نشهد في مجتمعاتنا في أيامنا هذه التزايد المستمر والمُقلق لظاهرة العنف والقتل، وعدم الاستقرار والأمان الامر الذي قد يدفعنا للقلق وللتذمر ضد المؤسسة الحاكمة.
عندنا الرغبة الشديدة بان يعم السلم والسلام في بلادنا، بل بالعالم اجمع، لكن أحيانا نقف حائرين مما يدور حولنا من عنف وظلم وانعدام الحق.
نقرأ في الكتاب المقدس عن الحق الإلهي، كيف أوصى الرب شعبه القديم بان يسير في طرقه واحكامه لكي ينالوا البركة من الله، كذلك أوصى الرب يسوع ان الذي يحبني يحفظ وصاياي ويعمل بها.
الله هو إله الحق، لا غش ولا ظلم فيه، كل اعماله واحكامه حسنة وجيدة، حتى لو لم نفهمها أحيانا، وكما أعلن يسوع المسيح انه هو الطريق والحق والحياة، لأنه هو الحق الإلهي المُطلق الذي أعلنه الله الآب في شخص ابنه يسوع المسيح.
وضع الله المؤسسات والحكومات لكي تحافظ على النظام والعدالة في المجتمعات، وهذا بالفعل دورها ومسؤوليتها وسوف تُعطي حساب لله على ذلك.
نحن نرغب وبشدة ان نرى الامن والاستقرار في مجتمعاتنا، وهذا امر حسن ومطلوب، ويجب علينا ان نصلي دائمًا لهذه الأمور، لكن هل تأملنا تعاملات الله معنا اجمعين، كأفراد وعائلات او حتى مجتمعات ودول؟
وإذا تعامل الله معناه فقط بمعيار الحق الإلهي، مثلًا حسب الوصايا العشر بان لا نقتل ولا نزني او نسرق، فمن منا يجرأ ان يرفع رأسه الى العلاء ويقول انا كامل بأفكاري ودوافع قلبي، لم أخطئ ابدًا ولست بحاجة الى نعمة وغفران الله!!!
مع كون الهنا المبارك إله الحق، لكنه أيضا إله كل نعمة وبركة، كما أعلن يعقوب في رسالته ان كل عطية صالحة هي من فوق، من عند أبي الأنوار الذي لا يتغير بمحبته واحسانه للعالم أجمع، فكم بالحري لأولاده الذين يطيعون وصاياه.
كذلك هو الاله الذي يُمطر على الأشرار والصالحين، وهو الذي يوفر الطعام والشراب للعالم أجمع كل يوم، وان كانت بعد الدول للأسف الشديد تفتقد لهذه الأمور الأساسية، فقد وضع الله في قلوب الكثيرين لمد يد المساعدة لكل محتاج، لأنه حتى كأس ماء بارد نعطيه للآخر، لن يضيع اجره.
بالفعل ان الهنا هو إله الرحمة والنعمة، بكل تعاملاته معنا حتى اننا لا نفهمها في بعض الأحيان، لكن الرب يبقى إله حنان رحيم، طويل الروح وكثير الرحمة، ليس فقط في الأمور المادية مثل تأمين المسكن والطعام والشراب والعلم والعمل، لكن قبل كل اعتبار كيف غفر لنا خطايانا، مسمرًا ابنه على عود الصليب، واهبًا لنا الخلاص والحياة الأبدية بالأيمان بيسوع المسيح، وليس بأعمال بِر فينا لكن فقط على حساب نعمته ورحمته الفائقة.
على حساب النعمة، وهبنا الله في ابنه يسوع المسيح ما لا نستحق، لأننا نحن لا نستحق الغفران والخلاص، ولا ان يتعامل معنا الله بمحبته الكاملة، لكن على حساب نعمته فهو يقدم لنا كل ما هو خير، ان كان مادي وقبل كل اعتبار كل عطية روحية، أهمها الخلاص والحياة الأبدية.
وعلى حساب الرحمة، نحن لا ننال من الله ما يجب ان ننال من عقاب ودينونة رهيبة وجحيم أبدي، بل في صليب الجلجثة نرى مجد الله الذي جمع بين النعمة والحق، بين الرحمة والأمانة.
فما أعظم الهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي به كان كل شيء، ومن غيره لم يكن شيء مما كان، به كانت الحياة، والحياة كانت نور للناس، والنور يضئ في الظلمة، والظلمة لم تُدركه...
صلاتي ان نتمسك بكل قلوبنا بنعمة الله ورحمته الفائقة، لكي نستطيع ان نُدرك ونعرف حقه الإلهي، ونكون ليس فقط سامعين بل عاملين بالكلمة،
عندها سوف نختبر بحياتنا كلمات المزمور 85 لبني قورح:
" ان خلاص الله الرب قريبٌ من خائفيه، ليسكن المجد في ارضنا، الرحمة والحق التقيا، البِرُّ والسلام تلاثم " .
اين تحقق كل هذا ان لم يكن في صليب مخلصنا وربنا يسوع المسيح؟