الملائكة

تُترجم كلمة "ملاك" في العهد القديم عن الكلمة العبرية "ملاك"( كما في العربية ). أما في العهد الجديد فتُترجم عن الكلمة اليونانية "أجلوس" ( aggelos ) . ومعنى كل من الكلمتين هو "رسول" ( 2صم 2 : 5 ، لو 7 :
03 يوليو 2007 - 02:00 بتوقيت القدس

من هم الملائكة :

تُترجم كلمة "ملاك" فى العهد القديم عن الكلمة العبرية "ملاك"( كما في العربية ). أما في العهد الجديد فتُترجم عن الكلمة اليونانية "أجلوس" ( aggelos ) . ومعنى كل من الكلمتين هو "رسول" ( 2صم 2 : 5 ، لو 7 : 24 : 9 : 52 ) . وترد الكلمتان العبرية واليونانية نحو 300 مرة من التكوين إلى الرؤيا . والمصدر الوحيد لمعلوماتنا عن الملائكة هو الكتاب المقدس . وأول مرة يرد فيها ذكر الملائكة في الكتاب المقدس هي عندما طرد الله آدم وحواء من الجنة ، "وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ( جمع "كروب" ، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" ( تك 3 : 24 ) . وقد أمر الرب موسى أن يصنع كروبين من ذهب صنعة خراطة على طرفي غطاء التابوت في خيمة الشهادة ( خر 25 : 18-22 ) . كما أمره أن يصنع الحجاب الذي كان يفصل بين القدس وقدس الأقداس حيث كان تابوت الشهادة "من أسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص مبروم ، صنعة حائك حاذق ، يصنعه بكروبيم" ( خر 26 : 31 ) . كما نقش سليمان "كروبيم" على حيطان الهيكل ( 2أخ 3 : 7 ).

ولا يُذكر فى الكتاب المقدس إلاَّ اسما ملاكين لا غير ، هما "جبرائيل" ورئيس الملائكة "ميخائيل" ( دانيال 8 : 16 ، 9 : 21 ، 10 : 13 ، لو 1 : 19 و 26 ، يهوذا 9 ، رؤ 12 : 7-9 ).
ويصف إشعياء النبي "السرافيم" ( وهم فئة من الملائكة ) بأن لكل واحد ستة "أجنحة باثنين يغطي وجهه ، وباثنين يغطي رجليه ، وباثنين يطير" . وطار إليه "واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح" ومس بها فم النبي ( إش 6 : 1-7 ).

والملاك الذي رأته المريمات جالساً على القبر كان "منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج" ( مت 28 : 3 ) . والملاكان اللذان ظهرا للمريمات عند القبر فجر الأحد ظهرا "بثياب براقة" ( لو 24 : 4 ) ، واللذان ظهرا للتلاميذ عقب صعود الرب ، "وقفا بهم بلباس أبيض" ( أع 1 : 10 ) . ورأت الجموع التي كانت تستمع لاستفانوس "وجهه كأنه وجه ملاك" ( أع 6 : 15 ) ، من الجمال الذي أضفاه عليه ما كان يملأه من السلام والفرح لملاقاة الرب.

والملائكة خلائق سماوية ، خلقهم الله قبل خلق العالم ( ارجع إلى أي 38 : 6 و 7 ، مز 148 : 2 ، كو 1 : 6 ) . فالله هو "الصانع ملائكته رياحاً وخدامه ناراً ملتهبة" ( مز 104 : 4 ) ، فهم "أرواح" ( عب 1 : 14 ) ، لكن الله أعطاهم القدرة على الظهور في شكل بشر ( رجال ) لتأدية رسالة معينة ( انظر مثلاً : تك 19 : 1 و 5 و 15 ، أع 1 : 11 ) . والملائكة أسمى مرتبة من الإنسان ( ارجع إلى مز 8 : 4 و 5 ، عب 2 : 7 ) . وأوسع معرفة من الإنسان ، ولكنهم لا يعلمون كل شئ ( 2صم 14 : 20 ، 19 : 27 ، مت 24 : 36 ، 1بط 1 : 12 ) ، كما أنهم أقوى من البشر ، ولكنهم ليسوا كلي القدرة ( مز 103 : 20 ، 2تس 1 : 7 ، 2بط 2 : 11 ) ، ويجب ألا يكونوا موضوعاً للعبادة ( كو 2 : 18 ، رؤ 22 : 8 و 9 ) . كما أنهم محدودون مكاناً ، فلا يوجد الواحد منهم في كل مكان في نفس الوقت ( دانيال 10 : 12-14 ) . وقد يسمح لهم الله أحياناً بإجراء معجزات ( تك 19 : 10 و 11 ) . وتوجد منهم في السموات أعداد غفيرة ( مت 26 : 53 ، عب 12 : 22 ، رؤ 5 : 11 ) . وهم لا يزوجون ولا يتزوجون ( مت 22 : 30 ).

وللملائكة رتب مختلفة ومسئوليات متنوعة ( مثل الكروبيم والسرافيم ) ، ولهم نظام دقيق ( رؤ 8 : 38 ، أف 1 : 21 ، كو 1 : 16 ).
وكان الشيطان أحد الكروبيم ، إذ يقول الله : أنت الكروب المنبسط المظلل وأقمتك . على جبل الله المقدس كنت . بين حجارة النار تمشيت . أنت كامل في طرقك من يوم خلقت ، حتى وُجد فيك إثم" ( حز 28 : 13-15 ).

خدمة الملائكة :

تتنوع خدمات الملائكة ، ولكن العمل الرئيسى لهم هو أنهم "يرسلون" من الله لتبليغ رسائله
أو تنفيذ مشيئته. فقد تكلم ملاك إلى امرأة منوح، ثم إليه أيضاً لتبشيره بمولد شمشمون (قض 13: 3و9). وتكلم ملاك إلى زكريا لتبشيرهما بمولد يوحنا المعمدان (لو 1: 11-20)، كما بشر الملاك مريم العذراء بمولد الرب يسوع المسيح (لو 1: 26-38). وتكلم الملاك إلى يوسف عدة مرات (مت 1: 20-24، 2: 13و 19). وتكلم الملائكة إلى الرعاة (لو 2: 9-15). وتكلم ملاك إلى كرنيليوس (أع 10: 3و7و 22). وإلى الرسول بولس (أع 27: 23). وأنبأ الكثيرون من الملائكة يوحنا الرائي بالأحداث المذكورة في سفر الرؤيا.

ويمثل الملائكة في محضر الله في خشوع وتعبد (مت 18: 10، عب 1: 6، رؤ 6: 11و12)، وهم "أرواح خادمة مرسلة للخدمة" للمؤمنين (عب 1: 14)، وذلك بمعاونتهم أو حمايتهم أو إنقاذهم (تك 19: 11، مز 91: 11، دانيال 3: 28، 6: 22، أع 5: 19)، أو إرشادهم (أع 8: 26، 12: 7- 10). كما يقومون أحياناً بتشجيع المؤمنين (دانيال 9: 21، أع 27: 23و24)، أو توضيح مشيئة الله (دانيال 7: 16، 10: 5و11، زك 1: 9)، أو تنفيذ مشيئة الله، سواء بالنسبة لأفراد أو لأمم (تك 19: 12- 16، خر 12: 21-27، 2 صم 24: 16، 2 مل 19: 35، إش 37: 36، حز 9: 1-7، أع 12: 21-23)، كما أنهم يحرسون المؤمنين (مز 34: 7، مت 18: 10). وقد حملت الملائكة لعازر المسكين إلى حضن إبراهيم (لو 16: 22) . كما أنهم يفرحون بخاطئ واحد يتوب (لو 15: 10).

وقد كان للملائكة دور كبير فيما يختص بالرب يسوع، فقد بشروا بولادته (مت 1 :20، لو 1: 30، 2: 9و13). وجاءت تخدمه بعد تجربة إبليس له في البرية (مت 4: 11)، وكذلك في جهاده في بستان جثسيماني (لو 22: 43)، كما دحرج ملاك الحجر عن القبر (مت 28: 2-7). وبشر ملاك مريم المجدلية ورفيقتها بقيامة الرب (مت 28: 5-7، مرقس 16: 5-7، لو 24: 4-7). كما قال الرب لبطرس : "أتظن أنى لا أستطيع أن أطلب إلى أبى فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة" (مت 26: 52). وسيكون للملائكة دور عند ظهوره في مجيئه الثاني (مت 25: 31، ا تس 4: 16، 2 تس 1: 7).


الخلاصة :

إن الكتاب المقدس لا يعلن لنا عن الملائكة إلا القليل، ومع ذلك فهو بالغ الأهمية، لأنه:
(i) - يحفظنا من ضيق الفكر عن مدى اتساع خليقة الله وتنوعها.
(ii)- يساعدنا – إلى حد ما – على إدراك عظمة الرب يسوع المسيح الذي هو أعظم من الملائكة بل هو موضوع تعبدهم (عب 1: 4و6).
(iii) - يعطينا صورة رائعة عن العالم غير المنظور الذي نحن في طريقنا إليه.
(iv )- يضع أمامنا مثلاً للفرح بإتمام مشيئة الله "كما في السماء كذلك على الأرض"، فالملائكة إنما ينفذون مشيئة الله تماماً، فهم "المقتدرون قوة، الفاعلون أمره عند سماع صوت كلامه " (مز 103: 20).
(v) -إنهم يخجلوننا لعدم مبالاتنا بخلاص الأعداد الغفيرة حولنا، لأنه "يكون فرح عظيم قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (لو 15: 10).
(vi) -إنهم يوسعون رؤيتنا لمراحم الله المتنوعة ، إذ أن ملائكته جميعهم ما هم إلا "أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14).
(vii)- إنهم يذكروننا بمركزنا الرفيع الذي أوصلتنا إليه النعمة، والمصير الذي ينتظرنا نحن المؤمنين بالمسيح، فسنكون " كملائكة في السماء" (مت 22: 30)، بل "سندين ملائكة" (1كو 6: 3).

ملاك الرب
يدور جدل كثير حول ما إذا كان "ملاك الرب" في العهد القديم (تك 16: 7-14، 22: 11-15، خر 3: 2، قض 2: 41، 5: 23، 6: 11-24، 13: 3)، أو "ملاك الله" (تك 21: 7-19، 31: 11-13)، أو "ملاك حضرته" (إش 63: 9)، هو واحد من الملائكة، أو هو أحد ظهورات الله نفسه. إن حقيقة أن "ملاك الرب" لا يتكلم باسم الله، بل كالله (بضمير المتكلم المفرد)، لا تترك مجالاً لشك في أن ملاك الرب هو ظهور الله نفسه (تك 17: 7-22، 22: 11- 15، 31: 11-13). "فملاك الرب" يقول عن نفسه ليعقوب : "أنا إله بيت إيل" (تك 31: 13). وأحيانا يبدو الرب متميزاً عنه (2 صم 24: 16، زك 1: 21-14). ورغم هذا التميز أحياناً، فإنه يتكلم باعتباره الله (انظر زك 3: 1و2، 12: 8)، ولذلك فإن أي تميز بين "ملاك الرب" والرب نفسه إنما هو بين الرب غير المنظور، والرب الظاهر في صورة "ملاك الرب". وحيث أن عبارة "ملاك الرب" لا تذكر مطلقاً بعد تجسد المسيح، فإن الكثيرين يرون أن "ملاك الرب" في العهد القديم إنما يشير إلى ظهور الرب يسوع في صورة ملاك قبل أن يتجسد ويولد من العذراء المطوبة. أما "ملاك الرب في العهد الجديد (مت 1: 20، 2: 13، أع 5: 19، 10: 3، 12: 17و 23) فلا شك في أنه ملاك من الملائكة، مثل جبرائيل (لو 1: 11و 19و 26).

الملائكة الساقطون

إن الملائكة الأشرار الذين يرأسهم إبليس (الشيطان – يو 12: 31، 14: 3، أف 2: 2، 6: 10- 12)، يقاومون الملائكة الأبرار (دانيال 10: 13) وبإذن من الله يمكنهم الإساءة إلى الإنسان بتسخير قوى الطبعية (أي 1: 12-19)، أو بإصابته بالمرض (أي 2: 4-7، انظر أيضاً لو 13: 16، أع 10: 38)، ويجربون الإنسان بالخطية (تك 3: 1-7، مت 4: 3، يو 13: 37، 1 بط 5: 8)، وينشرون تعاليم كاذبة (1 مل 22: 21- 23، 2 كو 11: 13و 14، 2 تس 2:2، 1 تي 4:1)، ولكن حريتهم في تجربة الإنسان وامتحانه متوقفة على ما يسمح به الله لهم (أي 1: 12، 2: 6). ومع أن مسكنهم مازال في السماويات ، ويسمح لهم أحياناً بالمثول أمام الله (أي 1: 6، 1 مل 22: 19- 23)، فسيأتي اليوم الذي فيه سيصنع رئيس الملائكة ميخائيل وملائكته حرباً مع إبليس وملائكته، ويطرحهم جميعاً إلى الأرض. وذلك قبيل الضيقة العظيمة (رؤ 12: 7-12)، وأخيراً سيطرحون في بحيرة النار والكبريت المعدة أصلاً "لإبليس وملائكته" (مت 25: 41). فالملائكة "الذين لم يحفظوا رياستهم، بل تركوا مسكنهم، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام" (يهوذا 6، انظر أيضاً 2 بط 2: 4.

الملاك جبرائيل

اسم عبري معناه " رجل الله "، وير ى البعض انه يعني " الله عظيم أهم جبار ". وهو اسم الملاك الذي أرسله الله إلى دانيال ليفسر له الرؤيا التي راي فيها الكبش والتيس ( دانيال 8 : 16 )، وليبلغه النبوة المختصة بالسبعين أسبوعا التي قضيت على شعب دانيال ومدينته المقدسة ( دانيال 9 : 21 ــ 27 ).
وهو أيضاً ملاك البشارة في العهد الجديد، فهو الذي بشر زكريا الكاهن بمولد ابنه يوحنا المعمدان ( لو 1 : 19 )، كما أرسله الله ليبشر العذراء مريم بمولد يسوع ( لو 1 : 26 ).

ورغم اعتباره أحد رؤساء الملائكة، فان هذا اللقب لا يذكر مطلقا في الأسرة المقدسة، ولكن يرد ذكره في سفر اخنوخ الابوكريفي ( 9، 20، 40) باعتباره واحدا من الأربع رؤساء الملائكة ( أهم الستة )، ويوصف بالإيمان "المتسلط على كل القوات " وانه يرفع مع غيره من رؤساء الملائكة صرخات نفوس الموتى طلبا للانتقام، كما يذكر انه " متسلط على الحيات وعلى الفردوس وعلى الكروبيم " كما انه يشغل مكانا بارزا في الترجوم اليهودي.

الملاك ميخائيل

اسم عبري معناه "من مثل الله " (من كالله) ، وهو :
ميخائيل : أحد رؤساء الملائكة (دانيال 10: 13، 12: 1، يهوذا 9، رؤ 12: 7و 8). ويوصف في سفر دانيال بأنه هو المدافع عن الشعب القديم. فيقول الملاك لدانيال: "ورئيس مملكة فارس وقف مقابلي واحداً وعشرين يوماً. وهوذا ميخائيل، واحد من الرؤساء الأولين، جاء لإعانتي… ولا أحد يتمسك معي على هؤلاء إلا ميخائيل رئيسكم" (دانيال 10: 13 و21). كما نقرأ : "وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك، ويكون زمان ضيق…" (دانيال 12: 1).

وفي سفر أخنوخ (الأبوكريفي) يذكر أن ميخائيل أحد الرؤساء الأربعة (9: 1، 40: 9)، أو السبعة (20: 1-7). وفي "كتاب الحرب" (من لفائف البحر الميت)، وفي بعض الكتب الأبوكريفية الأخرى من عصر ما بين العهدين، يوصف ميخائيل بأنه المدافع عن قضية الأبرار، أو الملاك الحارس لإسرائيل.

ونقرأ في رسالة يهوذا : "وأما ميخائيل رئيس الملائكة، فلما خاصم إبليس محاجاً عن جسد موسى، لم يجسر أن يورد حكم افتراء، بل قال: "لينتهرك الرب" (يهوذا 9- انظر أيضاً 2 بط 2: 10 و11، وكذلك الإشارة إلى رئيس الملائكة في 1 تس 4: 16).

وآخر إشارة – في العهد الجديد – إلى "ميخائيل رئيس الملائكة" هى التي جاءت في سفر الرؤيا (12 : 7و8) حيث نقرأ : "وحدثت حرب في السماء، ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته، ولم يقووا، فلم يوجد مكانهم بعد في السماء، فطرح التنين العظيم، الحية القديم ، المدعو إبليس والشيطان الذي يُضل العالم كله، طرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته، وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً في السماء: "الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه، لأنه قد طرح المشتكي على أخوتنا، الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً. (رؤ 12: 7- 10).

كروب او الكاروبيم

الكروبيم: خلائق مجنَّحة تذكر كثيراً في الكتاب المقدس، ومفردها في العبرية هو “كروب” (كما هو في العربية)• وهم كائنات سماوية مثلهم مثل السرافيم وسائر الملائكة• ويظن بعض العلماء أن كلمة “كروب” مشتقة من كلمة “كاريبو” التي تؤدي معنى “شفيع” في الإساطير الأكادية، ويُمثل “الكروب” عادة في الفن الأكادي، بكائن نصفه أسد، ونصفه الاخر نسر، أو بكائن بشرى مجنح، ولكن الدلائل الكتابية لا تؤيد هذا الرأي•

وقد وصف النبي حزقيال أربعة حيوانات (كائنات حية) لكل واحد منها أربعة أوجه وأربعة أجنحة (حز 1 :5-24) وهي: نفسها التي يطلق عليها أسم “كروبيم” (حز10 :2-22)• كما يستخدم حزقيال هذا الوصف الرائع، بصورة أخف، في حديثه عن ملك صور في أوج مجده قبل أن يسقط (حز 28 :13-16) ويفسر بعض العلماء هذا الفصل بأنه وصف لسقوط الشيطان، بعد أن كان يشغل مكانة رفيعة بين رتب الملائكة في خدمة الله•

ورغم روعة أوصاف حزقيال لهم، فإنه من الصعب تحديد الصورة التي ظهر بها الكروبيم• ففي (حزقيال 41 :18) كان الكروبيم المرسومون على حائط الهيكل، لكل واحد منهم وجهان: وجه إنسان ووجه شبل، مما يختلف عما رآه في رؤياه الأولى حيث كان لكل واحد منهم أربعة أوجه (حز 1 :10) وجه إنسان، ووجه أسد، ووجه ثور، ووجه نسر، بينما يذكر في 10 :14 الأربعة وجوه على أنها: وجه كروب، ووجه إنسان، ووجه أسد ووجه نسر • فهل يعني هذا أن “وجه الكروب” حل محل” وجه الثور؟ ولعل هذا هو السبب في أن الكروبيم في الفن الشرقي، كانت تصور على أنها خلائق من ذوات الأربع، ولكنها كانت غالباً تختلف – فيما عدا ذلك – عن الكروبيم كما يصورها الكتاب المقدس، فبالإضافة إلى الاجنحة، كان للكروبيم في رؤيا حزقيال، أرجل قائمة (لا تنثني)، وأقدام كأقدام رجل العجل (حز 1 :7)•

وقد دفع ذا الوصف المعقد، بعض العلماء إلى محاولة الجمع بين الكروبيم وتماثيل ونقوش الأمم الوثنية، فعرش حيرام ملك بيبلوس كان يحيط به تماثيل لأبي الهول، التي يرى البعض أنها تمثل الكروبيم، ولكن يبدو أن أبا الهول كان يستخدم كحلية، كما يتضح ذلك من الصناديق العاجية التي وجدت في مجدو، والتمثيل العاجية التي وجدت في السامرة وفي نمرود وغيرها، وكثير من هذه الحليات يتكون من أجسام بشرية وأجسام حيوانات، ولها في الغالب أجنحة، ولكن ليس فيها إطلاقاً ما يطابق أوصاف العهد القديم للكروبيم•

والحيوانات (الكائنات الحية) الإربعة في سفر الرؤيا تشبه الكروبيم في سفر حزقيال، ولكن بدون البكرات الدوارة (رؤ 4 :6-9). والمواضع الاخرى في سفر الرؤيا التي تشير إلى الحيوانات الأربعة (5 :6 -14، 6 :1 - 8، 7 :1-11، 14 :3، 15 :7، 19 :4) لاتضيف شيئاً إلى وصفها في الأصحاح الرابع•
وكانت وظيفة الكروبيم في تك 3 :24، هى حراسة طريق شجرة الحياة، كما كانت وظيفة الكروبيم في الاصحاح العاشر من حزقيال هي تنفيذ دينونة الله، فمن بين الكروبيم أخذ الرجل اللابس الكتان، جمر نار ليذريه على المدينة (حز 10: 2و 7)•

وقد قال الرب لموسى إنه سيجتمع به ويتكلم معه من بين الكروبين اللذين على غطاء تابوت الشهادة (خر 25 :22) ومن هنا جاء القول: “رب الجنود الجالس على الكروبيم” (1صم 4:4، 2صم 6 :2) وفي رؤيا حزقيال (حز 1 :26، 10:110 : 1) كان الله يجلس فوق العرش الذي كان على المقبب الذي كان على رؤوس الكروبيم محمولاً على أجنحتها. ويقول المرنم عن الله: “الجاعل السحاب مركبته، الماشي على أجنحة الريح” (مز 104 :3، انظر أيضاً إش 19 :1). كما يقول: “ركب على كروب وطار، ورئى على أجنحة الريح” (2صم 22 :11، مز 18 :10)•

وكان على غطاء التابوت كروبان من ذهب صنعة خراطة (خر 25 :18 - 20، 37 :7- 9) كما كانت شقق المسكن مطرزة بكروبيم (خر 26 :1)، وكذلك الحجاب الذي كان يفصل بين القدس وقدس الأقداس (حز 26 :31)•

وعمل سليمان “في المحراب كروبين من خشب الزيتون، على الواحد عشر أذرع•• وغشى الكروبين بذهب” (1مل 6 :23 - 28). كما نقش على المصراعين من خشب الزيتون “كروبيم ونخيلاً وبراهم زهور وغشاهما بذهب ورصع الكروبيم والنخيل بذهب” (1مل 6 :32). كما نحت على مصراعي مدخل الهيكل “كروبيم ونخيلاً وبراعم زهور وغشاها بذهب مطرق” (1مل 6 :33-35)• كما نقش على أتراس قواعد بحر النحاس المسبوك “أسوداً وثيران وكروبيم وكذلك على الحواجب من فوق” (1مل 7 :29و 36) وجميع حيطان البيت في مستديرها رسمها نقشاً بنقر كروبيم ونخيل وبراهم زهور من داخل ومن خارج” (1مل 6 :29)•

كما أن حزقيال رأى في الهيكل أن الحوائط كانت مغطاة بألواح خشب من كل جانب، منقوش عليها “كروبيم ونخيل• نجلة بين كروب وكروب. ولكل كروب وجهْان•• وعلى مصاريع الهيكل كروبيم ونخيل” (حز 41 :17-25)•

السرافيم

لا ترد هذه الكلمة في الكتاب المقدس إلا في رؤيا إشعياء النبي (إش 6). ويقوم السرافيم والكروبيم بحراسة عرش الله. وهذه الكائنات السماوية التي رآها إشعياء كانت في هيئة بشرية، ولكن كان لكل منها ستة أجنحة، باثنين يغطي وجهه تعبيراً عن الخشية من هيبة الله، وباثنين يغطي رجليه اتضاعاً في محضر الله ، وباثنين يطير لتنفيذ أوامر الله، حيث قيل عن ملائكة الله : " المقتدرين قوة الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" ( مز 103: 20).

ويقول إشعياء انه رأي السرافيم واقفين فوق العرش. ويبدو أنهم كانوا يقودون الكائنات السماوية في العبادة ، حيث كان الواحد منهم ينادي الآخر قائلاً :" قدوس،قدوس، قدوس، رب الجنود مجده ملء كل الأرض" (إش 6: 3).

ويبدو أن هذا التسبيح كان من القوة حتى اهتزت أساسات عتب الهيكل وأمتلأ البيت دخاناً . فأرتعب النبي وشعر بنجاسته واعترف بأثمه، " فطار واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح" ومس بها فم النبي وقال له :" هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكُفّر عن خطيتك"(إش 6: 4-7).
ويبدو مما ذكره إشعياء أن السرافيم كائنات ملائكية عليهم مسئوليات معينة في حراسة العرش، وعبادة الله وتسبيحه وخدمته. وكانوا يشغلون مركزاً قريباً جداً من عرش الله. كما أن واحداً منهم قام بخدمة التطهير لشفتي النبي.

ولا يُعلم علي وجه اليقين اشتقاق كلمة" سرافيم" ، حيث أن كلمة " سراف " تستخدم لوصف " الحيات المحرقة"(عد 21: 6، تث 8: 15). فقد تكون الكلمة مشتقة من " سراف" العبرية بمعنى "يشتعل أو يحترق" لا للإضاءة بل للتطهير ، كما كانت الحيات المحرقة فى البرية لتطهير المحلة من كل نجاسة. وقد كشف الأثريون عن لوح حجري في " تل حلف" (في جوزان) عليه صورة لكائن خرافي له رأس نسر وجسم أسد ، وله ستة أجنحة، اثنان على كتفيه ، وأربعة تحت وسطه، ويرجع تاريخه إلى نحو 800 ق.م. كما كشفوا في مصر عن تمثال لحيوان خرافي له جناحان ويطلق عليه في اللغة الهيروغليفية اسم "سِرِف".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا