبارك لرسول الامم، كانت طلبته  وصلاته ان يحل المسيح بالايمان في قلوبنا، ونحن متأصلون ومتأسسون في المحبة، حتى نستطيع ان ندرك مع جميع القديسين، ما هو العرض والطول والعمق والعلو، ونعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة. (افسس 17:3).

وكما يشهد الرسول بولس في نفس الرسالة عن ايمان اهل افسس بالرب يسوع، ومحبتهم نحو جميع القديسين (افسس 15:1)، هكذا يجب علينا نحن ان نحب بعضنا بعضًا كما احبنا يسوع المسيح، وبذل نفسه لاجلنا.

لانه من الممكن ان يكون عندنا ايمان بالله، ولكن ان لم يكن هذا الايمان عامل وفعال، فيبقى ايمان ميت ! مثل ايمان الشياطين التي تؤمن وتقشعر!

كذلك الايمان العامل، يجب ان يعمل بالمحبة، لانه بدون المحبة كل شيء باطل وبدون معنى. (غلاطية 6:5).

يؤكد لنا الرسول بولس هذا الحق الالهي، في رسالته الى اهل كورنثوس، الذين كانوا اصحاب مواهب وقدرات، لكن كان الخصام والانشقاق مهيمن في تلك الكنيسة.

لذلك كتب لهم الرسول، انه لا نفع من الايمان والنبوات والتكلم بالالسن وصنع الآيات والعجائب وكل الاعمال الحسنة من دون المحبة!

لا تَدَيُّن ولا خدمة ولا عطاء ولا اي انتماء ينفع من دون المحبة! لماذا؟

لان الله محبة، وان فقدنا المحبة فقدنا الله وكل شيء!

لان المحبة تتانى وترفق، لا تحسد، لا تتفاخر، لا تنتفخ، لا تقبح، لا تطلب ما لنفسها، لا تحتد، لا تظن السوء، لا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق، تحتمل كل شيء، تصدق كل شيء، ترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء، المحبة لا تسقط ابدا! (كورنثيوس الاولى الاصحاح13).

لماذا؟ لان الله محبة، لانه هو هو امسا واليوم والى الابد، هو نفسه الله منذ الازل الى الابد، الله الصادق والامين.

اخوتي، نسمع كثيرا عن انواع كثيرة من المحبة في حياتنا اليومية، محبة الزوج والزوجة، محبة الاولاد، محبة الاقرباء، محبة الاخوة، محبة رفاقي في العلم او العمل، محبة البلد وغيرها.

اين نحن وكل هذه المجالات من المحبة، على ضوء ما قرأنا اعلاه عن محبة الله؟

هل نحن نحب كما يريدنا الله ان نحب؟

وهل يريد الله منا ان نحب فقط من يحبوننا؟ اليس العشارون يفعلون هذا؟

الله يدعونا وخاصة في هذه الايام الصعبة ان نحب حتى الاعداء، من يقاومنا ويضطهدنا ويتكلم علينا بالسوء، لانه هو قَبلَنا يسوع المسيح، الذي عَمِل وبعدها عَلَّم ان نحب الجميع، حتى الاعداء!

الم يقل فوق الصليب:

"يا ابتاه، اغفر لهم لانهم لا يدرون ماذا يفعلون".

ما زال الله يتوق ان ينمو ايماننا كثيرًا، وان تزداد محبة بعضنا لبعض (تسالونيكي الثانية 3:1)، هذه الدعوة لنا اجمعين، كذلك يوصي الرسول بولس ان يتمسك كل واحد منا بشكل فردي بصورة الكلام الصحيح كما اوصى تيموثاوس، في الايمان والمحبة التي في المسيح يسوع ( تيموثاوس الثانية 13:1). 

لانه في المسيح يسوع، لا يوجد ايمان بدون محبة، ولا محبة من دون الايمان.

اذا اعتقدنا اننا اصحاب اعمال حسنة، ونتعب ونصبر كثيرا، واننا لا نقدر ان نحتمل الاشرار، وقد جربنا القائلين انهم رسلٌ وليسوا رسلا، وتعبنا من اجل اسم يسوع، لكننا تركنا محبتنا الاولى، محبة الله، محبة يسوع المسيح، محبة الروح القدس، فانه الوقت ان نذكر من اين سقطنا ونتوب، وان نعمل الاعمال الاولى، والا فسوف يأتي الرب عن قريب ويزحزح المنارة من مكانها، ان لم نتب!! ( رؤيا يوحنا الاصحاح الثاني، 2-5).

انه وقت ان نتوب ونرجع الى الله من كل القلب، ونطلب بصدق ان يسكب الله محبته في قلوبنا بالروح القدس ( رومية 5:5)، لكي نستطيع ان نحبه هو اولا وبصدق من كل القلب، ونحب كل من هم حولنا، حتى الاعداء ان وُجدوا، نُحب الجميع باسمه ولمجده هو وحده، آمين.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا