لا تخف!

كيف شجع الله عبده يعقوب بان لا يخف، يعقوب الذي كان يمثل الشعب الذي ابتعد عن الله ووصاياه وتعاليمه، لذلك سباهم شعب آشور وبابل...
06 نوفمبر 2023 - 19:09 بتوقيت القدس
لا تخف!

وسط ظروف الحياة الصعبة والتحديات التي نواجهها في حياتنا، لا بُد ان نشعر بالقلق والخوف بسبب عدم اليقين من المستقبل، وعدم القدرة على وجود الحلول الملائمة لتحديات الحياة، وخاصة في ايامنا الصعبة هذه، حيث تجتاح الحرب بلادنا بل شرقنا المُتألم والمُضطرب.

نقرأ في الكتاب المقدس عن عدة مواقف التي خاف بها حتى رجال ونساء الله، عندما ظهر ملاك الرب لزكريا ومريم والرعاة عند ولادة يسوع، لكن صوت الرب كان دائمًا لا تخف، لان الرب هو صاحب السيادة المطلقة في السماء وعلى الارض، ولا تسقط شعرة واحدة من رأس احد خائفيه الا باذن منه، وهو المتحكم المطلق وصاحب الكلمة الاخيرة بما يجري في عالمنا، لكن هل هذا معناه ان كل ما يحدث حولنا هو حسب فكر ومشيئة الرب ؟

مثلا هل يرضى الرب بالقتل والسلب والاغتصاب والغش في حياة الانسان ؟

حاشا لله بان يقبل بهذه الامور، بل هو عنده افكار سلام ورجاء لشعبه الذي يُؤمن به بقلب صادق، وهو لا يسمح بان يُجرَّب المؤمن فوق طاقته، بل عنده للتجارب المنفذ بل وللموت مخارج.

حتى في العالم البعيد عن الله، الذي لا يُؤمن به، الله يريد الخير له، لانه مكتوب انه هكذا احب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد يسوع المسيح لنا جميعًا، كذلك مكتوب ان الله يُمطِر على الاشرار والصالحين.

لكن وللاسف الشديد، منذ سقوط آدم وحواء في العصيان والخطية، دخل الخوف والمرض والقتل والموت الى عالمنا، وابتعد الانسان عن الله وعن فكره، واتخذ له مبادئ حياة وتعاليم بعيدة كل البعد عن الله وكلمته.

نقرأ في كتاب اشعياء الاصحاح 43، كيف شجع الله عبده يعقوب بان لا يخف، يعقوب الذي كان يمثل الشعب الذي ابتعد عن الله ووصاياه وتعاليمه، لذلك سباهم شعب آشور وبابل.

يعقوب هذا، حفيد ابراهيم وابن اسحاق، كان انسان مراوغ ومُحتال حتى مع اقرب الناس له، وتآمر مع امه ضد ابوه، وخدع اخاه عيسو وخاله لابان، حتى انه عاش غريبًا مطرودًا وخائفًا في البرية.

لكن الله لم يترك عبده يعقوب، بل ظهر له واعلن نفسه له بانه هو الرب الاله القدير والامين على وعده، وبعد هذا الاختبار حدث تغيير جذري بحياة يعقوب المحتال، واعطاه الله اسم جديد، اسرائيل، اي امير الله الذي جاهد مع الله والناس وغلب.

يعقوب هذا جاهد مع ملاك الرب طول الليل، حتى غلبه الملاك وقمع فخذه، واعطاه اسمه الجديد، وبعد هذا الاختبار المبارك صالح اخاه عيسو الذي اراد قتله، لان يعقوب سلب منه الباكورية والبركة.

هل اختبرنا الولادة الجديدة بالايمان بالرب يسوع المسيح ؟ هل مات فينا يعقوب المحتال المخادع الذي يفكر فقط بنفسه واموره الخاصة، ويحتقر بل ويدوس كل من هم حوله ؟

هل نجاهد كل يوم كما جاهد اسرائيل مع الله، ضد الخطية والشهوة والعالم وفكره الشرير، ام ما زلنا منغمسين بامور العالم الشريرة، هل تغيرت حياتنا بشكل جذري وسكب روح الله القدوس محبة المسيح في قلوبنا ؟ محبة جميع الناس من كل خلفية وقومية ومُعتقد، لان الله بالفعل يُحِب الجميع ونحن ما زلنا في عهد النعمة، وباب التوبة والرجوع الى الله الآب القدوس بالايمان بابنه يسوع المسيح ما زال مفتوحًا.

نقرأ في رسالة يوحنا الاولى ان محبة الله تطرد كل خوف من قلوبنا، لانه لا خوف في المحبة، واذا كنا نثق ونتكل على الله ومحبته لنا، فلا بُد ان يتلاشى كل خوف من قلوبنا، الخوف من المرض، الاضطهاد، المستقبل وحتى الخوف من الموت، لان يسوع غلب الموت بقيامته من الاموات.

كتب اشعياء في القديم انه اذا اجتزنا في المياه او الانهار فالله معنا والانهار لا تغمرنا، واذا مشينا في النار فلا نُلدغ واللهيب لا يحرقنا، لانه كما كان الرب مع اصدقاء دانيال الثلاثة، عزريا وحنانيا وميشائيل، فان الرب معنا دائما في ظروف الحياة الصعبة، وامام كل تحدي فهو لا يتركنا، لانه هو الذي وعد بان لا اتركك ولا اهملك.

دُفع للرب يسوع المسيح كل سلطان في السماء وعلى الارض، فهل نثق بهذا السلطان المُطلق وهذه المحبة الكاملة، حتى لو اجتزنا انهار الحياة ونار العالم الحارقة، فانه معنا ولا يتركنا.

ما احوجنا في هذه الايام الشريرة ان يموت فينا كل روح يعقوب، وان تحيا فينا روح اسرائيل الذي جاهد مع الله والناس وغلب، وكيف نغلب نحن ان لم نحمل سيف الروح الذي هو كلمة الله، وبان نغلب الشر بالخير، وان تملء محبة الله قلوبنا ؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا