اغلب الشر بالخير

مع تصاعد ظواهر العنف في المجتمعات العربية في الاراضي المقدسة، كيف لنا ان نتغلب على الشر بفعل الخير؟! وماذا يريد ان يعلمنا الكتاب المقدس من خلال تعاليم المسيح؟
27 يناير - 16:48 بتوقيت القدس
اغلب الشر بالخير

كثرت في السنوات الاخيرة ظاهرة العنف في المجتمعات، وخاصة في بلادنا حيث اصبح اطلاق الرصاص والقتل امر معتاد للاسف الشديد.

وفي هذه الايام الصعبة والمعقدة، حيث تجتاح الحرب شرقنا الحبيب، نرى القتل، التشريد والكراهية الشديدة بين الدول والمجتمعات بتزايد مقلق للغاية، حتى اننا لا نرى في الأُفق الحل او الامل بالخروج من هذا المأزق المُروِّع، ومن الممكن ان نتسائل ما هو دور كل واحد منا في مجتمعه، بلده والبيئة التي يعيش فيها ؟

نقرأ في رسالة بولس الرسول الى اهل رومية اصحاح 12 بان لا ننتقم لانفسنا، بل ان نعطي مكانًا للغضب، لانه مكتوب " لي النقمة، انا أجازي يقول الرب ".

ويتابع الرسول بالقول ان جاع عدوك فأطعمه، وان عطش فأسقه، لانك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه، ويكمل الوصية بالقول : "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير".

ونحن نتسائل ان كان من الممكن ان نعيش هذه الوصية في مجتمعنا ؟ حيث ازدادت مظاهر الحق والكراهية والانانية حتى على اتفه الاسباب!

اوصى رسول المحبة  يوحنا غايس الحبيب في رسالته الثالثة بان لا يتمثل بالشر بل بالخير، لان من يصنع الخير هو من الله، ومن يصنع الشر فلم يُبصر الله.

من الصعب بل من المستحيل احيانًا بان لا نرد الشر بالشر، او الاغتصاب والغش بالاغتصاب والغش، لكن ان كنا بالفعل اولاد الله الذين يسعون بكل قوتهم لبناء جسور المحبة بالعلاقات وحتى مع "الاعداء"، بان نُظهر المحبة والتسامح وبان نكون منفتحين للنقاش البنّاء والحوار بروح الوداعة، حتى مع من اساء لنا وسلبنا حقنا، الا نكون بالفعل شهادة حية وقوية في مجتمعاتنا ومدارسنا واماكن عملنا ؟ ونحاول ان نكون كاملين كما اوصى الرب يسوع بان نكون كما ان الآب السماوي هو كامل !

أخوتي، اذا كان رد فعلنا على الشر بالشر، فاننا بذلك نزيد الامر سوءًا وتعقيدًا، لكن اذا كنا نعطي حتى العدو كأس ماء بارد او الخبز ان كان جوعان، فاننا بذلك نتمم وصية الرب يسوع المسيح له كل المجد بان نحب الاعداء، نبارك لاعننا، نحسن الى مبغضينا ونصلي لمن يسئ لنا ويضطهدنا، لاننا نتمثل برب المجد يسوع الذي سامح اعدائه وهو مصلوب قائلًا : "يا ابتاه، اغفر لهم لانهم لا يدرون ماذا يفعلون".

ان كنا نستمد المحبة من قلب الله الآب المُحِب، وندعوا الروح القدس بان يسكب هذه المحبة في قلوبنا، عندها سوف ننال القوة والجرأة بل نحب العدو ونسامحه ونغفر له زلالته، حتى الى سبعين مرة سبع مرات !!!

ان كنا بالفعل اختبرنا المحبة التي تجلت في صليب الجلجثة، عندما عُلق يسوع البار الذي لم يفعل خطية ولا وُجِد في فمه الغش، بل أخذ خطايانا اجمعين في جسده على عود الصليب، مات بدلًا عنا بل وقام في اليوم الثالث، وهو الآن جالس في السماء عن يمين العظمة ويشفع في القديسين، فسوف نرى اي اضطهاد او سلب لحقنا بانه لا شئ بالمقارنة بما سامحنا به المسيح، والدَين الباهض الذي كان لنا امام الله.

ان كان "عدونا" لا يستفيق من الفخ الذي نصبه له ابليس، لانه هو العدو الحقيقي الوحيد للبشرية جمعاء، وليس الانسان هو عدونا، فانه سوف يواجه دينونة رهيبة امام عرش الله القدوس الذي ليس عنده محاباة بل يحكم بالعدل، وهو له النقمة، وهو الذي يجازي كل انسان على عمله، وان لم يتب الانسان الذي اخطأ بحقنا ولم يرجع عن طرقه الرديئة، فانه يُخاطر بابديته وسوف يكون مصيره الهلاك الابدي مع الشيطان واعوانه !

لكن تبقى صلاتنا بان الخير الذي نمارسه مع من اراد الشر لنا، بمثابة جمر نار فوق رأسه لكي يستفيق من فخ ابليس لحياته، وبان يرجع عن طرقه الشريرة ويرد الحق لصاحبه.

صلاتي بان نكون في هذه الايام الشريرة نور للعالم وملح للارض كما اوصانا السيد، لكي نكون بالفعل ابناء العلي الذي يُمطر على الاشرار والصالحين، لكن ليس الى ابد الآبدين، لان ديان السماء والارض سوف يرجع عن قريب، وكل واحد منا سوف يقدم الحساب عن وكالته وحياته.

لكن الى يوم مجئ المسيح،
انه وقت النعمة والمحبة والعطاء، 
وقت ان نغفر ونسامح ونصلي، 
وقت ان نغلب الشر بالخير...

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا