تفوق شعبية عيد الميلاد عن أي عيد آخر. فالشجرة المضيئة، الزينة، الأجراس والهدايا والثلج (كالذي سقط على قمم الجليل الأعلى وجبل الشيخ وآثر ان يعبر عن ناصرتنا) يضفون على العيد رونقًا خاصًا يجعل محبة العيد في قلب القاصي والداني .
تتزاحم الجمعيات، المؤسسات، الخدمات والكنائس المسيحية ببرامجها الاحتفالية الخاصة. فهنا حفل عشاء في قاعة أفراح وهناك حفلة ترانيم لجوقة محلية أو أجنبية. هنا زيارة عيادة ومعايدة للمستشفى وهناك أخرى لملجأ. هنا بازار خيري وهناك حفل إضاءة شموع. بابا نويل يتمايل بلحيته البيضاء هنا وفيروز تصدح بـ"ثلج..ثلج" و"روح زورهن في بيتهن" من على المكبرات هناك. هنا مسيرة العيد والكشاف يقرعون طبولهم هنا وآخرون مبدعون ينفخون القرب الاسكتلندية هناك. هنا المفرقعات الخطرة وهناك الألعاب النارية الراسمة أشكالاً بألوان شتى في عباب السماء.
وكل ذلك لا يستبدل الخدمات الاحتفالية الكنسية الاعتيادية في عيد الميلاد من صلاة وخدمة العيد وبرامجها بل يزيد عليها.
يقال أن هذا العيد بالذات هو عيد العائلة وهي تطلب الاهتمام أيضًا. فهناك الجلسات العائلية مع الإخوة والأهل في العائلة الموسعة والعشاء معًا ليس في ليلة العيد فحسب، بل في يوم العيد أيضًا. إن احتفلنا مع الأعمام والعمات فيجب أن لا نهمل الأخوال والخالات. ثم هناك المعايدات وهناك زيارة المحزونين ومطالبات الصغار بمشوار وغيرها وغيرها.
انه شهر التخمة وليس الجسدية فحسب التي تتطلب حمية رأسًا بعد انتهاء العيد، بل هي تخمة البرامج والفعاليات والمصاريف. انه فعلاً وقت كثيف بالبرامج في حياتنا المشغولة أصلاً. ثم لا يكاد ينتهي العيد فيهرع رأس السنة... وله هو ايضًا بروتوكوله وخصوصياته.
خلال هذا الموسم نستمع الى أجمل العظات وكل التأملات الممكنة من واقعة الميلاد في إنجيل متى والمجوس وواقعة لوقا والرعاة ونبوؤات أشعياء وميخا وكلام منمق وعميق عن مفهوم التجسد في ملء الزمان. في هذا الموسم ننشد الترانيم الكلاسيكية الموسمية المألوفة مثل "هلم بنا معشر المؤمنين" و "رن صوت في الأعالي" كما الترانيم الوافدة من ارض الكنانة "في عيد ميلادك" أو "يا عجيباً " وترانيم جديدة اجتهد البعض في تقديمها.
يخطرني سؤال هام في هذا الموسم: في خضم هذا الزخم الكبير-هل نلمس الناس حولنا حقيقة بمفهوم الميلاد؟ تجسد الإله في ميلاد بيت لحم، لكن هل نجسّد نحن ذلك بكلامنا أو بلمساتنا للناس حولنا في هذا العيد؟
ان فترة العيد لوقت تكون فيه الأرض خصبة والأبواب مفتوحة للمشاركة عن صاحب العيد، فلنستغله بدل الانشغال في برامج كثيرة.
قرع الزوجين من الناصرة أبواب بيوت بيت لحم لكن لم يكن لهما وللجنين في بطن المرأة مكان في المنزل. التهى أهل مدينة بيت الخبز عنهما ولم يفتحوا الأبواب لاستقبال الخبز الحقيقي. هل ننشغل نحن أيضًا عنه بطريقتنا وهكذا نغفل عن أن نساعد الناس لكي تلمس رب العيد حقيقة؟