آية الآيات (ج5): اعلان سماوي

تعتبر الآية في يوحنا 3: 16 آية الآيات، فهي تنفرد بأهم إعلان سماوي موجّهة للبشرية، وتتجلى فيها ثنائية البداية المطلقة والنهاية المطلقة، وتعلن ثلاثية مجرى نهر محبة الله للبشرية
09 نوفمبر 2016 - 01:22 بتوقيت القدس

اعلان سماوي

تعتبر الآية في يوحنا 3: 16 آية الآيات، فهي تنفرد بأهم إعلان سماوي موجّهة للبشرية، وتتجلى فيها ثنائية البداية المطلقة والنهاية المطلقة، وتعلن ثلاثية مجرى نهر محبة الله للبشرية ابتداء بالمنبع فالمجرى والمصب، وتظهر رباعية أبعاد المحبة الإلهية بطولها وعمقها وعرضها وارتفاعها. كما أننا نلاحظ خماسية الشخصيات الرئيسة فيها والتي تبين العلاقة ما بين السماء والأرض.

خماسية الشخصيات: الله، العالم، ابنه الوحيد، الهالكين، المخلصين: (خمسة أبعاد)

"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يوحنا 3: 16).

عندما نتأمل هذه الآية الجوهرية نميز خمس شخصيات أو مجموعات تتمحور حولها كل العلاقات ما بين الخالق والمخلوق. وقد نستطيع تمييز حلقتين. 

في الحلقة الأولى، تتجلى العلاقة بين الله الخالق وبين العالم الذي يمثل البشرية وهي تاج الخليقة، التي ابتعدت ورفضت خالقها وباريها، "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رومية3: 23)، فالله القدوس أحب الخليقة الخاطئة والبعيدة عنه، محبة لا يمكن لبشر إدراك مدى أبعادها، وبذل أغلى ما عنده ليفتدي أشرّ الخطاة وينقذهم من لعنة الهلاك الأبدي. 

في الحلقة الثانية، يتجلى الترابط مع الحلقة الأولى، فمحبة الله بذلت الأبن الوحيد فاديَا ومخلصًا للبشرية، وبالتالي تتمحور الحلقة الثانية حول علاقة وموقف العالم من عمل المسيح الكفاري على الصليب. فالرّب يسوع، الذي هو الله المتجسد، إذ أن "الكلمة صار جسدًا" (يوحنا1: 14)، قدم ذاته على الصليب بمحض إرادته الإلهية، ليكون بديلًا عنا، ويكون سبب خلاص لكل من يؤمن به، "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كورنثوس5: 21)، وبالتالي انقسم العالم بخصوصه إلى فئتين، كل من رفضه ولم يؤمن به يمكث عليه غضب الله، ويبقى في عداد الهالكين، وكل من يؤمن به ينال الحياة الأبدية، ويصبح من المخلصين وأولاد الملكوت "الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ" (يوحنا3: 36)، فكلمة الله الصادقة تؤكد الخلاص لكل من يقبل المسيح ربًا وفاديًا، حتى ولو في لحظة حياته الأخيرة (كما فعل اللص على الصليب إذ طلب من الرّب أن يذكره في ملكوته، فكان الجواب سريعًا وافيًا وكافيًا، اليوم تكون معي في الفردوس، (لوقا23: 42))، "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ" (يوحنا1: 12). 

لذلك نحن مدعوون لاتخاذ أعظم قرار في حياتنا لأعظم جائزة ممكن أن تكون، وهي ربح الحياة الأبدية. الشيطان يقول أجّل، والرّب يدعونا عجّل قبل أن تنتهي الفرصة، "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟" (لوقا 9: 25).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا