عندما يُضحِكُنا المسيح

كان الرب يسوع أيضًا انسانًا كاملاً شاركنا في كل شيء، عدا الخطية. كان يجالس البسطاء والمرذولين وأكيد أنه كلامه الحلو، المشجّع والموجّه، كانت ترافقه ابتسامة تفيض بالنور والمحبة للجميع.
23 أغسطس 2017 - 23:58 بتوقيت القدس

لماذا قيل عن المسيح ثلاث مرات أنه بكى، لكن لم يُذكر عنه أنه ضحك، أو حتى ابتسم؟ سؤال يتردد كثيرًا.

كان الرب يسوع أيضًا انسانًا كاملاً شاركنا في كل شيء، عدا الخطية. كان يجالس البسطاء والمرذولين وأكيد أنه كلامه الحلو، المشجّع والموجّه، كانت ترافقه ابتسامة تفيض بالنور والمحبة للجميع.

دعني أجيب بطريقة عملية، اذ نتابع معًا بعض أقوال السيّد، ونتصوّر بمخيلتنا الصور المضحكة التي يرسمها. انتبه أنها ليست مجرّد تعابير مضحكة، لكنها تأتي برسالة قوية وبنّاءة تهزّ ضمائرنا من خلال ضحكة قد ترتسم على أفواهنا.

عندمت يُضحكنا المسيح

متى 6: 1- 4 فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس. الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم، واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتك في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية.

سيّداتي وسادتي! هل صوتي من خلال الميكروفون مسموع جيّدًا؟ أريد أن أقدّم شيكًا بمبلغ ضخم لأهداف خيرية!!

ان أكبر امتحان لأي عمل هو معرفة الدافع له، فإن كان هدف الصدقة أن ترفع قدرك بين الناس فأعلن ذلك أمام الجميع. المال مالك ومن حقك أن تُشكر وتُذكر بالخير، لكن إن كان من أجل الله لأن محبته فاضت من خلالك. ان الله يعرف قلبك ورغبتك بإكرامه بتقديم المعونة للآخرين فاعمل ذلك سرًا... وكفاك بالله سرورًا واكرامًا.

متى 7: 3، 4 ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ ام كيف تقول لأخيك: دعني اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك.

يسمّى هذا التعبير "الإغراق" أي التضخيم المقصود لإبراز فكرة مهمة. فقط تخيّل وإيّاي هذا المشهد الذي يرسمه يسوع، خشبة ضخمة في عيني شخص ما، لكنه - ولا أدري كيف- يريد أن يخرج القشة الصغيرة في عين الآخر. لقد استحق ذلك المرائي أن يقول له المسيح: "أخرج أولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيدًا ان تخرج القذى من عين اخيك".

متى 15: 14 أتركوهم، هم عميان قادة عميان وان كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة.
أعمى يريد بإلحاح أن يرشد أعمىً آخر وتكون النتيجة الحتمية أنه يسقط وإيّاه في حفرة، يا له من مشهد!
على من تقع المسؤولية؟ من سيُخرج كليهما؟ يا رب احمِنا من العمى (فقدان البصر والبصيرة) فلا نقود ولا نُقاد دون إدراك روحي وارشاد من لدنك.

متى 19: 24 ان مرور جمل من ثقب ابرة أيسر من ان يدخل غني الى ملكوت الله.
الى اليسار قليلاً... نعم، نعم، سنام الجمل يوشك أن يدخل من ثقب الابرة!!! أليست صورة مضحكة؟
الله يحبّ الجميع، فقراء وأغنياء دون استثناء، لكن بهذه العبارة المبدعة، يقول لنا المسيح أنّ الغنى قد يكون احيانًا معطّلاً بل وحاجزًا يحول دون اقترابنا إلى الله لنوال غفرانه وخلاصه لإنقاذ نفوسنا من الهلاك الأبدي.

متى 23: 24 ايها القادة العميان الذين يصفّون عن البعوضة ويبلعون الجمل!
هل كان جلّ اهتمامك مرّة أن تحافظ على بعض الأمور الثانوية، لكن في الطريق كسرت قواعد أساسية؟ ربما كانت مقولة المسيح مضحكة، لكن كم مرّة كنا نريد أن نمارس نواميسنا البسيطة بكل دقّة، لكننا أهملنا أعظم الأمور أهمية؟
آه.. كم جملاً من النجاسة ابتلع كلّ منا ونحن نحاول أن نتجنب نجاسة... بعوضة.

متى 23: 25- 26 تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوآن اختطافا ودعارة. أيها الفريسي الاعمى، نقّ اولاً داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضاً نقيًا.
هل أنت مستعد أن تشرب من كأس رأيتها تنظّف من الخارج فقط؟ تستحوذ مظاهر العالم وبريقه على الإنسان، لدرجة أنه يحاول دائمًا أن يلفت الأنظار بالأمور الخارجيّة. هنا يكسر المسيح هذا المفهوم الخاطئ ويقول: اهتمّ بنقاوة الداخل، اسعَ لتكون أعماقك نظيفة، فهذا هو الأساس، ولسوف ينعكس ذلك بالتالي على الخارج أيضًا.

مرقس 4: 21 هل يؤتى بسراج ليوضع تحت المكيال او تحت السرير؟ اليس ليوضع على المنارة لكي ينظر الداخلون النور؟
أخ.... لقد سقطتُ أرضًا... أين أنت يا صاحب البيت؟ دعوتني للدخول لكن أين النور؟ إذا ضحكت بسبب هذا المشهد الحياتي، أرجوك أن تسأل نفسك: هل يظهر النور الذي فيّ للآخرين، أم هو مغطىً بالمشغوليات والعمل (المكيال) أو بالراحة المستمرة والكسل الروحي (السرير)؟ أرجو أنك لا تزال تضحك؟؟

لوقا 15: 5 من منكم يسقط حماره او ثوره في بئر ولا ينشله حالاً في يوم السبت؟
نحن نحافظ على تقاليدنا وشرائعنا أو قد نكسرها طالما أنّنا لا نتضرّر، لكن حساباتنا بسيطة: مصلحتنا أوّلاً وبعدها نتمّم ما يطلبه الله. هذه هي روح الناموسيّة التي تصيح بأعلى صوتها: الله أولاً، لكنها تقصد أنا أولاً ثم الله.

لوقا 19: 40 ان سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ.
من يحب المسيح يشهد عنه وعن خلاصه ومحبته وعظمته، لكن ماذا يحدث لو تعطلت شهادة المؤمنين في مكانٍ ما؟ الله ليس بقاصر، بل هو قادر أن يتمجّد من خلال الطبيعة جاعلاً الكائنات الأعجمية من حيوان ونبات وجماد تشهد عن شخصه المبارك.

قد تضحكنا صورة حجارة تصرخ، لكن ليتها أيضًا تقيمنا من سباتنا وتلفت أنظارنا الى ما الأهم.

تعالوا نردّ لله صدى محبته، فنعيش له ونخدمه هو وكل أولاده فتمتلئ افواهنا ضحكًا والسنتنا ترنمًا... لنعِش حياة شعارها "عظم الرب العمل معنا وصرنا فرحين" (مزمور 126: 2- 3).
أخي، سر بأمانة مع المسيح فتمتلئ حياتك فرحًا بل ستضحك أيضًا على الزمن الاتي!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
مقالات تابعة للسلسلة نفسها: