هل يمكن لشيء أن يعوض المحبة؟

المحبة لا يمكن أن تُشترى فلو أعطى الإنسان كل ما يملك بدل الحب لناله الاحتقار. المسيح قد تخلى عن كل شيء ليعطينا ذاته.
22 أغسطس 2021 - 09:27 بتوقيت القدس
هل يمكن لشيء أن يعوض المحبة؟

"مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ، وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ احْتِقَارًا." (نش 8: 7).

كل ما نراه من حب حقيقي وإخلاص ووفاء في هذا العالم، إنما هو امتداد لمحبة الله الفائقة التي لا تستطيع المياه الكثيرة أن تُطفئها.

الكاتب الإنجليزي الشهير وليم شكسبير، قال في مسرحيته روميو وجوليت، "إن قوّة محبّتهما، تساوت مع قوّة الموت، بل حتى تعدته. لهذا، يقول سفر نشيد الانشاد في الكتاب المقدس«لأن المحبّة قويّة كالموت» (نش ٨: ٦). ويدعو إلى عدم مبادلة المحبة بأي شيء كان، ولو كان كل كنوز العالم. قوّة المحبّة لا يستطيع احد أن يقف في وجهها، تمامًا كما أنه لا أحد يستطيع أن يقف في وجه الموت. فعندما يزور الموت إنسانًا ما، لا يستطيع رفضه تحت اي ذريعة. ليس هناك شيء يستطيع أن يصف، مدى قوّة المحبّة كقوّة الموت. فالموت هو أقوى قوّة في الوجود وفقط الله الذي هو محبة أقوى منه.

وفي السياق ذاته قال جبران خليل جبران: “الحب لا يمكن شراؤه إلا بالحب”.

وقال المرنم قديمًا وهو يُعبر عن رفضه للحب الإلهي المبني على طمع في ثواب أو خوف من عقاب: 

كلا وإنما كما أحبني ربي… وقد سمت صفاته يُحبه قلبي 

يقول المفسر ناشد حنا في تعليقه على 1كورنثوس 13: 8 اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا.. المحبة من الله والله ثابت فالمحبة الإلهية ثابتة لا تسقط أبداً، (المحبة التي من الله أما المحبة المبنية على سبب أو غرض فتسقط بزوال السبب).

ولأن كلمة حب من أكثر الكلمات التي تم تشويهها في عصرنا وجب علينا التمييز بين أنواع للحب حتى لا نُخدع في أنفسنا أو في الآخرين:

(1) حب الأيروس Eros

الأيروس ينشد متعة الذات...... الأيروس يمثل طبيعة الجسد....يعشق ولا يحب , يشتهي ولا يبذل...يتلذذ... ولا يرضى بجراح المسئولية والالتزام... حب ذاتي متمركز حول الأنا ذلك لأن العاشق يتصور نفسه مركز الدائرة ويريد أن يدور الآخر في فلكه، وهذا نقدر ان نميزه بوضوح في الأغاني والفيديو كليبات والسينما والأفلام التي جميعها صورت الحب بهذه الصورة التي يغلب عليها الطابع الجنسي والغرائزي.

(2) حب التجاوب العاطفي الفيليا Philia

هو وظيفة حيوية هامة تشعرني بأن ثمة تساوياً في القيمة بين ذاتي و ذات الآخرين. والحقيقة أن التجاوب العاطفي و المشاركة الإنسانية مستواها أرقى كثيراً من العشق الأيروسي ...ولكنها ( من المنطلق المسيحي) تبقى مشاعر إنسانية نفسانية أرضية.

(3) حب الأغابي Aghapy

دخل الى طبيعتنا حينما تمم الابن الكلمة الازلي الفداء العظيم وجدد طبيعتنا بالروح القدس حيث يثمر الروح القدس فينا اول ما يثمر محبة "واما ثمر الروح محبة Aghapy فرح سلام.." (غل 22:5). فحب الاغابي هو اعلى درجات الحب حيث يسلك المسيحي بالبذل والتضحية وانكار الذات مدفوعاً بنعمة خاصة من روح الله فيكون الحب الذي يسلك به المؤمن على نمط حب المسيح لنا، فهو الذي قال: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 15: 13). 

منذ فترة حضرت ورشة عمل أقامتها المؤسسة التي اشتغل فيها، بعنوان “الرعاية الذاتية وتفريغ الضغوطات” وطلب منا المدرب أن نشارك في فعالية ونشاط بالبالونات، حيث قمنا بنفخ البالونات كمشاركين وطلب منا أن نبقيها في الجو بمعنى أن لا تنزل ابدا على الارض، وهذه البالونات تمثل قيمنا (الاحترام، الحب، الصدق، الأمانة..الخ) وعندما تعبنا من إبقائها في الجو وعندما زاد عددها ودخلت بالونات جديدة سألنا: هل حان الوقت لكي نتخلى عن بعض القيم التي اعتبرناها في يوم من الأيام من المسلمات؟ طبعا لم اوافقه فالمحبة لا تسقط ابدًا.

يبقى اهم شيء هو علاقتك كمسيحي بإلهك، إذا كانت العلاقة العاطفية موجودة فهي إضافة جميلة، وإذا لم تكن موجودة فأنت في رحلة البحث الشيقة، وفي رحلة البحث هذه ستلمس الحب الإلهي، وسترى كم انت مكتفي وشبعان به.

سأحب بدون شروط طالما أستطيع.. وإن تعبت وفشلت .. سأحاول مرة أخرى .. وإن لم يتم تقدير محبتي .. سأفتخر بما قدمته .. ولن أخاف من المغامرة مرة أخرى .. فالحب الغير مشروط توجه قلب .

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا