كذبة اول نيسان

في تاريخ أول ابريل يباح الكذب من منطلق الترفيه والدعابة بين أفراد المجتمع، ويحمل كذب أول أبريل لقب "الكذب الابيض". أول كذبة قيلت في تاريخ البشرية كانت من تأليف الشيطان في جنة عدن عندما خدع حواء في قصة الثمرة الممنوعة "فقالت الحية (الشيطان) للمرأة لن تموتا."
25 مارس 2012 - 22:18 بتوقيت القدس

في تاريخ أول ابريل يباح الكذب من منطلق الترفيه والدعابة بين أفراد المجتمع، ويحمل كذب أول أبريل لقب "الكذب الابيض".

مصدر هذا التقليد غير معروف بشكل مؤكد ولكن يعتقد بأن هذا التقليد بدأ في فرنسا بعد تبني التقويم السنوي الجديد الذي وضعه شارل التاسع عام 1564 والذي نقل يوم رأس السنة من 1 ابريل الى 1 يناير، وكانت فرنسا أول دولة عالميًا تتبنى هذا التقويم الجديد. مع هذا استمر بعض الناس بالإحتفال بأول أبريل كرأس السنة كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أبريل، ومع الوقت تبنى المجتمع المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان الأخرى. في المانيا واسبانيا لا يحتفلون بهذا اليوم وذلك لان 1 ابريل يصادف عيد ميلاد القائد الألماني المعروف بسمارك وفي اسبانيا يصادف احتفالات دينية (عن وكيبيديا).

عزيزي القارئ يخبرنا الأخ مكرم مشرقي عن الكذب الابيض "الكذب الابيض هو بالحقيقة أسود حالك – ومن يفعل ذلك يريد أن يحل محل الله، فكأن الله لا يستطيع المساعدة في أمر ما فأساعد أنا بدلا عنه. وقيل عن الله أنه "يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه امر" (ايوب 42: 2)، فإن اراد التدخل في امر ما ففي وقته وحسب فكره، فليتنا نتعلم كيف ننتظر الله" (لكي يكون لهم جواب، مكرم مشرقي،2004، ص129).

رأي الكتاب المقدس

أخبرنا الكتاب المقدس عن طبيعة الله الكاملة التي ترفض الخطية على أشكالها وقد وصف سليمان الحكيم لسان الكذب كمبغضة لله (امثال 6: 16-17).

كما ويحدثنا الكتاب المقدس عن تأثير الكذب المدمّر على حياة البشر:

1. انقطاع شركتنا بالله، أول كذبة قيلت في تاريخ البشرية كانت من تأليف الشيطان في جنة عدن عندما خدع حواء في قصة الثمرة الممنوعة "فقالت الحية (الشيطان) للمرأة لن تموتا." (تكوين 3: 4) وجميعنا يعرف ما هي نتيجة هذه الكذبة على حياة البشر فعلى اثرها اكلت حواء هذه الثمرة واعطت رجلها ليأكل، فأتى تأديب الرب عليهما، طردا من فردوس الله وقطعت الشركة الدائمة التي كانا يتمتعان بها وبالتالي حُرمت البشرية ككل من هذا الامتياز العظيم.

من خلال هذه القصة نرى أول تأثير للكذب، فمثله مثل اي خطيئة يقطع شركتنا مع الله. الله قدوس ولقد اوصانا بان نجتهد بكل طاقتنا ضد الخطية لنكون مثله قديسين "...تكونون قديسين لأني انا قدوس" ( لاويين 11: 45) "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عبرانيين 12: 4). مهما كانت الكذبة صغيرة أو كبيرة إنها خطيئة وتأثيرها حقيقي "آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع." (أشعياء 59: 2). وهنا عزيزي القارئ لربما تتساءل، اذا كيف سيسمع لي الله وانا كثير المعاصي؟

تشجع ولا تخف، فبدم يسوع المسيح صار لنا مغفرة الخطايا فادعُ الرب يسوع ان يدخل قلبك ويغيرك واقبله مخلصًا لك مؤمنا أن بصلبه وقيامته من الاموات ازال خطيتك، فاتبع الرب من كل قلبك متخذا القرار بمقاومة الخطية، ان فعلت هذا تصبح ابنًا لله في المسيح يسوع فمكتوب "واما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه." (يوحنا 1: 12).

يهدف الكذب إلى أذية الاخرين، كما وتخبرنا قصة الكذبة الأولى عن أول نوع للكذب، فالشيطان كان يعلم كل العلم بمدى التأثير السلبي لهذه الثمرة على الانسان فحاك هذه الكذبة ناسبًا اليها امتيازات زائفة مثل تعظيم آدم وحواء ليشابها الله (تكوين 3: 5)، فانخدعا وسقطا في المعصية. ان الكتاب المقدس يدين هذا التوجّه ولا يرى بالكذب وسيلة لكسب صراعاتنا الشخصية ومن يفعل ذلك يشابه الشيطان بأفعاله.
عزيزي القارئ دعنا لا ننسى ماذا كان قصاص الحية الفوري "فقال الرب الاله للحية لأنك فعلت هذا <كذبت على حواء> ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل ايام حياتك" (تكوين 3: 14) وعقابها الاخير "فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو ابليس والشيطان وقيّده الف سنة وطرحه في الهاوية ..." (رؤيا 20: 2-3).

2. تعريضنا للخطر، في احد الايام بينما كان داود مقيم في بلده تدعى صقلغ مختبئا فيها من وجه الملك شاول الذي كان يطلب نفسه، جاء اليه رجل عماليقي مبشرًا اياه بقتله عدوه شاول. فلنقف هنا لحظة لنمتحن كلام الرجل العماليقي، قال :"...اتفق اني كنت في جبل جلبوع واذا شاول يتوكأ على رمحه واذا بالمركبات والفرسان يشدّون وراءه. فالتفت إلى ورائه فرآني ودعاني فقلت هأنذا. فقال لي من أنت فقلت له عماليقي انا. فقال لي: قف علي واقتلني لأنه قد اعتراني الدوار لان كل نفسي بعد فيّ. فوقفت عليه وقتلته لأني علمت انه لا يعيش بعد سقوطه واخذت الاكليل الذي على راسه والسوار الذي على ذراعه واتيت بهما الى سيدي ههنا" (2 صموئيل 1: 6-10) ان قارنّا كلامه بالحقيقة التي يخبرنا اياها الكتاب في (1صموئيل 31: 3-5)" واشتدت الحرب على شاول فأصابه الرماة رجال القسي فانجرح جدا من الرماة. فقال شاول لحامل سلاحه استل سيفك واطعنّي به لئلا يأتي هؤلاء الغلف ويطعنوني ويقبحوني. فلم يشأ حامل سلاحه لأنه خاف جدًا. فاخذ شاول السيف وسقط عليه. ولما رأى حامل سلاحه انه قد مات شاول سقط هو ايضا على سيفه ومات معه." بمقارنة بسيطة نكتشف كذب الرجل العماليقي، فشاول مات في ذات اللحظة التي وقع فيها على سيفه ولم يقتله احد.

ماذا كانت نتيجة الكذبة؟ ان النتيجة كانت مرّة على هذا الكاذب، أمر داود بقتل الرجل العماليقي. لقد ادّى كذب هذا الرجل العماليقي الى قتله فان الكذب يجعلنا عرضة للأخطار "شفة الصدّيق تثبت الى الابد ولسان الكذب انما هو الى طرفة العين." (امثال 12: 19) لاحظ المكتوب الذي تعود لسانه على الكذب هو سريع الزوال عن الارض، كما ويضيف الرب يسوع بعدًا آخر للكذب بقوله في (يوحنا 8: 44) "انتم من أب هو ابليس ....متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وابو الكذاب." اي الذي يتكلم بالكذب يشترك مع ابليس في عمله وبالتالي سيحمل ذنبه. لكن يبقى السؤال لماذا كذب هذا الرجل العماليقي؟
الكذب من أجل الربح، لقد أراد أن يفرح قلب داود بانه قتل عدوه ظانًا انه سيحصل على مكافئات منه. يخبرنا الوحي المقدس "خبز الكذب لذيذ للإنسان ومن بعد يمتلئ فمه حصى." (امثال 20: 17).
عزيزي القارئ من الممكن ان تمنحنا كذبة صغيرة امتيازات عظيمة ونرى اننا نجحنا في تحقيق مرادنا ولكن سرعان ما يتحول هذا النجاح الى اذى كبير على حياتنا ونفسيتنا.

وفي النهاية إن الكتاب المقدس واضح في هذا الموضوع، الله ضد الكذب ولا يقبل تبريرًا له "... رجل الدماء والغش يكرهه الرب." (مزمور 5: 6) ولنتخذ موقفًا ضده ولا نجاريه ونبعد عن كل من تكلم بالكذب "الصدّيق يبغض كلام كذب " (امثال 13: 5)

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. جليلية 25 مارس 2012 - 21:32 بتوقيت القدس
نحن سعيدون لنرى المقال الاول للأخ جميل داوود.. نحن سعيدون لنرى المقال الاول للأخ جميل داوود..
الرب يباركك، ويستخدمك أكثر وأكثر. شكرًا لكتابة عن هذا الموضوع الهام.
2. لا للكذب 25 مارس 2012 - 22:59 بتوقيت القدس
من يكذب يقول للشيطان يا بابا من يكذب يقول للشيطان يا بابا
بما ان ابو الكذاب هو الشيطان، فمن يكذب يقول له يا بابا... الرب يباركك اخ جميل ..
3. متسائل 26 مارس 2012 - 12:57 بتوقيت القدس
لم تُثبت العلاقة لم تُثبت العلاقة
لقد افترضت أن الكذب في أول نيسان هو من فئة الكذب الأبيض. ثم قمت بمقاومة الكذب الأبيض ولم تتطرق إلى أول نيسان بعد ذلك. لكنك لم تساعد من لا يجد علاقة بين الكذب الأبيض وبين الكذب (أو المزح) في أول نيسان.
4. جميل داود 27 مارس 2012 - 10:13 بتوقيت القدس
الى رقم 3 الى رقم 3
في البداية اريد ان اوضح امر هام، انا لا ارى الواناً للكذب، بحسب فهمي للكتاب لا يوجد تصنيف للكذب، الكذب كذب خطية شنيعة جداً. انا اشرت ان المجتمع يسميه "كذب ابيض" وفي نظري هذا ليس الا محاوله من الشيطان لتزيين الخطية. 1- لقد تعددت الاسباب والنتيجة واحدة، أول نسيان ليس الموضوع بل الكذب، للاسف الشديد المجتمع يبيح الكذب في بعض الحالات واذكر بعضاً منها على سبيل المثال وليس الحصر، المزاح، الهرب من عقوبة، حل مشكلة بين الناس وللأسف القائمة طويلة. اتخذت من اول نيسان مناسبة لاثارت الموضوع لتحريك النفوس التي تقف محايدة امام هذه العادات الشيطانية. 2- اما من لا يستطيع التميز بين الكذب والمزاح فجوابي له ان يطلب ارشاد الروح القدس. (يوحنا 16: 13)"واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به...." بنعمة الرب
5. باسم أدرنلي 27 مارس 2012 - 16:22 بتوقيت القدس
أحسنت أخي جميل، وإلى الأمام. أحسنت أخي جميل، وإلى الأمام.
6. النسر 28 مارس 2012 - 17:24 بتوقيت القدس
اخ جميل الى الامام نريد ان تشاركنا اكثر واكثر بمقالاتك اخ جميل الى الامام نريد ان تشاركنا اكثر واكثر بمقالاتك
7. جميل داود 29 مارس 2012 - 22:01 بتوقيت القدس
شكراً شكراً
شكراً اخي باسم،جليليةوالنسر على تشجيعكم. وشكر خاص للاخ مكرم المحبوب بالرب على تنقيح المقال ومراجعته قبل نشره. ببركة الرب