التشرذم كعائق لتقدم الإنجيل

الكثيرون في الدوائر الانجيلية يفعلون ما يحلو في عينيهم. كما يرانا الآخرون كمنقسمين ومتناحرين. لا قيادة واضحة عندنا ولا رقيب ولا حساب. نتعب "لكنيستنا وخدمتنا" على حساب العمل الجماعي. نفتح دكاكين جديدة نسميها كنائس وهيئات ولا ترتبط هذه بالجماعة ككل..
19 فبراير 2012 - 01:39 بتوقيت القدس

اتخذت بعض الكنائس أو الفئات الكنسية موقفاً متحفظاً من كل ما في العالم فعزفت عن شؤونه. انتهج ذلك رهبان اعتزلوا في أديرة في الجبال وشقوق الصخور وأيضاً أناس تدور محاور حياتهم في الدوائر الكنسية ويستهجنون "قذارة كل ما في الدنيا".
ينبع من هذا التوجه المعتكف تفرع على شكل اجتهاد خطير تسلل لكنائس انجيلية كثيرة. انه المبدأ أن ما يقوله أو يفكره العالم عن الكنائس أو الفئات الانجيلية غير ذي أهمية.

يؤسس هؤلاء مبدأهم هذا على أنصاف حقائق من الكتاب أو آيات اقتُلعت من سياقها. أصحاب هذا المبدأ يصرحون انه من غير الضروري الالتفات لما يقوله الناس عنا إذ هم لا يفهمون ما لروح الله وهم أصلاً أشرار فلماذا نلتفت الى ما يقولونه؟ ولكي يحصّنوا هذا المبدأ، يتوّجونه بمسحة روحية من الطراز الثقيل فيتابعون: "أن عندنا أصلاَ روح الرب والكتاب المقدس فلماذا نهتم بكلام الناس؟"

اعتقد ان هذا الادعاء هو ذريعة قبيحة ارتدت ثياباَ روحية وقد نصبها إبليس فخاَ، فوقع الكثيرون فيه.

لقد وضعنا الرب على الأرض لنمجد اسمه ونعرّف الناس به. إن أعجب الناس بتصرفاتنا واقوالنا وعلاقاتنا ببعض (وليس بالضرورة يوافقون على كل ما نقول) فسيقبلون ما ندعو اليه. وأما ان استاءوا مما رأوه بيننا، فلن يقبلوا ما ندعو إليه. من هنا – فان ما يفتكر الآخرون عنا مهم. ان قبول الناس لنا أو عدمه هو عامل فاصل وهام في الاستماع الى ما عندنا لنقوله. طبعاً كل ذلك خاضع لمعيار الإنجيل وليس أن نرضي الناس على حساب كلمة الله.

لا ننسى اننا سفراء فانه يتوجب ان ترى الناس يسوع من خلالنا وخلال تصرفاتنا دون ان نشكل عثرة وبحيث تكون شهادتنا حسنة تجاه الذين من خارج.

الكثيرون يرون هذا المبدأ بمنظار شخصي فقط، أي ان حياة القداسة والنقاوة للأفراد المؤمنين هي الهامة ويغفلون عن الجانب الجماعي. طبعاً لا يمكن الفصل بين الاثنين فالجانب الجماعي يتكون في جانب منه من القرارات والتصرفات الشخصية للافراد. لكن هناك جانب متعلق بعملنا العام والمشترك والجماعي وكثيراً ما نغفل عنه.

حضارتنا العربية الشرقية كرست الروابط الجماعية مثل العائلة الصغيرة والموسعة والانساب والطائفة والبلدة والوطن. يهمنا معرفة عائلة من نلتقي بهم لأول مرة فنسأل عن الأهل والاخوة والنسب والبلدة. الترتيب في العلاقات والمقامات هام. هناك مرجعية عائلية وفي المجتمع. عار الواحد الذي ناقض العرف المجتمعي ينعكس على جميع افراد عائلته.

ما هي الدائرة الكنسية الانجيلية التي ارتبطنا بها بعد ان آمنا؟ ماذا يفتكر الناس عندما تشاركهم انك انجيلي؟

هناك تفاوت بين بما يظنه الناس ويقولونه عنا في كل بلدة وأخرى ولن اخوض فيها مع انها جديرة بالدراسة. لكن سأتطرق لنقطة واحدة فقط وهي التشرذم والاستقطاب والموضة أن الكثيرين في الدوائر الانجيلية يفعلون ما يحلو في عينيهم. كما يرانا الآخرون كمنقسمين ومتناحرين. لا قيادة واضحة عندنا ولا رقيب ولا حساب. نتعب "لكنيستنا وخدمتنا" على حساب العمل الجماعي. نفتح دكاكين جديدة نسميها كنائس وهيئات ولا ترتبط هذه بالجماعة ككل (المتمثلة بمجمع الكنائس الانجيلية).

لطبيعة خدماتنا- ليست هناك هرمية وهيكلية واضحة كما هو الأمر في الكنائس غير الانجيلية. استبدلنا ذلك بفوضى تنطلق في كافة الاتجاهات. فالمماحكة الداخلية بين هيئات مع بعض والكنائس على النفوس والسلطة والتأثير هي مرض الانجيليين. هذا المرض في الجسد داخلي ويتمثل في ضعف ضخ الدم في القلب فلا تصل الدورة الدموية للأطراف ويصاب الجسم كله بالوهن.

حالة الاستقلالية والتفكك التي تضعف العمل الجماعي للانجيليين ككل، تقود لأن يرانا المجتمع من حولنا بشكل سلبي لأنه يحترم الجماعة والدوائر العائلية والطائفية (بغض النظر عن الحساسية التي ارتبطت بهذا المصطلح). المجتمع يحترم العائلة الموحدة والطائفة غير المنقسمة والبلدة الجامعة لإفرادها والوطن الواحد.

لا طرق مختصرة في سبيل إصلاح ذلك. لا يتم التغيير دون نبذ الأنانية وتكريس مبدأ تقديم الآخر. التغيير سيقود للخضوع لبعضنا البعض ومحبة للعمل الجماعي وقبول المرجعية التي يضعها القادة، حتى لو كانت مؤلمة.

العربي الذي ينظر للانجيليين يجب أن يرى حياة أفراد متميزة تتجلى في أخلاق عالية. لكنه يريد أيضاً أن يرى جماعة متماسكة مترّاصة، فيها مرجعية ومحاسبة، احترام وقبول. في حال حدوث هذا-سيحترمنا الناس. إن احترمونا فسيسمعوننا، وان سمعونا فسيقبلون من أرسلنا. ان قبلوا ذاك الذي أرسلنا يتمجد الرب.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. إناء 19 فبراير 2012 - 23:13 بتوقيت القدس
مجمع الكنائس الانجيلية مجمع الكنائس الانجيلية
الاخ بطرس ليست هذه المرة الاولى التي اقرأ من خلالها انتقادك لمجموعات الصلاة الصغيرة (كنائس بيتية كما يطلق عليها البعض). ادعائك: ان المشكلة تكمن في حب السلطة. برأيي: المجمع الانجيلي يجب ان يوافق على قيام هذه الاجتماعات الصغيرة بل ويبارك الخطوة. دعنا نعود قليلا في تاريخ كنيسة المسيح, ماذا كان سيحدث لو تواضعت الكنيسة الكاثوليكية قديما (ليس اني مع نظام سلطتها الاعمى المطلق انذاك) وقبلت اراء مارتن لوثر بمحبة تماما كما كان المسيح ليقبلها؟ لن يكون هناك مجال لانقسامات في جسد المسيح والتي نراها الى اليوم! أرى ان تسلط المجمع الانجيلي على مجموعات الصلاة الصغيرة (او كنائس) ما هو اللا فجوة للانقسامات الجديدة. ماذا لو تنازلت ادارة المجمع وعرضت مساعدتها بكل محبة لنمو هذه الخدمات الصغيرة؟ وصلاة دائمة كي لا تكون تعاليمهم صحيحة بارشاد الرب مباشرة والله قادر ان يفعل كل شيء وقادر ان يرد من ضل عن تعاليمه..
2. ناصر بطرس الاشقر 20 فبراير 2012 - 18:05 بتوقيت القدس
لا تدينوا لكي لا تدانوا لا تدينوا لكي لا تدانوا
13 واما نحن فينبغي لنا ان نشكر الله كل حين لاجلكم ايها الاخوة المحبوبون من الرب ان الله اختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق. 14 الامر الذي دعاكم اليه بانجيلنا لاقتناء مجد ربنا يسوع المسيح. 15 فاثبتوا اذا ايها الاخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلام ام برسالتنا. 16 وربنا نفسه يسوع المسيح والله ابونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا ورجاء صالحا بالنعمة 17 يعزي قلوبكم ويثبتكم في كل كلام وعمل صالح
3. ناصر بطرس الاشقر 20 فبراير 2012 - 20:14 بتوقيت القدس
اضافة او تكملو اضافة او تكملو
1 ثم نسالكم ايها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا اليه 2 ان لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كانها منا اي ان يوم المسيح قد حضر. 3 لا يخدعنكم احد على طريقة ما.لانه لا ياتي ان لم يات الارتداد اولا ويستعلن انسان الخطية ابن الهلاك 4 المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى الها او معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كاله مظهرا نفسه انه اله. 5 اما تذكرون اني وانا بعد عندكم كنت اقول لكم هذا. 6 والان تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته. 7 لان سر الاثم الان يعمل فقط الى ان يرفع من الوسط الذي يحجز الان 8 وحينئذ سيستعلن الاثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه. 9 الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبايات وعجائب كاذبة 10 وبكل خديعة الاثم في الهالكين لانهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا. 11 ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب 12 لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالاثم
4. جميل داود 21 فبراير 2012 - 07:03 بتوقيت القدس
ام 25: 11 تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها. ام 25: 11 تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها.
5. بطرس منصور 21 فبراير 2012 - 19:55 بتوقيت القدس
رد رد
للأخ اناء من الجليل-اعتقد ان وصفك لموقف مجمع الكنائس الانجيلية ليس دقيق. فالمجمع لا يحارب المجموعات الصغيرة وكل ما يطلبه هو تنسيق وترتيب ومرجعبة. الأخ ناصر وجميل-الآيات التي اوردتوها هي من كلمة الله ونحبها ونضعها فوق رؤوسنا. يا حبذا لو اوضحتم تطبيقها حسب فهمكم للموضوع او للتعقيبات.
6. الياس دكور حيفا 23 فبراير 2012 - 14:09 بتوقيت القدس
آيبتان مهمتان شدتاني آيبتان مهمتان شدتاني
الاولى ان كنت ابآ اين كرامتي وان كنت سيدآ أين هيبيتي والتانية كل شيء مسموح ولكن ليس كل شيء يليق ولأن الاخ بطرس منصور وهذا ما فهمت من فحوى كتابته ان على المؤمن ان يسلك حيث كل من نظر اليه يرى المسيح من خلاله واخص بالذكر مجتمعنا الذي كبر وترعرع على تميز الفضيلة ومنتقد سريع لأخطاء الغير فمثلآ وانا المؤمن والذي اعتبر كلام الكتاب مقدس انتقد وبشدة قسيسآ او خادم للرب وهو يعظ بين الناس ويده بجيبيه ويسير متعجرفآ امام الناس فسألت هل لو كان هذا القسيس في محكمة من محاكم العالم كان سينهج هذا النهج . وايضآ هناك بعض الخدام يعظون والعلكة بفمهم يبمضغوها . وكتيرة هي الانتقادات والتي تنفي الايتان السالفتان التان ذكرتهما ليتنا ننظر الى من يشاهدنا نظرة حب واجلال .نظرت تواضع نظرة نرى المسيح من خلال المتكلم