جَدّد قوّتَكَ الرّوحيّة والنّفسيّة

ما أسهل أن نثق بالله عندما تكون أمور حياتنا في أروع صورها، أما عندما نشعر بأننا نحمل أثقال العالم على أكتافنا، فإننا قد ننهزم ونبتعد عن الله. فما أكثر الأشخاص الذين يستسلمون عندما تهب العواصف على...
17 سبتمبر 2016 - 00:39 بتوقيت القدس

إشعياء 27:40-31 "لِمَاذَا تَقُولُ يَا يَعْقُوبُ وَتَتَكَلَّمُ يَا إِسْرَائِيلُ: قَدِ اخْتَفَتْ طَرِيقِي عَنِ الرّب وَفَاتَ حَقِّي إِلهِي؟ 28أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرّب خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ. 29يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً. 30اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا. 31وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرّب فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنّسور. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ".

ما أكثر الأوقات التي يبدو فيها أن الشيطان قد استحوذ على أفضل ما لدينا، فعندما يكون كل ما يحصل معنا سلبي أو ضد مصلحتنا، أو عندما نمر في صراع أو معركة شرسة في حياتنا، فإن إيماننا وثقتنا بالله تضعف ونكون في أحط لحظات حياتنا الروحية، مع أنّنا في مثل تلك الأوقات نكون في أشد الحاجة لله، حيث يكون إيماننا وثقتنا في الله موضع اختبار، لأن هذه اللحظات تمثل المحكّ الحقيقي لحياتنا ومسيرتنا مع الله.

فما أسهل أن نثق بالله عندما تكون أمور حياتنا في أروع صورها، أما عندما نشعر بأننا نحمل أثقال العالم على أكتافنا، فإننا قد ننهزم ونبتعد عن الله. فما أكثر الأشخاص الذين يستسلمون عندما تهب العواصف على مركب حياتهم، مع أن العكس يجب أن يكون هو الصحيح. أي إذا كنت في وسط مشكلة وتعاني من التّجارب، فعليك أن تنظر إلى العلاء وأن تضع ثقتك بالله الذي سيعينك بكل تأكيد.

رجل يحمل الكتاب المقدس وسط سنابل القمح

يجب أن تبني لحظات الضيق حياتك الرّوحيّة كمؤمن، لأنها تمثل فرصة رائعة لتقوية علاقتك مع الله، ولتدخل إلى أعماق الحياة الروحية في مسيرتك مع الرّب. كذلك يتشَكَّل سلوكنا المسيحي أحياناً وسط الخطر والظروف المعاكسة التي نمر بها، فبدون تأديب الله الأمين لنا، وبدون محبته الموجعة، لن نستطيع أن نطوّر قوانا الروحية وقدرتنا على الاحتمال والثبات. فإن لم يسمح الله للظروف المهدّدة أن تأتي إلى حياتنا، فإننا قد نشعر بالثقة بأنفسنا وبالاكتفاء الذاتي.

كذلك علينا أن لا ننسى وعد الله لنا بأننا لن نجرب فوق طاقتنا، بل في كل تجربة وكل امتحان وكل مشكلة يجد لنا الرّب مخرجاً ونصراً على عدو النفوس كما نقرأ في كورنثوس الأولى 13:10 "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلَكِنَّ اللهَ أَمِينٌ الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضاً الْمَنْفَذَ لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا".

لم يعدنا الله نهائياً بأننا لن نمر بأيام وأوقات صعبة، أو أن نعبر بحر الحياة بدون عواصف. ولكن الله وعدنا بأنه سيكون معنا دائماً ولن يتركنا، كما وعدنا بأنه سيوفّر لنا كل احتياجاتنا، كما نقرأ في مزمور 22:55 "أَلْقِ عَلَى الرّب هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ".

في القطعة التي نتأملها في إشعياء 27:40-31 كان شعب الله القديم يمر بمرحلة صعبة وحرجة لدرجة فقد خلالها القوة وأصيب بالفشل والإحباط. لذلك خاطبهم الله مذكِّراً إياهم بمن هو على حقيقته، وأعلمهم بأنه هو الرّب والسيّد المهيمن على كل شيء، وبأنهم إذا وضعوا ثقتهم به فإنه سيجدد قواهم وينهضهم روحياً.

أحياناً أشعر بأن قواي قد انهارت، وأنني محتاج لصلوات الإخوة والأخوات في الكنيسة من أجلي. كذلك فأنا أعلم أنه يوجد بيننا من يمر بأوقات صعبة بدليل طلباتهم للصلاة من أجل قوة علوية، وهذا أفضل عمل يمكن أن يقوم به الأخ أو الأخت عندما تخونه قواه ولا يجد أي معين له سوى الرّب القدير. فكل من يريد قوة ليتابع مسيرته في الحياة، عليه أن يتامّل بما يقوله لنا الله في إشعياء 40، ليعرف كيف يمكننا الحصول على هذه القوة. 

أول شيء علينا ملاحظته وإدراكه في آية 28 "أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرّب خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ". هو معرفة الله. فهل نعرف من هو حقاً؟ وما الذي يعمله من أجلنا الآن؟ بالنسبة لأي واحد منا، تعتبر المشكلة أو الضيقة التي نمر بها أمراً شخصياً لدرجة أن لا أحد يستطيع أن يفهم ثقلها عليه، ومع ذلك على كل واحد منا أن يعلم أن ملايين من النّاس قد مروا أو يمرون الآن بظروف مشابهة لما تعانيه. فظروفك ليست جديدة على الله، فهو يعرف ما يأتي على حياتك، وهو على استعداد لمعونتك لأن لديه الجواب الشافي والحل الوافي لكل مشاكل الحياة. كذلك علينا أن نتذكر أن الانتصار على هجمات إبليس لا يتم إلا باتباع طريق الله، فالرّب هو الله وهو على كل شيء قدير، ولا حد لقدرته في استجابة الصّلاة لكل احتياج. فالله يستطيع أن يخلص إلى التمام، وأن يعطي بوفرة، فهو لا يتعب ولا يعيا، ودائماً يستمع إلى صلوات أولاده وبناته ويسرع إلى عونهم ونجدتهم.

السؤال الذي يتحدانا: ماذا نعمل عندما تواجهنا التّجارب وصعوبات الحياة المختلفة؟

(1) هل نلجأ إلى طرقنا البشريّة وخبراتنا الذاتية ونأخذ قرارات لا مكان فيها لله أو للكنيسة أو حتى لعائلاتنا. 
(2) هل ننسى كلمة الله ونصاب باليأس لأنه ليس لدينا الإيمان الكافي بما يعلنه لنا الله في رومية 28:8 "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ". 
(3) هل ننسى ما نذرناه للرب؟ 
(4) هل ننسى تكريسنا لشخص الرّب يسوع؟ 
(5) هل ننسى اختبارات الماضي، وكيف أعاننا الله وخلصنا من مشاكل وضيقات كثيرة؟
(6) هل ننسى البركات والشفاء والعجائب وكل الأشياء الرائعة التي عملها الله في حياتنا؟ 
(7) هل نتجاهل الحقيقة القائلة بأن الله كان، وهو الآن، وسيبقى دائماً أميناً في كل وعوده التي أعطانا إياها في الكتاب المقدس. أجل ماذا ستفعل عندما تسير الأمور بعكس ما تشتهي أو تريد؟!

أنا أومن من كل قلبي أن هذا الوقت هو الوقت المثالي والمعيّن من الرّب لكي نتوقف عن رثاء أنفسنا. علينا أن نرفع أعيننا إلى جبال المجد حيث يأتي عوننا، فالله أعظم من مشاكلنا مهما ساءت في أعيننا. وهو لا يريد لنا أن نفشل إذا بقيت ثقتنا به مستمرة. علينا أن ننمو في إيماننا وثقتنا بالله، لأننا إن فشلنا سنترك طرق البر وندير ظهورنا للرب مما يعرض حياتنا للخطر، وبالتالي تتكرر المشاكل في حياتنا، ونعود نسير في مسالك صعبة، إلا إذا تعلمنا حقاً درس الثقة والإيمان.

بيدنا أيها الإخوة والأخوات الأحباء أن نختار حياة الفشل أو حياة الغلبة والانتصار. والرّب سوف يعمل معنا بحسب قراراتنا، فهو الآب السماوي المحب الذي يعطف على بنيه ولا يعاملهم كمتسلط أو دكتاتور وجبار قاهر.

يتحدث نبي الله إشعياء في الآية 29 قائلاً: "يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً". يدور الحديث هنا عن الإنسان المعيي أو المريض والمتعب وعديم القوّة. والواقع أنني كإنسان لا أستطيع أن أفهم لماذا يسمح الله بمثل هذه الأمور أن تحدث، مع أنني أتمنى أن أفهم، ولكنني لا أستطيع. فطرق الله أبعد ما تكون عن قدراتنا على الفهم. ولكن الشيء الوحيد الذي أستطيع عمله هو أن أضع ثقتي بالله مؤمناً بأن الله بشكل أو بآخر سوف يعتني بكل شيء. فالله يعرف كيف يعطيك القدرة لتتغلب على الظروف، وهو قادر أن يأخذ ضعفك وفشلك وشكوكك ومخاوفك ويحوّلها إلى عجائب خلاص وانتصار. وغالباً ما لا يتحرك الله لنجدتنا إلا عندما نسلّم كل شيء له لأنه لا يشارك أحداً بالمجد في خلاصنا وتحريرنا. فالله هو مصدر قوتنا ومصدر الوفرة لدينا. الله هو مصدر القدرة ومصدر كل ما نحتاج إليه، ونحن أعجز من أن ننجز أي شيء بقوانا الذاتية.

تذكّرنا كلمات الآية 30 "اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا"، أنه مهما كانت قوتنا، حتى ونحن في عز الصبا والشباب، فإننا لا نستطيع أن نعمل أي شيء باستقلال عن الله. لذلك علينا أن ننتبه من الافتخار بالصحة والعافية والشباب، بل علينا الإعتراف بأننا محتاجين إلى الله وإلى النّاس لإنجاز أعمالنا والتغلب على مصاعبنا.

قد يتركنا الله نعاني إلى درجة تدفعنا إلى التوقف عن الاعتماد على الذات واللجوء إليه. لذلك لا تسمح لعدو النفوس أن يخدعك قائلاً بأنك تستطيع الغلبة بدون الله، فهذه كذبة باطلة. توجه إلى الله بكل قلبك وقل له بأنك لا تستطيع فعل أي شيء بدونه. أطلب منه العون وهو ينجيك. فالله ينتظر قدومك إليه. تذكر بأن جميع أفكارك وخططك سوف تنفذ وتنتهي، ولا مفرّ لك غير الرجوع إلى الله.

كلما مرت بي السنون والأيام، كلما أدركت أكثر وأكثر أن كل شيء بين يدي الله. فعندما كنت أصغر سناً، كنت أميل أكثر إلى حل مشاكلي بقدراتي الذاتية، ولكن الآن وبعد سنين من المشاكل والصعوبات والتّجارب، أصبحت أدرك أكثر وأكثر معنى الحياة بالإيمان. فعندما يبدو لي أن كل شيء يتهاوى من حولي، أدرك بالإيمان أن كل شيء سيسوّى بشكل رائع. بالإيمان أعلم أن كل مشاكلي المالية سوف تسوّى، مع أنني لا أرى ذلك بعيوني الطّبيعيّة. بالإيمان أعلم أن الله سوف يعتني بي وبزوجتي وبأولادي وبناتي، وبالتالي عليَّ أن لا أقلق بأمر الغد. بالإيمان أعلم أن الله سوف يعمل بشكل أو بآخر في ظروفي ويقودني في صراعي مع الحياة، وبأنني سوف أتبارك نتيجة لكل ما يواجهني في الحياة الآن.

ونقرأ في الآية رقم 31 واحداً من وعود الرّب المشجّعة والمعزّية، فهو يقول: "وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرّب فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنّسور. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ". ما أكثر العظات التي ألقيت حول هذه الآية، فنحن نقتبس هذه الآية ونقرأها ونعظ بها، ولكن التحدي الحقيقي لنا هو: هل نحن حقاً نؤمن بما يقوله لنا الله في هذه الآية؟ هل نحن حقاً من الذين ينتظرون الرّب ونختبر وعوده التي يقدمها لنا هنا.

الحقيقة أننا مثل بقيّة النّاس لا نحب الإنتظار في أمور الحياة كلها. فنحن نعيش في مجتمع السرعة: طعام أو وجبة سريعة، ومعلومات سريعة، و كمبيوتر سريع. كل شيء بسرعة. حتى أصبحنا نريد النجاح والثراء بسرعة. فلا مجال ولا وقت للإنتظار. وبالتالي تطبّعنا بهذه العقلية حتّى في علاقتنا مع الله، ولا نريد الانتظار، مع أن الكلمة واضحة وجلية: "وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرّب"، أي الذين يصبرون ويتمهلون ويأخذون الوقت الكافي لحين مجيء الرد من الرّب. وصلاتي أن يعطينا الرّب القوة والقدرة بالروح القدس لننتظر الرّب ونصبر. ونتوقّع بإيمان عمل الله في حياتنا، على أن يكون لمجد اسمه القدوس.

دعونا نتعلّم انتظار الرّب من رجال ونساء الله في الكتاب المقدّس:
انتظار إبراهيم وسارة لمجيء ابن الوعد اسحق.
انتظار حنة وصبرها إلى أن أنجبت ابنها النبي صموئيل.
انتظار زكريّا وأليصابات سنين طويلة حتّى باركهما الله بإبنهما يوحنّا المعمدان.
انتظار التلاميذ ليوم حلول الروح القدس.
انتظار الكنيسة عودة الرّب يسوع.

وفي جميع حالات الإنتظار، عرف المنتظرون وعود الرّب، ووثقوا بأن الله أمين على وعده، وبأن فرح الله سيملأ حياتهم عند إتمام الوعد.

انتظار الرّب لا يعني أن لا نبذل أي جهد أو أية طاقة أو أية محاولة، والإكتفاء بالجلوس وعدم الحركة.
انتظار الرّب يعني: الثقة بشخص الله القدوس وبقيادته لحياتنا.
انتظار الرّب يعني الصلاة بإيمان وثقة وحرارة، أي اللجوء إلى الله من كل القلب.
انتظار الرّب يعني الثقة بأن الله سوف يستجيب كل طلباتنا.
انتظار الرّب يعني السلوك بحسب مشيئة الله.
انتظار الرّب يعني أحياناً أن أعاني من نيران التّجارب والضيقات، ومع ذلك تبقي ثقتي كاملة بأن الرّب سيخرجني من هذه الضيقات.
انتظار الرّب يعني أن أومن بالمستحيلات.
انتظار الرّب يعني أن أرى ما لا يرى بعيون الإيمان.
انتظار الرّب يعني أن أترجّى في وقت انعدام الأمل.
انتظار الرّب يعني أن أتأكد بأن الله سوف يعتني بنا ولن يتركنا أبداً. 
انتظار الرّب يعني أن نتصرّف مثل فراخ النّسر الّتي تبقى في أعشاشها حتى تأتي لها أمها بالطعام وكل ما هو لازم لحياتها. فنحن بحاجة أن نبقى في عشنا في بيت الرّب، واثقين بأن الله سيعطينا كل ما نحتاج اليه، فهو معنا ولم ولن يتركنا أبداً.

نتائج انتظار الرّب المشجعة والرائعة:

1. تجديد القوة الروحية والنفسية والشعورية العاطفية وأحياناً القوة الجسدية، يتحدث المرنم في مزمور 84 عن رحلة الشعب من كل الأماكن إلى هيكل الرّب في القدس، ويقول أن الذين يجدون الرحلة متعبة في الطرق الجبلية يعطيهم الرّب القوة ليتابعوا سيرتهم إلى بيت الرّب، كما جاء في مزمور 5:84 -7 " طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. 6عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. 7يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ".

فانتظار الرّب يعطي قوة جديدة للخدمة، وقوة جديدة لمصارعة الخطية، وقوة جديدة للعطاء، وقوة جديدة لمقاومة الشر، وقوة جديدة للاحتمال. وبالتّالي استخدام هذه القوة الجديدة، وهذه النعمة الغنية، لمجد الله.

2. السمو والتحلّق إلى الأعلى كما تصعد النّسور إلى الأعلى. فالنّسور تستخدم رياح العواصف للتحليق إلى الأعلى أكثر وأكثر، وليس السقوط والهبوط إلى الأرض. وبنفس المعنى يجب أن تدفعنا عواصف الحياة إلى السمو والنمو والنهوض في حياتنا الروحية. النّسور تحلق بسرعة وبقوة ولأعلى نقطة باتجاه السّماء. والنفس البشريّة، تحلق فوق العالم، وبقوة نعمة الله وتدخل إلى مقادس الله، كما يقول المرنّم في مزمور 1:25 "إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي".

3. متابعة مسيرة الحياة دون تعب وذلك باعتمادنا على قوة الله وليس قوانا الشخصية. المتابعة إلى الأمام، إلى الله نحو السّماء وبحسب وصايا الله.

4. المشي دون عياء وتعب أو مرض. يتابع المؤمن السير بفرح وثبات، يحصد خيراً في موسم الحصاد.

إنه لمن المؤسف أن بعض المسيحيين يصرخون ويئنون ويتذمرون من الحياة لدرجة أن كل من حولهم يعرفون بأن ظروفهم قاسية، وكأنهم يغرقون بدموعهم ويموتون من الألم والقسوة، أو كأن الله تركهم. في حالة مثل هؤلاء النّاس يحق لنا أن نسأل: أين إيمانهم؟ ولماذا ردة فعلهم السلبية؟ وكيف يدّعون بأنهم يثقون بالله القدير في تسديد كل احتياجاتهم مع أنهم يتصرفون كالذي بلا أمل وبلا رجاء وبلا إله؟ السبب في ذلك هو أن كثير من المؤمنين مُفْلِسين روحياً. مثل هؤلاء المسيحيين لم يصرفوا الوقت اللازم والكافي في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس ودرس الكلمة، وبالتالي لا توجد بركات روحية في حياتهم كافية لاستخدامها وقت مجيء التّجارب والصعوبات. يجب أن ينمو إيماننا وتزداد ثقتنا بالله عندما ننحدر من جبال القوة والصحة والانتصار، إلى وادي الضعف والمرض والفشل. فعندها نتمسك بالرّب أكثر، ونصلي أكثر، ونسلم حياتنا له بالكامل.

عندما تبني أنثى النّسر عشها في أعالي الصخور والأشجار، فإنها تبدأ أولاً بالشوك والعيدان القاسية، ثم تضع حجارة حادة فوق الأشواك والعيدان، وبعد ذلك تصنع سريراً من الصوف الناعم ومن فروة الحيوانات التي اصطادتها، فيكون سطح العش ناعماً ومريحاً ومناسباً جداً للبيض وفيما بعد لفراخ النّسر. وعندما تكبر الفراخ ويحين موعد طيرانها، فإنها ترفض أن تغادر العش المريح حيث الأم ترعاهم وتقدم لهم كل احتياجاتهم. وعندها تبدأ الأم بمخالبها القوية ومنقارها الحاد بنزع الفراء والقطن من العش لكي تظهر الحجارة الحادة والأشواك، وبهذه الطريقة لا يعود العش مريحاً نهائياً، مما يشجع صغار النّسر على تركه والطيران لمواجهة الحياة الواقعية بعيداً عن العش الناعم والمريح، مما يؤدي بها إلى النضوج والاعتماد على النفس.

وكما أن أنثى النّسر لا تترك فراخها لوحدهم، بل تأتي إليهم في العش بما يحتاجون إليه، كذلك ربّنا يسوع لا يتركنا بل يأتي إلينا. وكما أن أنثى النّسر تجمع الطعام لصغارها وتدربهم على مواجهة الحياة. كذلك فإن ربّنا يسوع، الراعي الصالح والأمين، يجمع ويهيئ ما يحمي ويغذي رعيته من المؤمنين. وكما أن أنثى النّسر تعبث بالعش لتشجع صغارها على النضوج والحركة، كذلك يسمح الرّب يسوع للظروف أن تقلقنا وتهز حياتنا مما يدفعنا إلى الحركة وبالتّالي النضوج في حياتنا الرّوحيّة.

هل تواجه ضيقات في حياتك؟ هل تمر بأوقات صعبة؟ ارفع رأسك وانظر إلى الرّب يسوع، لأن حل مشكلتك عنده فقط. فالرّب هو السيد، ونحن أولاده ننظر إليه عالمين أن حاجتنا في الطريق إلينا من عنده.
لا تدع الشيطان يدمر انتصارك.
لا تستسلم أبداً، ولا تفكر بأنك قد خسرت كل شيء.
لا تصغ إلى صوت إبليس الكاذب والمخادع.
استمع لصوت الرّب ولكلمته.
ارفع رأسك عالياً لأن خلاص الرّب أقرب مما تظن أو تفتكر.

تأكد بأن هذا العالم سينتهي بكل ما فيه من آلام وجراح وموت، وعن قريب سترى رب المجد، وستعيش معه إلى الأبد. فما أعظم ذلك اليوم الذي سأرى فيه ربي وسيدي ومخلّصي. وحتى يأتي ذلك اليوم سيبقى لساني وقلبي يرنم ترانيم الحب والانتصار. وسأضع إيماني وثقتي بالرّب، وسأحلّق بالإيمان فوق هذا العالم. فهو سيرفعني على أجنحة النّسور وسيقوّيني للرحلة القادمة. الرّحلة الّتي ما تزال لي في غربة هذا العالم، إلى ان ياتي الرّب وأكون معه إلى الأبد. آمين.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا