كيف ستستخدم وقتك سنة 2016‏

يستقبل الناس بداية عام جديد بأفكار وتوقعات وأحلام وتصورات مختلفة. فالعام الجديد يعني بداية وفرصة جديدة. ‏كذلك فالعام الجديد يعني تصميم جديد وقرار جديد، وعادة ما يكون فكر الناس إيجابياً بخصوص...
30 ديسمبر 2015 - 23:57 بتوقيت القدس

يستقبل الناس بداية عام جديد بأفكار وتوقعات وأحلام وتصورات مختلفة. فالعام الجديد يعني بداية وفرصة جديدة. ‏كذلك فالعام الجديد يعني تصميم جديد وقرار جديد، وعادة ما يكون فكر الناس إيجابياً بخصوص العام الجديد. ‏

كثيرون من الناس يجدون في بداية العام الجديد فرصة لاتخاذ قرارات جديدة.‏
البعض قد يقرر الإقلاع عن عادة معينة مثل التدخين.‏
البعض يصمم أن يمارس الرياضة ويخفف من وزنه.‏
البعض يصمم أن يوفر بعض المال ويقلل المصاريف حتى يوفر لحاجة معينة كالتعليم أو شراء حاجة للأسرة مثل أثاث أو ‏سيارة. البعض أيضاً يتخذ قرارات تتعلق بالسلوك والأخلاق والإيمان.‏
يقرر البعض أن يكون اجتماعياً أكثر.‏
البعض قد يقرر التوقف عن السهر أو رؤية الكثير من برامج وأفلام التلفزيون.‏
البعض يقرر أن يصلي أكثر ويقرأ كلمة الله أكثر، ويكرس حياته أكثر لله.‏

كيف تستخدم وقتك سنة 2016

وبشكل عام، تكون قرارات بداية عام جديد كثيرة ومتنوعة بتنوع الناس. ولكن، ومع الأسف الشديد، في معظم الحالات، ‏إن لم يكن في كلها، يفشل الناس في تنفيذ ما صمموا عليه أو ما فكروا أن يعملوه، ويعود الإنسان إلى متابعة حياته كما ‏كانت سابقاً، إن لم تكن أسوأ من السابق.‏

إنني متأكد بأن بعضنا حاول في بداية عام 2015 أن يتغير ويبدأ من جديد، ولكنه فشل. وهذا هو عام 2016 يبدأ، ‏والحال هو هو لم يتغير. ولمثل هؤلاء أقول: لا تقلقوا ولا تشعروا بالإحباط والفشل، فالأمل ما يزال موجوداً، وأمامك ‏فرصة عام جديد، ولكن تذكر أن هذه الفرصة قد لا تكرر، فانتبه لنفسك.‏

حقيقة أننا جميعاً أحياء في بداية عام 2016 هي عطية رائعة من الله، ويستحق إلهنا أن نشكره على نعمة الحياة. لذلك ‏اجعل من عام 2016 فرصة لأن تطور في نفسك عادات جيدة، أو أن تغير أسلوب واتجاه حياتك، أو أن تحيي علاقات ‏مقطوعة. فأنت مؤمن بالرب يسوع االمسيح، ولكنك تصارع خطية مستترة أو حقد دفين في قلبك وبالتالي تفتقر للسلام مع ‏الله والناس. لذلك ليكن عام 2016 فرصة لإصلاح كل ما هو باطل، ولتجديد العهود، وللحياة في النور.‏

نقرأ في رسالة أفسس 15:5-17 آيات خالدة عن أهمية الوقت الذي أعطاه لنا الله، وعن كيفيّة السلوك بحكمة وبتدقيق ‏دون إضاعة الوقت، بل العيش بحسب مشيئة الله: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ ‏لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ".‏

نلاحظ أن هذه الآيات تحتوي على ثلاث خطوات رئيسية تساعدنا في اتخاذ اتجاه جديد في حياتنا.‏

‏1. عليك أن تدرك أن الوقت محدود: الله أزلي، وهو الذي خلق الزمن، ووضع الإنسان ليعيش في هذا الزمن الى ‏الأبد، ولكن بسبب الخطية، دخل الموت إلى حياة الإنسان، وأصبح وقته محدود، ولكنه في نفس الوقت كافٍ لاتخاذ ‏القرارات الصحيحة ولعمل ما يليق في عيني الله.‏

الله أعطاك 24 ساعة يومياً، وبالتالي فإن لديك 8760 ساعة في عام 2016. فكيف ستعيش هذه الساعات؟ هل ‏ستعيشها بحسب كلمة الله في أفسس 15:5 "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ". فالله يريدنا أن ‏نكون حذرين في استخدام الوقت المحدود الذي لدينا. إنه يريدنا أن نكون مهرة وحكماء ومنتبهين ومدققين كيف نعيش، ‏فالوقت يسير بسرعة هائلة. وحياتنا لها بداية محددة بالضبط ونهاية محددة بالضبط. الوقت الذي لدينا هو أثمن ما نملك، ‏وكل لحظة تمضي، لا يمكن تعويضها أبداً. الوقت يسير، ولا يمكن إبطاؤه أو إيقافه. فلا يوجد للإنسان سيطرة على الوقت.‏

والسؤال الذي على كل واحد منا أن يفكر فيه: من الذي يتخذ لي القرار في كيفية صرف الوقت؟ أجل: من الذي يقرر ‏لك كيف تصرف وقتك؟ والجواب الوحيد والمباشر هو: أنت. نعم كل واحد منا مسئول أمام الله وأمام نفسه في كيفية ‏قضاء وقته. وتذكر أنك لا تستطيع أن تسترجع الوقت الذي مضى، وكذلك لا تستطيع أن تفترض أو تأخذ وقتاً من ‏المستقبل. فالوقت الذي تملكه هو الآن. هو هذه اللحظة. فالماضي انتهى، والمستقبل سيأتي في وقته. فأنت تعيش الآن، ‏والقرار بيدك وحدك في كيفية استخدام هذا الوقت.‏

نقرأ في مزمور 10:90 "أَيَّامُ سِنِينَا هِيَ سَبْعُونَ سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْقُوَّةِ فَثَمَانُونَ سَنَةً وَأَفْخَرُهَا تَعَبٌ وَبَلِيَّةٌ لأَنَّهَا تُقْرَضُ ‏سَرِيعاً فَنَطِيرُ". لاحظوا أوضح هذه الكلمات: أيام سنينا محدودة جداً، ومليئة بالأتعاب والأمراض، وتنتهي بسرعة، ولا ‏يعود لنا وجود في عالم الأحياء. فكيف سنعيش أيامنا؟ القرار لنا أولاً وأخيراً.‏

اسأل نفسك: كم تصرف كل يوم في العمل المنتج؟ كم تصرف من الوقت يومياً في مشاهدة التلفزيون؟ كم تصرف من ‏الوقت يومياً في الثرثرة أو لعب ورق الشدة؟ كم تصرف من الوقت يومياً في الصلاة، وفي قراءة كلمة الله، وفي الشهادة ‏لشخص الرب يسوع؟ كذلك، كم تصرف من الوقت يومياً مع زوجتك وزوجك وأولادك؟ هذه اللأسئلة تقودنا إلى النقطة ‏الثانية.‏

‏2. عليك أن تختار أن تستخدم وقتك بحكمة: في الآية 16 من أفسس 5 نقرأ دعوة الله لنا: "مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ ‏لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ". كم نحن بحاجة إلى حكمة الله في عام 2016، وفي أمثال 10:9 نتعلم أن "بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ ‏وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ". فهل نكون حكماء ونضع مخافة الرب في أولويات حياتنا. أم نكون كالجهلاء الذين يرفضون بل ‏ويزدرون الحكمة ولا يخافون الله. الخيار لنا أولاً وأخيراً، والأيام شريرة، بل وشريرة جداً. ومع أن بولس كتب بالوحي هذه ‏الكلمات ليصف الأيام التي كان يعيشها، حيث انتشر الشر والعبادات الوثنية في أيامه، فإن هذه الكلمات ما تزال ‏صادقة وتصف بالضبط حالة أيامنا أيضاً، فنحن نعيش في زمن شرير، بل وشرير جداً، وأخلاق الناس في هبوط. انظر إلى ‏العالم: الإرهاب في كل مكان. تهديد الحروب المدمرة يزداد. الأسلحة البيولوجية والجرثومية والكيماوية والذريّة تتراكم. ‏الأزمات المالية والاقتصادية تعصف بالعالم. الديانات الباطلة تنتشر، وفقد الخطاة أي قدر من الحياء. فتصوروا معي أن ‏أكبر عواصم العالم تشهد سنوياً مسيرات تسمى مسيرات الافتخار، وهذه المسيرات هي في الواقع مسيرات العار وليس ‏الافتخار. فالمنحرفون والمنحرفات أصبحوا يفتخروا بشرورهم، أما المسيحي البار فيخجل بإيمانه ويخجل بصليبه، بل ويخجل ‏بمسيحه.‏

نحتاج الحكمة لكي نختار أن نستخدم الوقت بشكل صحيح، والحكمة لها مصدر وحيد وهو الله كما نقرأ في أمثال 6:2 ‏‏"لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ". وللناس الحرية في أن يأخذوا هذه الحكمة المعطاة من الله أو أن ‏يرفضوها، وصلاتي أن كل واحد منا في هذا الصباح أن يقرر بل ويصمم أن يطلب حكمة الله، وخصوصاً فيما يتعلق ‏باستخدام الوقت كما نقرأ في مزمور 12:90 "إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هَكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ".‏

‏3. رتب أوليات حياتك بحسب مشيئة الله: لنتأمل مرة ثانية في كلمات الآية في أفسس 17:5 "... لاَ تَكُونُوا ‏أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ". نعيش في عالم يستطيع أن يسرق وقتك بكل سهولة: ارتباطات كثيرة. برامج ‏تلفزيون. أفلام. زيارات. مشتريات. عمل. دراسة. طبيخ. تلفون. إنترنت. سيارات. نادي. كشاف. موسيقى. رياضة... ‏وبالتالي يعيش كل واحد منا في حالة ضغط رهيب. لذلك اصح يا أخي المؤمن ويا أختي المؤمنة. لا تساير هذا العالم ولا ‏تجعل العالم يشكلك. جدد ذهنك في المسيح، ولتملأ مشيئة الله حياتك، ولا تكن غبياً كما قرأنا بل كن حكيماً ومدركاً ‏لإرادة الله.‏

اسأل نفسك: هل مشيئة الله أو إرادته أن أصرف يومياً 4 أو 5 ساعات أمام التلفزيون؟ هل مشيئة الله أن أتابع كل ‏مسلسل تلفزيوني جديد؟ هل مشيئة الله أن أصرف ساعات على الإنترنت أتصفح مواقع إباحية أو مواقع ليست ضرورية؟ ‏هل مشيئة الله أن أشتري أشياء، ثم أعود وأشتري، ثم أعود وأشتري، ولا أشبع من مقتنيات العالم؟ هل مشيئة الله أن يكون ‏العمل أو الترفيه أو الحفلات والسهرات هي التي تأخذ الوقت الأكبر من حياتي؟ هل الأمور المهمة في حياتك الآن تتفق ‏مع مشيئة الله؟ هل أولويات حياتك جيدة، أم أنها بحاجة إلى التغيير؟ وأين الله من هذه الأولويات؟ أين الكنيسة؟ أين حياة ‏القداسة. أين التبشير والشهادة لشخص الرب يسوع؟ أين أولادك؟ أين زوجتك، أين زوجك.‏

الأولويات حسب مشيئة الله هي:‏
‏1)‏ الله أولاً وقبل كل شيء.‏
‏2)‏ الأسرة ثانياً، وخصوصاً الزوج أو الزوجة.‏
‏3)‏ الكنيسة والعبادة والاجتماعات والشركة مع الأخوة والأخوات.‏
‏4)‏ كل الأشياء الأخرى من عمل وعلم وصحة وثقافة ورياضة.‏

إذا لم يكن الله هو الأول في حياتك، فأنت بحاجة إلى التوبة ولتغيير اتجاه حياتك. وإذا كنت بشفتيك أو حتى في قلبك ‏تقول أن الله هو الأول في حياتي، ولكن في حياتك اليومية لا تصلي لله ولا تكرم الله بأموالك ولا تقرأ كلمة الله، ولا تطيع ‏وصايا الله، فأنت مجرد إنسان مخدوع وتكذب على نفسك.‏

أعط أفضل وقتك لله، ثم لأسرتك، ثم للكنيسة، ثم الأشياء الأخرى في الحياة، ولتكن سنة 2016 سنة الترتيب الصحيح ‏لأولويات حياتنا كأفرد وعائلات وجماعات.‏

أيام حياتنا في هذا العالم محدودة، ويخبرنا الله في الكتاب المقدس أن حياتنا كالبخار الذي يختفي سريعاً، وكالعشب الذي ‏يذبل بسرعة. لذلك نحتاج أن نكون حكماء في كيفية استخدام الوقت. لقد أصبحنا مشغولين جداً، ودائماً نحن في حالة ‏سرعة: نسير بسرعة، ونأكل بسرعة، ونتنقل من مكان لآخر بسرعة. ولم نعد نستطيع أن نخصص وقتاً للرب وللأسرة ‏وللكنيسة. والأيام تسير بسرعة، ولا نصحوا عليها إلا ونحن في آخر سنين العمر.‏

يدعونا الله أن نتخذ قرارات حكيمة في بداية عام 2016‏

القرار الأول: استثمركل فرصة في حياتك: لا تكن مثل مرثا التي بقيت مشغولة في أمور الحياة، ولم تجد وقتاً ‏مثل مريم لتجلس في محضر الرب لتستمع لأقواله ولتقدم له المجد والعبادة والمحبة. فكر: ماذا يريد مني الله أن أعمل بحياتي ‏في عام 2016. لا تسرع. أعط لنفسك الفرصة لتتأمل في حالتك الروحية والأخلاقية.‏

القرار الثاني: اعرف ما هي إرادة الله لحياتك: هل إرادة الله لك أن تمتلئ بالهموم والقلق أم أن تمتلئ بالروح ‏القدس وبالمحبة لله وللناس، كل الناس، وبدون استثناء. هل إرادة الله لك أن تهتم بالعلاقات العامة على حساب علاقتك ‏مع الله ومع شريك حياتك وأفراد أسرتك. أعط الوقت الأكبر لنموك الروحي ولحياتك المثمرة لمجد الله.‏

فكر بأسئلة مصيرية في الحياة: متى قرأت الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى الرؤيا؟ متى كانت آخر مرة بشرت بها ‏شخصاً عن الرب يسوع؟ متى كانت آخر مرة دخلت فيها إلى غرفتك وصرفت وقتاً للصلاة مع أبيك السماوي؟ متى كانت ‏آخر مرة زرت فيها إنساناً بينك وبينه أحقاد وكراهية وفتحت معه صفحة جديدة؟ متى كانت آخر مرة أتيت فيها إلى ‏الكنيسة في الوقت الصحيح؟

هل ستقول للرب: عام 2016 هو عام التغيير، وستكون طاعة الرب وتمجيده وعمل إرادته وتسبيحه وعبادته أهم الأشياء ‏في حياتي.‏

أشجعك أن تصرف وقت مع أفراد أسرتك. فأولادك سريعاً ما يكبرون ويتركون البيت. اصرف وقتاً قيماً مع أصدقائك ‏وإخوتك في الكنيسة. اتصل مع صديق قديم واسأل عن أحواله. تحرر من أي مرارة أوحقد معشش في صدرك. كن ‏متفائلاً. اقرأ كتاباً مسيحياً مشجعاً. امش مرفوع القامة. اضحك وابتسم أكثر. لا تخف من الموت. ولا تخف من الناس. ‏افتخر بالرب يسوع وبصليب الرب يسوع. وضع في برنامج حياتك أن تكسب هذا العام ولو شخصاً واحداً للرب يسوع. ‏

ليكن عام 2016 عامك الحقيقي. عام النمو في نعمة الله. عام الحكمة السماوية. عام الثمر والعطاء. عام الله والأسرة ‏والكنيسة. وليحفظكم الرب من كل شر.‏

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا