انهى مؤتمر "المسيح على الحاجز" الثاني أعماله يوم الجمعة بعد أسبوع من المحاضرات بحضور حوالي 600 من المشتركين أكثر من نصفهم من خارج البلاد.
فيما يلي بعض الملاحظات على سير المؤتمر، ردود الفعل له وتأثيره:
1. اشتركت في المؤتمر كوكبة من الشخصيات الانجيلية المعروفة من الجناح اليساري (أو التقدمي) فيها مثل المستشار الروحي للرئيس الأمريكي اوباما القس الدكتور جويل هانتر، المستشار الروحي للرئيس الأمريكي السابق كلينتون المحاضر والواعظ المعمداني الدكتور طوني كومبولو، السيدة لن هايبلز وهي عقيلة احد أكثر القسوس الانجيليين المؤثرين في امريكا القس الدكتور بيل هايبلز راعي كنيسة ويلو كريك وغيرهم العديد من القسوس واللاهوتيين.
اشتراك هذه الشخصيات في المؤتمر منح للمؤتمر وزناً نوعياً.
2. نجح منظمو المؤتمر في إدراج عدة قسوس من اليهود المسيانيين كمتكلمين في المؤتمر مما أضفى على المؤتمر طابعاً أكثر اتزاناً بين المتكلمين وأثار نقاشاً صحيّاً حول لاهوت الأرض وآخر الأيام. كما اشترك في المؤتمر عدد من اليهود المسيانيين وممثلين عن "السفارة المسيحية" كمستمعين ومراقبين.
هذه التعددية في المؤتمر (مع أن الطابع العام بقى مناصراً ومتعاطفاً مع الفلسطينيين) تدعم موقف كلية بيت لحم حول مصداقية المؤتمر أمام الهجومات العديدة من فئات مسيحية صهيونية ضد المؤتمر.
3. اشتراك طلاب جامعيين انجيليين من أمريكا في المؤتمر أضفى أجواء شبابية جميلة على سير المؤتمر ويعِد بتشكيل جيل مستقبلي متعاطف من الشباب الأمريكان مع المسيحيين الفلسطينيين.
4. مشاركة الفلسطينيين من مواطني إسرائيل في المؤتمر كانت ضعيفة نسبياً على الرغم من محاولات منظمي المؤتمر جذبهم بطرق مختلفة مثل تقديم دعم مالي كبير لمصاريف المؤتمر ودمجهم في البرنامج وغيرها.
يتوجب دراسة الوسائل المناسبة لتغيير ذلك في المستقبل.
اشتمل المؤتمر ندوة خاصة حول تحديات الخدمة بين الانجيليين العرب في اسرائيل جلس فيها أربعة ممثلين عن مجمع الكنائس الانجيلية في اسرائيل. وقد تبين من خلالها ان هناك ضرورة ملحة لتشكيل رؤية مشتركة واتفاق حول الهوية، الأهداف أو حتى التحديات بين الانجيليين العرب في البلاد.
5. غلب الطابع الأمريكي على عدد المشتركين في المؤتمر وربما كان من الضروري تطوير عمل في أوروبا وربما الشرق الأقصى أيضاً لاجتذاب انجيليين من تلك البلاد لمؤتمر مستقبلي.
6. لم تسنح لي فرصة حضور كل المداخلات في المؤتمر لكن ما حضرته كان من الطراز الأول وبأعلى المستويات من حيث المضمون والأداء. ولكني اعتقد أنه برز بينها جميعاً ما شارك به اللاهوتيان القس الدكتور حنا كتناشو والمحاضر الأستاذ منذر اسحق اذ قدم كل منهما محاضرة قيّمة عبرت عن صوت انجيلي فلسطيني أصيل. افتخرت بكوني فلسطيني انجيلي عندما سمعتهم يستندون على كلمة الرب ويوضحان أننا مطالبون بأن نحب اليهودي ونرغب في مصالحة حقيقية جنباً الى جنب مع تشديدهم على حق الفلسطينيين أن يُزال الغبن عنهم وحقهم في الحرية كشعب مستقل.
7. كان برنامج المؤتمر مكتظاً بالمحاضرات (نظراً لأن المؤتمر تبارك بوجود متكلمين أكفاء) بالإضافة للندوات والزيارات. وهكذا لم تسنح الفرصة الكافية للقاءات وتطوير علاقات بين المحليين والأجانب المشتركين في المؤتمر. كما أن وجود ثلاثة مواقع مختلفة لمبيت وإطعام المشتركين في المؤتمر زاد صعوبة التواصل الشخصي بين المشتركين المبعثرين.
8. فرق الترنيم التي قدمت وقادت التسبيح في ساعات المساء بالإضافة لفقرة درس الكلمة صباحاً وبعض فقرات الصلاة أضفت أجواء روحية على المؤتمر وأشارت إلى أن التعامل مع المواضيع الحياتية العملية من حياة الفلسطينيين وصراعهم لا تتم بمعزل عن الحياة الروحية.
9. برز للعيان للمراقب الخارجي أن هناك تعاوناً بين فريق متكامل بقيادة شخص حمل رؤية هو الدكتور بشارة عوض. نشط معه في تحضير برنامج المؤتمر وإدارة المؤتمر فريق من أشخاص محليين أكفاء من طاقم كلية بيت لحم للكتاب المقدس ومجلسه بالإضافة لأصدقاء من الخارج.
كما لاحظنا عمل فريق متكامل آخر في التحضير العملي لما حول برنامج المؤتمر اذ كان مستعداً لكل ترتيبات السفر وتوزيع الغرف بين الثلاثة مواقع والزيارات والندوات دون مشاكل تذكر.
10. ما فتأت كلية بيت لحم تتمتع بعلاقات وطيدة مع كنائس وشخصيات في شتى أنحاء العالم ومن هنا فان جذب هذه الأعداد والنوعيات من المشتركين في المؤتمر ليست وليدة صدفة أو طفرة. لكن يمكن القول انه بعد مؤتمر زخم ومحاضرات وزيارات لمنطقة بيت لحم سيتحول الكثير من المشتركين لسفراء في بلادهم للمسيحيين الفلسطينيين ككل ولكلية بيت لحم بشكل خاص.
11. طرح المؤتمر تحدياً لاهوتياً للمسيحية الصهيونية. ولم يبق ذلك في المجال الاكاديمي اذ عاين المشتركون فيه عن كثب معاناة الفلسطينيين (مثلاً في زيارتهم للحاجز العسكري المجاور لمكان المؤتمر والذي يمر به ألاف الفلسطينيين في ظروف بائسة).
كنتيجة لذلك سيكون هناك رد فعل مضاد (وربما قاسي) من الفئات الانجيلية والمسيانية الكثيرة المناهضة للفكر المطروح في المؤتمر اذ يعتقدون انه يقوّض أساس الدعم الانجيلي لدولة إسرائيل. أما الانجيليون العرب في اسرائيل فيتأرجحون في مواقفهم بخصوص هذا الموضوع وربما سيضطرون من اتخاذ موقف واضح من هذا الطرح الآن.
الى اللقاء في المؤتمر القادم في 2014.