شاول البنياميني وشاول الطرسوسي‎

طلب الشعب القديم من صموئيل النبي، ان يجعل لهم ملكًا يقضي لهم كسائر الشعوب. هذا الامر ساء جدًا في عيني صموئيل، لان الشعب طلب ملكًا ورفض مُلك الله عليهم...
09 أكتوبر 2023 - 08:22 بتوقيت القدس
شاول البنياميني وشاول الطرسوسي‎

نقرأ في كتاب صموئيل الاول كيف طلب الشعب القديم من صموئيل النبي، ان يجعل لهم ملكًا يقضي لهم كسائر الشعوب.

هذا الامر ساء جدًا في عيني صموئيل، لان الشعب طلب ملكًا ورفض الله بان يملك عليهم، الذي هو بالفعل الملك الحقيقي الوحيد، ملك الملوك ورب الارباب.

بعد هذا الطلب اختار الرب شاول البنياميني ملكًا على شعبه، الذي كان شابٌ وحسنٌ، ولم يكن رجل في بني اسرائيل أحسن منه، من كتفه فما فوق كان اطول من كل الشعب.

لكن الله لا ينظر الى الخارج بل الى القلب، وخاصة في المجال الروحي عندما يختار خادم له، او بشكل عام لان الله احبنا كما نحن، ولم ينظر الى ماضينا، انتمائنا الديني او العائلي، اغنياء كنا ام فقراء، او اي اعتبار خارجي مادي، لان الله ينظر الى القلب، لذلك اختار عبده الملك داود الذي كان قلبه حسب قلب الله.

لكن شاول بعد ان مُسِح ملكًا على شعب الرب، تمرد ولم يُطيع الله، بل اهتم اكثر بان يُكرَم من الشعب اكثر من ان يُكرِم الله.

ما اخطره من توجه، عندما يحاول خادم الرب ارضاء الشعب اكثر من الله، الامر الذي ممكن ان يضر بالرعية، بان يفقد الخادم مصداقيته امام الله والشعب، بل وان يفقد دعوته بل وحياته الروحية ان لم يتُب !

كان مصير شاول البنياميني محزن واليم جدا، اذ قُتل هو وابنائه في احد المعارك.

شاول تمرد وتكبر، بل واراد ايضا ان يقتل داود الملك الذي مسحه الله الذي كان حسب قلبه.

ما زال باب التوبة والرجوع الى الله مفتوح لنا جميعًا عن كل عصيان وتمرد وكبرياء، عن كل خطية ومحبة للذات، لان فاحص القلوب والكلى هو الله القدير.

على خلاف شاول البنياميني، نقرأ في كتاب اعمال الرسل عن شاول الطرسوسي، الذي كان مُفتري وقاتل وسفاح، مُضطهد لشعب الرب في ايام الرُسل، لكن عندما تقابل هذا الشخص مع يسوع المسيح المقام من بين الاموات، تغيرت حياته بالكامل، واصبح محبًا لشعب الرب بل لكل الشعوب والالسنة، لان كل من عرف المسيح معرفة حقيقية قلبية، لا بُد ان يولد من جديد، وبان تظهر علامات عمل الله في قلبه واولها محبة الجميع.

شاول الطرسوسي هذا، اصبح رسول الامم المبارك بولس، وان كان معنى اسمه القديم شاول هو "مستعار"، وان كان في الماضي "اعار" حياته للشر والقتل واضطهاد شعب الرب، وايضا للتدين الكاذب، فها هو ينال حياة جديدة وخلاص ابدي، واصبح اسمه بولس اي "صغير "، وهل هناك من يعرف المسيح من كل قلبه ويبقى "كبيرًا" في اعين ذاته ؟؟!! 

كل من يعرف المسيح لا بد ان يتعلم من سيده التواضع ومبدأ اخلاء الذات، وبان يُدرك بان كل عطية صالحة، ان كانت مادية او روحية فهي من عند ابي الانوار، الآب السماوي الذي ليس عنده تغيير او ظل دوران...

تاب شاول الطرسوسي عن ماضيه الاسود، ورجع الى الله من كل قلبه، واعتبر كل امر بمثابة نفاية من اجل ان يعرف المسيح، فلم يعد يتفاخر بانتمائه الى شعب او دين او اي خدمة معينة، لكن اصبح فخره الوحيد هو المسيح.

صلاتي أخوتي ان نحذر من كبرياء وتمرد شاول البنياميني، الذي ادى في النهاية الى فقدان حياته بطريقة مؤلمة جدًا، وان نتعلم من شاول الطرسوسي، بولس الرسول الذي تواضع مثل سيده، وتاب عن شر اعماله واختبر مجد الرب في حياته وخدمته،

لانه بالفعل اخوتي :

" قبل الكسر الكبرياء، وقبل الكرامة التواضع ".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا